مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 997

(105)
جلسة 29 من أغسطس سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: كمال زكي عبد الرحمن اللمعي ومحمود إبراهيم عطا الله ويحيى خضري نوبي محمد ومنير صدقي يوسف خليل - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2281 لسنة 43 قضائية عليا

عقد إداري - تنفيذ العقد - أداء التأمين النهائي - أثر عدم إيداعه خلال المدة المحددة - التنفيذ على حساب المتعاقد المقصر - طبيعته وأحكامه.
المادة 24 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات.
المشرع عالج حالة عدم قيام صاحب العطاء المقبول بأداء التأمين النهائي الواجب إيداعه خلال المدة المحددة له، فأجاز للجهة الإدارية المتعاقدة أن تختار بين إجراءين حسبما تراه محققاً للصالح العام أما إلغاء العقد ومصادرة التأمين الابتدائي المدفوع، أو تنفيذ العقد كله أو بعضه على حساب المتعاقد المقصر - وأنشأ لها الحق في الرجوع على المتعاقد بالتعويضات عن كل خسارة لحقت بها نتيجة التنفيذ على الحساب ويتم تحصيلها بالطريق الإداري من أية مستحقات للمتعاقد سواء لدى الجهة المتعاقدة أو لدى أية جهة إدارية أخرى - إذ لم نف مستحقاته فإنه يكون من حقها الرجوع عليه قضائياً لاستيفاء باقي حقوقها التي لم تحصل عليها بالطريق الإداري - التنفيذ على الحساب في مجال العقود الإدارية هو وسيلة الإدارة في تنفيذ الالتزام عيناً - لا يعتبر عقوبة عقدية توقعها الإدارة على المتعاقد المقصر في التنفيذ، ولكن إجراء تستهدف الإدارة منه حسن سير المرفق - بهذا الإجراء تعد نائبة عن المتعاقد معها في تنفيذ العقد بذات الشروط والمواصفات المعلن عنها والمتعاقد عليها حتى تصل إلى نهايته الطبيعية لأن التنفيذ على الحساب لا يتضمن إنهاء الرابطة العقدية، بل تظل قائمة وتستمر منتجة لآثارها - لئن كانت عملية الشراء على الحساب تتم عن طريق مورد آخر إلا أن المتعاقد المقصر يظل هو المسئول أمام جهة الإدارة وتتم عملية التنفيذ على حسابه وتحت مسئوليته المالية ويتم تقدير الأضرار الناتجة عن عملية الشراء على حساب المتعهد المقصر من قبل الجهة الإدارية المتعاقدة نفسها ويأتي في مقدمتها فروق الأسعار التي يسفر عنها التنفيذ على الحساب وهي عبارة عن الفرق بين قيمة العقد المتفق عليه وقيمة العقد الذي سيتم تنفيذه على حسابه مضافاً إليها المصاريف الإدارية إن وجدت - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 4/ 3/ 1997 أودع الأستاذ/ ........ المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة بصفته نائباً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طالباً في ختامه - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه فيما قضى به من رفض طلبات الجهة الإدارية وإلزام جهة الإدارة بنصف المصروفات والقضاء مجدداً بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغ ومقداره 13542.50 جنيه (ثلاثة عشرة ألف وخمسمائة واثنان وأربعون جنيهاً وخمسون قرشاً لا غير) والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى الشركة المطعون ضدها على النحو الثابت بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه فيما قضى به من رفض طلبات الطاعن - بصفته في استحقاق قيد المصروفات الإدارية والقضاء مجدداً بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغ 3862 جنيه (فقط ثلاثة آلاف وثمانمائة واثنان وستون جنيهاً) ورفض ما عدا ذلك من طلبات مع إلزام طرفي الخصومة بالمصروفات مناصفة فيما بينهما.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون إلى أن قررت بجلسة 19/ 4/ 2000 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظر الطعن أمامها جلسة 11/ 7/ 2000 وفي هذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحضر الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة 15/ 8/ 2000 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 22/ 8/ 2000 لاستمرار المداولة ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة 29/ 8/ 2000 لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسباب لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تخلص في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 513 لسنة 46 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طالباً في ختامها الحكم بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي له بصفته مبلغ مقداره (13642.50) جنيهاً والمصروفات تأسيساً على أنه بتاريخ 12/ 1/ 1991 قام مشروع الأمن الغذائي ومنافذ التوزيع بمحافظة الإسكندرية بطرح ممارسة توريد عدد (750) ألف شنطة بلاستيك للمشروع حيث تقدم لهذه الممارسة العديد من الشركات ومنها الشركة المدعى عليها بعطاءات مختلفة وأوصت لجنة البت بقبول العطاء المقدم من الشركة المدعى عليها بسعر إجمالي (33000) جنيهاً بواقع (44) جنيه لكل ألف شنطة وأنه بذات التاريخ أخطرت الشركة المدعى عليها بقبول عطائها ومطالباتها بسداد التأمين النهائي لهذه العملية بواقع 10% من قيمة العطاء في موعد أقصاه 22/ 1/ 1991 كما تحرر أمر توريد للشركة رقم 164 لتوريد الكمية المطلوبة من الأكياس ومقدارها (750) ألف شنطة ثم قام المشروع بتاريخ 6/ 2/ 1991 بتوجيه كتاب للشركة المدعى عليها متضمناً عدم قيامها حتى تاريخه بتوريد كمية الشنط المطلوبة طبقاً لأمر التوريد رقم 164 في 12/ 1/ 1991 وحثها بسرعة التوريد طبقاً لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن المناقصات والمزايدات إلا أن الشركة المتعاقدة أجابت على هذا الكتاب بأنها غير قادرة على التوريد بذلك السعر نظراً لغلاء الخامات والظروف القاهرة التي تمر بها البلاد، فأعاد المشروع طرح العملية في ممارسة عاجلة وذلك بتاريخ 9/ 3/ 1991 رست على شركة الجيزة للتنمية وصناعة العبوات على أساس توريد 750 ألف شنطة بسعر الألف 51.50 جنيه، فقد ترتب على تنفيذ العقد على حساب تلك الشركة أن لحقت بالمشروع أضراراً بلغت قيمتها 13542.50 جنيهاً تتمثل في مبلغ 5625 جنيهاً فرق الزيادة في السعر، ومبلغ 3867 جنيهاً قيمة المصاريف الإدارية بواقع 10% من الأصناف المشتراة ومبلغ 1545 جنيهاً غرامة تأخير بواقع 4% ومبلغ 2510 جنيهاً باقي التأمين ولما كانت المطالبة الودية لم تجد نفعاً مما حدا بالمشروع إلى إقامة هذه الدعوى بطلب الحكم بما تقدم وبجلسة 6/ 1/ 1997 قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي بصفته مبلغ 5625 جنيه (فقط خمسة آلاف وستمائة وخمسة وعشرون جنيهاً لا غير) ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفي الدعوى بالمصروفات مناصفة بينهما وشيدت المحكمة قضاءها - بعد استعراض نص المادة 24 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 - على أساس أن الثابت من الأوراق أن مشروع الأمن الغذائي ومنافذ التوزيع قام بطرح ممارسة لتوريد 750 ألف شنطة بلاستيك للمشروع رست على الشركة المدعى عليها وأخطرت بتاريخ 12/ 1/ 1991 بقبول عطائها ومطالبتها بسداد التأمين النهائي بواقع 10% من قيمة العطاء، كما تسلمت بتاريخ 17/ 1/ 1991 أمر التوريد رقم 164 في 12/ 1/ 1991 بيد أنها لم تقم بسداد التأمين النهائي كما لم تقم بالتوريد فأعادت جهة الإدارة إخطارها بتاريخ 6/ 2/ 1991 لتنفيذ التزاماتها وسداد التأمين والتوريد إلا أن الشركة أعادت هذا الكتاب مؤشراً عليه بأنها غير قادرة على التوريد بهذا السعر نظراً لغلاء الخامات والظروف التي تمر بها البلاد وعدم ورود خامات إليها من الخارج وارتفاع أسعارها ارتفاعاً جنونياً بسبب حرب الخليج والتمست رد قيمة التأمين الابتدائي وإزاء ذلك قامت الجهة الإدارية بإعادة طرح الممارسة بجلسة 9/ 3/ 1991 ورست على شركة الجيزة للتنمية وصناعة العبوات بسعر (51.50) جنيهاً بقيمة إجمالية (38625 جنيهاً) فإنه إعمالاً للمادة 24 سالفة الذكر فإن الشركة المدعى عليها تتحمل فروق الأسعار التي نتجت عن إعادة الممارسة فقط ومقدارها (5625 جنيهاً) بحسبان أن تلك هي الخسارة التي لحقت بجهة الإدارة دون باقي المبالغ المطالب بها إذ أنه لا مجال للقضاء بغرامة التأخير لأن الشركة المدعى عليها لم تبدأ التوريد أو التنفيذ وكذا المصروفات الإدارية لأن جهة الإدارة لم تقدم ما يثبت قيامها بأعمال إدارية تستحق عنها هذه المصروفات وأنه بالنسبة لباقي التأمين فإنه لا مجال لمصادرة التأمين النهائي الذي لم يودع ولا سيما أن جهة الإدارة المدعية قد تم إجابتها إلى طلبها باستيفاء كل خسارة لحقتها من جراء تنفيذ العملية على حساب الشركة المدعى عليها.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون واخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره فيما قضى به من رفض طلبات الجهة الإدارية المدعية بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي إليها قيمة غرامة التأخير والمصروفات الإدارية المستحقة وباقي قيمة التأمين النهائية وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: إن ما ذهب إليه الحكم الطعين من رفض إلزام الشركة المدعى عليها (بسداد قيمة غرامة التأخير المطالب بها بواقع 4% من قيمة العقد ومقدارها 1545 جنيهاً تأسيساً على أن الشركة المطعون ضدها لم تبدأ في التوريد أو التنفيذ، غير صحيح لأن عدم أداء الشركة المتعاقدة للتأمين النهائي لا يؤثر مطلقاً على صحة قيام العقد من تاريخ إخطارها بقبول العطاء المقدم منها، فإنه لذلك كان يتعين على الشركة أن تقوم بالتوريد خلال المدة المتفق عليها بالعقد إلا أنها لم تفعل ذلك وامتنعت عن سداد التأمين النهائي والتوريد، وهذا هو عين التأخير في التوريد وأنه لا يشترط الاستحقاق في غرامة التأخير بدء الشركة المطعون ضدها في التوريد أو التنفيذ.
ثانياً: عدم سلامة الحكم الطعين في شأن رفض القضاء بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغ 3862 جنيهاً قيمة المصاريف الإدارية المطالب بها لأن الثابت بالأوراق أن جهة الإدارة المتعاقدة عقب تراخي الشركة المطعون ضدها عن سداد التأمين النهائي وامتناعها عن القيام بتوريد مشمول أمر التوريد رقم 164 لسنة 1991 قامت بإعادة طرح العملية في ممارسة عاجلة بتاريخ 9/ 3/ 1991 حيث رست العملية على مورد آخر فإنه لذلك يكون من حق جهة الإدارة مطالبة الشركة المطعون ضدها المبلغ المطالب به الذي يمثل قيمة المصروفات الإدارية التي تكبدتها.
ثالثاً: عدم صحة ما ذهب إليه الحكم الطعين بشأن رفض الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغ 2510 جنيهاً باقي التأمين لأن المشرع نص على حق الجهة الإدارية في مصادرة التأمين النهائي واستحقاق باقي التأمين طبقاً لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن مشروع الأمن الغذائي ومنافذ التوزيع بمحافظة الإسكندرية طرح ممارسة لعملية توريد 750 ألف شنطة بلاستيك لازمة لنشاط هذا المشروع وقد تقدم لهذه الممارسة سبعة عطاءات وأوصت لجنة البت في هذه الممارسة بجلسة 12/ 1/ 1991 بقبول العطاء المقدم من الشركة المطعون ضدها وذلك عن توريد 750 ألف شنطة بلاستيك - وزن الألف شنطة 8 كجم - مقاس 50 × 48 سم - لون بيج - مطبوعة وجه واحد باسم المشروع وبسعر الألف شنطة - 44 جنيهاً فقط - بقيمة إجمالية 33000 جنيهاً وذلك لأن عطائها يمثل أقل الأسعار ومناسبته ومطابقة العطاء للمواصفات المطلوبة.
وبتاريخ 12/ 1/ 1991 قام المشروع المذكور بتحرير أمر التوريد للشركة المطعون ضدها لتوريد الشنط البلاستيك المطلوبة طبقاً للعينة المسلمة إليها على أن يبدأ التوريد خلال عشرة أيام من استلام أمر التوريد ولا تتعدى مدة التوريد عشرون يوماً للكمية كلها وقد استلمت الشركة أمر التوريد المذكور بتاريخ 17/ 1/ 1991 كما قام المشروع بهذا التاريخ بتوجيه كتاب للشركة المذكورة بإخطارهما بموافقة السلطة المختصة على قبول العطاء المقدم منها مطالبتها بسداد التأمين النهائي لعملية توريد الشنط المشار إليها بواقع 10% من قيمة العطاء وذلك بإكمال التأمين المؤقت وذلك في موعد أقصاه يوم 22/ 1/ 1991 وقد استلمت الشركة هذا الكتاب بتاريخ 17/ 1/ 1991 وبتاريخ 6/ 2/ 1991 قام المشروع بتوجيه كتاب للشركة المذكورة متضمناً أنه لم يتم سداد التأمين النهائي حتى تاريخ - كما لم يتم توريد أية كميات من الشنط طبقاً لأمر التوريد رقم 164 في 12/ 1/ 1991 وإنذارها أنه في حالة عدم التوريد خلال 48 ساعة من تاريخه سيتم مصادرة التأمين الابتدائي واتخاذ الإجراءات القانونية طبقاً للقانون رقم 9 لسنة 1983 الخاص بتنظيم المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية.
فأعادت الشركة هذا الكتاب إلى المشروع بعد تدوين تأشيرة على نفس الكتاب من مديرها المسئول مؤرخة في 6/ 2/ 1991 متضمنة أن الشركة غير قادرة على التوريد بذلك السعر نظراً لغلاء الخامات والظروف القاهرة التي تمر بها البلاد الآن وعدم ورود أي خامات إليها من الخارج وارتفاع أسعارها ارتفاعاً جنونياً بسبب حرب الخليج مع مطالبتها برد مبلغ التأمين الابتدائي وعلى أثر ذلك قامت جهة الإدارة بإعادة طرح ممارسة توريد 750 ألف شنطة بلاستيك في ممارسة عاجلة نظراً لظروف الاستعجال والحاجة الماسة لعملية توريد الكمية المطلوبة وقامت بتشكيل لجنة الممارسة وتقدم في هذه الممارسة ست عطاءات وبجلسة 9/ 3/ 1991 قررت لجنة البت قبول العطاء المقدم من شركة الجيزة للتنمية وصناعة العبوات وذلك للأقلية في السعر ومناسبته ومطابقته للمواصفات الفنية المطلوبة على أساس سعر الألف شنطة (51.50) جنيه وإجمالي قيمة العطاء 38625 جنيهاً.
ومن حيث إن المادة 24 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات - الذي يسري على المنازعة الماثلة - تنص على أنه: "إذا لم يقم صاحب العطاء المقبول بأداء التأمين النهائي الواجب إيداعه في المدة المحددة له فيجوز للجهة المتعاقدة بموجب إخطار بكتاب موصى عليه بعلم الوصول ودون حاجة لاتخاذ أية إجراءات أخرى أو الالتجاء إلى القضاء أن تلغي العقد وتصادر التأمين المؤقت أو أن تنفذه كله أو بعضه على حساب صاحبه بمعرفة الجهة المتعاقدة أو بواسطة أحد مقدمي العطاءات التالية لعطائه أو بالمناقصة أو الممارسة أو بالطريق المباشر.
ويكون لها الحق في أن تخصم من أية مبالغ تكون مستحقة أو تستحق له أياً كان سبب الاستحقاق لدى الجهة المتعاقدة أو لدى أية جهة إدارية أخرى كل خسارة تلحقها وذلك كله مع عدم الإخلال بحقها في الرجوع عليه قضائياً بما لم تتمكن من استيفائه من حقوق بالطريق الإداري.
ومن حيث إن مفاد النص المتقدم أن المشرع عالج حالة عدم قيام صاحب العطاء المقبول بأداء التأمين النهائي الواجب إيداعه خلال المدة المحددة له فأجاز للجهة الإدارية المتعاقدة أن تختار بين إجراءين - حسبما تراه محققاً للصالح العام إما إلغاء العقد ومصادرة التأمين الابتدائي المدفوع - أو تنفيذ العقد كله أو بعضه على حساب المتعاقد المقصر، وأنشأ لها الحق في الرجوع على المتعاقد بالتعويضات عن كل خسارة لحقت بها نتيجة التنفيذ على الحساب ويتم تحصيلها بالطريق الإداري من أية مستحقات للمتعاقد سواء لدى الجهة المتعاقدة أو لدى أية جهة إدارية أخرى وإذ لم تف مستحقاته فإنه يكون من حقها الرجوع عليه قضائياً لاستيفاء باقي حقوقها التي لم تحصل عليها بالطريق الإداري.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن التنفيذ على الحساب في مجال العقود الإدارية هو وسيلة الإدارة في تنفيذ الالتزام عيناً ولا يعتبر عقوبة عقدية توقعها الإدارة على المتعاقد المقصر في التنفيذ ولكن إجراء تستهدف الإدارة منه حسن سير المرفق وهي بهذا الإجراء تعد نائبة عن المتعاقد معها في تنفيذ العقد وذلك بذات الشروط والمواصفات المعلن عنها والمتعاقد عليها حتى تصل إلى نهايته الطبيعية لأن التنفيذ على الحساب لا يتضمن إنهاء الرابطة العقدية. بل تظل قائمة وتستمر منتجة لآثارها.
ومن حيث إنه ولئن كانت عملية الشراء على الحساب تتم عن طريق مورد آخر إلا أن المتعاقد المقصر يظل هو المسئول أمام جهة الإدارة وتتم عملية التنفيذ على حسابه وتحت مسئوليته المالية ويتم تقدير الأضرار الناتجة عن عملية الشراء على حساب المتعهد المقصر من قبل الجهة الإدارية المتعاقدة نفسها ويأتي في مقدمتها فروق الأسعار التي يسفر عنها التنفيذ على الحساب وهي عبارة عن الفرق بين قيمة العقد المتفق عليه وقيمة العقد الذي سيتم تنفيذه على حسابه، مضافاً إليها المصاريف الإدارية إن وجدت وثبت من واقع الطرح على الحساب أن الجهة الإدارية تكبدت بالفعل نفقات مقابل ذلك مثل إعادة النشر وتشكيل لجان فتح المظاريف ولجان البت أما إذا لم يثبت قيام الجهة الإدارية بذلك ولم تلجأ إلى النشر وإعادة الطرح وقامت بالتنفيذ بالأمر المباشر بدون ثمة إجراءات من ثم لا يوجد مقتضى - والحالة هذه - لاقتضاء مصاريف إدارية كما خول المشرع جهة الإدارة - طبقاً لنص المادة 24 سالف الذكر - الحق في الرجوع على المورد المقصر بالتعويض عن أية خسائر أخرى أصابتها من جراء التنفيذ على الحساب.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم - على واقعة النزاع - فإنه لما كان الثابت من مطالعة أوراق الطعن أنه بتاريخ 12/ 1/ 1991 قبلت جهة الإدارة العرض المقدم من الشركة المطعون ضدها لتوريد الكمية المطلوبة من شنط البلاستيك بقيمة إجمالية مقدارها 33000 جنيهاً وبذات التاريخ أخطرتها بقبول عطائها وطالبتها بسداد التأمين النهائي وذلك في موعد أقصاه 22/ 1/ 1991 وقد استلمت الشركة كتاب جهة الإدارة في هذا الشأن في 17/ 1/ 1991 طبقاً لما سلف بيانه ومن ثم فإن التعاقد يكون قد تم بين الطرفين وان امتنعت تلك الشركة عن أداء التأمين النهائي وحيث إن ما تذرعت به من أسباب لتقاعسها عن تنفيذ التزاماتها التعاقدية لا يعتبر من قبيل الأعذار القهرية التي تعفيها من مسئوليتها العقدية وإذ قامت جهة الإدارة بطرح العملية في ممارسة عاجلة في 9/ 3/ 1991 على حساب الشركة المطعون ضدها بسبب عدم قيامها بأداء باقي قيمة التأمين والتوريد في الميعاد المحدد لها أو خلال المهلة الإضافية الممنوحة لها وقامت بتشكيل لجنة البت في هذه الممارسة وباشرت هذه اللجنة عملها وقامت بالمرور على الموردين المشتغلين في النشاط المطلوب نظراً للضرورة والاستعجال والحاجة العامة وأرست هذه العملية على مورد آخر (شركة الجيزة للتنمية وصناعة العبوات) بقيمة إجمالية مقدارها 38625 جنيهاً وقامت بتوريد الكمية المطلوبة من شنط البلاستيك (750) ألف شنطة بذات المواصفات المتعاقد عليها حسبما جاء بالفاتورة رقم 943 المقدمة من الشركة المذكورة للجهة الإدارية المتعاقدة المتضمنة تنفيذ أمر التوريد رقم 221 في 10/ 3/ 1991 حسبما جاء بإذن التسليم رقم 54، 49 في 1/ 4/ 1991 ومؤشر عليها أن الكمية مطابقة.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم - فإنه طبقاً لما أسفر عنه التنفيذ على الحساب فإنه يحق للجهة الإدارية المتعاقدة الرجوع على المتعهد المقصر (الشركة المطعون ضدها) لتعويضها عن كل خسارة لحقت بها من جراء التنفيذ على الحساب.
ومن حيث إنه عن مطالبة الجهة الإدارية بقيمة الفرق في الأسعار ومقداره = 38625 - 33000 = 5625 جنيهاً فإنه لما كان هذا المبلغ يمثل خسارة لحقت بها من جراء الشراء على الحساب يجب تعويضها عنها ومن ثم فإن جهة الإدارة تستحق هذا المبلغ المطالب به تعويضاً لها عن قيمة الزيادة في الأسعار بالإضافة إلى ما تحملته الجهة الإدارية المتعاقدة من نفقات ومصروفات نتيجة إعادة طرح العملية في ممارسة أخرى تم ترسيتها على الشركة التي قامت بالتنفيذ وتحملت الإدارة في سبيل ذلك مبلغ قدرته 3862.5 جنيه.
ومن حيث إنه بالنسبة لمطالبة جهة الإدارة بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي إليها غرامة تأخير بواقع 4% من قيمة الأصناف المشتراة مقدارها = 38625 × 4% = 1545 جنيهاً، فإنه لا وجه لإجابة جهة الإدارة إلى هذا الطلب لأنه فضلاً عن أن المادة 24 من القانون رقم 9 لسنة 1983 سالفة الذكر الواجبة التطبيق على النزاع الماثل - لم تنص على توقيع غرامة التأخير على المتعهد المقصر - فإن هذه المادة تواجه فقط حالة المتعاقد المقبول عطائه وامتنع عن سداد التأمين النهائي والحضور لتوقيع العقد وذلك بعد إتمام القبول والإيجاب بين الطرفين - وهما ركنا الرضا اللذين بتوفرهما يتم انعقاد العقد. أما واقعة كتابة العقد ما هي إلا تأكيد لهذين الركنين ومن ثم فإن نطاق هذه المادة يقتصر على علاج الوضع قل توقيع العقد وعدم أداء المتعاقد التأمين النهائي الملزم بإيداعه قانوناً خلال المدة المحددة له بمنح جهة الإدارة مكنتين لمواجهة هذا التعاقد بأن جعلت لها الخيار بين مصادرة التأمين الابتدائي أو التنفيذ على حساب صاحب العطاء المقبول مع الرجوع عليه بالتعويض في الحالة الأخيرة كما سلف البيان ولما كان توقيع غرامة التأخير على المتعهد يكون في حالة حصول واقعة التأخير في تنفيذ الالتزام خلال المدة المنصوص عليها في العقد وكانت الشركة المطعون ضدها لم تبدأ في التنفيذ حتى يمكن أن ينسب إليها التأخير في التوريد وإنما عبرت بداءة عن إرادتها الصريحة بامتناعها عن سداد التأمين النهائي والتوريد على النحو الموضح سلفاً.
ومن حيث إنه عن مطالبة الجهة الطاعنة بمبلغ 2510 جنيهاً - باقي قيمة التأمين النهائي بما يوازي 10% من قيمة عطائها بدعوى حقها في مصادرة التأمين النهائي فإنه لا وجه لإجابتها إلى هذا الطلب أيضاً لأنه لا محل لتوقيع جزاء مصادرة التأمين النهائي لأنه لا يوجد تأمين نهائي مدفوع حتى يمكن مصادرته فضلاً عن أن المشروع لم ينص في المادة 24 من القانون رقم 9 لسنة 1983 سالف الذكر على جزاء مصادرة التأمين النهائي في حالة الشراء على حساب المورد المقصر.
ومن حيث إنه بالنسبة للتأمين الابتدائي المدفوع من قبل الشركة المطعون ضدها فإنه يحق للجهة الإدارية الاحتفاظ به إلى حين إتمام تنفيذ العقد على الحساب وإجراء التسوية الحسابية النهائية - وذلك لمواجهة الأضرار التي لحقت بها من جراء خطأ الشركة المطعون ضدها ومن ثم فإنه ينبغي عند حساب التعويض المستحق للجهة الطاعنة عن الأضرار التي لحقت بها جراء ذلك مراعاة خصم التأمين الابتدائي المدفوع من قبل الشركة المطعون ضدها وإذ لم تطالب الجهة الطاعنة بأية تعويضات أخرى ومن ثم تكون جملة المبالغ المستحقة للجهة الإدارية قبل الشركة المطعون ضدها تعويضاً لها عن الخسائر التي لحقت بها = 5625 جنيه (الفرق في الأسعار) + 3862.5 جنيهاً (تعويضاً عن قيمة المصروفات الإدارية التي تكبدتها) = 1487.5 جنيهاً.
ومن حيث إنه - بالبناء على ما تقدم - فإنه لما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن الشركة المطعون ضدها قد سددت قيمة التأمين الابتدائي وأن مبلغ التأمين الابتدائي الواجب سداده = 33000 جنيهاً (قيمة عطاء الشركة المطعون ضدها) × 2% (طبقاً لنص المادة 19 من القانون رقم 9 لسنة 1983 سالف الذكر) = 660 جنيهاً - وأن مقدار التأمين النهائي بواقع 10% من قيمة عطائها طبقاً لنص المادة 20 من القانون المذكور 33000 × 10% = 3300 جنيهاً وإذ خلت الأوراق من تحديد مبلغ التأمين الابتدائي المدفوع بالفعل من قبل الشركة المطعون ضدها - إلا أنه لما كانت الجهة الطاعنة تطالب بمبلغ 2510 جنيهاً باقي التأمين ومن ثم يكون مقدار التأمين الابتدائي الذي سددته الشركة المطعون ضدها = 3300 - 2510 = 790 جنيهاً - الأمر الذي ينبغي معه خصم هذا المبلغ من مستحقات الجهة الإدارية = 9487.5 - 790 = 8697.5 جنيهاً مما يتعين معه القضاء بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للجهة الإدارية الطاعنة مبلغ 8697.5 جنيهاً إذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب في شأن استحقاق مقابل المصروفات الإدارية التي تكبدتها جهة الإدارة المتعاقدة فإنه يكون قد صدر بالمخالفة للقانون ومشوباً بالخطأ في تأويله وتفسيره وخليقاً بالإلغاء في هذا الشق من قضائه.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن المحكمة تلزم بها الشركة المطعون ضدها عملاً بحكم المادة 186 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغ 8697.5 جنيهاً (ثمانية آلاف وستمائة وسبعة وتسعون جنيهاً وخمسون قرشاً)، ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الشركة المذكورة المصروفات.