مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 785

(83)
جلسة 30 من إبريل سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد البديع عسران وممدوح حسن يوسف راضي وسمير إبراهيم البسيوني وأحمد عبد الحليم صقر - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5225 لسنة 43 قضائية عليا

تخطيط عمراني - تقسيم معتمد - السلطة المختصة بتعديل شروط التقسيم.
المواد 4 و5 و6 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، والمادة 26 من قانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1982.
السلطة المختصة بتعديل الشروط الخاصة بالتقاسيم التي تم اعتمادها هو وزير التعمير الذي يجري هذه التعديلات بعد أخذ رأي المحافظ المختص وموافقة الوحدة المحلية - نتيجة ذلك - المحافظ ليس مختصاً بإجراء هذا التعديل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 15/ 7/ 1997 أودع الأستاذ/ ........ النائب بهيئة قضايا الدولة بصفته نائباً عن الطاعنين، أودع تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 7674/ 50 ق بجلسة 27/ 5/ 1997 الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
ويطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 30/ 7/ 1997.
نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بحضور طرفي الخصومة وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 28/ 11/ 1999 حيث نظر الطعن بحضور الطرفين وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن حاز أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 7674/ 50 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار محافظ الجيزة رقم 895 لسنة 1993 فيما تضمنه في شأن ترخيص البناء رقم 16 لسنة 1964 بترك مسافات جانبية بين السكان بحد أدنى ثلاثة أمتار من كل جانب، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار. وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 22/ 12/ 1992 تقدم بطلب لاستخراج ترخيص لبناء العقار رقم 55 شارع مصدق ولكنه فوجئ بتطبيق قرار محافظ الجيزة رقم 865 لسنة 1993 بتعديل اشتراطات البناء بالمنطقة الواقع بها العقار بإلزام الملاك بترك مسافات جانبية بحد أدنى ثلاثة أمتار من كل جانب وخمسة أمتار من الخلف خلافاً لقرار المحافظ رقم 31 لسنة 1981 الذي صدر طبقاً للمرسوم الصادر بتاريخ 3/ 10/ 1944 والمرسوم الصادر في 31/ 12/ 1949 ولم يستلزم ترك أية مسافات جانبية، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه صدوره من غير مختص وانتهى إلى الطلبات السابق بيانها.
وبجلسة 27/ 5/ 1997 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار - المطعون فيه. وشيدت المحكمة قضاءها على أن التكييف الصحيح لطلبات المدعي هي الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رفض السير في إجراءات صرف الترخيص رقم 16 لسنة 1994 لبناء العقار رقم 55 شارع مصدق دون اعتداد بقرار محافظ الجيزة رقم 895 لسنة 1993.
والبادي من ظاهر الأوراق أن جهة الإدارة تشترط للسير في إجراءات صرف ترخيص البناء رقم 16 لسنة 1994 للمدعي مراعاة الشروط الواردة بقرار محافظ الجيزة رقم 895 لسنة 1993 المتضمن تعديلاً في تقسيم مدينة الأوقاف بحي وسط الجيزة وهو التقسيم المعتمد بالمرسوم الملكي المنشور في العدد رقم 116 في 9/ 10/ 1944 بينما لا يختص المحافظ بإصدار قرار تعديل تقسيم على الوجه المبين ومن ثم يكون امتناع الجهة الإدارية عن السير في إجراءات صرف الترخيص المذكور للمدعي غير قائم على سبب صحيح ويتوافر بذلك ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على رفض منح الترخيص دون مبرر حرمان المدعي من استغلال عقاره والانتفاع بملكيته.
لم ترتض الجهة الإدارية هذا الحكم فطعنت عليه بالطعن الماثل مقيمة إياه على سند من الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد لأن صريح طلبات المطعون ضده هي إلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 895 لسنة 1993، وقد نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية في 20/ 3/ 1993 بينما لم يقم المطعون ضده دعواه إلا في 26/ 6/ 1996 تاريخ إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت بعد الميعاد والقول بأن قرار محافظ الجيزة المشار إليه صدر من غير مختص حيث كان ينبغي أن يصدر من وزير التعمير طبقاً للمادة 26 من قانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1982، قول يخالف المادة 27 من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 التي تنص على أن للمحافظ جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزير بمقتضى القوانين واللوائح، ومن ثم يكون قرار المحافظ المطعون فيه صدر من سلطة مختصة ويتعين على المطعون ضده الالتزام بالاشتراطات الواردة فيه. وإذ لم يلتزم المطعون ضده بأحكام هذا القرار فلا تلتزم جهة الإدارة بإصدار ترخيص له ويكون قرارها برفض الترخيص مطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه لرفعها بعد الميعاد فإنه وإن كان المطعون ضده قد طلب في صحيفة دعواه إلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 895 لسنة 1993 فإن التكييف الصحيح لطلباته في ضوء وقائع الدعوى المعروضة أنه يطعن في قرار الجهة الإدارية برفض إصدار الترخيص في الطلب رقم 16 لسنة 1994 لبناء العقار السابق الإشارة إليه. أما قرار محافظ الجيزة رقم 895 لسنة 1993 فهو القرار التنظيمي الذي صدر القرار الفردي برفض الترخيص طبقاً له. ولما كانت الأوراق قد خلت من أية دليل على علم المدعي بقرار رفض الترخيص في تاريخ سابق على رفع الدعوى فإن الدعوى تكون مقامة في الميعاد ويكون الدفع بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد لا سند له متعين الرفض.
ومن حيث إن المادة 4 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 تنص على أن "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تدعيمها.. إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم..".
وتنص المادة الخامسة من هذا القانون على أن "يقدم طلب الحصول على الترخيص إلى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم مرفقاً بها البيانات والمستندات والموافقات والرسومات المعمارية والإنشائية التنفيذية التي تحددها اللائحة التنفيذية...".
وتنص المادة 6 على أن "تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه....".
وتنص المادة 26 من قانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1982 على أن "يجوز بقرار من الوزير المختص بالتعمير بعد أخذ رأي المحافظ المختص وموافقة الوحدة المحلية تعديل الشروط الخاصة بالتقاسيم التي تم اعتمادها قبل اعتماد مشروعات التخطيط وفقاً لأحكام هذا القانون بما يتلاءم مع هذه المشروعات.
والمستفاد من ذلك أن السلطة المختصة بتعديل الشروط الخاصة بالتقاسيم التي تم اعتمادها هو وزير التعمير الذي يجري هذه التعديلات بعد أخذ رأي المحافظ المختص وموافقة الوحدة المحلية، ومن ثم فالمحافظ ليس مختصاً بإجراء هذا التعديل الأمر الذي يكون معه قرار محافظ الجيزة رقم 895 لسنة 1993 الذي عدل من مواصفات التقسيم قد صدر من سلطة غير مختصة وأضحى تبعاً لذلك مخالفاً للقانون وغير واجب التطبيق وإذ صدر القرار المطعون فيه برفض الترخيص استناداً إلى هذا القرار فإنه يكون بدوره مخالفاً للقانون، ويكون غير صحيح ما ذهبت إليه الجهة الإدارية في تقرير الطعن من أن المحافظ مختص بإجراء التعديل استناداً إلى المادة 27 من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 التي تخول المحافظ سلطات اختصاصات الوزير، فالمقصود بذلك الاختصاصات التنفيذية وليس الاختصاصات اللائحية أي التي تنطوي على إصدار قرار تنظيمي نص القانون على اختصاص الوزير بإصداره، الأمر الذي يغدو معه هذا الطعن لا سند له متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.