مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 309

(37)
جلسة 14 من يناير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ صلاح عبد الفتاح سلامة - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: مصطفى محمد المدبولي أبو صافي، والسيد محمد السيد الطحان، وادوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2163 لسنة 35 القضائية

دعوى - عوارض سير الخصومة - انتهاء الخصومة.
استجابة الجهة الإدارية المدعى عليها إلى طلب المدعي في تاريخ لاحق لرفع الدعوى - الخصومة تبعاً لذلك ونتيجة له تصبح غير ذات موضوع ويتعين من ثم الحكم باعتبار الخصومة منتهية في هذا الطلب، وإذا كان ذلك ما يترتب على استجابة الإدارة إلى طلب المدعي بسحب القرار المطعون فيه فإن ذات النتيجة تترتب في حالة ما إذا أفرغ القرار من مضمونة وأصبح لا محل له. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 4/ 5/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2163 لسنة 35 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري
في الدعوى رقم 220 لسنة 42 ق بجلسة 9/ 3/ 1989 والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق. ونظراً لوفاة المطعون ضده فإن الطاعنين بصفتيهما قاما بتصحيح شكل الطعن باختصام ورثته وهم:..... زوجته، ......، .....، وجرى إعلانهم بتقرير الطعن بتاريخ 2/ 2/ 1995.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 3/ 1994 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 4/ 7/ 1994 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 21/ 8/ 1994 وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/ 11/ 1995 طلب الحاضر عن الجهة الإدارية الحكم بانتهاء الخصومة مع إلزام المطعون ضده المصروفات، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم 14/ 1/ 1996 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 220 لسنة 42 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 13/ 10/ 1987 وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة سوهاج رقم 13 لسنة 1987 الصادر بتاريخ 31/ 8/ 1987 وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقال بياناً لدعواه إنه اشترى بتاريخ 11/ 2/ 1979 من مديرية الإسكان والتعمير قسم الأملاك بمحافظة سوهاج قطعة الأرض رقم 676 بحوض هدية رقم 10 جزائر قسم أول التابع لقرية عرب الأطاولة مركز أخميم ضمن مشروع 315 بلديات المستغنى عنها من المنفعة "مدينة ناصر" وتبلغ مساحتها 4098 متراً مربعاً عبارة عن أرض فضاء صالحة للبناء مبينة حدودها تفصيلاً بالصحيفة وذلك بثمن إجمالي مقداره 61470 جنيهاً دفع منه قبل التعاقد مبلغ 15367.500 جنيه والباقي يسدد على عشرين قسطاً سنوياً في المواعيد المحددة بالبند الثاني من عقد البيع الذي نص في البند الثالث عشر منه على أن تخصص هذه الأرض المبيعة لإقامة مستشفى خاص وقد استلم الأرض وسجل العقد ثم حصل على ترخيص بناء المستشفى وأقامها بالفعل دون اعتراض من أية جهة إدارية على موقع أو مساحة مبانيها ولم يبلغ بأية تغييرات في حدودها أو بتغيير تخطيط المنطقة على أن فوجئ بتاريخ 12/ 9/ 1987 بصدور القرار المطعون فيه والذي ينص على إزالة تعديات منسوبة إليه على أملاك الدولة بمشروع 315 بلديات بمدينة ناصر بمساحة 387 متراً مربعاً.
وينعى المدعي على هذا القرار عدم استناده إلى سبب صحيح إذ لم يقع منه أي اعتداء على أملاك الدولة بل تم إنشاء المستشفى طبقاً للحدود المنصوص عليها في عقد البيع وعلى أساس الرسومات الهندسية المعتمدة من جهة التنظيم المختصة، ومن ناحية أخرى فإنه بافتراض أن ثمة تجاوزاً أو زيادة في المساحة الفعلية لقطعة الأرض المبيعة والمسلمة إلى المشتري فإنه طبقاً للمادة 434 من القانون المدني إذا وجد في البيع عجز أو زيادة فإن حق المشتري في طلب إنقاص الثمن أو في طلب فسخ العقد وحق البائع في طلب تكملة الثمن يسقط كل منهما بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليماً فعلياً وقد تم التسليم الفعلي للمبيع بتاريخ 5/ 4/ 1979 وأقيمت المستشفى فعلاً خلال سنة 1980، ولما كان في تنفيذ القرار ما يشكل خطراً داهماً يتعذر تدارك نتائجه التي تتمثل في هدم المستشفى وتوقف نشاطه فإن طلب وقف تنفيذه يقوم على ركنيه.
وبجلسة 9/ 3/ 1989 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن استعمال الجهة الإدارية للسلطة التي خولها إياها المشرع في المادة 970 من القانون المدني والمادة 26 من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 145 لسنة 1988 بإزالة ما يقع على أملاك الدولة العامة والخاصة من تعديات بالطريق الإداري ينبغي أن يكون قائماً على أسبابه وأن يجد سنده في ثبوت التعدي على هذه الأملاك بغير وجود شبهة حق عليها يستند إليه واضع اليد عليها وأن يتجرد وضع يده من أي سند يخوله ذلك باعتبار أن هذه السلطة سلطة استثنائية لا يجوز استعمالها إلا في موضعها الذي حدده المشرع وتعد خروجاً على المألوف في قواعد المعاملات المدنية وما يثور بصددها من أنزعة تختص جهة القضاء وحدها بالفصل فيها وحسمها بأحكام قضائية تحوز حجية بين أطرافها ويلتزمون بتنفيذها طبقاً لأحكام الدستور والقانون، وأن البين من ظاهر الأوراق أن الجهة الإدارية والمدعي كانا قد أبرما عقداً فيما بينهما وقد باعت له الجهة المذكورة بموجبه قطعة أرض فضاء مساحتها 4098 متراً مربعاً مبينة الحدود والمعالم بالعقد وجرى تسجيلها بالشهر العقاري ونص في البند الثالث عشر منه على تخصيص هذه الأرض لإقامة مستشفى خاص وقد التزم المدعي بذلك وأتم تنفيذ المستشفى طبقاً لشروط عقد البيع المسجل ومن ثم فإن المدعي والجهة الإدارية قد ربطتهما علاقة عقدية موضوعها تلك الأرض وعلى ذلك فإن أية منازعة في شأنها إنما يحكمها قانون العقد المذكور وتختص بالفصل فيها جهة القضاء التي حددها القانون وليس للجهة الإدارية أن تنزع بسلطتها الاستثنائية تلك ما هو من اختصاص القضاء الذي كان عليها أن تلجأ إليه ليحكم بطلباتها في هذا طبقاً للقانون لا أن تستعمل تلك السلطة الاستثنائية المقررة في المادتين سالفتي الذكر مما يجعل قرارها الطعين مخالفاً للقانون ويكون مرجح الإلغاء عند الفصل في موضوع الدعوى ومن ثم يكون ركن الجدية متحققاً بالإضافة إلى ركن الاستعجال لما في تنفيذ القرار من هدم المستشفى وإزالة مبانيها الواقعة على المساحة المزعوم تعدي المدعى عليها مما يترتب عليه تعطيل قيامها بأداء الخدمات الصحية المنوطة بها لصالح مواطني تلك المنطقة التي تقع فيها وتكبد المدعي خسائر فادحة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن الثابت تعدى المطعون ضده على مساحة قدرها 387 متراً مربعاً بالزيادة على القدر المباع له ومن ثم يحق للجهة الإدارية استعمال سلطتها المنصوص عليها في المادة 970 من القانون المدني بإزالة التعدي الواقع عليها، وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من وجود علاقة عقدية موضوعها تلك الأرض وأن قانون العقد هو الواجب التطبيق يخالف صحيح القانون والواقع ذلك أن المطعون ضده قد تجاوز المساحة المبيعة وهو أمر يخرج عن نطاق العقد المشار إليه ويمثل تعديل يوجب على جهة الإدارة إزالته بمقتضى نص المادة 970 من القانون المدني ويكون القرار المطعون فيه قد صدر وفق صحيح الواقع والقانون.
ومن حيث إنه لما كانت الخصومة في دعوى الإلغاء هي خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في ذاته استهدافا لمراقبة مشروعيته، ويترتب على سحب القرار بمعرفة جهة الإدارة ما يترتب على إلغائه قضائياً إذ يعتبر القرار كأن لم يكن من وقت صدوره، وقد استقر القضاء على أنه إذا استجابت الجهة الإدارية المدعى عليها إلى طلب المدعي في تاريخ لا حق لرفع الدعوى فإن الخصومة تبعاً لذلك ونتيجة له تصبح غير ذات موضوع ويتعين من ثم الحكم باعتبار الخصومة منتهية في هذا الطلب، وإذا كان ذلك ما يترتب على استجابة الإدارة إلى طلب المدعي بسحب القرار المطعون فيه فإن ذات النتيجة تترتب في حالة ما إذا أفرغ القرار من مضمونه وأصبح لا محل له. وإذ كان الثابت أن القرار رقم 13 لسنة 1987 المطعون فيه بإزالة التعديات المنسوبة إلى الدكتور/..... على أملاك الدولة بناحية مدينة سوهاج مشروع 315 بلديات بمدينة ناصر على مساحة قدرها 387 م2، فقد تقدم ورثته بحافظة مستندات أمام هذه المحكمة بجلسة 19/ 2/ 1995 حوت صورة ضوئية من عقد بيع صادر من محافظ سوهاج إلى ورثة المرحوم الدكتور/... ببيع المساحة من الأرض، وأشارت الحافظة إلى أنها هي ذاتها الأرض موضوع القرار المطعون فيه، ولذلك طلب الحاضر عن الحكومة بجلسة 19/ 11/ 1995 إنهاء الخصومة مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يصبح لا محل له، وإذ يبين أن العقد المشار إليه مؤرخ 7/ 2/ 1993 أي بعد إقامة الطعن الماثل فإنه يضحى غير ذي موضوع ويتعين الحكم بانتهاء الخصومة فيه مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بانتهاء الخصومة في الطعن وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.