مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 713

(75)
جلسة 18 من إبريل سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: كمال زكي عبد الرحمن اللمعي وسالم عبد الهادي محروس جمعة ومنير صدقي يوسف خليل ومصطفى محمد عبد العاطي أبو عيشه - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2948 لسنة 36 قضائية عليا

عقد إداري - تنفيذ العقد - أولوية عطاء المتعاقد مع الإدارة - أثره على أسعار العطاء.
المادة 92 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957، المادة 80 من اللائحة التنفيذية القانون 9 لسنة 1983، المادة 82 من اللائحة التنفيذية للقانون 89 لسنة 1998.
الإدارة تلتزم بمحاسبة المقاول المتعاقد معها على أساس كميات الأعمال المنفذة بالفعل وفقاً لأسعار عطائه وإلا كان مؤدى ذلك الإخلال بأولويته وترتيب عطائه باعتباره الأفضل والأقل سعراً - الهدف من هذا مراعاة العدالة في التعامل وضمان حقوق ومصالح الطرفين وذلك بصرف حقوق المقاول كاملة عن الأعمال التي نفذها بالفعل وفقاً لأسعار عطائه من ناحية، وتحقيق الغرض من المناقصة العامة التي تستهدف تنفيذ الأعمال على أحسن وجه وبأقل سعر من ناحية أخرى - هذا يتحقق بمراعاة أولوية عطاء المقاول عند المحاسبة منذ بداية العقد حتى تمام تنفيذه، فلا تنتهي تلك الأولوية لمجرد إرساء المناقصة وإبرام العقد بل تظل تلك الأولوية قائمة طيلة فترة سريان العقد وحتى الانتهاء تماماً من التنفيذ - فلا يؤدي خفض المقاول لأسعار الكميات غير المطلوبة ورفعه لأسعار الكميات المطلوبة عند تقدمه بعطائه بما يؤدي إلى التعاقد معه عند إجراء المناقصة باعتباره الأقل سعراً إلى الأضرار بالمصلحة العامة التي لا يمكن أن تتحقق نتيجة التعاقد معه واستبعاد العطاء التالي له بسبب يرجع إلى طريق إعداد العطاء رغم أن هذا العطاء التالي كان الأصلح سعراً والأكثر مطابقة للواقع - لا وجه للقول في هذا الصدد بأن محاسبة المقاول على أساس أسعار العطاء التالي في حالة الإخلال بأولوية عطائه يهدر نصوص العقد والقانون ذلك أن التعاقد تم ابتداء على أساس أن أسعار المقاول هي الأقل من بين العروض التي قدمت في المناقصة ومن ثم فإنه يلتزم بأن تظل أسعاره محتفظة بتلك الميزة حتى انتهاء التنفيذ وإلا حوسب على أساس أسعار العطاء التالي له باعتبارها الأسعار الأفضل التي اتجهت إرادة المتعاقدين إليها في إطار إجراءات اختيار المتعاقد التي قبل المقاول التعامل ابتداء على أساسها عند تقدمه بعطائه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 1/ 7/ 1990 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن - تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة العقود والتعويضات بجلسة 27/ 5/ 1990 في الدعوى رقم 5500 لسنة 41 ق والذي قضى بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها برد قيمة خطاب الضمان (35000) جنيهاً إلى المدعي على الوجه المبين بالأسباب وألزمتها المصروفات - وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة فيه - الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون عليه. وثانياً: في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات. وثالثاً: الحكم بإعمال قواعد المقاصة القانونية بين خطاب الضمان رقم 8513 موضوع الدعوى بعد إلزام المطعون ضدهما الثاني والثالث بقيد قيمته في حساب الطاعن والبالغ مقداره (35000 جنيهاً) وبين المبالغ التي للطاعن طرف المطعون ضده الأول والبائع مقدارها 88213.493 جنيهاً.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل حكم المطعون عليه إلى إلزام المدعي بصفته برد خطاب الضمان إلى المطعون ضده الثاني ليتمكن المطعون ضده الأول من صرفه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تدول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 5/ 11/ 1999 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة، وتداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وقدم المطعون ضده الأول مذكرة طلب فيها الحكم أولاً بصفة أصلية برفض الطعن مع إلزام الطاعن المصروفات، وثانياً: بصفة احتياطية انتهاء الخصومة في الطعن لأنه تسلم خطاب الضمان محل المنازعة وأضيفت قيمته إلى حسابه بالبنك، وبجلسة 22/ 4/ 1997 أصدرت هذه المحكمة - بتشكيل آخر - حكماً تمهيدياً في الطعن بقبول الطعن شكلاً، وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بطنطا لأداء المهمة المبينة بأسباب الحكم، وقد باشر الخبير مأموريته على النحو الثابت بمحاضر أعمال الخبير وأودع تقريره لدى المحكمة وبجلسة 29/ 2/ 2000 أودع كل من المطعون ضده الأول والطاعن مذكرة بدفاعه تعقيباً على تقرير الخبير وصمم كل منهما على طلباته، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن موضوع النزاع وأسباب الطعن قد أحاط بها تفصيلاً الحكم التمهيدي الصادر من هذه المحكمة - بتشكيل أخر - بجلسة 22/ 4/ 1997 م ويخلص في أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تعاقد مع مستشفيات جامعة طنطا على تنفيذ عملية مبنى سكن الأطباء والحكيمات بمستشفى طنطا الجامعي مقابل مبلغ إجمالي مقداره 450486.212 جنيهاً باعتباره أقل العطاءات وكان العطاء التالي له هو العطاء المقدم من الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بالدقهلية وقيمته 452208.150 جنيهاً، وقام المطعون ضده الأول بتنفيذ العملية محل التعاقد وتسليمها ابتدائياً ونهائياً - وهو أمر لا جدال فيه بين أطراف النزاع - إلا أن الجهة الإدارية احتجزت خطاب الضمان المقدم من المطعون ضده بمبلغ 35000 جنيهاً (خمسة وثلاثون ألف جنيهاً) استناداً إلى أن قيمة الأعمال العادية والصحية التي تم تنفيذها - بعد استبعاد الأعمال الإضافية بلغت 543177.249 جنيهاً بينما لو نفذت بأسعار فئات العطاء الذي يليه لبلغت 45039.145 جنيهاً أي بأقل من فئات أسعار عطاء المطعون ضده بمبلغ 92998.104 جنيهاً وبالنسبة للأعمال الكهربائية فقد بلغت قيمتها 44033.140 جنيهاً في حين أن قيمتها لو نفذت وفقاً لفئات أسعار العطاء التالي لبلغت 48817.951 جنيهاً إي بزيادة قدرها 4484.511 جنيهاً ومن ثم يكون المطعون ضده مدين بمبلغ 88513.493 جنيهاً حتى يحافظ على أولوية عطائه إعمالاً لحكم المادة 92 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 والتي تم التعاقد في ظل العمل بأحكامها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المستفاد من نص المادة 92 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 والمقابلة للمادة 80 من اللائحة التنفيذية للقانون 9 لسنة 1983 والمادة 82 من اللائحة التنفيذية للقانون 89 لسنة 1998 المعمول به حالياً - التزام الإدارة بمحاسبة المقاول المتعاقد معها على أساس كميات الأعمال المنفذة بالفعل وفقاً لأسعار عطائه بغض النظر عن الكميات الواردة بجدول الفئات ولو زادت أو قلت عنها وسواء ترتبت الزيادة أو العجز على خطأ في الحساب أو زيادة في حجم الأعمال على ألا يؤدي ذلك إلى الإخلال بأولويته وترتيب عطائه باعتباره الأفضل والأقل سعراً والهدف من هذا النص بمراعاة العدالة في التعامل وضمان حقوق ومصالح الطرفين وذلك بصرف حقوق المقاول كاملة عن الأعمال التي نفذها بالفعل وفقاً لأسعار عطائه من ناحية وتحقيق الفرض من المناقصة العامة التي تستهدف تنفيذ الأعمال على أحسن وجه وبأقل الأسعار من ناحية أخرى وهو ما يتحقق بمراعاة أولوية عطاء المقاول عند المحاسبة منذ بداية العقد حتى تماماً تنفيذه، فلا تنتهي تلك الأولوية لمجرد إرساء المناقصة وإبرام العقد بل تظل تلك الأولوية قائمة طيلة فترة سريان العقد وحتى الانتهاء تماماً من التنفيذ فلا يؤدي خفض المقاول لأسعار الكميات غير المطلوبة ورفعه لأسعار الكميات المطلوبة عند تقدمه بعطائه بما يؤدي إلى التعاقد معه عند إجراء المناقصة باعتباره الأقل سعراً إلى الأضرار بالمصلحة العامة التي لا يمكن أن تتحقق نتيجة التعاقد معه واستبعاد العطاء التالي له بسبب يرجح إلى طريقه إعداد عطائه رغم أن هذا العطاء التالي كان الأصلح سعراً والأكثر مطابقة للواقع ولا وجه للقول في هذا الصدد بأن محاسبة المقاول على أساس أسعار العطاء التالي في حالة الإخلال بأولوية عطائه إنما يهدر نصوص العقد وأسعار عطاء المقاول ونصوص قانون المناقصات والمزايدات ونصوص لائحته التنفيذية التي توجب المحاسبة على أساس أسعار المتعاقد والكميات المنفذة بالفعل ذلك أن التعاقد تم ابتداء على أساس أن أسعار المقاول هي الأقل من بين العروض التي قدمت في المناقصة ومن ثم فإنه يلتزم بأن تظل أسعاره محتفظة بتلك الميزة حتى انتهاء التنفيذ وإلا حوسب على أساس أسعار العطاء التالي له باعتبارها الأسعار الأفضل التي اتجهت إرادة المتعاقدين إليها في إطار إجراءات اختيار المتعاقد التي قبل المقاول التعامل ابتداء على أساسها عند تقدمه بعطائه.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية تسلمت أعمال العقد نهائياً بموجب محضر التسليم النهائي المؤرخ في 20/ 12/ 1985 إلا أنها احتجزت لديها خطاب الضمان الذي يمثل قيمة التأمين النهائي بمبلغ 35000 جنيهاً وطالبت المطعون ضده بمبلغ 82213.593 جنيهاً الناتجة عن دراسة أولوية عطائه إعمالاً لحكم المادة 92 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 وما أسفرت عنه مراجعة الجهاز المركزي للمحاسبات، وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الطعن الماثل أن قيمة القروض المالية التي صرفت للمطعون ضده نتيجة تنفيذ العملية محل العقد وفقاً لفئات أسعاره بالتجاوز عن القيمة التي كانت تستحق له لو نفذت تلك العملية محل العقد وفقاً لفئات الأسعار الواردة بعطاء الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بالدقهلية - العطاء التالي له - هو مبلغ 88213.583 جنيهاً (بثمانية وثمانون ألف ومائتان وثلاثة عشر جنيهاً) و583 من الجنيه وهو ما يطابق ما جاء بتقرير الجهاز المركزي، ومن ثم فإنه يحق للجهة الإدارية مطالبته بهذا المبلغ وخصمه مما يكون مستحقاً له لديها أو لدى أية جهة إدارية أخرى من مستحقات إعمالاً لحقها المقرر قانوناً بمقتضى أحكام قانون المناقصات والمزايدات وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يتعين معه والحالة هذه الحكم بإلغائه وبرفض دعوى المطعون ضده.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من مذكرة المطعون ضده المقدمة بجلسة 19/ 6/ 1999 أمام دائرة فحص الطعون أن الجهة نفذت الحكم المطعون فيه وتسلم المطعون ضده خطاب الضمان رقم 8513 محل النزاع في الطعن الماثل واسترد قيمته ومن ثم فإن الجهة الإدارية وشأنها في اتخاذ الإجراءات القانونية لتحصيل المبلغ المستحق لها 82213.593 جنيهاً من أية مستحقات قبلها أو قبل أية جهة إدارية أخرى إعمالاً لأحكام قانون المناقصات ولائحته التنفيذية والقانون رقم 308 لسنة 1955 بتنظيم الحجز الإداري.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي المطعون ضده وألزمته المصروفات عن درجتي التقاضي.