مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 37

(6)
جلسة 12 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ صلاح عبد الفتاح سلامة - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد عبد الرحمن سلامة، ومصطفى محمد المدبولي أبو صافي، السيد محمد السيد الطحان، وادوارد غالب سيفين - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 283 لسنة 37 القضائية

دعوى - دعوى الإلغاء - ميعاد رفع الدعوى - انقطاع سريان الميعاد برفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة.
المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة مما ينقطع به سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء - الحكم الطعين إذ قضى بعدم قبول الدعوى بعد فوات الميعاد المقرر قانوناً فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حقيقاً بالإلغاء. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 19/ 12/ 1990 أودع الأستاذ/....
المحامي نائباً عن الأستاذ/.... بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 283 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 30/ 1/ 1990 في الدعوى رقم 1549 لسنة 1 ق المرفوعة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً مع مراعاة المسافة القانونية بزيادة أربعة أيام على ميعاد الطعن، وفي الموضوع، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، وبعدم نفاذ قرار الوحدة المحلية المطعون ضدها بتنفيذ القرار رقم 107 لسنة 1983 على الطاعن وذلك بإلزامه بأن يؤدي إليها مبلغ 1512 جنيهاً، وببراءة ذمته من هذا المبلغ مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليصبح بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي (الطاعن) المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 3/ 7/ 1995 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحدد لنظره أمامها جلسة 8/ 10/ 1995، وبعد أن استمعت هذه المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحضر الجلسة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 30/ 1/ 1990 ومن ثم فإنه عملاً بنص المادة (44) من قانون مجلس الدولة فإنه يتعين أن يقدم الطعن في موعد غايته 31 مارس سنة 1990، إلا أنه وإذ كان الطاعن من مواطني محافظة سوهاج وله ميعاد مسافة مدته أربعة أيام طبقاً لنص المادة (16) من قانون المرافعات، وقد قدم بتاريخ 3/ 4/ 1990 خلال الميعاد المشار إليه طلباً إلى لجنة المساعدة بهيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا لإعفائه من رسوم الطعن وهو مما ينقطع به سريان ميعاد الطعن حسبما جرى به قضاء هذه المحكمة، حيث قررت لجنة المساعدة القضائية بجلسة 14/ 11/ 1990 قبول الطلب وندب المحامي صاحب الدور لمباشرة إجراءات الطعن أمام المحكمة الإدارية، فأقيم الطعن الماثل بإيداع تقرير الطعن قلم المحكمة الإدارية العليا في يوم الأربعاء 19/ 12/ 1990، فإن الطعن يكون قد أقيم خلال الميعاد القانوني مستوفياً أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن/..... (الطاعن) كان قد أقام هذه الدعوى بعريضة أودعت ابتداءً قلم كتاب محكمة سوهاج الابتدائية (مأمورية طهطا الكلية) وقيدت بجدول المحكمة برقم 389 لسنة 87 م ك ضد: 1 - محافظ سوهاج، 2 - رئيس الوحدة المحلية لمركز طما وطلب في ختام عريضتها الحكم ببراءة ذمته من الدين المطالب به ومقداره 1512 جنيهاً وعدم الاعتداء بالحجز الموقع ضده مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقال شرحاً للدعوى إن المدعى عليه الثاني وجه إنذاراً إلى المدعي استلمه في 26/ 4/ 1987 ضمنه أنه يستحق على المدعي مبلغ 1512 جنيهاً قيمة خدمة عن الرخصة رقم 789 لكمية الأسمنت المنصرفة في الفترة من سنة 1985 حتى تاريخه بواقع 500 مليم عن الطعن، وإلا سيضطر إلى توقيع الحجز الإداري خلال أسبوعين من تاريخه وبتاريخ 29/ 4/ 1987 قام المدعي بتوجيه إنذار إلى المدعى عليهما متضمناً التنبيه على المدعي عليه الثاني بعدم اتخاذ أية إجراءات قبل المدعي حتى تعرض صوره من هذا الإنذار على المدعى عليه الأول، وبتاريخ 5/ 5/ 1987 ورد إلى المدعي خطاب يفيد أنه تحدد يوم الأربعاء الموافق 27/ 5/ 1987 موعداً لبيع المنقولات المحجوز عليها وأضاف المدعي أن المبلغ المطالب به هو رسم قيمة خدمة عن الرخصة رقم 789 لكمية الأسمنت المنصرفة في الفترة منذ سنة 1985 حتى تاريخه بواقع 500 مليم عن الطن وذلك بناءً على قرار محافظة سوهاج رقم 107 لسنة 1983 بتحصيل هذا الرسم من المشتري، أي أن الوحدات المحلية ومركز توزيع السلع هي التي تتولى تحصيل هذا المبلغ من المستهلكين وتوريده لحساب صندوق الخدمات بالمحافظة ولكن الوحدات المحلية تفسر هذا القرار خطأ وتطالب التجار بتوريد خمسمائة مليم عن كل طن أسمنت دخل إليهم من مكتب بيع الأسمنت المصري مع العلم بأن التجار مرتبطون بتسعيرة جبرية للأسمنت، وأنه (أي المدعي) قام بصرف كميات الأسمنت بالسعر الرسمي دون إضافة مبلغ 500 مليم وهي غير مستحقة أساساً على التجار كما أنها غير مستحقة على المستهلكين، واستطرد المدعي فأشار إلى أن المقصودين من القرار رقم 107 لسنة 1983 هم الذين يقومون بالبناء من المواطنين ويتسلمون الأسمنت والحديد من الوحدات المحلية ومركز توزيع السلع ولا دخل للتجار إطلاقاً بهذا الأمر علاوة على أنه قد ألغى منذ عام 1984 حيث أصبح الأسمنت غير مدعم ولا يستحق عند استلامه رسم خدمة ومن ثم تكون المبالغ المطالب بها غير مستحقة من الأصل حيث كان يتعين على الوحدة المحلية تحصيل هذه المبالغ حال استلام التجار لكميات الأسمنت المقررة لهم مع الثمن الذي يقومون بدفعة مقابل هذه الكميات حتى يقوم التجار بإضافته على الثمن الذي يقومون بالبيع به, ونعى المدعي على الحجز الموقع عليه بطلانه لمخالفته القانون حيث إنه لم يخاطب شخصياً بالميعاد الذي تم فيه الحجز كما لم يعلم بماهية المنقولات الموقع عليها الحجز أو بمن عين حارساً عليها, واختتم عريضة الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة سوهاج الابتدائي "مأمورية طهطا الكلية" حيث دفع الحاضر عن الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى طبقاً لنص المادة 172 من الدستور والذي أصبح بمقتضاها مجلس الدولة هو صاحب الولاية العامة بنظر سائر المنازعات الإدارية، وبجلسة 21/ 11/ 1987 قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة طما الجزئية وذلك تأسيساً على أن المنازعة المطروحة مما تدخل في اختصاص قاضي التنفيذ، وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة طما الجزئية وقيدت بجدولها برقم 690 لسنة 1987, حيث قضت بجلسة 28/ 11/ 1988 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة مع إبقاء الفصل في المصروفات وذلك تأسيساً على أن دعوى المدعي تنصب على طلب براءة ذمته من الدين المفروض بالقرار الإداري رقم 107 لسنة 1983 ومن ثم فإنها تخرج من نطاق اختصاص المحكمة ولائياً وأحيلت الدعوى بدورها إلى دائرة محكمة القضاء الإداري بأسيوط، وقيدت بجدول المحكمة برقم 1549 لسنة 1 ق وتدوول نظرها أمامها على النحو المبين بمحاضر جلساتها.
وبجلسة 30/ 1/ 1990 أصدرت محكمة القضاء الإداري بأسيوط الحكم المطعون فيه والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً "لرفعها بعد الميعاد" وإلزام المدعي المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن النية الحقيقية التي قصدها المدعي بجلاء من عريضة الدعوى إنما انصبت على إلغاء قرار محافظ سوهاج رقم 107 لسنة 1983 في شأن إعادة تنظيم حساب الخدمات والتنمية المحلية بدائرة المحافظة فيما تضمنه من فرض رسم محلي على مادة الأسمنت بواقع 500 مليم عن كل طن لصالح حساب الخدمات بالمحافظة وما يترتب على هذا الإلغاء من آثار أهمها براءة ذمة المدعي من مطالبته بمبلغ 1512 جنيهاً واعتبار الحجز الإداري الموقع علية وفاءً للمبلغ المذكور كأن لم يكن, ومن ثم تعتبر الدعوى من دعاوى الإلغاء ويتقيد رافعها بالمواعيد والإجراءات المقررة في قانون مجلس الدولة وأنه ولئن كان القرار المطعون فيه قد نص في مادته الخامسة على نشره في الوقائع المصرية, كما نصت المادة السادسة منه على العمل به اعتباراً من 1/ 7/ 1983 إلا أن هذا القرار بوصفه من القرارات التنظيمية العامة التي تولد مراكز قانونية عامة أو مجردة وبالتالي فإن مخاصمته بطلب عدم الاعتداد به لمخالفته القانون لا تثور إلا بمناسبة اتخاذ إجراءات تطبيقه على الحالات الفردية, إذ كان ذلك وكانت الجهة الإدارية المدعى عليها لم تقدم أي مستند يفيد حصول علم المدعي بفحوى القرار مثار المخاصمة فلا مناص والحال كذلك من الاعتداد في حساب بداية ميعاد رفع الدعوى بالإجراء الذي اتخذته الجهة الإدارية المدعى عليها وذلك بإنذار المدعي بموجب خطاب مسجل بعلم الوصول تسلمه في 26/ 4/ 1987 والذي تخطره فيه بقيمة الرسوم المستحقة علية ومقدارها 1512 جنيهاً عن كمية الأسمنت المنصرفة إليه عن الفترة من سنة 1985 حتى تاريخه بواقع 500 مليم عن كل طن إعمالاً لقرار محافظ سوهاج رقم 107 لسنة 1983 المطعون فيه، ومن ثم يعتبر تاريخ 26/ 4/ 1987 هو تاريخ علم المدعي بالقرار المطعون فيه والذي يحسب على أساسه ميعاد رفع الدعوى. وإذ كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المدعي أقام دعواه الماثلة ابتداءً بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة سوهاج الابتدائية في 12/ 10/ 1987 فإنها تكون قد أقيمت بعد فوات الميعاد القانوني المقرر لرفع دعوى الإلغاء وهو ستون يوماً من تاريخ علم المدعي بالقرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ تطبيقه وتأويله ذلك لأن هذا الحكم اعتبر القرار المطعون فيه قراراً إدارياً يخضع للشكليات التي رسمها القانون للطعن عليه, والحقيقة أن القرار الصادر من محافظ سوهاج رقم 107 لسنة 1983 لم يخاطب الطاعن ولم يلزمه بشيء وإنما الطاعن يطعن على القرار الذي أصدرته الوحدة المحلية بتحديد مبلغ 1512 جنيهاً على كميات الأسمنت التي سحبها الطاعن منها بموجب الترخيص الصادر له, وقرار الوحدة المحلية وهو عمل مادي لا يرقى إلى مستوى القرار الإداري حسبما استقرت على تعريفه أحكام المحكمة الإدارية العليا, ذلك لأن قرار الوحدة المحلية إنما صدر تنفيذاً للقرار السابق صدوره بتقرير الرسم وهو قرار عام للطاعن ولغيره، وقد أخطأ موظفو الوحدة المحلية المنفذين لهذا القرار بتطبيقه على الطاعن والأمر غير ذلك لأن الذي يتحمل عبء الرسم هو المستهلك وليس التاجر، وأنه لما كان الطاعن تاجراً وملتزماً بالتسعيرة الجبرية لبيع الأسمنت وقد باع الأسمنت الذي صرف إليه في حينه بالسعر الجبري فلا يلتزم بأي زيادة في الثمن تكون مستحقة للوحدة المحلية أو غيرها، ومن ثم تكون اعتبار القرار المادي الصادر من الوحدة المحلية بتنفيذ القرار رقم 107 لسنة 1983 قراراً إدارياً هو أمر مخالف للقانون، وإذ كان ذلك كذلك وكان محل الطعن هو المطالبة المادية النقدية للوحدة المحلية التي قامت بتقديرها خطأ وبالمخالفة لأحكام القانون والقرار رقم 107 لسنة 1983 فإن الدعوى التي ترفع بشأنها لا تتقيد بميعاد معين، ويجوز رفعها حتى ولو بعد تنفيذها جبراً على المدعي هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الحكم الطعين اعتبر أن الطاعن أقام دعواه ابتداءً أمام محكمة سوهاج الابتدائية بتاريخ 12/ 10/ 1987 وهذا غير صحيح وخطأ في تحصيل الواقع الثابت بالأوراق ذلك أنه ثابت بالدعوى أن الطاعن أقام دعواه ابتداءً أمام محكمة طهطا الكلية وهي مأمورية تابعة لمحكمة سوهاج بتاريخ 16/ 5/ 1987 فإذا كان الحكم الطعين قد اعتبر يوم 26/ 4/ 1987 هو تاريخ علم الطاعن بالقرار المطعون فيه الذي يحسب على أساسه ميعاد رفع الدعوى فإن الدعوى تكون قد رفعت في الميعاد القانوني، ومن ناحية ثالثة فإن قرار المحافظ رقم 107 لسنة 1983 والذي قرر تحصيل رسم من المشتري لكل طن أسمنت مقداره 500 مليم مؤداه التزام وحدة طما المحلية ومركز توزيع السلع بتحصيل هذه المبالغ من المستهلكين وتوريدها لحساب صندوق الخدمات بالمحافظة مما يعني أن تحصيل هذه الرسوم لا بد أن يتم قبل بيع الحصة المنصرفة للطاعن إلى المستهلكين وذلك حال استلامه لهذه الحصة من مركز التوزيع حيث إنه مرتبط بالبيع للمستهلك بالسعر الجبري المحدد لبيع طن الأسمنت وهذا السعر الجبري الذي يجرى التعامل به لا يحق للطاعن إضافة مبالغ عليه وإلا تعرض للمساءلة الجنائية، وفضلاً عن ذلك فإن الرسم المطالب به غير مستحق أساساً على التجار ومنهم الطاعن وأن الهدف من القرار الصادر بفرض الرسم هو تطبيقه على من يقومون بالبناء من المواطنين ويصرف لهم الأسمنت من الوحدات المحلية ومركز توزيع السلع مباشرة دون وساطة التجار أو تدخلهم في تحصيله، هذا بالإضافة إلى أن القرار المشار إليه قد ألغي منذ سنة 1984 وبذلك فإن الطعن لا ينصب مباشرة على القرار رقم 107 لسنة 1983 وإنما ينصب على القرار الصادر بتنفيذه على الطاعن، وهو لا يرقى إلى مرتبة القرار الإداري ولذلك يكون تكييف طلبات الطاعن هو المطالب بعدم نفاذ القرار رقم 107 لسنة 1983 على الطاعن بالنسبة للمبالغ المطالب بها. وقدم المدعي صورة رسمية من قرار لجنة المساعدة القضائية بإعفائه من رسوم الطعن وشهادة من مأمورية طهطا الكلية "الجدول المدني" تفيد قيد الدعوى رقم 389 لسنة 1987 باسم/..... ضد محافظ سوهاج ورئيس الوحدة المحلية لمدنية طما بتاريخ 16/ 5/ 1987 وقدمت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.
ومن حيث إنه ولئن جرى قضاء هذه المحكمة بأن تكييف الدعوى هو من تصريف المحكمة إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها وأن تعطى الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح على هدى ما تستنبطه من واقع الحال فيها وملابساتها دون أن تتقيد في هذا الصدد بتكييف الخصوم لها وإنما بحكم القانون فحسب, إلا أن المحكمة مقيدة في حكمها بالطلبات المقدمة إليها, ومن ثم فلا يجوز لها أن تقضي بشيء لم يطلبه الخصم أو تغفل شيئاً أراده صراحة وإلا كان حكمها محلاً للطعن.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام قرار محافظ سوهاج رقم 107 لسنة 1983 بشأن إعادة تنظيم حساب الخدمات والتنمية المحلية بدائرة المحافظة، أنه تضمن تعديلاً لرسوم وموارد الحساب طبقاً للأوعية الموضحة بالجدول المرفق بالقرار, وقد جاء من هذه الأوعية "الأسمنت" حيث تقرر فرض 500 مليم لكل طن يكلف بسدادها المشتري وتتولى تحصيله الجهة التي تقوم بتحصيل الثمن.
ومن حيث إنه يبين من استقراء عريضة الدعوى وطلبات المدعي فيها وما ارتكن عليه من أسانيد في إبدائها أن المدعي (الطاعن) لا يقصر منازعته على مطالبة الجهة الإدارية له بسداد مبلغ 1512 جنيهاً قيمة الرسم المستحق على كميات الأسمنت المنصرفة إليه منذ عام 1985 حتى تاريخ المطالبة وإنما ينازع في أصل فرض المبلغ على سلعة مسعرة كما ينازع في إلزامه وغيره من التجار بتحصيل هذا المبلغ من المشترين، كما ينازع في استمرار هذا الرسم قائماً بعد صدور قرار وزير الإسكان رقم 133 لسنة 1984 في شأن تحديد أسعار بيع الأسمنت، وبذلك تكون حقيقة التكييف الصحيح لطلبات الطاعن هي إلغاء قرار محافظ سوهاج فيما تضمنه من فرض الرسم على سلعة مسعرة وإلزام الجهات التي تتولى تحصيل الثمن سواءً كانوا تجاراً أو غيرهم بتحصيل هذا الرسم، كما ينازع كذلك في الوسائل والأساليب التي اتبعتها الوحدة المحلية تنفيذاً لقرار المحافظ سالف الذكر مما أدى إلى مطالبته بمبلغ 1512 جنيهاً طالباً براءة ذمته من هذا المبلغ وعدم الاعتداد بالحجز الموقع على أمواله وفاء لذلك، ومن ثم فإن الدعوى الماثلة تكون في شقها الخاص بالنعي على القرار رقم 107 لسنة 1983 من دعاوى الإلغاء ويتقيد رافعها بالمواعيد والإجراءات المقررة في قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي (الطاعن) لم يتحقق علمه بالقرار المطعون فيه رقم 107 لسنة 1983 وبوصفه من القرارات التنظيمية العامة التي تولد مراكز قانونية عامة ومجردة إلا بمناسبة اتخاذ إجراءات تطبيقه في حقه (أي المدعي) وذلك بالإنذار المرسل إليه بموجب خطاب مسجل بعلم الوصول تسلمه في 26/ 4/ 1987 والذي تخطره الجهة الإدارية فيه بسداد قيمة الرسوم المستحقة علية ومقدارها 1512 جنيهاً عن كمية الأسمنت المنصرفة إليه على النحو المبين سلفاً، وإذ كان الثابت من أصل عريضة الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين والتي رفعت ابتداءً أمام محكمة سوهاج الابتدائية "مأمورية طهطا الكلية" أنها أودعت قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 16/ 5/ 1987 وقيدت بجدولها برقم 389 لسنة 1987 وهو ما ثبت كذلك من الشهادة الصادرة من مأمورية طهطا الكلية "الجدول المدني"بتاريخ 20/ 2/ 1990، حيث قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأحيلت إلى محكمة طما الجزئية التي قضت بدورها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط والتي أصدرت الحكم الطعين، وإذ كان ذلك كذلك وكان رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة مما ينقطع به سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء فإن الدعوى والحال كذلك تكون قد أقيمت خلال الميعاد القانوني المنصوص عليه في المادة 24 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد فوات الميعاد القانوني فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ تطبيقه وتأويله متعيناً إلغاؤه، ولما كانت الدعوى غير مهيأة للفصل في موضوعها، فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وإبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً وأمرت بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى، وأبقت الفصل في المصروفات.