مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 423

(50)
جلسة 30 من يناير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، ود. محمد عبد السلام مخلص، وعلي فكري حسن صالح، والصغير محمد محمود بدران - نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 1595 لسنة 36 القضائية

إصلاح زراعي - اللجان القضائية للإصلاح الزراعي - اختصاصها - طبيعتها - طبيعة قراراتها - الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - مجلس الإدارة - قراراته - طبيعتها - أثرها.
المادة 13 مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 1971.
القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها.
اللجان القضائية هي جهة قضائية أنشأها المشرع وخصها بالفصل دون سواها بما ينشأ عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي من منازعات متعلقة بملكية الأراضي المستولى عليها وقرارات الاستيلاء وما يتصل بتوزيعها - مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي هو المختص دون سواه بالتصديق على قراراتها - قرار التصديق يلحق ويكمل قرار اللجنة ويأخذ حكمه - أثر ذلك - يعتبر قرار التصديق قراراً قضائياً يحوز حجية وقوة الأمر المقضي ويقطع كل نزاع حول الملكية وصحة إجراءات الاستيلاء - مؤدى ذلك - عدم جواز تعديل قرار تعديل قرار التصديق أو سحبه أو إلغاؤه في أي وقت بعد صدوره - مخالفة ذلك - انحدار قرار التعديل أو السحب أو الإلغاء إلى درجة الانعدام - أساس ذلك - أن الأمر يتصل بتسيير القضاء أمام تلك اللجان بنص صريح في القانون - قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعي قبل صدور القانون رقم 69 لسنة 1971 كانت غير نهائية وكان القرار النهائي هو قرار التصديق الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - بعد صدور هذا القانون - أجاز الطعن في تلك القرارات أمام المحكمة الإدارية العليا - مؤدى ذلك - خضوعها للأحكام المنظمة للطعون أمام هذه المحكمة - اعتبار هذه القرارات نهائية بانقضاء ميعاد الطعن بعد العمل بالقانون رقم 69 لسنة 1971 بعدم الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا - فلم تعد نهائية تلك القرارات معلقة على تصديق مجلس إدارة الهيئة - استثناء - القرارات التي صدر بشأنها قرار نهائي من مجلس إدارة الهيئة - القانون إذا حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين أو القيام خلاله بتصرف معين فإن هذا الميعاد لا يسري إلا من الوقت الذي يتمكن فيه صاحب الشأن من اتخاذ الإجراء أو التصرف - قيام مانع قانوني أو مادي يمنعه من ذلك فلا يبدأ سريان الميعاد إلا بزوال المانع من التصرف - توفيق الأوضاع طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 لا يتم بإجراء شكلي أو عمل من أعمال الإدارة وإنما يتم بتصرفات قانونية - مؤدى ذلك - سلطة التصرف توفيقاً للأوضاع لا تنشأ إلا من وقت قدرته على استخدامها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 2/ 4/ 1990 أودع الأستاذ/.... المحامي أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن السيد/..... بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 482 أ لسنة 1990 بتاريخ 17/ 3/ 1990 مكتب توثيق بورسعيد - سكرتارية المحكمة، تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 1595 لسنة 36 ق. عليا في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الصادر بجلسة 26/ 2/ 1990 في الاعتراض رقم 495 لسنة 1985 والذي قضى بقبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعاً وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وبأحقية الطاعن في الاحتفاظ بخمسين فداناً لأفراد أسرته مع ما يترتب على ذلك من آثار ومنها أحقيته في ريع هذه المساحة بواقع سبعة أمثال الضريبة منذ الاستيلاء عليها سنة 1961 حتى تاريخ تسليمها إليه مع الفوائد القانونية وإلزام الهيئة المطعون ضدها بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وتم إعلان الهيئة المطعون ضدها بتقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
كما قدمت هيئة مفوضي الدولة، تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار رقم 13 لسنة 1985 الصادر من الهيئة المطعون ضدها مع إلزامها المصروفات.
وبجلسة 5/ 4/ 1995 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 20/ 6/ 1995 حيث نظرته المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 30/ 1/ 1996 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به. إلغاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات اللازمة وبعد المداولة.
من حيث إنه عن طلب الطاعن على ما هو مبين في ختام تقرير الطعن - أحقيته في ريع المساحة محل النزاع بواقع سبعة أمثال الضريبة منذ الاستيلاء عليها عام 1961 حتى تاريخ تسليمها إليه مع الفوائد القانونية فهذا الطلب في التكييف القانوني الصحيح يفيد طلب تعويض عن قرار الاستيلاء الملغي طرح لأول مرة أمام هذه المحكمة فلم يكن من ضمن طلبات الطاعن أمام اللجنة القضائية.
ومن حيث إن الطاعن لا يطرح على سوى المسائل التي بحثت أمام محكمة الدرجة الأولى (اللجنة القضائية) ومن ثم لا يجوز إبداء طلبات جديدة لأول مرة أمام محكمة الطعن وذلك عملاً بحكم المادة 235 من قانون المرافعات التي نصت على أنه "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة به تلقاء نفسها بعدم قبولها - ومع ذلك يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات...."
وحيث إن مؤدى نص المادة 235 مرافعات سالف الذكر أنه لا يجوز إبداء طلبات جديدة أمام محكمة الطعن إلا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والثالثة من هذه المادة، لأنه في قبول طلبات جديدة أمام محكمة الطعن إخلال بمبدأ التقاضي على درجتي وتفويض درجة من درجات التقاضي.
وإذا كان الثابت أن الطاعن أقام اعتراضه أمام اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعي وقصر طلباته فيها على استبعاد المساحة محل الاعتراض من الاستيلاء، فإن مطالبته أمام هذه المحكمة بريع تلك الأطيان خلال فترة الاستيلاء - هو إبداء لطلب جديد لم يكن مطروحاً أمام اللجنة القضائية لا يجوز قبوله وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول هذا الطلب وإلزام الطاعن مصروفاته.
حيث إنه عن طلب الطاعن إلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه والذي قضى برفض الاعتراض والقضاء بإلغاء الاستيلاء على مساحة المائة فدان، فإن الطعن بالنسبة لهذا الطلب قد استوفى أوضاعة الشكلية ومن ثم يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - تتلخص - حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن أمام الاعتراض رقم 495 لسنة 1985 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي - اللجنة الأولى - ضد المطعون ضده، قال فيه أنه اشترى من والده/..... أطياناً زراعية مساحتها 100 ف (مائة فدان) بناحية العباسة مركز أبو حماد محافظة الشرقية بعقد مؤرخ 15/ 6/ 1959 وأن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي استولت على تلك المساحة قبل والدة المذكور طبقاً للقانون رقم 127 لسنة 1961، لذلك أقام الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 مطالباً باستبعاد المساحة المبيعة له بموجب هذا العقد، وبجلسة 5/ 3/ 1964 أصدرت اللجنة قرارها بالاعتداد بهذا العقد واستبعاد الأطيان المبينة به مما استولى عليه قبل الخاضع/....... وفق أحكام القانون رقم 127لسنة 1961 - وقال المعترض أنه تم التصديق على قرار اللجنة المشار إليه من مجلس إدارة الهيئة بالقرار رقم 16 لسنة 1984 وقامت الهيئة بتنفيذه بتاريخ 17/ 3/ 1985 بمعرفة مديرية الإصلاح الزراعي بالشرقية بناحية أبو حماد شرقية إلا أنه فوجئ بأن المديرية وجهت إليه خطاباً بتاريخ 20/ 9/ 1985 بتحديد موعد 23/ 9/ 1985 للاستيلاء طبقاً لقرار الهيئة رقم 13 لسنة 1985 الصادر في 9/ 7/ 1985 باعتباره مخالفاً للقانونين 127 لسنة 1961، 50 لسنة 1969 إلا أن الطاعن اعتراض على هذا القرار بالاعتراض 971 لسنة 1963 سالف الذكر مطالباً بوقف تنفيذه وإلغاؤه لعدم خضوعه لأي من هذين القانونين، والإفراج عن القدر الصادر به القرار 13 لسنة 1985 - حيث إن الطالب لم يتسلم الأرض المفرج عنها - موضوع النزاع إلا بتاريخ 17/ 3/ 1985 ومن حقه تسوية أوضاعة خلال سنة وهى المدة القانونية وخاصة أنه لم يتسلم الأرض على الطبيعة حتى الآن، وانتهى المذكور إلى طلب الإفراج له عن مساحة 100 فدان (مائة فدان)، الصادر بها قرار لصالحه في الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 الواقعة بناحية العباسة مركز أبو حماد شرقية والتي احتفظ منها لنفسه بمساحة 50 فدان، 50 فدان لزوجته طبقاً للإقرار المقدم منه في 11/ 9/ 1974وترك المساحة الزائدة عن ذلك إن وجد للاستيلاء. كما قدم المعترض مذكرة بدفاعه استند فيها إلى أن أرض الاعتراض تعد من قبيل الملكية الطارئة في تطبيق أحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 والقانون رقم 50 لسنة 1969 وأنه يحق له التصرف فيها وتوفيق أوضاعه طبقاً للقانون 50 لسنة 1969 على هذا الأساس.
وبجلسة 26/ 2/ 1990 قررت اللجنة، قبول الاعتراض شكلاً وبرفضه موضوعاً وأسست قرارها على أن المعترض استند في مذكرة دفاعه إلى أن أرض النزاع تعد من قبيل الملكية الطارئة في تطبيق أحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 والقانون رقم 50 لسنة 1969 وأنة يحق له التصرف فيها وتوفيق أوضاعه طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969، ولما كان الاستناد إلى الملكية الطارئة طبقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 127 لسنة 1961 للتصرف في الزيادة الطارئة مشروط بأن تطرأ الزيادة في الملكية بعد العمل بقوانين الإصلاح الزراعي المطبق وأن تكون الزيادة بغير الطريق التعاقدي كالميراث والوصية وأن يقوم المالك بالتصرف خلال المدة المقررة، كما أنه طبقاً لنص المادة السابقة من القانون رقم 50 لسنة 1969 يجب لإعمال هذه الرخصة توافر شرطين أولهما: أن تطرأ الزيادة بعد العمل بالقانون. وثانيهما: أن تكون الزيادة بغير طريق التعاقد، وخلصت اللجنة من ذلك إلى أنه بتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع فإن الثابت من الأوراق أن مساحة 100 ف (مائة فدان) آلت للمعترض بطريق التعاقد قبل العمل بكل من القانون رقم 127 لسنة 1961 والقانون رقم 50 لسنة 1969 وأنه لا يصح القول بأن القرار الصادر في الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 بجلسة 5/ 3/ 1964 منشئ لملكية المعترض لتلك المساحة لأن قرار اللجنة في هذا الخصوص يعد كاشفاً للملكية ما دام أنه قضى بالاعتداد بعقد ثابت التاريخ قبل العمل بالقانون المطبق للاستيلاء ولذلك لا وجه للاستناد إلى الملكية الطارئة أو إلى توفيق الأوضاع طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 لأن - الواضح من الأوراق أن المعترض لم يتقدم بإقرار ملكية طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 إلا بتاريخ 11/ 9/ 1973 أي بعد فوات الميعاد القانوني وأن ملكيته عند صدور القانون المذكور تجاوزت الحد الأقصى المسموح به قانوناً، ولم يقم المعترض بتوفيق أوضاع الأسرة خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالقانون 50 لسنة 1969 سالف الذكر في 23/ 7/ 1969 بموجب تصرفات ثابتة التاريخ وانتهت اللجنة من كل ما تقدم إلى أن الاستيلاء على الأرض موضوع الاعتراض البالغ مساحتها 100 ف (مائة فدان) متفقاً مع القانون ومن ثم رفض الاعتراض.
وقد طعن المعترض على هذا القرار طالباً إلغاؤه لما شابه من خطأ في الوقائع والقانون وذلك للأسباب الواردة في تقرير الطعن ومذكرة دفاعه المودعة بتاريخ 30/ 11/ 1994 والتي حاصلها ما يلي: -
أولاً: أن قرار الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رقم 13 لسنة 1985 - موضوع هذا الطعن - الذي استند إلى رأي إدارة الفتوى المختصة - قام على أساس وقائع خاطئة وهى أن الطاعن كان يملك عند العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 مساحة 174 فدان تقريباً منها 74 فداناً نصيبه في المساحة التي اشتراها هو ووالده وشقيقه من السيدة/...... بالعقد المؤرخ 4/ 10/ 1947 ضمن مساحة 15 و1 و446 ف ومائة فدان اشتراها من والده بعقد مؤرخ سنة 1959، وبالتالي فإنه يخضع للقانون رقم 127 لسنة 1961 ولم يقدم إقراره أو توفيق أوضاعه خلال الستة أشهر التالية لذلك القانون ويعتبر بذلك متهرباً من تطبيق أحكامه بما يستوجب تطبيق حكم المادة 17 من القانون رقم 178 لسنة 1952 وحرمانه من توفيق أوضاعه، كما لم يقدم إقراره طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969، وهذه وقائع ومعلومات تخالف الحقيقة والواقع فالطاعن لم يتملك أي مساحة من الأطيان التي اشتراها والده بموجب العقد المؤرخ 4/ 10/ 1947 فقد اتفق جميع الأطراف في هذا العقد على تعديله ليكون والد الطاعن هو المشترى وحده لهذه المساحة دون الطاعن وصدر بذلك حكم محكمة المنصورة الكلية في الدعوى رقم 36 لسنة 49 بجلسة 22/ 5/ 1951 بصحة نفاذ هذا العقد على أساس أن والد الطاعن اشترى وحده كامل المسطح من السيدة/...... بموجب عقد مؤرخ 1947، وذلك قبل العمل بكافة قوانين الإصلاح الزراعي، وعلى ذلك فإن الطاعن لم يكن يملك عند صدور القانون رقم 127 لسنة 1961 إلا مائة فدان فقط المشتراة من والده بالعقد المؤرخ 15/ 6/ 1959 وبالتالي كانت ملكيته في حدود النصاب المقرر طبقاً لأحكام هذا القانون ومن ثم لم يكن مخاطباً بأحكامه ولا ملزماً بتقديم إقرار بملكيته طبقاً لذلك القانون وبذلك ينهار الأساس الذي قامت عليه الفتوى بسبب العرض غير الأمين للوقائع من جانب الإصلاح الزراعي، حيث عرض عليها عقد البيع المؤرخ 4/ 10/ 1947 دون الحكم الصادر بصحة ونفاذ هذا العقد لصالح والده وحده بالنسبة لكامل المساحة بجلسة 22/ 5/ 1951.
ثانياً: أن الإصلاح الزراعي استولى على المسطح موضوع النزاع لدى والد الطاعن طبقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 - حيث لم يعتد بالعقد الصادر له من والده في عام 1959 ببيع 100 فدان (مائة فدان) لذلك أقام الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 طلب فيه الاعتداد بالعقد المشار إليه في تطبيق القانون رقم 127 لسنة 1961 لثبوت تاريخه قبل العمل بذلك القانون وبجلسة 5/ 3/ 1964 صدر قرار اللجنة بالاعتداد بهذا العقد، وإلغاء الاستيلاء على المساحة موضوع هذا العقد ولم تطعن على هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا وأصبح قراراً نهائياً - وكان يتعين على الهيئة العامة للإصلاح الزراعي التصديق على هذا القرار إلا أن الهيئة تراخت في التصديق على هذا القرار حتى عام 1984 حيث صدر قرار مجلس إدارة الهيئة رقم 16 لسنة 84 في 11/ 11/ 1984 بالتصديق على قرار اللجنة القضائية في الاعتراض سالف الذكر. وبذلك ظلت هذه المساحة مستولياً عليها من الهيئة منذ عام 1961 حتى عام 1984 وكانت تضع اليد عليها وتتولى إدارتها بل أنها تصرفت في أجزاء منها بالبيع للغير لذلك صدر قرار الهيئة رقم 16 لسنة 1984 المشار إليه ونص على أن يرد للطاعن مساحات بديلة من المساحات المستولى عليها تعويضاً عن المساحات التي باعها الإصلاح الزراعي للغير من أرض النزاع، كما نص القرار على تكليف الطاعن بتقديم إقرار تملكه وتوفيق أوضاعه طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969.
وفى ظل هذا الوضع القائم من عام 1961، حتى صدور القانون رقم 50 لسنة 1969 كان بديهياً ألا يقدم الطاعن إقراراً بملكيته وألا يوفق أوضاعه طبقاً لهذا القانون وقت صدوره، وحين أخطر الطاعن في عام 1974 بصدور قرار اللجنة القضائية في الاعتراض 971 لسنة 1963 لصالحه ورغم أن القرار لم يصدق عليه إلا في عام 1984 ولم يوضع موضع التنفيذ إلا بهذا القرار، فقد بادر الطاعن في عام 1974 بتقديم إقرار بملكيته طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 واحتفظ لنفسه بمساحة خمسين فداناً وتصرف للأسرة في مساحة الخمسين فداناً الأخرى وترك الباقي للاستيلاء وهى مساحة 13 ف (ثلاثة عشر فداناً) ورثها عن والده المتوفى عام 1965.
ثالثاً: أنه رغم صدور قرار مجلس إدارة الهيئة رقم 16 لسنة 1984 بالتصديق على قرار اللجنة القضائية الصادر في الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 لصالح الطاعن، فإن الطاعن لم يتسلم المسطح محل النزاع منذ التصديق عليه وحتى تاريخ إقامة هذا الطعن. حيث فوجئ الطاعن وقبل مضي ثمانية أشهر على صدور قرار التصديق وقبل أن يوضع هذا القرار موضع التنفيذ بتسليم الطاعن المسطح موضوع النزاع - بصدور قرار مجلس إدارة الهيئة رقم 13 لسنة 1985 في 9/ 7/ 1985 بإلغاء قراره رقم 16 لسنة 1984 والاستمرار في الاستيلاء على المسطح استناداً إلى فتوى صادرة من إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة بناء على عرض خاطئ للوقائع جاء بها أن الطاعن يمتلك عند صدور القانون 127 لسنة 1961 على النحو السابق بيانه، والذي بناء عليها انتهت إدارة الفتوى إلى أن مساحة 100 فدان التي اشتراها الطاعن من والده عام 1959 لا تعتبر ملكية طارئة في تطبيق القانون رقم 127 لسنة 1961.
رابعاً: وبصدور قرار مجلس الإدارة رقم 13 لسنة 1985 بإلغاء القرار رقم 16 لسنة 1984، أقام الطاعن الاعتراض رقم 495 لسنة 1985 طالباً إلغاء قرار مجلس إدارة الهيئة رقم 13 لسنة 1985 سالف الذكر وما ترتب عليه من استمرار الاستيلاء على المسطح موضوع النزاع وتسليمه إليه وأحقيته في توفيق أوضاعه طبقا ً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969، وبجلسة 26/ 2/ 1990 - قررت اللجنة قبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعاً على النحو السابق تفصيله.
خامساً: أن الإصلاح الزراعي سبق وأن أعطى الطاعن شهادة بالمساحة المحتفظ بها طبقاً للإقرار المقدم منه عام 1974 تطبيقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 إلا أن الهيئة عادت وألغت هذه الشهادة وحرم الطاعن من الأراضي احتفاظه وهو مسلك لا سند له من القانون، لذلك فإن الطاعن يحق له الاحتفاظ بخمسين فداناً طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 وإلغاء الاستيلاء على هذا المسطح وتسليمه إليه.
سادساً: أن المادة الرابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 أجازت للمالك الذي تزيد ملكيته على خمسين فداناً أن يوفق أوضاعه بالتصرف في المساحة الزائدة للأسرة في حدود النصاب المسموح به قانوناً وهو مائة فدان وذلك بموجب تصرفات ثابتة التاريخ خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالقانون. كما أجازت المادة السابقة من ذات القانون للمالك الذي تؤول إليه زيادة في الملكية بعد العمل بالقانون لأكثر من خمسين فداناً بأي طريق من طرق كسب الملكية بغير طريق التعاقد أن يوفق أوضاعه ويتصرف في الزيادة إلى أسرته خلال المدة المحددة قانوناً وعلى ذلك فقد كان من حق الطاعن لو كانت هذه المساحة تحت يده عند العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 أن - يوفق أوضاعه وأن يتصرف في الزيادة في حدود مائة فدان للأسرة إلى أحد أفرادها، إلا أن الطاعن لم يستطع ممارسة هذا الحق بسبب استيلاء الإصلاح الزراعي على هذا المسطح على النحو السابق إيضاحه تفصيلاً وعندما أخطرته الهيئة في عام 1974 بصدور قرار اللجنة القضائية في الاعتراض 971 لسنة 1963 لصالحه بالاعتداد بمساحة المائة فدان المباعة له من والده عام 1959 فقد بادر الطاعن بتقديم إقرار بملكيته وبتوفيق أوضاعه بالتصرف في مساحة خمسين فداناً من هذا المسطح إلى أفراد أسرته وترك الباقي للاستيلاء ورغم تراخي التصديق على هذا القرار حتى عام 1984 بالقرار رقم 16 لسنة 1984 وبناء على ذلك لا يجوز للإصلاح الزراعي الاحتجاج على الطاعن بأنه لم يقدم إقراره أو يوفق أوضاعه في الميعاد القانوني (ستة أشهر) من تاريخ العمل بالقانون 50 لسنة 1969 لأن ملكيته لهذه المساحة كانت مستولى عليها وتحت يد الإصلاح الزراعي ومحل منازعة منذ عام 1961 فلم يكن مالكاً لهذا الأرض في نظر الإصلاح ولم يكن واضعاً اليد عليها وبذلك كان يستحيل على الطاعن، بل لم يكن ملزماً قانوناً، بتقديم إقرار ملكية أو توفيق أوضاع - وأيد الطاعن ذلك بقوله - أن الإصلاح الزراعي حين أصدر القرار رقم 16 لسنة 1984 بالتصديق على قرار اللجنة القضائية في الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 كلف الطاعن بتقديم إقرار بملكيته وبتوفيق أوضاعه وهو ما تم فعلاً من جانب الطاعن إلا أن الإصلاح الزراعي بادر وألغي دون سند من القانون - هذا القرار بموجب القرار رقم 13 لسنة 1985 - وأضاف الطاعن أن أحكام المحكمة الإدارية العليا وكذلك فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة مستقرة على أن أحكام الملكية الطارئة والأثر المترتب عليها تسري طالما أن هناك حائل يحول دون ممارسة المالك لملكيته والتصرف فيها تصرف الملاك ولا يسقط حقه في توفيق أوضاعه إلا بعد زوال هذا الحائل قانوناً وفعلاً واسترداد الطاعن لحقه في التصرف باستلامه المساحة محل النزاع وهو أمر لم يتحقق حتى الآن وبالتالي لم يسقط حق الطاعن في توفيق أوضاعه.
وبتاريخ 30/ 11/ 1994 أودع الطاعن مذكرة ردد فيها ما ورد بتقرير الطعن منتهياً فيها إلى التصميم على طلباته الواردة به.
وبجلسة 16/ 11/ 1994 أودع الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها حافظة طويت على كتاب الإدارة العامة للملكية والحيازة، مراقبة الاستيلاء تضمنت وجهة نظر الهيئة في الطعن وطلبت فيها رفضه تأسيساً على أن الهيئة - قامت على أثر تقدم السيد/..... بشكاوي من عدم قيام الإصلاح الزراعي بتسليمه مساحة 100 فدان الصادر لصالحه بها قرار اللجنة القضائية في الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 ثم استطلاع رأي إدارة الفتوى بمجلس الدولة بشأن هذا الموضوع التي ردت بكتابها رقم 16 في 6/ 1/ 1985 بعدم اعتبار مساحة المائة فدان المشار إليها ملكية طارئة مع عدم أحقية المذكور في توفيق أوضاع أسرته وقد وافق مجلس إدارة الهيئة على ما انتهت إليه إدارة الفتوى وصدر بها قرار مجلس الإدارة رقم 13 لسنة 1985 في 9/ 7/ 1985 وانتهت المذكرة إلى أن الطاعن كان يعلم علم اليقين أنه مالك للأرض موضوع الحكم الصادر لصالحه وفى حضوره وكان يجب عليه تقديم الإقرار وتوفيق الأوضاع في الموعد المحدد في القانون 50 لسنة 1969 خلال ستة أشهر من تاريخ صدور القانون أي في موعد أقصاه 22/ 1/ 1970، باعتباره المسئول القانوني عن الأسرة حيث لم يتطلب القانون في هذا الشأن تمكين الغير المتصرف إليه من وضع اليد.
وحيث إنه عن طلب الطاعن إلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه برفض الاعتراض والقضاء بإلغاء قرار الاستيلاء على مساحة 100 مائة فدان فإن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 5/ 3/ 1964 صدر قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 باستبعاد المساحة 100 ف (مائة فدان) من الاستيلاء قبل والد الطاعن وفقاً للقانون 127 لسنة 1961، استناداً إلى أنه اشتراها من والده عام 1959 بعقد ثابت التاريخ قبل العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 سالف الذكر، وأنه رغم صدور هذا القرار منذ عام 1964 إلا أن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لم يصدق على هذا القرار إلا في 11/ 11/ 1984 بالقرار رقم 16 لسنة 1984 بالإفراج عن مساحات من الأطيان المستولى عليها قبل والد الطاعن طبقاً للقانون 127 لسنة 1961 ومن بينها مساحة المائة فدان موضوع الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 والصادر باستبعادها من الاستيلاء قرار من اللجنة القضائية في 5/ 3/ 1964، ونص البند خامساً من قرار الهيئة رقم 16 لسنة 1984 المشار إليها على أنه بعد تسليم الطاعن الأراضي الموضحة بعالية يؤخذ عليه تعهد بتقديم الإقرارات المعدة بإدارة الاستيلاء وفقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 وقد تم الإفراج عن تلك المساحات في 17/ 3/ 1985.
وحيث إن الثابت أن الهيئة المطعون ضدها عادت بتاريخ 9/ 7/ 1985 وأصدرت القرار رقم 13 لسنة 1985 الذي انتهى تنفيذه إلى إعادة الاستيلاء على ذات المساحة موضوع الاعتراض رقم 971 لسنة 1963، وذلك بموجب محضر الاستيلاء المؤرخ 23/ 9/ 1985 أي بعد حوالي ستة أشهر من تاريخ التسليم الذي تم في 17/ 2/ 1985 تنفيذاً لقرار الإفراج رقم 16 لسنة 1984 في 11/ 11/ 1984 بالإفراج عن تلك المساحة، واستند قرار الاستيلاء الأخير رقم 13 لسنة 1985 إلى أن الطاعن كان يملك وقت العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 مساحة 4 س 8 ط 74 ف وأن ملكيته لمساحة 100 فدان موضوع الاعتراض 971 لسنة 1963 لا تعد ملكية طارئة لأن قرار اللجنة يعد كاشفاً لملكيته لهذا المساحة، وتضمن هذا القرار البند الرابع منه على عدم أحقية الطاعن، في توفيق أوضاع أسرته وفقاً للإقرار المقدم منه بعد الموعد القانوني وفقاً للقانون 50 لسنة 1969 وعلى الهيئة إعمال نص المادة الخامسة من هذا القانون على حالته، وقامت الهيئة بتنفيذ هذا القرار بموجب محضر الاستيلاء المؤرخ 23/ 9/ 1985.
ومن حيث إن المادة 13 من القانون رقم 178 لسنة 1952 المضافة بالقانون رقم 131 لسنة 1952 وقبل استبدالها القانون رقم 69 لسنة 1971 تنص على أن ".... وتشكل لجنة قضائية أو أكثر... وتختص هذه اللجنة دون غيرها عند المنازعة بما يلي: -
1 - تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء طبقاً للإقرارات المقدمة من الملاك وفقاً لأحكام القانون وذلك لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه منها.....، ويكون القرار الذي تصدره اللجنة العليا باعتماد الاستيلاء... بعد التحقيق والفحص بواسطة اللجان المشار إليها نهائياً وقاطعاً لكل نزاع في أصل الملكية وفى صحة إجراءات الاستيلاء والتوزيع.....
ومن حيث إن مؤدى نص المادة سالفة الذكر أن اللجان القضائية، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة. هي جهة قضائية أنشاها المشرع وخصها بالفصل دون سواها بما ينشأ عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي من منازعات متعلقة بملكية الأراضي المستولى عليها وقرارات الاستيلاء الصادر بشأنها وما يتصل بتوزيعها وأن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي هو المختص دون سواه بالتصديق على قرارات اللجنة القضائية، وقرار التصديق الذي يصدر في حدود هذا الاختصاص يعتبر مكملاً لقرار اللجنة القضائية ويأخذ حكمه، فيعتبر قراراً قضائياً يحوز قوة الأمر المقضي وتكون له حجيته فيما فصل فيه من الحقوق، إذ تلحق الصفة القضائية القرارات المكملة التي يختص بها مجلس إدارة الهيئة بإصدارها سواء صدرت بالموافقة أو عدم الموافقة على قرارات اللجان القضائية لأنها تتصل في الحالتين بتسيير القضاء أمام تلك اللجان بنص صريح في القانون وينتهي على ذلك أنه لا يجوز قانوناً لمجلس إدارة الهيئة تعديل قراره أو سحبه أو إلغاؤه في أي وقت بعد صدوره لاستنفاد ولايته بشأنه وإلا اعتبر قراره الذي يصدر في هذا الشأن تصدياً من جهة إدارية لعمل قضائي اكتسب الصفة النهائية وحاز قوة الأمر المقضي وهذا التصدي يخالف القانون مخالفة جسيمة تنحدر بالقرار إلى درجة الانعدام وقرار التصديق يعتبر بمثابة حكم نهائي يحوز حجية الأمر المقضي بقطع كل نزاع حول الملكية وفى صحة إجراءات الاستيلاء.
وحيث إن المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952 سالف الذكر بعد تعديلها بالقانون رقم 69 لسنة 1971 الذي عمل به اعتباراً من 23/ 9/ 1971 قد أجازت الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعي، والصادرة بعد العمل بهذا القانون أما بالنسبة للقرارات الصادرة قبل العمل بذلك القانون فقد نصت المادة السادسة منه على جواز الطعن فيها إذا تحققت الشروط الواردة بالنص وهى: -
1 - أن يكون القرار صادراً في إحدى منازعات تطبيق أحكام القانونين 178 لسنة 1952، 127 لسنة 1961.
2 - ألا يكون قد صدر بشأنه قرار نهائي من مجلس إدارة الهيئة.
3 - أن يتم الطعن في القرار خلال الستين يوماً التالية للعمل بأحكام هذا القانون.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن قرارات اللجان القضائية، قبل صدور القانون رقم 69 لسنة 1971 كان قرارات غير نهائية وكان القرار النهائي هو ذلك القرار الذي يصدر من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالتصديق على قرار اللجنة - أما بعد صدور هذه القانون، الذي أجاز الطعن في تلك القرارات أمام المحكمة الإدارية العليا - فقد خضعت تلك القرارات، التي هي بمثابة أحكام قضائية - إلى الأحكام المنظمة للطعون أمام المحكمة الإدارية العليا - ومؤدى ذلك أن قرارات تلك اللجان أصبحت بانقضاء ميعاد الطعن بعد العمل بالقانون رقم 69 لسنة 1971 بعدم الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا نهائية ولها حجية الأمر المقضي ولم تعد نهائية تلك القرارات معلقة على تصديق مجلس إدارة الهيئة كما كان الحال قبل صدور القانون رقم 69 لسنة 71 وإن كان المشرع قد استثنى من جواز الطعن في قرارات تلك اللجان أمام المحكمة الإدارية العليا، تلك التي صدر بشأنها قرار نهائي من مجلس إدارة الهيئة.
ومن حيث إنه لما كان ذلك، وكان الثابت بيقين من الأوراق أن المساحة محل النزاع موضوع الطعن كان قد صدر من اللجنة القضائية في 5/ 3/ 1964 في الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 - باستبعادها من الاستيلاء لصالح الطاعن، وخلت الأوراق مما يثبت صدور قرار من مجلس إدارة الهيئة بالموافقة أو عدم الموافقة عليها حتى صدر القانون رقم 69 لسنة 1971 الذي عمل به في 23/ 9/ 1971، وأجاز لذوي الشأن الطعن في قرارات اللجان القضائية السابقة عليه والتي لم يصدر بشأنها قرار نهائي من مجلس الإدارة خلال ستين يوماً من تاريخ العمل بأحكامه، أي لم يثبت من الأوراق صدور قرار نهائي من مجلس الإدارة بشأن الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 سالف الذكر، كما لم يتم الطعن عليه من الهيئة أمام المحكمة الإدارية العليا في خلال الستين يوماً من تاريخ العمل بالقانون رقم 69 لسنة 1971، فإنه بذلك يكون قرار اللجنة القضائية الصادر لصالح الطاعن في الاعتراض رقم 971 لسنة 1963 بالإفراج له عن مساحة مائة فدان موضوع هذا الاعتراض واستبعادها من الاستيلاء قد صار نهائياً وحائزاً لقوة الأمر المقضي وقاطعاً لكل نزاع حول الملكية وفى عدم صحة إجراءات الاستيلاء ويكون واجب التنفيذ كحكم قضائي له حجيته.
ومن حيث إن الهيئة المطعون ضدها، وتنفيذاً لقرار اللجنة القضائية سالف الذكر أصدرت قرارها رقم 16 لسنة 1984 في 11/ 11/ 1984 بالإفراج عن المساحة الصادر بها قرار اللجنة، ضمن مساحات أخرى أفرج عنها - وتضمن القرار تكليف الطاعن بتقديم إقراره وفقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 فإن هذا القرار يكون قد صدر سليماً وتنفيذاً صحيحاً لقرار اللجنة القضائية، الذي يعتبر وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة وأيدته المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 7 لسنة 1 دستورية - أحكاماً قضائية صادرة من جهة قضائية وليست قرارات إدارية، وهى بذلك تحوز قوة الأمر المقضي به وواجب التنفيذ - فإذا عادت الهيئة بعد ذلك بعدة أشهر وأصدرت قراراً جديداً هو القرار رقم 13 لسنة 1985 أعيد بموجب الاستيلاء على الأرض السابق الإفراج عنها تنفيذاً لقرار اللجنة القضائية، بمقولة أن إقراره المقدم منه في عام 1974 بملكيته وتوفيق أوضاع أسرته كان بعد الميعاد المحدد في القانون 50 لسنة 1969 فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون وتأويله ويكون قرارها هذا صدر على غير سند من القانون ذلك أنه وإن كانت المادة 4 من القانون رقم 5 لسنة 1969 قد أجازت للخاضع الذي تجاوز ملكيته أو ملكية أفراد أسرته الحد الأقصى المنصوص عليه في المادة الأولى أن يوفقوا أوضاعهم في نطاق ملكية المائة فدان التي يجوز للأسرة تملكها بالطريقة التي يرتضونها بموجب تصرفات ثابتة التاريخ خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام القانون المشار إليه وكان الثابت أن الإقرار الذي قدم في عام 1974 قد تم في الميعاد فإن قرار الاستيلاء تجاهل في هذا الخصوص أن الهيئة لم تقم بتنفيذ قرار اللجنة القضائية بالاستيلاء على الأرض محل النزاع منذ الإفراج.
ثانياً: أن استناد الهيئة في إصدارها هذا القرار - إلى عدم اعتبارها مساحة المائة فدان ملكية طارئة لأن قرار اللجنة في هذا الاعتراض يعد كاشفاً للملكية لهذه المساحة - لهو استناد في غير محله، ومقولة غير صحيحة، لأنه وإن كان صحيحاً القول بأن قرار اللجنة القضائية بشأن الملكية كاشفاً وليس منشئاً لها، إلا أن القرار تجاهل عدم تنفيذ الهيئة لهذا القرار منذ صدوره عام 1964 وحتى عام 1984. أي مدة قاربت العشرين عاماً - كانت خلالها الأرض محل النزاع مستولى عليها وتحت يد الهيئة ورغم كون قرار اللجنة بعد صدور القانون رقم 69 لسنة 1971، مع عدم طعن الهيئة عليه حكماً قضائياً له قوة الأمر المقضي به وواجب التنفيذ، مما كان يعد معه مانعاً قانونياً ومادياً حال بين الطاعن وبين اتخاذ الإجراءات الواردة في القانون رقم 50 لسنة 1969 في مواعيدها سواء من حيث تقديم الإقرار واختيار أرض الاحتفاظ أو توفيق الأوضاع، فمن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة انه إذا حدد القانون ميعاداً معيناً لاتخاذ إجراء معين أو القيام خلاله بتصرف معين فإن سريان هذا الميعاد لا يجري إلا من الوقت الذي يتمكن فيه صاحب الشأن من اتخاذ الإجراء أو التصرف أما إذا قام مانع قانوني أو مادي يمنعه من ذلك فإن الميعاد لا يبدأ في السريان إلا بزوال المانع من التصرف، إذ أنه لم يكن في مكنة صاحب الشأن - خلال زمن وجود المانع - التصرف في المساحة موضوع النزاع لوجود عقبة قانونية تعتبر قوة قاهرة حالة بينه وبين التصرف فيها، لذلك يمتد ميعاد التصرف إلى ما بعد زوال هذه العقبة، والتي بزوالها يسترد صاحب الشأن مظاهر الملكية والقدرة على التصرف للغير ونقل الملكية إليه لأن توفيق الأوضاع لا يتم بإجراء شكلي أو عمل من أعمال الإدارة وإنما يتم بتصرفات قانونية يجب أن تتوافر لها الشروط اللازمة لإجراء التصرف الناقل للملكية ومنها أن يكون في مكنة المتصرف نقل ملكية المتصرف منه إلى المنصرف إليه نقلاً قانونياً يعتد به القانون، وبهذا فإن سلطة التصرف توفيقاً للأوضاع لا تنشأ إلا من وقت قدرته على استخدامها، وهو تاريخ الإفراج النهائي وتسليم الأرض وبالتالي فإن استناد الهيئة في إصدارها لهذا القرار إلى أن توفيق الأوضاع الذي قدمه الطاعن عام 1974 قدم بعد الميعاد القانوني المحدد في القانون 50 لسنة 1969 استناد غير صحيح، لأنه بوجود المانع القانوني على النحو المتقدم صار هذا الميعاد مفتوحاً حتى زال المانع في 17/ 3/ 1985 وإذ كان من حق الطاعن تقديم إقراره وتوفيق أوضاعه في المواعيد محسوبة من تاريخ التسليم بعد الإفراج في 17/ 3/ 1985 فإنه يقدم إقراره وتوفيق أوضاعه في تاريخ سابق على ذلك وهو ما تم في عام 1974 يكون صحيحاً من باب أولى.
وحيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن الأرض محل النزاع لم يكن في مكنة أو سيطرة الطاعن منذ الاستيلاء عليها قبل عام 1963 وأن الإدارة تقاعست عن الإفراج عن تلك المساحة وتسليمها للطاعن رغم صدور قرار اللجنة القضائية باستبعادها من الاستيلاء على النحو السابق بيانه وأن هذا القرار أصبح نهائياً وواجب التنفيذ بعد صدور القانون رقم 69 لسنة 1971 وفوات مواعيد الطعن عليه قضاء فإنه لم يكن في مقدور الطاعن كأثر لذلك أن يقدم في الميعاد الذي حدده القانون إقراراً بملكيته وتوفيق أوضاعه بالتطبيق لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 الذي صدر عمل به في تاريخ كانت فيه الأرض محل النزاع تحت يد الهيئة المطعون ضدها استيلاء، وأنه لم يتم الإفراج عن تلك المساحة إلا بموجب القرار رقم 16 لسنة 1984 في 11/ 11/ 1984 تم تسليم الطاعن لها في 7/ 3/ 1985 وكان من المسلم به على ما سلف إيضاحه أن تقديم الإقرار بالملكية يتطلب بالضرورة أن يكون الطاعن على بينة من أمر هذه الأراضي وموافقاً على ما تم بشأنها من تصرفات بواسطة السلطة المختصة للتعرف على مدى بقائها في ملكه فإن تخلف الطاعن عن تقديم الإقرار وفقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 كان له ما يبرره وبسبب عذر مقبول ينأى به عن شبهة العمد الذي يقصد به التهرب من أحكام قانون الإصلاح الزراعي أو تعطيل أحكام ويظل حق الطاعن في اختيار أرض الاحتفاظ وفقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 قائماً ولا يسوغ إهداره لتخلف مبررات ذلك وإذ صدر قرار إعادة الاستيلاء على الأرض محل النزاع لهذا السبب فإنه يكون على غير سند من القانون ويتعين لذلك إلغاؤه وما يترتب على ذلك من آثار وأخصها أن يكون للطاعن حقه في اختيار أراضي الاحتفاظ وتوفيق أوضاعه وتعيين الأراضي التي يرى تركها للاستيلاء والزائدة عن حد الاحتفاظ وفقاً للقانون 50 لسنة 1969.
وحيث إن مؤدى ما تقدم فإنه من تاريخ تسليم الأرض للطاعن تبدأ سريان المواعيد الواردة في القانون رقم 50 لسنة 1969 في حق الطاعن سواء من حيث تقديم الإقرار أو توفيق الأوضاع وهو ما تضمنه فعلاً قرار الهيئة رقم 16 لسنة 1984، وعلى ذلك فإن الهيئة إذ أصدرت قرارها رقم 13 لسنة 1985 بحرمان الطاعن من توفيق أوضاع أسرته وفقاً للإقرار المقدم منه في عام 1974 بمقولة أنه قدم بعد الميعاد المحدد في القانون رقم 50 لسنة 1969 وإعمال نص المادة (5) من هذا القانون في حقه، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون وتأويله وصدر قرارها بالمخالفة لصحيح حكم القانون الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه وما يترتب عليه من آثار ومنها حقه في توفيق أوضاع أسرته وفقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 وفقاً لإقراره المشار إليه، وإذ ذهب قرار اللجنة القضائية المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه وإلغاء قرار الاستيلاء رقم 13 لسنة 1985.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته وفقاً النص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: أولاً: بعدم قبول طلب رفع المساحة محل النزاع وألزمت الطاعن مصروفات هذا الطلب.
ثانياً: قبول طلب إلغاء قرار اللجنة القضائية شكلاً وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وبإلغاء قرار الهيئة المطعون ضدها رقم 13 لسنة 1985 فيما تضمنه من الاستيلاء على المائة فدان موضوع الاعتراض رقم 971 لسنة 1963، ومن حرمانه من توفيق أوضاع أسرته وما يترتب على ذلك من آثار. وبأحقيته في توفيق تلك الأوضاع بالنسبة للمساحة المشار إليها وفقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب.