مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 369

(44)
جلسة 20 من يناير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وعبد القادر هاشم النشار، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 332 لسنة 40 القضائية

عاملون مدنيون - إجازات - سلطة الإدارة التقديرية في منح العامل إجازة - الانقطاع عن العمل دون إذن مخالفة تأديبية.
المادة 62 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.
لا يجوز للعامل أن ينقطع عن عمله إلا لإجازة يستحقها في حدود الإجازات المقررة ووفقاً للضوابط والإجراءات التي تضعها السلطة المختصة - منح الإجازة للعامل أمر يدخل في نطاق السلطة التقديرية للجهة الإدارية وفقاً لمقتضيات مصلحة العمل - الحالات التي تلتزم فيها الجهة الإدارية بمنح العامل إجازة دون أن تختص بذلك هي حالات واردة على سبيل الحصر وهى الإجازات المرضية وإجازة الوضع للعاملة والإجازة لمرافقة الزوج الذي رخص له بالسفر إلى الخارج بالشروط والأوضاع الواردة لكل منها - إذا انقطع العامل عن العمل دون موافقة السلطة المختصة على منحة الإجازة المطلوبة في الحالات التي تترخص بها فيها فإنه يعد مرتكباً لمخالفة تأديبية تستوجب الجزاء عنها - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27/ 11/ 1993 (السبت) أودع الأستاذ/........ المحامى نيابة عن الأستاذ/........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الراهن في حكم المحكمة التأديبية بالمنصورة الصادر في الدعوى رقم 1020 لسنة 11 ق بجلسة 30/ 9/ 1993 والقاضي بمجازاة المتهم....... (الطاعن) بخصم شهر من أجره.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما نسب إليه.
وبتاريخ 8/ 12/ 1993 تم إعلان تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية في مقرها.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراًَ بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى للمحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث قدمت النيابة الإدارية أمامها بجلسة 24/ 5/ 1995 مذكرة طلبت فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً وعدم إحالته لدائرة المرافق تأييداً للحكم المطعون فيه.
وبجلسة 26/ 7/ 1995 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" وحددت لنظره جلسة 26/ 8/ 1995.
وتم تداول الطعن أمام المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 24/ 9/ 1983 كانت النيابة الإدارية قد أقامت الدعوى رقم 1020 لسنة 11 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بإيداع أوراقها قلم كتاب تلك المحكمة مشتملة على تقرير اتهام فيها ضد الطاعن المحقق بالإدارة التعليمية بالزقازيق بالدرجة الثالثة لأنه في المدة من 9/ 2/ 1982 إلى 14/ 8/ 1983 انقطع عن العمل في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً مما يشكل مخالفة لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة.
وقد أعلن المحال المذكور في مواجهة النيابة العامة ولم يحضر جلسات المحاكمة:
وبجلسة 17/ 2/ 1985 أصدرت المحكمة التأديبية بالمنصورة حكماً بفصل المحال (الطاعن) من الخدمة فطعن في ذلك الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 142 لسنة 38 ق عليا التي قضت فيه (بهيئة مغايرة) بجلسة 3/ 4/ 1993 بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى رقم 1020 لسنة 11 ق إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وقد أعيدت الدعوى رقم 1020 لسنة 11 ق إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة وجرت محاكمة الطاعن من جديد أمام هيئة أخرى وحضر المحال (الطاعن) جلسات المحاكمة وقدم مستندات ومذكرات واعترف بجلسة 11/ 4/ 1993 بالانقطاع وقرر أنه عاد إلى العمل كما اعترف أيضاً بالانقطاع مرة أخرى بجلسة 1/ 8/ 1993 وقرر أنه يرغب في العودة للعمل.
وبجلسة 30/ 9/ 1993 صدر الحكم المطعون فيه بمنطوقه سالف الذكر بمجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره وأقام قضاءه على أساس ثبوت واقعة الانقطاع عن العمل في حق المحال (الطاعن) في الفترة من 9/ 2/ 1982 حتى 14/ 8/ 1983 دون عذر مقبول من الأوراق والتحقيقات وتأيد بما قدمه من مستندات.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه شابه عيب القصور في التسبيب فضلاً عن الإبهام والغموض ولم يورد الأدلة التي استند إليها وأن الطاعن كان يعمل بدولة الجزائر خلال المدة (المقدم عنها بتهمة الانقطاع) وقد أخطر الإدارة التعليمية بالزقازيق بتجديد إجازاته.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ولا سيما محاضر جلسات المحكمة التأديبية أن الطاعن اعترف أمامها بجلستي 11/ 4/ 1993، 1/ 8/ 1983 بواقعة الانقطاع عن العمل خلال الفترة المقدم عنها للمحاكمة التأديبية فمن ثم تكون المخالفة ثابتة في حقه من واقع اعترافه بالإضافة إلى الأوراق التي قدمها والتي تفيد عودته للعمل بعد الانقطاع ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى ثبوت المخالفة المنسوبة إليه ومجازاته عنها يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما يتمسك به الطاعن من قول بأنه كان يعمل بدولة الجزائر في تلك الفترة وأنه أخطر الإدارة التعليمية بالجزائر لتجديد أجازته ذلك أنه بالرجوع لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بين أنه حدد الإجازات في الفصل التاسع من الباب الثاني منه وقضت المادة 62 قبل تعديلها بالقانون رقم 155 لسنة 1983 على أنه لا يجوز للعامل أن ينقطع عن عمله إلا لإجازة يستحقها في حدود الإجازات المقررة ووفقاً للضوابط والإجراءات التي تضعها السلطة المختصة وباستعراض أحكام المواد المنظمة للأجازات الواردة بالفصل المشار إليه يبين منها أن منح الإجازة للعامل أمر يدخل في نطاق السلطة التقديرية للجهة الإدارية وفقاً لمقتضيات مصلحة العمل وأن الحالات التي تلتزم فيها الجهة الإدارية بمنح العامل إجازة دون أن تختص بذلك هي حالات واردة على سبيل الحصر وهى الإجازات المرضية وإجازة الوضع للعاملة والإجازة لمرافقة الزوج الذي رخص له بالسفر إلى الخارج بالشروط والأوضاع الواردة لكل منها ومن ثم فإذا انقطع العامل عن العمل دون موافقة السلطة المختصة على منحه الإجازة المطلوبة في الحالات التي تترخص فيها فإنه يعد مرتكباً لمخالفة تأديبية تستوجب الجزاء عنها.
ومن حيث إن ما يدعيه الطاعن بتقديمه طلباً لتجديد إجازته إذ كان يعمل بدولة الجزائر لا يدخل في نطاق إحدى الحالات التي تلتزم الجهة الإدارية بمنحها وإنما تدخل في عموم الإجازات التي تترخص فيها وفقاً لسلطتها التقديرية ومن ثم فإنه طالما لم يتم منحه تلك الإجازة فإن انقطاعه عن العمل يشكل مخالفة تأديبية في حقه ولا ينفيها مجرد تقديمه طلب تجديد الإجازة المزعوم ومن ثم يكون ما يتمسك به الطاعن في هذا الشأن غير مؤثر على سلامة الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من ثبوت المخالفة وتكييفها ومجازاته عنها ويغدو الطعن فاقد الأساس القانوني مستوجباً الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.