مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 241

(27)
جلسة 2 من يناير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد عبد السلام مخلص، و د. حمدي محمد أمين الوكيل، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطه - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2573 لسنة 37 القضائية

دعوى - عوارض سير الخصومة - النزول عن الطعن.
مادة 211 من قانون المرافعات.
إقرار الطاعن في عبارات قاطعة الدلالة على حقيقة المقصود منها بتنازله نهائياً عن الطعن وعن أصل الحق المطالب به وتوثيق هذا الإقرار فإنه يكون قد تجاوز بهذا الإقرار مرحلة ترك الخصومة التي يقتصر أثرها على إجراءات الطعن دون المساس بأصل الحق ويعتبر قابلاً للحكم المطعون فيه الأمر الذي ينطوي حتماً على التنازل عن الطعن. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25/ 5/ 1991 أودع محامي الطاعن المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد بجدول المحكمة تحت رقم 2573 لسنة 37 ق. ع وذلك طعناً على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الزراعة بجلسة 26/ 3/ 1991 في الطعن رقم 10 لسنة 24 ق الذي قضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وقد طلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء الجزاء رقم 518 لسنة 1989 الصادر من الجهة المطعون ضدها بتاريخ 24/ 10/ 1989 والذي تضمن مجازاة الطاعن بالخفض إلى وظيفة في الربط المالي الأدنى مباشرة وذلك بكامل مشتملاته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة المطعون ضدها المصروفات، وقد أعلن الطعن للمطعون ضده بصفته في 4/ 6/ 1991 وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهى للأسباب الواردة به إلى قبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من تأييد قرار الجزاء.
وبجلسة 1/ 2/ 1995 نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن وفي تلك الجلسة قدم الحاضر عن المطعون ضده حافظة انطوت على تنازل موثق بمكتب توثيق شبرا في 13/ 12/ 1994 يفيد تنازل الطاعن عن الطعن وعن أصل الحق المطالب به، وبجلسة 1/ 3/ 1995 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 6/ 6/ 1995، وأثناء المرافعة أمامها أودع الطاعن في 4/ 10/ 1995 مذكرة تراجع فيها عن تنازله سالف الذكر بحجة تعرضه لتهديد أفسد إرادته وأرفق بمذكرته ستة مستندات لإثبات ما تعرض له من تهديد وبجلسة 7/ 11/ 1995 قررت المحكمة إصدار الحكم، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعن أقر في عبارات قاطعة الدلالة على حقيقة المقصود منها بتنازله نهائياً عن الطعن وعن أصل الحق المطالب به ووثق هذا الإقرار بمكتب توثيق شبرا بتاريخ 13/ 12/ 1994، فإنه يكون قد تجاوز بهذا الإقرار مرحلة ترك الخصومة التي يقتصر أثرها على إجراءات الطعن دون مساس بأصل الحق ويعتبر قابلاً للحكم المطعون فيه الأمر الذي ينطوي حتماً على تنازل عن الطعن.
ومن حيث إن الطاعن لم يقف في إقراره عند حد الترك الذي يصبح الرجوع عنه في أي مرحلة وأي حالة كانت عليها دعوى الإلغاء لتعلقها بالمشروعية، وإنما تجاوز هذا الحد إلى قبول الحكم الذي طعن فيه ابتداءً وهو أمر لا يجوز الرجوع فيه لأنه يسقط أصلاً الحق في الطعن وفقاً لنص المادة 211 من قانون المرافعات التي لا تجيز الطعن ممن قبل الحكم ما لم يثبت وفقاً للقواعد العامة وبما لا يدع مجالاً للشك تعرضه لإكراه يعدم إرادته ويبطل بالتالي إقراره بقبول الحكم.
ومن حيث إنه إذا كان الطاعن قد قدم لإثبات تعرضه لتهديد ألجأه إلى تحرير إقراره سالف الذكر كتاب رئيس قطاع الشئون المالية بالبنك المطعون ضده المحرر في 11/ 12/ 1994 الذي تضمن تخيير المرقين في تاريخ صدور هذا الكتاب ومنهم الطاعن بين التنازل عن دعاواهم المقامة ضد البنك وبين إلغاء ترقياتهم وترشيح من يليهم في الأقدمية، وكان الكتاب المذكر لا يعكس إكراها يعدم إرادة الطاعن، ففضلاً عن أنه كان يستطيع أن يواجه تخطيه في الترقية إلى الوظيفة التي جوزي بالخفض منها إلى الوظيفة الأدنى مباشرة بدعوى الإلغاء، فإن حقيقة حاله إنه وازن بين الترقية المؤكدة إلى وظيفته السابقة التي كان يشغلها قبل توقيع جزاء الخفض والتي يحصل عليها فور صدور قرار الترقية واحتمالات الكسب والخسارة التي يدور بينها طعنه على الحكم الصادر برفض دعواه إلغاء القرار الصادر بمجازاته بخفض الوظيفة، كما قارن بين هذا وذاك واحتمالات تخطيه في الترقية إن هو أصر على الاستمرار في الطعن، وكان الطاعن قد انتهى من الموازنة والمقارنة على هذا النحو إلى اختيار الترقية العاجلة المؤكدة ومن ثم قبل الحكم رفض دعواه إلغاء قرار مجازاته بخفض الدرجة، فإنه لا يكون هناك أساس لما يدعيه لإكراه من شأنه أن يؤدي إلى إبطال إقراره بقبول الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كذلك وكان قبول الطاعن للحكم المطعون فيه أثناء نظر الطعن إنما ينهي الخصومة فيه فإنه يتعين الحكم بانتهاء الخصومة في الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بانتهاء الخصومة في الطعن.