مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 519

(62)
جلسة 11 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد عبد الرحمن سلامة، والسيد محمد السيد الطحان، وأدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1302 لسنة 35 القضائية

أموال عامة - تستمد وصف العمومية من تخصيصها للمنفعة العامة - تفقد صفتها بانتهاء التخصيص.
المادة (88) من القانون المدني.
الأموال العامة تفقد صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وانتهاء التخصيص للمنفعة العامة كما يكون بقانون أو بقرار من الوزير المختص فإنه يجوز أن يكون بالفعل، إلا أنه يتعين أن يكون التجريد الفعلي من جانب الحكومة واضحاً كل الوضوح حتى لا يتعطل المال عن أداء الخدمة التي رصد لها، فلا ترفع الحصانة التي أسبغها القانون على الأموال العامة إلا بالنسبة لما يصبح منها فاقداً بالفعل لهذه الصفة فقداناً تاماً بطريقة مستمرة لا لبس فيها ولا انقطاع، فما يحمل محمل التسامح أو الإهمال من جانب الإدارة لا يصلح سنداً للقول بانتهاء تخصيص المال العام للمنفعة العامة التي رصد لها وزوال صفة العمومية على هذا الأساس، كما تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة والتجريد الفعلي للمال العام من صفته العامة من جانب الإدارة أو انتهاء الغرض بانقطاع استعمالها المستمر لهذا المال للغرض الذي كان مخصصاً من أجله إنما تعد من الوقائع التي يجب أن تنشط جهة الإدارة إلى التصدي لها بنفي حدوث التجريد الفعلي أو انتهاء الغرض بل إنه من الميسور عليها إقامة الدليل على استمرار تخصيص المال العام للمنفعة العامة وعدم انتهاء الغرض الذي من أجله خصص المال العام - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 23/ 3/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1302 لسنة 35 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 1862 لسنة 41 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليم المدعيين قطعة الأرض المبيعة لهم والمبينة الحدود والمعالم بالأوراق، وما يترتب على ذلك من آثار وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام المدعيين والإدارة بالمصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3/ 7/ 1995 وبجلسة 16/ 10/ 1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 10/ 12/ 1995 وفى هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 28/ 1/ 1996 ثم أعيد الطعن للمرافعة بذات الجلسة لتغير تشكيل الهيئة وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم 11/ 2/ 1996 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة - تخلص حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 2792/ 85 م أمام محكمة دمنهور الابتدائية بتاريخ 17/ 6/ 1985 طلبوا في ختامها أولاً: الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يسلما للمدعين قطعة الأرض الموضحة الحدود والمعالم والموقع والرقم بالصحيفة خالية مما يشغلها بالحالة التي تكون عليها عند التسليم نفاذاً لشروط المزاد المنوه عنها بالعريضة، ثانياً: بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعين مبلغ 150.000 جنيه كتعويض عن التأخير في تنفيذ ما عليهما من التزام وما أصاب المدعي من أضرار من جراء ذلك وبمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالوا بياناً لدعواهم أن الوحدة المحلية لمركز مدينة دمنهور أعلنت في أوائل عام 1979 عن شروط بيع بالمزاد العلني قطعة أرض مقسمة (تقسيم أرض مدرسة دمنهور الإعدادية) وأرفق بالإعلان صورة من مشروع تقسيم أرض المدرسة المذكورة وذيل المشروع بتوقيع المختصين وختم شعار الجمهورية وذلك تأكيداً لرسميته، وقد رست القطعة رقم 27 على المدعين وأخطروا بموافقة محافظ البحيرة واعتماده لرسو المزاد فقاموا بسداد كافة التزاماتهم تنفيذاً لشروط المزاد إلا أن الإدارة امتنعت عن تسليم الأرض رغم إنذارهم لها.
وبجلسة 23/ 5/ 1987 حكمت محكمة دمنهور الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها لمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص حيث قيدت لديها برقم 1862 لسنة 41 ق.
وبجلسة 26/ 1/ 1989 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليم المدعين قطعة الأرض المبيعة لهم والمبينة الحدود والمعالم بالأوراق، وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام المدعين والإدارة بالمصروفات مناصفة، وأقامت المحكمة قضاءها على أن حقيقة طلبات المدعين هي الحكم أصلياً بإلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليمهم قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بالأوراق وما يترتب على ذلك من آثار أخصها تسليمهم قطعة الأرض المشار إليها فضلاً عن تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء الامتناع عن تسليمهم قطعة الأرض المذكورة واحتياطياً بفسخ عقد بيع تلك الأرض وإلزام الإدارة برد كافة المبالغ التي أدوها إليها ومقدارها 37175.660 جنيهاً وفوائدها القانونية من تاريخ السداد حتى الاسترداد مع تعويض مالي قدره (150000جنيهاً) عما فاتهم من كسب نتيجة إخلال الإدارة بالتزاماتها بإتمام البيع وتسليم الأرض مع إلزام الإدارة بالمصروفات، وطلبت الإدارة في الدعوى الفرعية إلزام المدعى عليهم فيها بأداء ما عسى أن يحكم به عليها من تعويض في الدعوى الأصلية.
وأن الثابت من مطالعة الأوراق أن الوحدة المحلية لمدينة ومركز دمنهور قامت بإعداد مشروع تقسيم أرض المدرسة الإعدادية للبنين بدمنهور وبيعها بطريق المزاد العلني بناء على قرار صادر من المجلس الشعبي المحلي بجلسة 21/ 1/ 1979 ووافق عليه المجلس التنفيذي لمحافظة البحيرة برئاسة المحافظ وتم اعتماد ذلك التقسيم من المحافظ في 14/ 3/ 1979 وتم إجراء المزاد ورسى على المدعي القطعة رقم 27 من التقسيم المذكور وصدرت موافقة المحافظ على هذا البيع وقامت الإدارة تنفيذاً لتوجيه المجلس الشعبي المحلي ببناء مدرسة جديدة بديله لتنقل إليها المدرسة الإعدادية للبنين المشار إليها ثم عدلت عن تخصيص المبنى الجديد لتلك المدرسة وذلك لنقل المدرسة الثانوية للبنات إلى المبنى الجديد بعد أن شغل مبنى مدرسة البنات فرع جامعة الأزهر بدمنهور وبعرض الأمر على المجلس الشعبي المحلي قرر في 12/ 2/ 1984 إلغاء قراره الصادر في 21/ 1/ 1979 بتقسيم وبيع تلك الأرض. وأن اعتماد محافظ البحيرة تقسيم وبيع أرض المدرسة المذكورة بناء على توصية المجلس الشعبي المحلي ببناء مدرسة جديدة تنقل إليها المدرسة المشار إليها، هذه الموافقة تنطوي على نية تجريد أرض المدرسة المذكورة من صفة المنفعة العامة وذلك بانتهاء الغرض الذي خصصت له، ويغدو التعاقد الذي تم بين المدعين والإدارة ببيع قطعة من تلك الأرض جائزاً.
ومن حيث إن امتناع جهة الإدارة عن تسليم قطعة الأرض المشار إليهما للمدعين بعد بيعها إليهم يستند إلى عدم جواز ذلك لعدم فقدها صفتها العامة مما يبطل بيعها وهو سبب غير صحيح قانوناً إذ أن قرار اعتماد التقسيم والبيع الصادر من المحافظ والذي ينطوي على نية تجريد تلك الأرض من صفة العمومية تحصن بفوات مواعيد سحبه أو إلغائه فضلاً عن أن المجلس الشعبي المحلي لا يملك هذا السحب أو الإلغاء لا قبل تحصن القرار ولا بعده مما يجعل التزام الجهة الإدارية بتسليم المبيع أمراً واجباً قانوناً فيغدو الامتناع عن ذلك بمثابة قرار إداري سلبي مفتقداً ركن السبب الصحيح ويكون الطعن عليه بالإلغاء مستنداً إلى الحق ويتعين إجابة المدعين إليه والحكم بإلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن تسليم المدعين قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وما يترتب على ذلك من آثار أخصها حق المدعين في استلام تلك الأرض طبقاً لشروط البيع التي أبرم العقد على أساسها، وبالنسبة لطلب المدعين التعريض عن الأضرار التي لحقتهم من جراء قرار الامتناع عن تسليمهم الأرض المذكورة فإن المحكمة إذ قضت بإلغاء القرار المذكور وما يترتب على ذلك من تسليمهم الأرض خير تعويض للمدعين بالنظر إلى الارتفاع المستمر في ثمن الأرض ومن ثم تغدو مطالبته بالتعويض غير ذات موضوع متعيناً الحكم برفض طلب التعويض، وما دامت الدعوى الأصلية قد رفضت في شقها الخاص بطلب التعويض فتصبح الدعوى الفرعية التي أقامتها الإدارة بإلزام المدعى عليهم فيها بما عسى أن يحكم به عليها على غير سند متعيناً القضاء برفضها.
ومن حيث إن مبنى الطعن الذي أقامته جهة الإدارة على الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تسليم المدعين قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بالأوراق أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أن أرض النزاع كانت وما زالت مخصصة للنفع العام وما زالت تشغلها مباني مدرسة دمنهور الإعدادية للبنين وأن هذه المدرسة مستمرة في أداء رسالتها التعليمية قبل طرح الأرض في المزاد وبعده وهو ما يعني أن الأرض ما زالت مخصصة للنفع العام بالفعل لعدم انتهاء الغرض الذي خصصت من أجله كما أنه لم يصدر ثمة قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص بانتهاء هذا التخصيص ومن ثم فإن هذه الأرض تخرج عن دائرة التعامل باعتبارها من الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم وعليه يكون قرار الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور بإعداد مشروع تقسيم تلك الأرض وطرحها في المزاد قد صدر غصباً لسلطة الجهة الإدارية المختصة مما ينحدر به إلى درجة الانعدام ويكون امتناع الجهة الإدارية عن تسليمها للراسي عليهم المزاد مسلكاً مشروعاً مستنداً إلى ما يبرره واقعاً وقانوناً لاستحالة هذا التسليم. ولا ينال من ذلك القول أن القرار الأول قد تحصن بانقضاء المواعيد المقررة لسحبه أو إلغائه لكونه قراراً منعدماً لا تنسحب إليه الحصانة المقررة للقرارات الصحيحة.
ومن حيث إن المادة (88) من القانون المدني تنص على أن "تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة. وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة.
ومن حيث إن القضاء مستقر على أن الأموال العامة تفقد صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وانتهاء التخصيص للمنفعة العامة كما يكون بقانون أو بقرار من الوزير المختص فإنه يجوز أن يكون بالفعل إلا أنه يتعين أن يكون التجريد الفعلي من جانب الحكومة واضحاً كل الوضوح حتى لا يتعطل المال عن أداء الخدمة التي رصد لها فلا ترفع الحصانة التي أسبغها القانون على الأموال العامة إلا بالنسبة لما يصبح منها فاقداً بالفعل لهذه الصفة فقداناً تاماً بطريقة مستمرة لا لبس فها ولا انقطاع. فما يحمل محمل التسامح أو الإهمال من جانب الإدارة لا يصلح سنداً للقول بانتهاء تخصيص المال العام للمنفعة العامة التي رصد لها، وزوال صفة العمومية على هذا الأساس. كما تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة والتجريد الفعلي للمال العام من صفته العامة من جانب الإدارة أو انتهاء الغرض بانقطاع استعمالها المستمر لهذا المال للغرض الذي كان مخصصاً من أجله إنما تعد من الوقائع التي يجب أن تنشط جهة الإدارة إلى التصدي لها بنفي حدوث التجريد الفعلي أو انتهاء الغرض بل إنه من الميسور عليها إقامة الدليل على استمرار تخصيص المال العام للمنفعة العامة وعدم انتهاء الغرض الذي من أجله خصص المال العام.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن رئيس مجلس الوزراء كان قد أصدر القرار رقم 197 لسنة 1979 بتشكيل لجان لوضع سياسة قومية لحل مشكلة الإسكان بكل محافظة، وإعمالاً لذلك فقد شكلت لجنة محافظة البحيرة التي قامت بحصر مساحات الأراضي التي يمكن الاستفادة منها في بناء المساكن عليها للتخفيف من حدة أزمة المساكن وقد ارتأت اللجنة طرح قطعة أرض مقامة عليها المدرسة الأميرية الإعدادية بدمنهور للبيع بالمزاد العلني على أن تستغل المبالغ المتحصلة من هذا البيع في بناء مساكن وعلى أن تبنى مدرسة بديله، وقد وافق على ذلك المجلس التنفيذي لمحافظة البحيرة، وتنفيذاً لذلك قامت الوحدة المحلية لمدينة دمنهور بتقسيم الأرض المشار إليها واعتمد هذا التقسيم من محافظ البحيرة في 14/ 3/ 1979 م وأعلنت الوحدة المحلية عن البيع بالمزاد العلني وأرسى المزاد على مورث المطعون ضده الأول لشراء القطعة رقم (27) من قطع التقسيم، وأخطر بموافقة محافظ البحيرة عن بيع هذه القطعة له وفى المقابل قام الورثة بالوفاء بالالتزامات الواجبة عليهم طبقاً لشروط التعاقد، إلا أن الجهة الإدارية لم تقم بتسليم الأرض إلى مشتريها في الموعد الذي كان محدداً للتسليم بحجة أن المجلس الشعبي لمدينة دمنهور أصدر قراره بتاريخ 12/ 2/ 1984 بإلغاء البيع وبالتالي فإن الأرض لم تدخل بعد في ملكية الدولة الخاصة وأنها لا زالت متمتعة بصفة المال العام ولا يجوز بيعها.
ومن حيث إن قرار اعتماد تقسيم الأرض المتنازع عليها إلى سبعة وعشرون قطعة وبيعها - ومن بينها القطعة المباعة للمطعون ضدهم الأول - وهو القرار الصادر من محافظ البحيرة إنما ينطوي - وكما ذهب الحكم المطعون فيه - على نية تجريد الأرض من صفة العمومية وخلع هذه الصفة عنها وإدخالها في الملكية الخاصة للدولة، وقد صدر القرار في سنة 1979، واستمر بيع هذه القطع بالمزاد طوال عام 1979، وقد عرضت على المحافظ بتاريخ 26/ 4/ 1980 مذكرة باعتماد البيع وتنفيذ شروط العقد وافق عليها المحافظ، وبتاريخ 12/ 2/ 1984 أصدر المجلس الشعبي المحلي لمدينة دمنهور توصية بإلغاء هذا البيع ولم يصدر بهذه التوصية قرار من المحافظ ولم تنهض جهة الإدارة إلى إقامة الدليل على استمرار الدراسة بتلك المدرسة طوال الفترة من تاريخ صدور قرار المحافظ باعتماد البيع وحتى توصية المجلس الشعبي المذكور في 12/ 2/ 1984 وبعد ذلك وهو ما يؤكد نية الإدارة في تجريد هذه الأرض من صفة النفع العام الأمر الذي تأيد بما حوته حافظة مستندات المطعون ضدهم المقدمة بجلسة 3/ 7/ 1995 أمام دائرة فحص الطعون - ولم تجحدها جهة الإدارة - إذ حوت صورة من قرار محافظ البحيرة رقم 332 لسنة 1989 بالاستغناء عن أرض المدرسة وتغيير تخصيصها من أرض مخصصة للمنفعة العامة (مدرسة) إلى أرض ملك خاص للوحدة المحلية كما حوت صورة من محضر التسليم المؤرخ 27/ 3/ 1991 بمقتضاه تسلم المطعون ضدهم قطعة الأرض رقم 27 المباعة لهم كل ذلك يقطع في الدلالة على فقدان قطعة الأرض محل النزاع لصفة النفع العام بالفعل بطريقة مستمرة لا لبس فيها ولا انقطاع بإجراء من جانب الإدارة اتخذ شكل التعاقد بالبيع وليس من قبيل التسامح أو الإهمال ومن ثم تكون قطعة الأرض المشار إليها قد فقدت صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ويكون في امتناع جهة الإدارة عن تسليم المطعون ضدهم الأول لقطعة الأرض الراسي مزادها عليهم ثمة قرار إداري سلبي غير مرتكن إلى سنده من القانون جديراً بالإلغاء وهو ما انتهى إليه - عن بصيرة - الحكم المطعون فيه ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.