مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 277

(32)
جلسة 9 من يناير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، ومحمد عبد السلام مخلص، وحمدي محمد أمين الوكيل، ومحمد إبراهيم قشطه - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4271 لسنة 39 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام - شرط اشتراك جميع القضاة في المداولة.
المادة (167)، (170) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
التزاماً من المشرع بالمبادئ الأساسية للتقاضي، يلزم أن يكون القضاة الذين يحكمون في الدعوى قد اشتركوا جميعاً في سماع المرافعة. تغيب أحد القضاة من الذين حصلت أمامهم المرافعة يجب معه فتح باب المرافعة إن كان قد أقفل - حدوث مانع لأحد القضاة الذين حضروا المرافعة والمداولة تحول دون حضوره جلسة النطق بالحكم يستلزم لصدور الحكم أن يكون القاضي الذي لم يحضر تلاوة الحكم قد وقع على مسودته - أساس ذلك - القضاة الذين سمعوا المرافعة أحاطوا بحجج الخصوم ودفاعهم ومن ثم يتوافر لهم بحكم اللزوم ولاية الفصل في النزاع - مؤدى ذلك - اشتراك قاضي لم يسمع المرافعة في المداولة وصدور الحكم يعتبر معه الحكم باطلاً. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 12/ 8/ 1993 أودع الأستاذ/..... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا نيابة عن الأستاذ/... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا والوكيل عن الطاعن بالتوكيل رقم 2644 لسنة 1993 توثيق الأزبكية النموذجي - قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 4271 لسنة 39 ق ضد النيابة الإدارية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 23/ 6/ 1993 في الدعوى التأديبية رقم 46 لسنة 35 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والذي قضى بمجازاته بعقوبة التنبيه وبختام تقرير الطعن يطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه واعتباره كأن لم يكن مع كافة ما يترتب عليه من آثار.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية بتاريخ 2/ 6/ 1993.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع أولاً: بصفة أصلية ببطلان الحكم المطعون عليه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا للفصل فيها مجدداً. ثانياً: من باب الاحتياط إلغاء محل الطعن فيما قضى به من معاقبة الطاعن بعقوبة التنبيه وببراءته مما هو منسوب إليه.
وقد نظر الطعن أمام الدائرة الرابعة (فحص) والتي قررت بجلسة 10/ 8/ 1994 إحالته إلى الدائرة الثالثة (فحص) لنظره بجلسة 17/ 8/ 1994 وأحيل الطعن إلى الدائرة الثالثة (فحص) حيث قدمت هيئة النيابة الإدارية مذكرة تضمنت وجوب الرجوع إلى مسودة الحكم المطعون عليه للوقوف على ما إذا كان هذا الحكم قد صدر من الهيئة المبينة بصدره وفى هذه الحالة فإن النيابة الإدارية تشاطر هيئة مفوضي الدولة فيما انتهت إليه من بطلان الحكم المطعون عليه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا للفصل فيها مجدداً ومن باب الاحتياط رفض الطعن تأسيساً على أن الحكم المطعون عليه لم يلتفت عن دفاع الطاعن وإنما تصدى لدفاعه وانتهى إلى مسئوليته على أساس أنه كان مسئولاً عن تنفيذ العقد موضوع المناقصة رقم 2/ 9/ 1993 وله حق الإشراف والمتابعة هذا فضلاً عن أن المحكمة الإدارية مستقرة على أنه لا لزاماً على المحكمة التأديبية في تعقب دفاع المحال في جميع وقائعه ومناحيه ما دامت قد أبرزت إجمالاً للحجج التي كونت منها عقيدتها مطرحة بذلك ضمناً الأسانيد التي قام عليها دفاعه - كما قدمت حافظة مستندات احتوت على كتاب شركة البلاستيك الأهلية إلى النيابة الإدارية بتاريخ 7/ 11/ 1994 مرفقاً به: (1) صورة بطاقة وصف وواجبات وظيفة رئيس قطاع مصنع الجيزة التي يشغلها الطاعن. (2) صورة كتاب رئيس مجلس إدارة الشركة إلى رئيس قطاع مصنع الجيزة المتضمن مسئولية رؤساء قطاعات المصانع على الإشراف على إدارات الجودة الموجودة بالمصانع رئاستهم - وبجلسة 7/ 12/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 7/ 2/ 1995 وقد أحيل الطعن إلى المحكمة وتدوول بالجلسات أمامها على النحو الثابت بمحاضرها وقد تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم وقد صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما هو ثابت بالأوراق أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 46 لسنة 35 ق تأديبية لمستوى الإدارات العليا وذلك بإيداع أوراقها مشتملة على تقرير باتهام كل من (1)..... رئيس قطاع مصنع الجيزة بشركة البلاستيك الأهلية بالدرجة العالية. (2)..... مدير عام المعامل بمصنع الجيزة بشركة البلاستيك الأهلية (مدير عام) لأنهما خلال الفترة من 28/ 2/ 1996 حتى 30/ 4/ 1991 بمصنع الجيزة التابع لشركة البلاستيك الأهلية لم يؤديا الواجبات المنوطة بهما بدقة بأن قاما بتوريد كميات من أكياس البلاستيك لشركة أبو قير للأسمدة تنفيذاً للمناقصة رقم 1/ 10/ 1991 بالمخالفة للمواصفات المتفق عليها وقد طلبت النيابة الإدارية محاكمتهما تأديبياً طبقاً لأحكام المواد أرقام 78/ 1/ 4، 80، 82، 84 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 والمادة رقم 11/ 3، 4 من القانون رقم 144 لسنة 1988 بشأن الجهاز المركزي للمحاسبات والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية وتعديلاته والقانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة وقد أرفقت النيابة الإدارية بتقرير الاتهام مذكرة بموضوعه وأسانيد ثبوته وملف قضية النيابة الإدارية رقم 568 لسنة 1992 (جيزة أول).
وبجلسة 23/ 6/ 1993 حكمت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بمجازاة كل من/.... و.... بعقوبة التنبيه.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المحالين قد أهملا في أداء عملهما باعتبارهما المسئولين عن تنفيذ العقد المبرم مع شركة أبو قير الأول (الطاعن) بصفته رئيس قطاع الإنتاج المسئول عن تصنيع الأكياس المتعاقد على توريدها لشركة أبو قير للأسمدة والتي ثبت عدم صلاحيتها للتعبئة نظراً لأنها غير مطابقة للمواصفات من حيث السعة والاستطالة وأنها لا تقبل اللحام عند التعبئة الأمر الذي يفيد ثبوت الاتهام المنسوب إليه ومن ثم ارتكابه مخالفة إدارية قوامها عدم أداء الواجب الوظيفي بدقة وأمانة وترتب عليه المساس بمصلحة مالية للشركة التي يعمل بها بما يتعين مجازاته عن تلك المخالفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن بطلان الحكم المطعون عليه لمخالفته للقانون وكونه مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال وذلك تأسيساً على اشتراك أحد القضاة في إصدار الحكم المطعون عليه دون أن يسمع المرافعة في الدعوى وذلك بالمخالفة لأحكام المادة 166/ 167 من قانون المرافعات حيث وقع على مسودة السيد المستشار/.... والذي لم يرد اسمه ضمن الهيئة التي سمعت المرافعة الأمر الذي يشوب الحكم بالبطلان - هذا فضلاًً عن أن الحكم المطعون عليه قد بني على أن الطاعن رئيس قطاع الإنتاج بينما حقيقة الأمر أنه رئيس قطاع مصنع الجيزة وأنه يقوم بعمل إداري وأن المسئولية عن الأخطاء المصاحبة لعملية الإنتاج تقع على مدير إدارة مراقبة الجودة.
ومن حيث إن المادة (167) من قانون المرافعات تنص على أنه (لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً) كما تنص المادة (170) من هذا القانون على أنه (يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم وإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم).
ومن حيث إن مفاد هذين النصين أن المشرع التزاماً منه بالمبادئ الأساسية للتقاضي استلزم أن يكون القضاة الذين يحكمون في الدعوى قد اشتركوا جميعاً في سماع المرافعة بحيث إذا حدث في الفترة بعد قفل باب المرافعة وقبل النطق بالحكم أن تغيب أحد القضاة من الذين حصلت أمامهم المرافعة لأي سبب وجب فتح باب المرافعة وإعادة الدعوى للمرافعة على أنه في حالة حدوث مانع لأحد القضاة الذي حضروا المرافعة والمداولة تحول دون حضوره جلسة النطق بالحكم فإنه يستلزم لصدور الحكم أن يكون القاضي الذي لم يحضر تلاوة الحكم قد وقع على مسودته وما ذلك إلا لأن القضاة الذين سمعوا المرافعة بما أحاطوا به من حجج الخصوم وما سبق أمامهم من أوجه دفاع ودفوع هو الذين تتوافر لهم بحكم اللزوم ولاية الفصل في النزاع على أساس ما سمعوه أثناء المرافعة ومن ثم فإنه يترتب على اشتراك قاضي لم يسمع المرافعة في المداولة وصدور الحكم أن يعتبر هذا الحكم باطلاً لعيب يتعلق بالجانب الشخصي من الصلاحية للقاضي وبالتالي فإنه لذلك ونظراً لأن الثابت بمحاضر الجلسات التي نظرت خلالها الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها أن الدعوى قد نظرت أمام هيئة مشكلة من السادة المستشارين/.... و.... و.... وأن تلك الهيئة هي التي حضرت جلسة 19/ 5/ 1993 وهي الجلسة التي تقرر فيها قفل باب المرافعة وتحديد جلسة النطق بالحكم إلا أنه بالرجوع إلى مسودة الحكم المطعون عليه تبين أنها موقعة من السادة الأساتذة المستشارين/.... و.... و..... وهو ما يعني أن السيد الأستاذ المستشار/.... قد اشترك في المداولة ووقع مسودة الحكم المطعون عليه دون أن يكون أحد القضاة الذين سمعوا المرافعة بما يغدو معه الحكم المطعون عليه باطلاً الأمر الذي يتعين معه القضاء ببطلانه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا للفصل فيها مجدداً بهيئة مغايرة بحسبان الحكم المطعون عليه قد شابه عيب جسيم يجعله معدوماً بما يمتنع معه على المحكمة الإدارية العليا التصدي لنظر موضوع الدعوى لأن ذلك يعتبر بمثابة نظر الموضع لأول مرة أمام هذه المحكمة وينطوي بالتالي على إخلال جسيم بإجراءات التقاضي وتفويت درجة من درجاته لأن شرط التصدي أن يكون الحكم صادر من هيئة مشكلة تشكيلاً صحيحاً.
ومن حيث إن الطعون التأديبية معفاة من الرسوم القضائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع ببطلان الحكم المطعون عليه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا لنظرها بهيئة مغايرة.