مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 765

(81)
جلسة 30 من إبريل سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: د. محمد عبد البديع عسران وسمير إبراهيم البسيوني وأحمد عبد الحليم صقر وأحمد محمد حامد محمد حامد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 1300 و1301 لسنة 38 قضائية عليا

تأديب - المسئولية التأديبية - التضامن في مجال التأديب.
المسئولية التأديبية شأنها في ذلك شأن المسئولية الجنائية لا تكون إلا شخصية وبالتالي يمتنع إعمال المسئولية التضامنية والتي مجالها المسئولية المدنية في نطاق الذنب الإداري الذي قوامه إتيان العامل فعلاً إيجابياً أو سلبياً يشكل إخلالاً بواجبات وظيفته أو خروجاً عن مقتضياتها - المسئولية التضامنية لا تفترض ما دام لم يقم من الأوراق ما يفيد وجود اتفاق أو نص بالتضامن - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 16/ 4/ 1992 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن - قيد بجدولها برقم 1300 لسنة 38 ق. ع ضد المطعون ضدهم من الأولى حتى الثامنة، وبذات التاريخ أودع المحامي المذكور بصفته وكيلاً عن نفس الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1301 لسنة 38 ق. ع في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 23/ 2/ 1992 في الطعنين رقمي 31، 567 لسنة 18 ق المقامين من المطعون ضدهن ضد الطاعن بصفته والذي قضى بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين رقمي 824 لسنة 1989، 443 لسنة 1990 فيما تضمناه من تحميل الطاعنات بقيمة ما يخص كل منهن في العجز الوارد بهذين القرارين مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات.،
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقريري الطعنين الحكم بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من تحميل الطاعنات بقيمة ما يخص كل منهن في العجز الوارد بهذين القرارين مع إلزام المطعون ضدهن المصروفات والأتعاب.
وتم إعلان تقريري الطعنين إلى المطعون ضدهن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم: أصلياً: بعدم قبول الطعنين شكلاً لرفعهما بعد الميعاد. احتياطياً: برفضهما موضوعاً.
ونظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعنين، وبجلسة 13/ 9/ 1999 قررت إحالتهما إلى الدائرة الخامسة (موضوع) لنظرهما بجلسة 16/ 5/ 1999، وبجلسة 17/ 10/ 1999 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 1301/ 38 ق. ع إلى الطعن رقم 1300/ 38 ق. ع ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 6/ 2/ 2000 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - بالقدر اللازم لإصدار هذا الحكم في أن المطعون ضدهن من الأولى إلى الثامنة أقمن الطعن رقم 31 لسنة 18 ق ضد الطاعن بصفته بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة بتاريخ 17/ 10/ 1989 طلبن في ختامها الحكم لهن بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 824 لسنة 1989 الصادر من رئيس القطاع الإداري وعضو مجلس الإدارة بتاريخ 11/ 9/ 1989 فيما تضمنه من مجازاة كل منهن بصفتهن بائعات بفرع جامعة المنصورة التابع للشركة المدعى عليها بخصم عشرة أيام من راتب كل منهن وتحميل الأولى بمبلغ (2320.016 جنيهاً) والثانية والثالثة بمبلغ (674.482 جنيهاً) لكل منهن ومن الرابعة حتى الثامنة بمبلغ (3567.076 جنيهاً) مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقلن شرحاً لطعنهن أن القرار المطعون فيه صدر على أساس ما نسب إليهن من خروجهن على الواجب الوظيفي في المحافظة على الأقسام البيعية عهدتهن مما تسبب عنه عجز وزيادة في هذه العهدة خلال السنوات من 1980/ 1981 حتى 1984/ 1985. فتظلمن من هذا القرار إلى الشركة ولكن دون جدوى. فأقمن هذا الطعن بطلب إلغاء القرار المطعون فيه لسقوط الدعوى التأديبية قبلهن بمضي المدة المنصوص عليها في المادة 93 من القانون رقم 48 لسنة 1978 لعلم الإدارة بالعجز والزيادة عقب إجراء الجرد السنوي، كما أن الخطأ على فرض وجوده فهو خطأ دفتري فقط حسب الثابت من تحقيقات الشئون القانونية في الموضوع، وانتهت المدعيات من ذلك إلى طلب الحكم لهن بالطلبات السابق بيانها.
وبتاريخ 23/ 9/ 1990 أقامت المطعون ضدها/ ........ الطعن رقم 567 لسنة 18 ق ضد الطاعن بصفته بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة طلبت في ختامها الحكم لها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 443 لسنة 1990 الصادر من رئيس القطاع الإداري وعضو مجلس الإدارة بتاريخ 2/ 4/ 1990 فيما تضمنه من مجازاتها بخصم أجر عشرة أيام من راتبها وتحميلها بمبلغ (674.482) جنيهاً مضافاً إليه 10% مصاريف إدارية عن هذا المبلغ وما يترتب على ذلك من آثار.
وقالت شرحاً لطعنها أنه بتاريخ 2/ 4/ 1990 صدر القرار المطعون فيه بدعوى أنه خرجت على مقتضى الواجب الوظيفي وعدم أدائها للعمل المنوط بها بدقة وأمانة خلال السنوات المالية من 80/ 1981 وحتى 84/ 1985 بفرع جامعة المنصورة لإهمالها في المحافظة على البضائع الموجودة بالأقسام البيعية عهدتها مما تسبب عنه وجود عجز بهذه العهدة، فتظلمت من هذا القرار للشركة ولكن دون جدوى مما اضطرها إلى إقامة طعنها بطلب الحكم لها بإلغاء هذا القرار لمخالفته للواقع والقانون لأن العجز والزيادة مردهما أخطاء حسابية في الدفاتر والمستندات، كما أنه ليس من بين العقوبات التأديبية عقوبة التحميل التي أضافها القرار الطعين إلى عقوبة الخصم من المرتب، وخلصت الطاعنة إلى طلب الحكم لها بطلبها السالف بيانه. ونظرت المحكمة التأديبية المذكورة الطعنين حيث ضمت الطعن رقم 567 لسنة 18 ق إلى الطعن رقم 31 لسنة 18 ق ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 23/ 2/ 1992 صدر الحكم المطعون فيه - وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بإلغاء القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من تحميل الطاعنات بقيمة ما يخص كل منهن في العجز الوارد بهذين القرارين على سند من أن المستقر عليه قضاء أنه لكي تعود الجهة الإدارية على أحد العاملين من تابعيها بقيمة ما تكبدت من خسائر نتيجة تقصيره في أداء أعمال وظيفته فإن ذلك رهن بتوافر شروط ثلاثة هي عناصر المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بين هذا الخطأ وذلك الضرر، وقد ثبت للمحكمة أن خطأ الطاعنات لم يكن السبب المباشر في العجز الحاصل للشركة، إذ إن مرد هذا العجز يرجع في المقام الأول إلى أخطاء دفترية ومستندية وأخطاء أخرى من عاملين بالشركة غير الطاعنات وقعت عند تسليم البضائع والرسائل واستخراجها من المخازن وتحرير أذون الصرف والاستلام وإجراء الجرد وخلاف ذلك مما يتعلق بأعمال التسليم والتسلم ومن ثم فقد انقطعت علاقة السببية بين خطأ الطاعنات والضرر الذي تدعي الشركة بأنه أصابها من جراء ذلك العجز وبذلك ينهار أحد الأركان الأساسية لمساءلة الطاعنات عن ذلك في مالهن الخاص ويكون القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من تحميل الطاعنات بقيمة ما يخص كل منهن من مبالغ في قيمة العجز الوارد بالقرارين مستخلصاً من وقائع لا تؤدي إليه وانتهت المحكمة إلى قضائها السابق الإشارة إليه.
ولم ترتض الشركة الحكم المطعون فيه فطعنت عليه بالطعنين الماثلين مقيمة إياهما على الأسباب المبينة تفصيلاً في تقريري الطعنين والتي تخلص فيما يلي:
1 - أن الحكم المطعون فيه قرر ثبوت مخالفة الإهمال في حق المطعون ضدهن ورفض طلب إلغاء القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من مجازاة كل منهن بخصم عشرة أيام من راتبها، فكان من المتعين اتساقاً مع ذلك القضاء برفض طلب إلغاء القرارين المطعون فيهما بشأن تحميل كل منهن بقيمة ما يخصها من العجز الثابت في عهدتها.
2 - أن ما قضى به الحكم المطعون فيه يخالف الثابت بالأوراق والمستندات التي قدمتها الشركة الطاعنة إلى المحكمة التأديبية وتحقيقات النيابة العامة والإدارية من صحة العجز ومسئولية المطعون ضدهن وآخرين عنه لما ثبت في حقهن من الإهمال في المحافظة على البضائع عهدتهن والذي كان السبب في حدوث العجز بها.
3 - قصور الحكم المطعون فيه في التسبيب وإخلاله بحق الشركة في الدفاع ذلك أن الشركة قدمت مذكرة دفاع بجلسة 10/ 6/ 1990 تضمنت دفاعاً بحجية قرار النيابة العامة في القضية رقم 5559 لسنة 1988 جنح قسم أول المنصورة والذي انتهى إلى ثبوت اتهام المطعون ضدهن وآخرين بجريمة الإهمال المؤثمة جنائياً وأن ذلك الإهمال أدى إلى حدوث العجز في عهدتهم، هذا القرار له حجية من الناحية التأديبية، وبالرغم من ذلك لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع مما يشوبه بالقصور في التسبيب متعيناً إلغاؤه.
وانتهى الطاعن من هذه الأسباب إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه والأوراق المرفقة بالطعنين المشار إليهما أن الشركة الطاعنة أجرت التحقيقات الإدارية أقام 100/ 30/ 1983، 36/ 6/ 1985، 60/ 24/ 1985، 63/ 1985 بشأن خروج بضائع من فرع الشركة بجامعة المنصورة بالمخالفة لنظام الصرف المعمول به وصرفها بغير تسجيلها وكذا استيلاء بعض العاملين أعضاء لجنة مفتاحية هذا الفرع على بضائع دون وجه حق، إلى جانب ما تكشف من ظهور عجز وزيادة في رصيد البضائع عهدة هذا الفرع بمختلف أقسام البيع بلغ مقدارها (1255.100 جنيهاً) عجز في السنة المالية 1980/ 1981، (31835.563 جنيهاً) عجز في السنة المالية 81/ 1982، (17025.774 جنيهاً) زيادة في السنة المالية 82/ 1983، (20225.950 جنيهاً) عجز في السنة المالية 83/ 1984، مبلغ (10863.218 جنيهاً) زيادة في السنة المالية 84/ 1985، وقامت الشركة بإبلاغ النيابة العامة بهذه الوقائع والتي باشرت تحقيقاتها فيها بعد قيدها برقم 5559/ 1988 جنح قسم أول المنصورة وانتهت النيابة العامة إلى استبعاد شبهتي الاختلاس والاستيلاء من الأوراق وإرسالها إلى الجهة التابع لها المتهمات ومن بينهن المطعون ضدهن لمجازاتهن إداريا نظراً لما خلصت إليه التحقيقات من عدم توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس لدى المتهمات ومن بينهن المطعون ضدهن وأن العجز المكتشف بعهدتهن مرد أخطاء دفترية والإهمال في مراجعة العهدة ويؤيد ذلك ما ثبت من الأوراق من أن العجز في الفترة التي تناولها الجرد كان يقابله زيادة في العهدة في تلك الفترة، كما أن قيمة العجز في إحدى السنوات كان مرجعها إلى عدم إثبات بعض البضائع المتواجدة بالفرع، كما ثبت من التحقيقات أن البضاعة كانت ترد إلى الفرع من مخازن الشركة في كراتين مغلقة وتتسلمها البائعات ومن بينهن المطعون ضدهن بحالتها دون فتحها والقيام بالتوقيع على إذن الصرف بالاستلام وعند فتحها يتبين أن ما بداخلها لا يماثل مفرداتها بإذن الصرف.
وقد تضمنت مذكرة الإدارة القانونية التكميلية في التحقيقات المشار إليها أن إهمال المطعون ضدهن وزميلاتهن في المحافظة على البضائع عهدتهن يستوجب مسائلتهن طبقاً لما انتهت إليه النيابة، كما أنه ترتب عليه حدوث عجز في البضائع عهدتهن طبقاً لما هو ثابت من مقارنة الجرد الفعلي بالرصيد الدفتري عن السنوات المالية من 80/ 1981 وحتى 84/ 1985 وهو ما يستوجب تحميل كل منهن بحصة متساوية من صافي العجز بالتضامن فيما بينهن باعتبار أن عهدة الأقسام البيعية بفرع جامعة المنصورة عهدة مالية واحدة تضامنية ومتداخلة بين كل الأقسام، ووافق على هذه النتيجة رئيس مجلس الإدارة وصدر لذلك القرار التنفيذي رقم 824 لسنة 1989 بمجازاة المطعون ضدهن من الأولى إلى الثامنة بخصم أجر عشرة أيام من راتب كل منهن لخروجهن على مقتضى الواجب الوظيفي بإهمالهن في المحافظة على البضائع بالأقسام البيعية عهدتهن مما نتج عن عجز وزيادة خلال السنوات من 80/ 1981 وحتى 84/ 1985 وتحميل الأولى بمبلغ (2320.016 جنيهاً) والثانية والثالثة بمبلغ (674.482 جنيهاً) ومن الرابعة حتى الثامنة بمبلغ (3567.076 جنيهاً) قيمة صافي العجز الثابت بعهدة كل منهن خلال السنوات المذكورة مضافاً إليها 10% مصاريف إدارية، كما صدر القرار رقم 443/ 1990 بمجازاة المطعون ضدها التاسعة بخصم عشرة أيام من راتبها وتحميلها بمبلغ (674.482) مضافاً إليه 10% مصاريف إدارية.
ومن حيث إن المستقر عليه أن إلزام العامل بشركات القطاع العام يجبر الضرر الذي يلحق بالشركة التي يعمل بها، مناطه توافر أركان المسئولية التقصيرية في حقه من قيام خطأ في جانبه ينتج عنه أضرار تحيق بالشركة وقيام علاقة السببية بين الخطأ والضرر، وكذلك يشترط في الضرر أن يكون محقق الوقوع، أي أن يثبت وقوعه فعلاً أو سيقع حتماً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والتحقيقات التي أجريت في الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضدهن، وما تضمنته تحقيقات النيابة العامة في القضية رقم 5559/ 1988 جنح قسم أول المنصورة أنه لدى سؤال أعضاء لجنة الجرد بالتحقيقات قرروا أن العجز الذي أسفر عنه الجرد هو مسئولية البائعات جميعهن استناداً إلى أن مسئوليتهن تضامنية ومن بينهن المطعون ضدهن وأخريات وهو ما أدى إلى تحميل كل منهن بحصة متساوية من صافي العجز على نحو ما سلف بيانه.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن "المسئولية التأديبية شأنها في ذلك شأن المسئولية الجنائية لا تكون إلا شخصية وبالتالي يمتنع إعمال المسئولية التضامنية والتي مجالها المسئولية المدنية في نطاق الذنب الإداري الذي قوامه إتيان العامل فعلاً إيجابياً أو سلبياً يشكل إخلالاً بواجبات وظيفته أو خروجاً على مقتضياتها" (الطعن رقم 2579 لسنة 32 ق. ع - جلسة 30/ 4/ 1994).
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم فقد استند القراران المطعون فيهما في تحميل المطعون ضدهن بقيمة العجز في عهدتهن إلى إهمالهن في المحافظة على البضائع عهدتهن استناداً إلى مسئوليتهن التضامنية وأخريات عنها في حين أن التضامن في المسئولية بين المدنيين لا يفترض وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون تطبيقاً لنص المادة (279) من القانون المدني، فضلاً عن أنه لا يجوز إعمال المسئولية التضامنية في مجال التأديب وإلى جانب ما ثبت من أن لجنة الجرد لم تقم بفحص محاضر إثبات العجز في البضائع التي كانت ترد إلى الفرع، الأمر الذي لم يتحدد معه قيمة العجز على نحو واضح ومحدد بالنسبة لكل صاحبة عهدة كل على حدة ومن بينهن المطعون ضدهن، وبالتالي فإن الأوراق والتحقيقات لم تقطع بقيام المسئولية قبلهن لتخلف ركن الخطأ في جانبهن، وكذلك تخلف ركن الضرر لعدم تحديد قيمة العجز في عهدة كل منهن على نحو قاطع ومحدد، ولا ينال من ذلك ما تضمنته الأوراق من تحميل كل منهن بحصة متساوية من قيمة العجز لتضامنهن في المسئولية، إذ إن ذلك مردود بأن المسئولية التضامنية لا تفترض ولم يقم من الأوراق ما يفيد وجود اتفاق أو نص بالتضامن بين المطعون ضدهن وزميلاتهن من أصحاب العهدة، ومن ثم فقد تخلفت عناصر المسئولية التقصيرية في حق المطعون ضدهن ويضحى القراران الصادران بتحميل كل منهن بالمبالغ المشار إليها غير قائمين على أساس سليم من القانون وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إلغائهما فمن ثم فقد صادف صحيح حكم القانون، بما يجعل الطعنين الماثلين والحال كذلك غير قائمين على سند صحيح من القانون متعيناً القضاء برفضهما.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعاً.