مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 963

(102)
جلسة 25 من يوليه سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: كمال زكي عبد الرحمن اللمعي ومحمود إبراهيم عطا الله وسالم عبد الهادي محروس جمعة ويحيي خضري نوبي محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1182 لسنة 34 قضائية عليا

( أ ) دعوى - عوارض السير الخصومة - استئناف السير في الخصومة بعد انقطاعها - إجراءات تعجيل نظرا المنازعة الإدارية.
المادة 134 من قانون المرافعات.
تعجيل نظر المنازعة الإدارية باعتباره إجراء يستهدف استئناف السير في المنازعة بعد انقطاعها يأخذ حكم إقامتها ابتداء من حيث الالتزام بالإجراءات التي رسمها القانون لانعقاد الخصومة أمام المحكمة المختصة - يكون ذلك صحيحاً في القانون إذا تم إيداع الطلب خلال سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي، دون الاعتداد بتاريخ التكليف بالحضور لتعارضه مع طبيعة الإجراءات التي نظمها قانون تنظيم مجلس الدولة نصاً وروحاً - تطبيق.
(ب) إصلاح زراعي - لجان قضائية - طبيعة قراراتها - بطلان قرارها لعدم توقيع مسودته من جميع أعضاء اللجنة.
المادة 175 من قانون المرافعات، المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178/ 1952 مستبدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971 في شأن الإصلاح الزراعي.
اللجان القضائية للإصلاح الزراعي تعتبر جهة قضاء مستقلة في شأن ما خصها الشارع بنظره من المنازعات - قراراتها تعتبر بحسب طبيعتها أحكاماً قضائية وليست قرارات إدارية ومن ثم تحوز حجية الأمر المقضى به بين الخصوم ما دامت قد صدرت في حدود اختصاصها - بطلان قرارها إذا لم توقع مسودته من جميع أعضاء اللجنة - البطلان في هذه الحالة لا يقبل التصحيح لانطوائه على إهدار لضمانات جوهرية لذوي الشأن من المتقاضين، إذ إن توقيع الحكم هو الدليل الوحيد على صدوره من القضاة الذي سمعوا المرافعة وتداولوا فيها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 17/ 3/ 1988 أودع الأستاذ/ ........ المحامي نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - تقريراً بالطعن الماثل طعناً على قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الصادر بجلسة 24/ 1/ 1988 في الاعتراض رقم 130 لسنة 1983 الذي قضى بقبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع باستبعاد المساحة موضوع الاعتراض ومقدارها 22 س 4 ط 6 ف الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض مختصماً في البداية المطعون ضدهما الأول والثاني........ (التي توفيت إلى رحمة الله أثناء نظر الطعن) ثم صحح شكل الطعن على النحو الماثل.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والحكم بعدم استبعاد المساحة موضوع الاعتراض الموضح بيانها وحالتها بصحيفة الاعتراض بتقرير الخبير مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبطلان الحكم المطعون فيه وإعادة الاعتراض رقم 130 لسنة 1983 إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي لتفصل في موضوعه بدائرة أخرى وإبقاء الفصل في المصروفات.
وقد تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 19/ 1/ 1994 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره أمامها بجلسة 22/ 2/ 1994، وتدول الطعن أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قرر المطعون ضده الأول أن المطعون ضدها الثالثة (.........) توفيت إلى رحمة الله وقدم صورة قيد وفاة المذكورة وإعلام شرعي صادر من محكمة سنورس الجزئية للأحوال الشخصية بتحديد أسماء الورثة الشرعيين وهم........ و........ و........ و........ و........
وبجلسة 2/ 1/ 1996 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة في الطعن لوفاة المطعون ضدها الثالثة (........) بتاريخ 17/ 2/ 1992 أثناء نظر الطعن.
وبتاريخ 28/ 12/ 1996 تقدم الحاضر عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي للمحكمة بطلب لاستئناف سير الطعن وتحديد جلسة الإعلان ورثة المرحومة........، وقد تم إعلان ورثة المطعون ضدها الثالثة المبينة أسماؤهم بصدر هذا الحكم بتاريخ 15/ 5/ 1997.
وبجلسة 20/ 5/ 1997 قدم الحاضر عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي مذكرة ومحضر إعلان الوراثة ومذكرة بدفاعه، ودفع الحاضر عن المطعون ضدهم بسقوط الخصومة طبقاً للمادتين 134، 136 من قانون المرافعات لعدم السير في الدعوى لمدة تزيد عن سنة من 2/ 1/ 1996 وحتى 15/ 5/ 1997، ورد الحاضر عن الإصلاح الزراعي بأن صحيفة تحديد السير في الطعن قدمت قبل مضي السنة والعبرة بإيداع الصحيفة وليس بإعلانها، وبجلسة 29/ 2/ 2000 قدم الحاضر عن الإصلاح الزراعي ملف الاعتراض الفرعي رقم 130 لسنة 83، كما قدم بجلسة 6/ 6/ 2000 الملف الأصلي لهذا الاعتراض، وقد قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 25/ 7/ 2000 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وإتمام المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما هو ثابت من الأوراق - في أن المعترضين، 1........ 2........ 3........ أقاموا الاعتراض رقم 130 لسنة 1983 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي - الدائرة الخامسة بتاريخ 10/ 3/ 1983.
وقال المعترضون شرحاً لاعتراضهم أنهم يمتلكون مساحة 22 س، 4 ط، 6 ف بحوض الزغلول بزمام ناحية سنهور البحرية مركز سنورس محافظة الفيوم وهذه المساحة موزعة بين المعترضين الثلاثة حسب نصيبهم في ملكية هذه الأطيان الآيلة إليهم بالميراث الشرعي عن أبائهم، وأجدادهم وبيان توزيعها كالآتي:
أولاً: بالنسبة للمعترض الأول/ ....... فيخصه مساحة 12 س، 12 ط، 3 ف كائنة بحوض الزغلول بزمام ناحية سنهور البحرية مركز سنورس والموضحة الحدود والمعالم بعريضة الاعتراض، وقد آلت ملكية هذه المساحة للمعترض الأول بالميراث الشرعي عن والده المرحوم........ والآيلة إليه الملكية بالمشتري من...... بموجب عقد بيع مؤرخ 29 مارس سنة 1944 وبوضع اليد المدة المكسبة للملكية بوضع يد هادئ وبنية التملك.
ثانياً: بالنسبة للمعترض الثاني فيخصه في تلك المساحة مساحة 10 س، 11 ط، 1 ف بحوض الزغلول بزمام ناحية سنهور البحرية مركز سنورس والموضحة الحدود بعريضة الاعتراض وقد آلت إليه ملكية هذه المساحة بالميراث الشرعي عن المرحومة والدته، وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية.
ثالثاً: بالنسبة للمعترضة الثالثة/ ........ فيخصها في هذه المساحة مساحة - ، 5 ط، 1 ف بحوض الزغلول بزمام ناحية سنهور الغربية مركز سنورس والموضحة الحدود والمعالم بعريضة الاعتراض، وقد آلت إليها ملكية هذه المساحة بالميراث الشرعي عن زوجها المرحوم/ ........، وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية.
وأضاف المعترضون أنه فضلاً عما تقدم فقد آلت ملكية المساحة محل الاعتراض جميعها إلى مورثي المعترضين بالمشترى من آخرين، إلا أنهم فوجئوا بقيام الإصلاح الزراعي بربط هذه الأطيان عليهم بالإيجار بمقولة أنه تم الاستيلاء عليها قبل الشركة العقارية طبقاً للقانون رقم 178 لسنة 1952، فيلتمس المعترضون الإفراج عن هذه المساحة. وقد قضت اللجنة القضائية بجلستها المنعقدة، بتاريخ 24/ 1/ 1998 بقبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع باستبعاد المساحة موضوع الاعتراض ومقدارها 22 س، 4 ط، 6 ف الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض.
وإذا لم يرتض الطاعن بصفته هذا القرار فقد أقام طعنه الماثل للأسباب الآتية:
1 - بطلان هذا القرار لعدم توقيع مسودته من جميع أعضاء اللجنة القضائية حيث لا تحمل المسودة سوى توقيع أربعة أعضاء فقط بالمخالفة لنص المادة 175 من قانون المرافعات.
2 - الاعتراض رقم 130 لسنة 1983 الصادر بشأنه القرار مثار الطعن الماثل مرفوع من غير ذي صفة لأن المعترضين جميعاً يدعون أن الأطيان محل الاعتراض مملوكة لهم بالميراث الشرعي ولم يقدموا علامات الوراثة الشرعية المثبتة لذلك.
3 - مخالفة قرار اللجنة المطعون فيه للقانون لأن اللجنة القضائية استندت في استبعاد المساحة محل الاعتراض من الاستيلاء إلى أن المعترضين تملكوا هذه المساحة بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل صدور قرار الاستيلاء على هذه المساحة في 24/ 8/ 1963 طبقاً للقانون رقم 178 لسنة 1952 وذلك استناداً لشهادة الشهود وهي لا تكفي بمفردها لإثبات الملكية بالتقادم، فضلاً عن أن الشروط اللازمة لكسب الملكية غير متوافرة من حيث مظاهر وضع اليد والمدة اللازمة لذلك.
فضلاً عن تناقض الأقوال المعترضين لأنهم يستندون في ملكيتهم لهذه المساحة إلى الميراث وتارة أخرى يستندون لتملكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من المطعون ضدهم بسقوط الخصومة في الطعن لعدم إعلانهم بالسير في الطعن خلال سنة من تاريخ صدور حكم بانقطاع سير الخصومة في الطعن فإن المادة (134) من قانون المرافعات تنص على أن "لكل ذي مصلحة من الخصوم في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متى انقضت سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي".
وقد جرى قضاء هذه المحكمة أن تعجيل نظر المنازعة الإدارية باعتباره إجراء يستهدف استئناف السير في المنازعة بعد انقطاعها بأخذ حكم إقامتها ابتداء من حيث الالتزام بالإجراءات التي رسمها القانون لانعقاد الخصومة أمام المحكمة المختصة، ويكون ذلك صحيحاً في القانون إذا تم إيداع الطلب خلال سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي، دون اعتداد بتاريخ التكليف بالحضور لتعارضه مع طبيعة الإجراءات التي نظمها قانون تنظيم مجلس الدولة نصاً وروحاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الحكم الصادر بانقطاع سير الخصومة في الطعن صدر بجلسة 2/ 1/ 1996، وتم إيداع طلب تجديد السير في الطعن بتاريخ 28/ 12/ 1996، ومن ثم يكون تعجيل نظر الطعن تم خلال المدة القانونية، دون اعتداد بتاريخ التكييف بالحضور مما تقضي معه المحكمة برفض هذا الدفع.
ومن حيث إنه عن النعي ببطلان قرار اللجنة القضائية المطعون فيه لعدم توقيع مسودته من جميع أعضاء اللجنة القضائية مصدرة هذا القرار، فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن اللجان القضائية للإصلاح الزراعي تعتبر جهة قضاء مستقلة في شأن ما خصها الشارع بنظره من منازعات، وأن قراراتها تعتبر بحسب طبيعتها أحكاماً قضائية وليس قرارات إدارية ومن ثم تحوز حجية الأمر المقضي بين الخصوم ما دامت قد صدرت في حدود اختصاصها.
ومن حيث إن المادة (175) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه "يجب في جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً".
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة (13) مكرر من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المستبدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971 تنص على أن "وتشكل لجنة قضائية أو أكثر من مستشار من المحاكم يختاره وزير العدل ستكون له الرئاسة - ومن عضو بمجلس الدولة يختاره رئيس المجلس، وثلاثة أعضاء يمثلون كلاً من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومصلحة الشهر العقاري والتوثيق ومصلحة المساحة، "بما مفاده أن تشكيل هذه اللجنة خماسي".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مسودة قرار اللجنة القضائية المطعون فيه الصادر في الاعتراض رقم 130 لسنة 1983 المشتملة على أسبابه ومنطوقه موقعة فقط من أربعة أعضاء، ولم يوقع عليها العضو الخامس، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر باطلاً طبقاً للمادة (175) من قانون المرافعات، والبطلان في هذه الحالة بطلان لا يقبل التصحيح لانطوائه على إهدار لضمانات جوهرية لذوي الشأن من المتقاضين، إذ إن توقيع الحكم هو الدليل الوحيد على صدوره من القضاة الذين سمعوا المرافعة وتداولوا فيه، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه لبطلانه وإعادة الاعتراض إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي لتقضي فيه من جديد من دائرة أخرى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبقبول الاعتراض شكلاً، وبإعادته إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي للفصل فيه مجدداً من هيئة أخرى، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.