مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 539

(64)
جلسة 13 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: د.حمدي محمد أمين الوكيل، وعلي فكري حسن صالح، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطه - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 558 لسنة 34 القضائية

دعوى - دعوى الإلغاء - ميعاد رفعها - المرض العصبي لا يقطع الميعاد.
المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
المرض العصبي لا يعتبر قوة قاهرة - مؤدى ذلك - أنه لا يصلح أن يكون سبب لانقطاع الميعاد أو امتداده - أساس ذلك - أنه لا يعدم إرادة من يصاب به ولا ينقص من أهليته كما أنه لا يعد مرضاً عقلياً يحول دون مباشرة دعوى الإلغاء في ميعادها وبالتالي فإنه لا يؤدى إلى وقف هذا الميعاد.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 1/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً طعن قيد بجدولها برقم 558 لسنة 34 ق. ع وذلك طعناً على الحكم الصادر من دائرة التسويات بمحكمة القضاء الإداري بجلسة 2/ 12/ 1987 في الدعوى رقم 3142 لسنة 36 ق الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بأحقية المدعي في اعتبار يوم 20/ 3/ 1979 هو تاريخ انتهاء خدمته العسكرية لعدم اللياقة الطبية أثناء وبسبب الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات وقد طلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفض الدعوى موضوعاً وقد أعلن الطعن للمطعون ضده أمام النيابة العامة على النحو الثابت بالأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهى إلى قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 17/ 5/ 1995 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 11/ 7/ 1995 وقد نظرته الدائرة الأخيرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت حجزه للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 2/ 12/ 1987 وكان الطعن قد أقيم في 24/ 1/ 1988 فإنه يكون قد أقيم خلال الميعاد المحدد للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا بنص المادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولا ًشكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 11/ 5/ 1982 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 3142 لسنة 36 ق أمام دائرة التسويات (ب) بمحكمة القضاء الإداري وذلك للحكم له باعتبار يوم 20/ 3/ 1979 هو تاريخ انتهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار تنظيمية ومالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأوضح أنه تطوع للخدمة العسكرية في 15/ 10/ 1963 وأصيب في 11/ 6/ 1974 أثناء الخدمة وبسببها بمرض أعصاب مزمن شديد نقل على أثره إلى إحدى المستشفيات العسكرية للعلاج وفى 1/ 7/ 1987 صدر قرار بفصله من الخدمة العسكرية بسبب عدم رغبته في التجديد ورغم صدور هذا القرار فإن علاجه بالمستشفى العسكري استمر إلى أن عرض على اللجنة الطبية المختصة بالأمراض العصبية والنفسية في 17/ 3/ 1979 التي قررت إصابته بمرض أعصاب شديد مزمن أثناء الخدمة وبسببها اعتباراً من 11/ 6/ 1974 وعدم لياقته الطبية للاستمرار في الخدمة ومن ثم أصدرت قراراً بإنهاء خدمته لعدم اللياقة للخدمة العسكرية وصدق المجلس الطبي العسكري العام على هذا القرار في 20/ 3/ 1979، وبناء على ذلك قررت لجنة التعويضات تعديل سبب إنهاء خدمته من عدم الرغبة في التجديد إلى عدم اللياقة الطبية بسبب الخدمة اعتباراً من 1/ 7/ 1978 بتاريخ انتهاء مدة التطوع في حين أنه كان يتعين إنهاء خدمته من 20/ 3/ 1979 تاريخ تصديق المجلس الطبي العسكري العام على قرار اللجنة الطبية للأمراض النفسية والعصبية الذي تضمن إنهاء خدمته لذات السبب لأنه من غير المعقول أن يعرض على اللجنة الطبية في 20/ 3/ 1979 وخدمته منتهية اعتباراً من 1/ 7/ 1978 ولعدم جواز الاعتداد برغبته في عدم التجديد لأنه كان فاقد الأهلية وقت إبداء تلك الرغبة في 1/ 7/ 1978 وفقاً لقرار اللجنة الطبية الذي أكد إصابته بالمرض اعتباراً من 11/ 6/ 1974.
وبجلسة 2/ 12/ 1987 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبأحقية المطعون ضده في اعتبار يوم 20/ 3/ 1979 هو تاريخ انتهاء خدمته العسكرية لعدم اللياقة الطبية أثناء وبسبب الخدمة مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات واستندت في ذلك إلى أن حقيقة طلبات المدعي تسفر عن طلب عدم الاعتداد بالقرار الصادر بإنهاء خدمته فيما تضمنه من تحديد تاريخ هذا الانتهاء ليكون اعتباراً من 20/ 3/ 1979 بدلاً من 1/ 7/ 1978، وأن رغبته في عدم التجديد في 1/ 7/ 1978 وفقاً لأحكام المواد 118 و122 و123 من القانون رقم 106 لسنة 1964 صدرت عن إرادة غير سليمة لأنه أصيب وفقاً للثابت بقرار اللجنة الطبية المختصة بمرض أعصاب مزمن منذ 11/ 6/ 1974 الأمر الذي يفقده الأهلية وبالتالي يحول دون سريان مواعيد الطعن في القرارات الإدارية بدعوى الإلغاء في مواجهته الأمر الذي يقتضي قبول دعواه شكلاً، وفيما يتعلق بالموضوع أكد الحكم أن إنهاء الخدمة بسبب عدم اللياقة الطبية وفقاً لنص المادة 122 و123 من القانون رقم 16 لسنة 1964 سالف الذكر إنما يتم من تاريخ صدور قرار المجلس الطبي العسكري المختص ومن ثم اعتبر خدمة المطعون ضده منتهياً من 20/ 3/ 1979 تاريخ صدور قرار اللجنة الطبية بعدم لياقته طبياً للخدمة العسكرية ولم يعتد في هذا الصدد برغبته في عدم التجديد التي أبداها بتاريخ 1/ 7/ 1978 باعتبار أنه كان فاقداً للأهلية في التاريخ الأخير.
ومن حيث إن حقيقة طلبات المطعون ضده في الدعوى رقم 3142 لسنة 36 ق هو طلب الحكم بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته فيما تضمنه من اعتبار خدمته منتهية في 1/ 7/ 1978 تاريخ إبداء رغبته في عدم تجديد تطوعه بالخدمة العسكرية واعتبار خدمته منتهية في 20/ 3/ 1979 تاريخ تصديق المجلس الطبي العسكري على قرار اللجنة الطبية بعدم لياقته صحياً للخدمة العسكرية.
ومن حيث إن الطعن في هذا القرار يتقيد بالميعاد المنصوص عليه بالمادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي تنص على أن (ميعاد رفع الدعوى أمام محكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به).
وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديمه. وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً ويعتبر مضي ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه.
ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة،.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من المستندات المقدمة من المطعون ضده أمام محكمة القضاء الإداري أنه تظلم عدة مرات من القرار المطعون فيه خلال عام 1979 مطالباً بتعديل تاريخ إنهاء خدمته وأن هيئة التنظيم والإدارة بالقوات المسلحة ردت عليه برقم 162/ 6/ 79/ ت/ 4039 وتاريخ 9/ 12/ 1979 برفض تظلمه كما أنه تظلم من ذات القرار في 25/ 2/ 1980 وتلقى رداً برفض تظلمه من ذات الإدارة برقم 162/ 16/ 8/ 609 وتاريخ 4/ 3/ 1980، وإذ لم يقم المطعون ضده دعواه إلا في 11/ 5/ 1982 فإنه يكون قد أقامها بعد انتهاء الميعاد.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ثبوت إصابة المطعون ضده بمرض العصاب الشديد المزمن وفقاً لقرار المجلس الطبي العسكري العام الصادر في 20/ 3/ 1979 ذلك لأن المرض العصبي لا يعتبر وفقاً للمستقر عليه في قضاء هذه المحكمة قوة قاهرة وتبعاً لذلك فإنه لا يصلح لأن يكون سبباً لانقطاع الميعاد أو امتداده لأنه لا يعدم إرادة من يصاب به ولا ينقض من أهليته كما أنه لا يعد مرضاً عقلياً يحول دون مباشرة دعوى الإلغاء في ميعادها وبالتالي فإنه لا يؤدى إلى وقف هذا الميعاد والثابت مما سلف إيضاحه أن هذا المرض لم يمنعه من التظلم إلى الجهة الإدارية المختصة طالباً تعديل التاريخ الذي تنتهي منه خدمته.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإنه يكون من المتعين الحكم بعدم قبول الدعوى رقم 3142 لسنة 31 ق المقامة من المطعون ضده شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى رقم 3142 لسنة 36 ق شكلاً وألزمت المطعون ضده المصروفات.