مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 831

(88)
جلسة 14 من مايو سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات وسعيد أحمد محمد حسين برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3408 لسنة 43 قضائية عليا

أموال الدولة الخاصة - التعدي عليها - اقتضاء مقابل مالي من المتعدي - طبيعته.
المادة 970 من القانون المدني، المادة 26 من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 معدلاً بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981، 145 لسنة 1988.
قيام الإدارة باقتضاء المقابل المالي من المتعدي على أرضها هو إجراء متبع للمحافظة على حق الدولة المالي نظير التعدي على أرضها - اقتضاء هذا المقابل لا ينطوي على إقرار بالتعدي أو تصحيح الوضع القائم على الغصب بجعله مشروعاً - كما لا ينطوي ذلك على إنشاء علاقة إيجارية تعاقدية مع المتعدي تحكمها نصوص اتفاق رضائي متبادل لعدم إمكان افتراض هذا الاتفاق افتراضاً من مجرد اقتضاء مقابل الانتفاع - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 27/ 4/ 1997 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 3408 لسنة 43 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بقنا في الدعوى رقم 772 لسنة 4 ق بجلسة 27/ 2/ 1997 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وانتهى تقرير الطعن لما قام عليه من أسباب إلى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة والتي قررت بجلسة 26/ 9/ 1999 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 31/ 10/ 1999 حيث نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعيين أقاما الدعوى رقم 772 لسنة 4 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بقنا بتاريخ 10/ 7/ 1996 طلبا في ختامها الحكم بقبول دعواهما شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار رقم 74 لسنة 1996 وفي الموضوع بإلغاء القرار المشار إليه والصادر من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أبو تشت وقالا شرحاً لدعواهما أنه صدر القرار الطعين بتاريخ 20/ 6/ 1996 ولم يعلنا به إلا عند سؤالهما بتحقيق الشرطة وقد تضمن هذا القرار إزالة التعدي الحادث من المدعين على أملاك الدولة بنجع الدير بناحية بلاد المال بحري مركز أبو تشت حيث نسب إلى المدعي الأول إقامة بناء على مساحة 29 م × 2 م بارتفاع 220 سم بدون سقف ونسب إلى الثاني إقامة بناء مساحته 25 م × 20 م دون أن يبين ارتفاع هذا المبنى ودون سقف، ونعى المدعيان على القرار المطعون عليه مخالفته للواقع والقانون بالنظر لقيامهما بسداد مقابل الانتفاع عن هاتين المساحتين لمصلحة أملاك قنا حتى نهاية سنة 1996 والتي قامت بإعطائهما خطابين للسيد رئيس الوحدة المحلية لقرية سمهود يفيد قيامهما بسداد الإيجار المستحق عليهما حتى نهاية 1996 وتقرر توصيل المرافق على حسابهما الخاص.
وبجلسة 27/ 2/ 1997 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدت هذا الحكم على أن البين من ظاهر الأوراق أن مصلحة الأملاك بقنا أقرت وضع يد المدعيين على المساحة محل الدعوى بقبولها سداد القيمة الإيجارية حتى سنة 1996 كما أنها لا تمانع من توصيل المرافق لمنزلي المدعيين على حسابهما الخاص طبقاً للتعليمات وفي حالة عدم وجود مخالفة للقانون رقم 116 لسنة 1983 ولم يرد في الأوراق أن هناك أية مخالفة للقانون المشار إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن ما ذهب إليه الحكم من أن جهة الإدارة أقرت بوضع اليد وقبلت سداد القيمة الإيجارية حتى عام 1996 وأنها لم تمانع من توصيل المرافق لمنزلي المدعيين غير سائغ ولا محل له ذلك أن وضع المطعون ضدهما اليد على أملاك الدولة لا ينشأ لهما حقاً بل إن الدولة لو تركتهما فإن هذا يكون على سبيل التسامح ولا ينشأ حقاً في الملكية أو الحيازة وتحصيل مقابل الانتفاع بالأرض لا يعد علاقة إيجارية.
ومن حيث إن المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957، 36 لسنة 1959، 55 لسنة 1970 تنص على أن ".... لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة وشركات القطاع العام الغير تابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب حق عيني على هذه الأموال بالتقادم ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً".
كما خولت المادة 26 من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 معدلاً بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981، 145 لسنة 1988 المحافظ أن يتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري وأجازت المادة 31 من القانون المشار إليه للمحافظ أن يفوض بعض سلطاته إلى مساعديه أو سكرتير عام المحافظة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن يتعين لمباشرة جهة الإدارة سلطتها في إزالة التعدي على أملاكها بالطريق الإداري طبقاً للمادة 970 من القانون المدني أن يتحقق مناط مشروعية هذه السلطة وهو ثبوت وقوع اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد التعدي الواقع من واضع اليد من أي سند قانوني يبرر وضع يده.
كما استقر قضاء هذه المحكمة على أن قيام الإدارة باقتضاء المقابل المالي من المتعدي على أرضها هو إجراء متبع للمحافظة على حق الدولة المالي نظير التعدي على أرضها وأن اقتضاء هذا المقابل لا ينطوي على إقرار بالتعدي أو تصحيح الوضع القائم على الغصب بجعله مشروعاً كما لا ينطوي ذلك على إنشاء علاقة إيجارية تعاقدية مع المتعدي على أرض الدولة تحكمها نصوص اتفاق رضائي متبادل لعدم إمكان افتراض هذا الاتفاق افتراضاً من مجرد اقتضاء مقابل الانتفاع.
ومن حيث إن المطعون ضدهما لا ينازعان جهة الإدارة في أن الأراضي وضع يدهما هي من أملاك الدولة إلا أنهما يدعيان بأن وضع يدهما يستند إلى وجود علاقة إيجارية قائمة بينهما وبين الدولة وهو أمر - حسب الظاهر من الأوراق - لا أساس له من مستندات الدعوى والطعن إذ خلا ملف الدعوى من وجود عقد إيجار صادر من ذي صفة وبين المطعون ضدهما ولم يقدم المطعون ضدهما خلال مرحلة الدعوى والطعن مثل هذه العقود التي يمكن أن تجعل لوضع يدهما سند من القانون، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه وإن انتهى إلى إزالة تعديهما على أملاك الدولة يكون قد صادف صحيح حكم القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهما المصروفات.