مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 847

(90)
جلسة 20 من مايو سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل هارون - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد العال ومحمود سامي الجوادي وأسامة محمود عبد العزيز محرم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1807 لسنة 37 قضائية عليا

تأمينات اجتماعية - تعويض الدفعة الواحدة - حالات استحقاقه - مدى اعتبار علاقة المحامي بنقابة المحامين علاقة عمل.
المادة رقم 27 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975.
قرار وزير التأمينات رقم 214 لسنة 1977 المعدل بالقرار الوزاري رقم 136 لسنة 1978.
قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983.
حالات استحقاق تعويض الدفعة الواحدة عند انتهاء خدمة المؤمن عليه عندما لا تتوافر في حقه شروط استحقاق المعاش هي حالات حددها المشرع على سبيل الحصر وتستقل كل منها بذاتها عن الأخرى - حدد وزير التأمينات الاجتماعية الشروط التي يجب توافرها لصرف تعويض الدفعة الواحدة ومن بينها حالة التحاق المؤمن عليه في إحدى الجهات المستثناة من تطبيق أحكام قانون التأمين الاجتماعي وهو ما يفترض بداهة التحاق المؤمن عليه بعمل لدى الغير سواء أكان هذا الغير شخصاً معنوياً أو خاصاً أو شخصاً طبيعياً بما يرتبه هذا الالتحاق من وجود علاقة عمل وما تتميز به هذه العلاقة من خصائص أهمها عنصري التبعية والأجر وما يترتب عليها من آثار - علاقة المحامي بنقابة المحامين لا تعتبر علاقة عمل حيث إن طرفي هذه العلاقة وهي العامل ورب العمل غير قائمة على وجه الإطلاق بالنسبة للمحامي الذي يمارس هذه المهنة الحرة بعد قيده بنقابة المحامين التي تنظم ممارسة هذه المهنة الحرة من حيث حسن الأداء والعناية بمصالح أعضائها وضمان استقلالهم دون أن يكون ثمة تبعية للمحامي بالنقابة كما في علاقة العامل برب العمل فمن ثم فإن أعضاء نقابة المحامين لا يعتبرون ملتحقين للعمل بها - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 7/ 4/ 1991 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن في الحكم المشار إليه والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام الهيئة المدعى عليها بصرف تعويض الدفعة الواحدة المستحقة للمدعي بنسبة 15% من الأجر السنوي عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين وبأن تؤدي له مبلغاً إضافياً عن تأخرها في الصرف بواقع 1% من قيمة التعويض عن كل شهر بما لا يجاوز قيمة أصل المستحقات وذلك اعتباراً من 19/ 5/ 1986 تاريخ رفع الدعوى حتى تاريخ السداد وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وقد انتهى تقرير الطعن للأسباب الواردة به تفصيلاً إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع عدم الإلزام بأي مصروفات.
وبتاريخ 22/ 4/ 1991 تم إعلان الطعن للمطعون ضده.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد تدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 22/ 11/ 1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 18/ 12/ 1999، وقد نظر الطعن أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قدم في الميعاد القانوني واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث الموضوع فإن وقائع الطعن تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 19/ 5/ 1986 أقام المدعي (المطعون ضده) الدعوى رقم 1430/ 8 ق طالباً الحكم بإلزام الهيئة المدعى عليها بصرف تعويض الدفعة الواحدة المستحقة له بنسبة 15% من الأجر السنوي عن كل سنة من سنوات الاشتراك في التأمين وأن تؤدى له مبلغاً إضافياً عن تأخيرها في الصرف بواقع 1% من قيمة التعويض عن كل شهر بما لا يجاوز قيمة أصل المستحقات اعتباراً من 19/ 5/ 1986 تاريخ رفع الدعوى حتى تاريخ السداد مع إلزام الهيئة بالمصروفات.
وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 1/ 9/ 1975 عين بوظيفة كاتب بمحكمة دمياط ثم صدر القرار رقم 692/ 1985 في 6/ 2/ 1985 بقبول استقالته عن مدة خدمته 27 يوماً 9 سنوات وهي وإن كانت لا تعطيه الحق في المعاش إلا أن تكون من حقه صرف تعويض الدفعة الواحدة طبقاً للمادة 27 من قانون التأمين والمعاشات رقم 79/ 1975 فتقدم بطلب إلى جهة فض المنازعات بالهيئة إلا أنها رفضته مما دفعه إلى إقامة هذه الدعوى.
ومن حيث إنه بجلسة 16/ 2/ 1991 صدر الحكم المطعون فيه وأقام قضاءه على أنه يحق للعامل صرف هذا التعويض في حالة التحاقه بإحدى الجهات المستثناة من تطبيق أحكام قانون التأمين الاجتماعي ومن باب أولى إذا ما قرر عدم الالتحاق بأي عمل أو فضل القيام بعمل لحسابه الخاص وبذلك يحق للمدعي استحقاقه تعويض الدفعة الواحدة إذ أنه وإن لم يلتحق بالعمل لدى أية جهة إلا أنه مارس مهنة المحاماة ومن ثم يستحق تعويض الدفعة الواحدة مضافاً إليها 1% من قيمتها عن كل شهر يتأخر فيه الصرف.
ومن حيث إن مبنى الطعن في الحكم المطعون فيه هو مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك لأن القانون حدد حالات استحقاق تعويض الدفعة الواحدة منها التحاق العامل بإحدى الجهات المستثناة من تطبيقه إلا أن المطعون ضده لم يلحق بإحدى هذه الجهات وإنما زاول مهنة المحاماة ومن ثم فلا يستحق هذا التعويض كما أخطأ الحكم عندما اعتبر عدم صرف تعويض الدفعة الواحدة إلا عند بلوغه سن الستين يعتبر بمثابة حرمان جزئي في حين أن مصدر هذا التعويض هو قانون التأمين الاجتماعي وهو الذي قيد الصرف بتوافر الشروط والأوضاع المشار إليها كما أخطأ الحكم بإلزام الهيئة بالمصروفات لأنها معفاة من الرسوم القضائية، كما صدر الحكم على خلاف أحكام مجلس الدولة.
ومن حيث إن المادة 27 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79/ 1975 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بحكم البندين 4، 6 من المادة 18 إذ انتهت خدمة المؤمن عليه ولم تتوافر فيه شروط استحقاق المعاش استحق تعويض الدفعة الواحدة وبحسب بنسبة 15% من الأجر السنوي عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين ويقصد بالأجر السنوي... ويصرف هذا التعويض في الحالات الآتية:
1 - بلوغ المؤمن عليه سن الستين. 2 - ........ 3 - ........
4 - ........ 5 - ........ 6 - ........ 7 - ........ 8 - التحاق المؤمن عليه بالعمل في إحدى الجهات المستثناة من تطبيق أحكام هذا القانون بالشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من وزير التأمين....... وقد صدر قرار وزير التأمينات رقم 214/ 1977 المعدل بالقرار الوزاري رقم 136/ 1978 ونص في المادة 32 منه على أنه (في حالة التحاق المؤمن عليه في إحدى الجهات المستثناة من تطبيق أحكام القانون الخاص بالتأمين الاجتماعي يشترط لصرف التعويض له توافر الشروط والقواعد الآتية:
أ - أن يكون بالجهة التي التحق بها المؤمن عليه نظاماً للمعاشات يتضمن مزايا لا تقل عن المقررة بقانون التأمين الاجتماعي ويسمح بضم مدد الخدمة السابقة.
ب - أن توافق إدارة النظام المنصوص عليه في البند السابق على استخدام قيمة التعويض المستحق للمؤمن عليه وفقاً لقانون التأمين الاجتماعي في أداء تكاليف ضم المدد السابقة في نظامها.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم إن المادة 27 سالفة الذكر حددت حالات استحقاق تعويض الدفعة الواحدة عند انتهاء خدمة المؤمن عليه عندما لا تتوافر في حقه شروط استحقاق المعاش وهي حالات حددها المشرع على سبيل الحصر وتستقل كل منها بذاتها عن الأخرى، كما حدد قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 214/ 1977 الشروط التي يجب توافرها لصرف تعويض الدفعة الواحدة ومن بينها حالة التحاق المؤمن عليه في إحدى الجهات المستثناة من تطبيق أحكام قانون التأمين الاجتماعي وهو ما يفترض بداهة التحاق المؤمن عليه بعمل لدى الغير سواء أكان هذا الغير شخصاً معنوي أو خاصاً أو شخصاً طبيعياً بما يرتبه هذا الالتحاق من وجود علاقة عمل وما تتميز به هذه العلاقة من خصائص أهمها عنصري التبعية والأجر وما يترتب عليها من آثار.
ومن حيث إن علاقة المحامي بنقابة المحامين طبقاً لقانون المحاماة رقم 17/ 1983 لا تعتبر علاقة عمل حيث إن طرفي هذه العلاقة وهي العامل ورب العمل غير قائمة على وجه الإطلاق بالنسبة للمحامي الذي يمارس هذه المهنة الحرة طبقاً لأحكام قانون المحاماة بعد قيده بنقابة المحامين التي تنظم ممارسة هذه المهنة الحرة في ضوء هذا القانون من حيث حسن الأداء والعناية بمصالح أعضائها وضمان استقلالهم دون أن يكون ثمة تبعية للمحامي بالنقابة، كما في علاقة العامل برب العمل فمن ثم فإن أعضاء نقابة المحامين لا يعتبرون ملتحقين للعمل بها ذلك أن ممارسة المحاماة طبقاً للقانون تعتبر مهنة حرة يمارسها المحامون في استقلال وبالتالي فإن استقالة المطعون ضده واشتغاله بالمحاماة بعد قيده بنقابة المحامين لا تعتبر في حكم الالتحاق بالعمل ولا تعد من الحالات الواردة حصراً في القرار رقم 214/ 1977 ذلك أن علاوة على ما تقدم فإن قانون المحاماة رقم 17/ 1983 المشار إليه لا يسمح بضم مدد الخدمة السابقة في المعاش ولا في استخدام تعويض الدفعة الواحدة في أداء تكاليف ضم مدد الخدمة السابقة.
(يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1426 لسنة 35 ق. ع جلسة 11/ 1/ 1997).
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإن استقالة المطعون ضده عن العمل بوزارة العدل واشتغاله بالمحاماة بعد انتهاء خدمته لا تجيز له صرف تعويض الدفعة الواحدة حيث تخلف في شأنه شرط جوهري وهو شرط الالتحاق بالعمل في إحدى الجهات المستثناة من تطبيق قانون التأمين الاجتماعي على نحو ما سلف بيانه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإذ ذهب إلى غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.