مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 791

(84)
جلسة 30 من إبريل سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات ومحمد عبد الرحمن سلامة وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 6216 و6522 لسنة 44 قضائية عليا

شهر عقاري - دعاوى صحة التعاقد - تسجيلها - أثر ذلك.
المواد 17 و22 و23 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري، والفقرة الأخيرة من المادة 23 المضافة بالقانون رقم 25 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946.
المشرع أوجب شهر جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية أو نقله أو تقييده أو زواله - كذلك المحاكم المثبتة لشيء من ذلك بطريق التسجيل - كما أوجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية والتأشير بمنطوق الحكم على ذيل التأشير بالدعوى أو على هامش تسجيلها - ورتب على قيام صاحب الشأن بشهر الحكم النهائي بصحة التعاقد خلال خمس سنوات من صيرورته نهائياً أن يصبح لهذا الحكم حجية من تاريخ تسجيل دعوى صحة التعاقد أو التأشير بها - تلتزم مصلحة الشهر العقاري بإجراء الشهر متى توافرت شروطه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 17/ 6/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 6216 لسنة 44 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 800 لسنة 51 ق بجلسة 28/ 4/ 1998 القاضي بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مصلحة الشهر العقاري بتسجيل الطلب رقم 306/ 1994 الممتد برقم 41/ 1995 بالمسجل رقم 209 لسنة 1996 لصالح/ ........ ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة مستعجلة وفي الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وفي يوم الخميس الموافق 25/ 6/ 1998 أودع الأستاذ/ ........ المحامي نائباً عن الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين/ ........ و........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 6522 لسنة 44 ق. ع في ذات الحكم المشار إليه.
وطلبا في ختام عريضة الطعن إلغاء الشق الثاني من الحكم "برفض ما عدا ذلك من طلبات" والقضاء مجدداً بإلغاء قرار الشهر العقاري السلبي بالامتناع عن تسجيل حكم صحة ونفاذ عقد البيع الصادر في الدعوى رقم 1144 لسنة 91 مدني كلي الجيزة وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وجرى إعلان عريضتي الطعن إلى المطعون ضدهما في كل منهما على النحو المبين بالأوراق وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه رفض الطعن رقم 6216 لسنة 44 ق. ع وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وفي الطعن رقم 6522 لسنة 44 ق. ع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تسجيل الحكم الصادر لصالح المدعي في الدعوى رقم 1144 لسنة 91 مدني كلي الجيزة والقضاء مجدداً بإلغاء هذا القرار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحددت جلسة 15/ 2/ 1999 لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة، وفيها قررت المحكمة ضم الطعن 6522 لسنة 44 ق. ع إلى الطعن رقم 6216 لسنة 44 ق. ع ليصدر فيهما حكم واحد، ثم قررت إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى - موضوع" لنظرهما بجلسة 27/ 6/ 1999، وقد تداولت هذه المحكمة نظرهما على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن قررت حجزهما ليصدر فيهما الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن المطعون ضدهما في الطعن الأول أقاما الدعوى رقم 800 لسنة 51 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في 31/ 10/ 1996 وطلبا في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الشهر العقاري بالامتناع عن التأشير وتسجيل الحكم الصادر لصالحهما بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى رقم 1144 لسنة 1991 مدني كلي الجيزة، وفي الموضوع بإلغاء ذلك القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعيان شرحاً لدعواهما بأنهما حضرا إلى مصر لإقامة مشروع استثمار سياحي كبير ولهذا الغرض قاما بشراء أربعة أفدنة فضاء بناحية جزيرة الدهب محافظة الجيزة من مالكها السيد/ ........ نجل/ ........ ثم قاما بتقديم طلب أسبقية للشهر العقاري بالجيزة تحت رقم 283/ 1989، وأقاما بعد ذلك دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع وسجلت صحيفة الدعوى برقم 169/ 1991 وصدر حكم محكمة الجيزة الابتدائية في 14/ 3/ 1991 بصحة ونفاذ عقدي البيع ثم تقدما في 14/ 12/ 1992 بالطلب رقم 2959 لسنة 1992 لتسجيل الحكم، وأثناء استيفاء المستندات تقدم المدعو/ ........ لتسجيل جزء كبير من قطعة الأرض المذكورة استناداً إلى عقد بيع ابتدائي صادر عن وكيل المالك، فقام المالك/ ........ بإرسال إنذارات رسمية على يد محضر لمكتب الشهر العقاري بالجيزة ولمصلحة الشهر العقاري بعدم الاعتداد بأي تصرفات واردة على الأرض لغير/ ........ (المدعي) وتم تجديد الطلب برقم 2316 بتاريخ 24/ 6/ 1995 بعد أن استوفى جميع المطلوب وحصل على ميعاد الشهر بصفة نهائية في 10/ 4/ 1996 أي قبل مضي خمس سنوات ونظراً لكونه سعودي الجنسية ويلزم الحصول على موافقة مجلس الوزراء على التملك فقد استغرق الحصول عليها من الوقت حتى أول مايو 1996 وإذا بالمأمورية تخطره بأن جزءاً كبيراً من مساحة الأرض تم تسجيله لصالح/ ........ بسبب عدم وصول موافقة مجلس الوزراء إلا بعد مضي المدة. فنعى على القرار مخالفته للقانون وتظلم منه لرئيس مصلحة الشهر العقاري دون جدوى ثم أقام دعواه بطلباته السابقة.
وبجلسة 28/ 4/ 1998 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بإلغاء القرار الصادر من مصلحة الشهر العقاري بتسجيل الطلب رقم 306/ 1994 الممتد برقم 41/ 1995 بالمسجل رقم 209 لسنة 1996 لصالح السيد/ ........ ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وأقامت المحكمة قضاءها تأسيساً على نص الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري والمضافة بالقانون رقم 25 لسنة 1976 حيث أصبح لمصلحة الشهر العقاري المفاضلة بين المحررات عند بحث أصل الملكية أو الحقوق العينية والتحقق من سلامة المحرر المطلوب شهره وصدروه من المالك الحقيقي تحقيقاً للغاية التي أفصحت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 25/ 1976 وهي حماية الملاك وأصحاب الحقوق العينية من عصابات اغتصاب الأراضي التي قد تلجأ بطريق الغش والتواطؤ إلى شهر بعض المحررات الناقلة للملكية على غير سند من القانون.
وأضاف الحكم أن مصلحة الشهر العقاري تنكبت الطريق الصحيح حينما قامت بتسجيل الطلب رقم 306/ 1994 الممتد برقم 41/ 1995 لصالح/ ........ رغم تعارضه مع طلبات المدعي السابقة عليه والتي طلبت المصلحة سيراً في إجراءات تسجيلها استيفاء بعض البيانات بالحصول على موافقة مجلس الوزراء بحسبان أن المدعي أجنبياً ثم تلفت المصلحة بعد ذلك عن طلبه وتقوم بتسجيل الطلب اللاحق المشار إليه بحجة أن المدعي لم يسجل الحكم الصادر لصالحه خلال خمس سنوات رغم أن المستندات المقدمة منه تقطع بسابقة تصرف المالك له في أطيان النزاع وأن التصرف الصادر لصالح/ ......... قد صدر عن جزء من المساحة المبيعة للمدعي من غير المالك وإنما عن طريق وكيله، وقد ثبت بيقين علم المصلحة بذلك بدليل قيامها بقيد الطلبين بدفتر التعارض ومن ثم كان لزاماً عليها أن توقف الطلبين لحين إنهاء التعارض بينهما بحكم يقضي في موضوع التصرف الثاني سواء بالصحة أو البطلان، فليس لها أن تهدر مستنداً وترجح آخر عليه دون حكم قضائي بذلك خاصة وأنها أهدرت حكماً بصحة ونفاذ عقد بيع في مقابل عقد ابتدائي وكذلك اعتدت بعقد صادر عن وكيل المالك في مواجهة تصرف صدر عن المالك نفسه الأمر الذي يترتب عليه أن يكون التسجيل وقع مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء إلا أنه لا يترتب على ذلك السير في طلب المدعي وإنما يتعين على المصلحة وقف الطلبين معاً لحين حصول أي منهما على حكم قضائي واجب النفاذ ينهي التعارض بين المستندات المقدمة من الطرفين.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها المذكور.
ومن حيث إن هذا القضاء لم يلق قبولاً من طرفي النزاع فقد أقاما الطعنين الماثلين نعياً منهما على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه، فقد قام الطعن رقم 6216 لسنة 44 ق. ع المقام من هيئة قضايا الدولة على أساس ما رتبته حكم المادة (17) من القانون رقم 114 لسنة 1964 بتنظيم الشهر العقاري والتي تقرر بأن حق المدعي إذا ما تقرر بحكم مؤشر به طبقاً للقانون يكون حجة على من ترتب لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها، ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المنصوص عليه في الفقرة السابقة.
ولا يسري حكم الفقرة الأولى من هذه المادة على الأحكام التي تم التأشير بها بعد مضي خمس سنوات من تاريخ صيرورتها نهائية أو من تاريخ العمل بهذا القانون أيهما أطول.
ولما كان من الثابت أن المطعون ضده لم يقم باستيفاء بيانات الشهر العقاري إلا بعد مرور خمس سنوات على تاريخ صيرورة الحكم نهائياً فمن ثم ما كان يجوز شهر القطع أرقام 37 و69 و71 لصالحه والتي وردت بالطلب اللاحق ضمن المساحة التي تم شهرها حيث إن القانون يستوجب من المصلحة التأكد من عدم تعارض المحررات مع مستندات المالك الحقيقي، لذا كان من الضروري الالتفات عن طلب المطعون ضده بعد مضي المدة المذكورة.
وانتهت الهيئة الطاعنة من ذلك إلى أنه وقد خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن الطعن الثاني رقم 6522 لسنة 44 ق. المقام من/ ........ ضد مصلحة الشهر العقاري يقوم على أساس استيفائه لكافة المستندات طبقاً للقانون قبل تحديد ميعاد الشهر النهائي في 10/ 4/ 1996 وقبل مضي خمس سنوات بأكثر من عشرين يوماً ولكن نظراً لأنه سعودي الجنسية فقد كتب الشهر العقاري للسيد مستشار وزير العدل في 13/ 4/ 1996 للحصول على موافقة مجلس الوزراء وهذا إجراء استثنائي خارج عن الإرادة، وقد استغرقت صدور الموافقة حتى أول شهر مايو 1996 وكانت خمس السنوات قد انتهت في 23/ 4/ 1996 فقامت المأمورية بتسجيل جزء كبير من المساحة لصاحب الطلب اللاحق دون مراعاة بأنه لا يحاج في المواجهة بالمدة المذكورة دون أن يرد عليها وقف بسبب هذا الأمر العارض والذي يرجع في حقيقته إلى الإدارات المختلفة للشهر العقاري التي تداولت الملف وانتهت بإرساله إلى مجلس الوزراء لاستصدار تلك الموافقة وهو الأمر الذي كان محل اعتبار من الحكم الطعين حين ذهب إلى أن مصلحة الشهر العقاري تنكبت الطريق الصحيح لما قامت بشهر الطلب اللاحق دون إزالة أسباب التعارض بين الطلبين بموجب حكم قضائي.
وأضاف الطاعن أن الحكم الطعين وإن طلب إنهاء التعارض بموجب حكم قضائي فقد فاته أن المطلوب هو تسجيل حكم قضائي نهائي بصحة ونفاذ البيع وليس تسجيل عقد ابتدائي تقدم به الطاعن مباشرة للشهر، وهذا الحكم بات ولم يطعن عليه وأن محكمة النقض قضت في خصوص هذه الدعاوى بأنها تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب تتعلق بوجود العقد أو انعدامه وبصحته أو بطلانه. وبالتالي وأمام هذا التأسيس فإن الطاعن لا يكون في حاجة إلى حكم جديد لإثبات صحة تصرف المالك الحقيقي له أو تهدر حجية هذا الحكم في مواجهة عقد ابتدائي صادر عن وكيل المالك وليس المالك نفسه.
وانتهى الطاعن من ذلك إلى طلب إلغاء الحكم فيما تضمنه من امتناع الشهر العقاري عن تسجيل الحكم الصادر في الدعوى رقم 1144 لسنة 91 مدني كلي الجيزة بصحة ونفاذ عقدي البيع من المالك الحقيقي لأرض النزاع.
ومن حيث إن المادة 17 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري تنص على أنه "يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة 15 أو التأشير بها أن حق المدعي إذا ما تقرر بحكم مؤشر به طبقاً للقانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها.
ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المنصوص عليهما في الفقرة السابقة.
ولا يسري حكم الفقرة الأولى من هذه المادة على الأحكام التي يتم التأشير بها بعد مضي خمس سنوات من تاريخ صيرورتها نهائية أو من تاريخ العمل بهذا القانون أيهما أطول.
وتنص المادة 22 فقرة سادساً على أنه "يلزم أن تشمل طلبات الشهر على البيانات الخاصة بأصل حق الملكية أو الحق العيني محل التصرف وذلك في العقود والإشهارات وكذلك أحكام صحة التعاقد والقسمة وتثبيت الملكية إذا بنيت على الإقرار بأصل الحق أو التسليم للمدعي بطلباته وأحكام توفيق الصلح بين الخصوم وإثبات ما اتفقوا عليه في محضر الجلسة........
كما حددت المادة 23 ما يقبل من المحررات فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية أو الحق العيني وفقاً لأحكام المادة 22 ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 23 المضافة بالقانون رقم 25 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 على أنه "...... وذلك كله بشرط عدم تعارض هذه المحررات مع مستندات المالك الحقيقي".
وقد ورد بتقرير اللجنة التشريعية عن هذه الإضافة "أن مقتضاها عدم الاعتداد فقط في بحث أصل الملكية أو الحقوق العينية بالمحررات المشهرة إذا كانت تتعارض مع مستندات المالك الحقيقي أو صاحب الحق.. ومعنى تلك الإضافة أنه قد أصبح لمصلحة الشهر العقاري المفاضلة بين المحررات والاعتداد بالمحرر الصادر من صاحب الحق الحقيقي دون غيره من المحررات ولو كانت مشهرة.
كما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون أن الفقرة المضافة يكون بمقتضاها لمصلحة الشهر العقاري المفاضلة بين المحررات والاعتداد بالمحرر الصادر من صاحب الحق الحقيقي دون المحرر الصادر من غيره ولو كان مشهراً.
ومن حيث إن المشرع في قانون تنظيم الشهر العقاري أوجب شهر جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية أو نقله أو تقييده أو زواله وكذلك الأحكام المثبتة لشيء من ذلك بطريق التسجيل، كما أوجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية والتأشير بمنطوق الحكم النهائي في ذيل التأشير بالدعوى أو على هامش تسجيلها ورتب على قيام صاحب الشأن بشهر الحكم النهائي بصحة التعاقد خلال خمس سنوات من صيرورته نهائياً أن يصبح لهذا الحكم حجية من تاريخ تسجيل دعوى صحة التعاقد أو التأشير بها، وتلتزم مصلحة الشهر العقاري بإجراء الشهر متى توافرت شروطه طبقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إنه صدر القانون رقم 56 لسنة 1986 بتنظيم تملك غير المصرين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء ناصاً في مادته الثانية على أنه "يجوز بموافقة رئيس مجلس الوزراء لغير المصريين سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين تملك العقارات المبنية أو الأراضي الفضاء بالشروط الآتية: ........
ونصت المادة السابعة على أن "مصلحة الشهر العقاري والتوثيق هي الجهة المنوط بها تنفيذ أحكام هذا القانون.
وينشأ مكتب خاص للشهر العقاري والتوثيق يختص بكافة شئون الشهر والتوثيق بالنسبة لطلبات تملك غير المصريين للعقارات المبنية أو الأراضي الفضاء وفقاً لأحكام هذا القانون ويتعين على هذا المكتب إنهاء التسجيل خلال شهر على الأكثر من تاريخ استيفاء الأوراق المطلوبة.
ويصدر بتنظيم العمل بهذا المكتب قرار من رئيس الوزراء بناء على عرض وزير العدل.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن/ ......... استوفى المستندات المطلوبة طبقاً لما يتطلبه قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 وذلك قبل مضي خمس سنوات على شهر صحيفة صحة ونفاذ عقدي البيع الصادرين من المالك الحقيقي في الدعوى رقم 1144 لسنة 1991 مدني كلي الجيزة حيث انتهت الدعوى صلحاً بين الطرفين وألحق عقد الصلح المؤرخ في 9/ 2/ 1991 بمحضر الجلسة وأثبتت المحكمة محتواه وقد تم تجديد طلبه المقدم لمكتب شهر الجيزة بالطلب رقم 2316 في 24/ 6/ 1995 ومنح ميعاداً نهائياً للشهر في 10/ 4/ 1996 إلا أنه إعمالاً لنص القانون رقم 56 لسنة 1986 المشار إليه وباعتبار أن مصلحة الشهر العقاري هي الجهة المنوط بها تطبيق أحكام هذا القانون فقد قامت بإرسال الأوراق لمكتب السيد وزير العدل ليرفعها لمجلس الوزراء للحصول على موافقته على التمليك طبقاً لما يقضي به القانون المذكور ثم جاءت الموافقة بعد مضي أيام على انقضاء خمس السنوات التي أشار إليها قانون الشهر العقاري فقام المكتب المختص بشهر الطلب اللاحق رغم قيده بدفتر التعارض وعلمه بالإجراءات المتخذة بشأن الطلب السابق والتي ترجع إلى إجراء لا علاقة لصاحب الشأن به أو استيفائه فضلاً عن تيقنه من أن الطلب الأول صدر التصرف فيه عن المالك الحقيقي وأنه طبقاً للمادة 23 الفقرة الأخيرة المضافة بالقانون رقم 25/ 1976 وطبقاً لما ورد بالمذكرة الإيضاحية بشأنها فإنه يكون لمصلحة الشهر العقاري المفاضلة بين المحررات والاعتداد بالمحرر الصادر من صاحب الحق الحقيقي دون غيره ولو كان مشهراً.
ومن حيث إن سقوط الحق في طلب الأسبقية بمضي المدة المذكورة يكون رهيناً بعدم استيفاء صاحب الشأن لأوراق الشهر، وإذ ثبت قيام الطاعن في الطعن رقم 6523/ 44 ق. ع باستيفاء جميع المستندات ما عدا موافقة مجلس الوزراء التي يقوم بإجراءاتها مكتب الشهر المختص بطلبات تملك غير المصريين، فمن ثم يكون مبادرة مكتب الشهر بالجيزة بتسجيل الطلب رقم 41/ 1995 بالمسجل رقم 209 لسنة 1996 لصالح/ ........ ثم على خلاف صحيح حكم القانون ويكون القضاء بإلغاء القرار الصادر في شأنه بموجب الحكم الطعين سليماً لا مطعن عليه مما يجعل الطعن رقم 6216 لسنة 44 ق أقيم على غير سند صحيح متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه يبقى بعد أمر المضي في السير في طلب/ ........ حيث لا يجوز وقف هذا الطلب لحين الحصول على حكم قضائي ينهي التعارض بين المستندات بعد أن حسم القانون أمر المفاضلة بين المحررات وجعلها أصلاً لصالح تلك الصادرة من المالك الحقيقي لا سيما وأن المحكمة أثبتت إنهاء النزاع صلحاً بين الطرفين في دعوى صحة ونفاذ عقدي البيع والمشهر صحيفتها مما لا يجعل هناك أي وجه لترجيح عقد ابتدائي صدر عن وكيل المالك واعترض عليه المالك الحقيقي في حينه مع عقد صدر عن المالك الحقيقي وقضى فيه بإثبات وصحة عقد البيع بين أطرافه.
ومن حيث إن الحكم الطعين خالف هذا النظر في هذا الشق من الدعوى فإنه يكون خالف صحيح حكم القانون متعيناً الإلغاء بالنسبة له.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع برفض الطعن رقم 6216 لسنة 44 ق. ع وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وفي الطعن رقم 6522 لسنة 44 ق بتعديل الحكم ليكون بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تسجيل الحكم الصادر في الدعوى رقم 1144 لسنة 1991 مدني كلي الجيزة مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.