مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 545

(65)
جلسة 13 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، ود. حمدي محمد أمين الوكيل، ومحمد إبراهيم قشطه - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2558 لسنة 36 القضائية

عاملون بالقطاع العام - مسئولية - نظرية الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي - عدم انطباقها عليهم.
قوانين العاملين بالقطاع العام ابتداءً من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 وانتهاءً بالقانون رقم 48 لسنة 1978.
نظرية الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي قد نشأت في ظل نظم التوظف المتعلقة بالعاملين بالحكومة التي تشمل الجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية أي عمال المرافق العامة - ابتدع القضاء الإداري هذه النظرية لحسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد حتى لا يحجم عمال المرافق العامة عن القيام بواجباتهم الوظيفية خشية المسئولية عن كل ما يقع منهم من أخطاء بمناسبة تسيير المرافق العامة، فقامت هذه النظرية على أساس التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي بحيث لا يسأل العامل عن الخطأ المرفقي وهو الخطأ الذي يقع من عامل معرض للخطأ والصواب وبمناسبة تسيير المرفق العام.
المشرع قنن هذه النظرية في قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971، 47 لسنة 1978 المشرع لم يأخذ بهذه النظرية في مجال المساءلة التأديبية للعاملين بالقطاع العام - أساس ذلك - خلو نصوص قوانين العاملين بالقطاع العام المتعاقبة ابتداءً من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1996 وانتهاءً بالقانون رقم 48 لسنة 1978 من النص على تقنين هذه النظرية - مؤدى ذلك - رجوع وحدات القطاع العام على العاملين بها بقيمة الأضرار التي تصيبها نتيجة لخطئهم مناطه توافر أحكام المسئولية المنصوص عليها في القانون المدني وقوامها ثبوت الخطأ في حق العامل وإصابة الجهة التي يعمل بها بأضرار مع توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر. تطبيق.
ليس هناك تلازم حتمي بين الخطأ التأديبي للعامل وتحميله بما أصاب الشركة من أضرار - أساس ذلك - أن مفاد نص المادة (165)، (215) من القانون المدني أنه يمكن لمن أحدث الضرر أن ينفي توافر علاقة السببية بين الخطأ الذي ارتكبه والضرر الذي حدث للمضرور وذلك في عدة صور منها وقوع خطأ من المضرور يجب الخطأ الذي ثبت في حقه ويتحقق ذلك بأن يكون خطأ المضرور يفوق كثيراً في جسامته الخطأ المنسوب إليه إما لأن خطأ المضرور هو خطأ عمدي أو لأن الخطأ المنسوب إليه هو نتيجة لخطأ المضرور، كما يجوز لمن أحدث الضرر إن يثبت وقوع خطأ مشترك منه ومن المضرور بحيث لا يكون أيهما مسئولاً وحده عن الضرر الذي حدث وإنما وقع هذا الضرر نتيجة خطأ مشترك بينهما - مؤدى ذلك - تقسيم التعويض بينهما بمقدار خطأ كل منهما ومساهمته في إحداث الضرر. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 13/ 6/ 1990 أودع الأستاذ/..... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا والوكيل عن الطاعن بصفته بمقتضى التوكيل العام رقم 651 لسنة 1986 توثيق أبو المطامير والصادر من مدير عام الإدارة القانونية لشركة شمال التحرير الزراعية والوكيل عن الطاعن بصفته بالتوكيل العام رقم 294 لسنة 1985 توثيق أبو المطامير قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 2558 لسنة 36 ق ضد السيد/..... في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 14/ 4/ 1990 في الطعن التأديبي رقم 37 لسنة 31 ق المقام من المطعون ضده قضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً فيما يتعلق بالجزاء الموقع على الطاعن وببطلان تحميل الطاعن مع آخر متضامنين بالتساوي بمبلغ 2057 جنيه وما يترتب على ذلك من آثار وبختام تقرير الطعن يطلب الطاعن بصفته الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه فيما قضى به من بطلان تحميل المطعون وآخر بمبلغ 2057 جنيه.
وقد أعلن المطعون ضده بتقرير الطعن.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بطلان تحميل المطعون ضده مع آخر متضامنين بالتساوي بمبلغ 2057 جنيه وبرفض الطعن التأديبي المقام من المطعون ضده أمام المحكمة التأديبية.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قدمت مذكرة تتضمن أن المحكمة الإدارية العليا قد استقرت على أن نظرية الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي لا تطبق على العاملين بالقطاع العام ومن ثم فإنه يتعين لتحميل العامل بالقطاع العام بقيمة الأضرار التي تصيب وحدات القطاع العام الرجوع إلى القاعدة العامة في المسئولية التقصيرية طبقاً لحكم المادة (163) في القانون المدني والتي توجب توافر الخطأ في حق المدعي وأن يصيب الدائن ضرر مع توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر وبالتالي فإنه وقد انتهى الحكم المطعون عليه إلى مشروعية القرار الصادر بمجازاة المطعون ضده لما نسب إليه من الإهمال في أداء عمله برعاية وحراسة الأغنام المكلف بحراستها كان عليه التزاماً بحكم المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 التي تقرر حجية الأحكام القضائية عدم مناقشة مدى توافر ركن الخطأ في حق المطعون ضده وبالتالي إلزامه بتعويض الشركة الطاعنة بالأضرار التي أصابتها وإذ انتهى الحكم المطعون عليه إلى غير ذلك فإنه يكون مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء وبجلسة 5/ 5/ 1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 8/ 6/ 1993 وقد أحيل الطعن إلى المحكمة وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدم المطعون ضده مذكرة تضمنت أن الحكم المطعون عليه فيما قضى به من إلغاء قرار تحميله بقيمة الأغنام التي نفقت لم تؤسس على فكرة الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي وإنما بني على فكرة الخطأ المشترك الذي ثبت توافره في حقه وحق الشركة الطاعنة لعدم قيامها بتوفير السلاح اللازم لقيامه بأعمال الحراسة واستطرد الطاعن في مذكرته إلى أن أحكام المسئولية الواردة بالقانون المدني لا تجيز للشركة الرجوع عليه بقيمة الأضرار التي أصابتها بحسبان ذلك من اختصاص القضاء وحده وقررت المحكمة بجلسة 21/ 11/ 1990 النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما هو ثابت بالأوراق - تخلص في أن المطعون ضده أقام الطعن التأديبي رقم 37 لسنة 31 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية ضد رئيس مجلس إدارة شركة شمال التحرير الزراعية طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 239 لسنة 1988 فيما تضمنه من مجازاته بخصم خمسة أيام من أجره مع تحميله وآخر بمبلغ 2057 جنيه بالتساوي وعلى سبيل التضامن فيما بينهما مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك تأسيساً على أنه يعمل كلافاً بالشركة المدعى عليها وقد كلف بالقيام بأعمال الحراسة الليلية على محطة إنتاج حيواني القاهرة وقد فوجئ بصدور القرار المطعون فيه لما نسب إليه من إهمال في أداء عمله مما ترتب عليه تمكن أحد الذئاب من بعض الأغنام وأنه بالنظر إلى أن هذا القرار جاء مخالفاً للواقع والقانون حيث إنه كلف بالحراسة دون أن يكون مزوداً بالسلاح وإن الشركة مصدرة القرار لم تتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية الأغنام ذلك أن سور المحطة منخفض مما مكن الذئاب والكلاب من اقتحام المزرعة فإنه يلتمس القضاء بإلغاء القرار المطعون عليه.
وبجلسة 14/ 4/ 1990 حكمت المحكمة التأديبية بالإسكندرية بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً فيما يتعلق بشق الجزاء وببطلان تحميل الطاعن وآخر متضامنين بالتساوي بمبلغ 2057 جنيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة التأديبية بالإسكندرية قضاءها بالنسبة لرفض طلب إلغاء قرار الجزاء التأديبي بمجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من أجره على أن الثابت بالأوراق أن الطاعن بصفته حارس ليلي بمحطة إنتاج القاهرة قد أهمل في أعمال الحراسة للعنبر الثالث مما أدى إلى هجوم الذئب على الحظيرة مساء يوم 18/ 5/ 1989 الأمر الذي ترتب عليه نفوق وذبح اضطراري لعدد (17) من الأغنام الأمر الذي يفيد أن هذا الجزاء يصادف القانون.
وبالنسبة للقضاء ببطلان تحميل الطاعن وآخر بقيمة الأغنام التي نفقت وذبحت فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن الخطأ المنسوب إلى الطاعن لا يرقى إلى مرتبة الخطأ الجسيم الذي يعتبر خطأ شخصياً يسأل عنه في ماله الخاص ذلك أن الثابت بالأوراق أن الطاعن كلف بأعمال الحراسة لمحطة الإنتاج بجميع مشتملاتها في عنابر الأغنام ومباني أخرى وكافة مشتملاتها ولا يستطيع وحده بالتواجد في جميع مناطق المحطة مما لا يمكن اعتبار تسلل الذئب إلى إحدى حظائر الأغنام في ظلام الليل خطأ جسيماً وإنما يمكن اعتباره خطأ الشركة ذاتها حيث لم تعين العدد الكافي لأعمال الحراسة مع تسليحهم بالأسلحة المناسبة الأمر الذي يعتبر معه الخطأ هنا من أخطاء المرفق بما لا يجوز معه اعتبار الطاعن مسئولاً عنه.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والخطأ في تطبيقه وذلك تأسيساً على:
1 - أن الحكم المطعون عليه خالف ما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا في عدم انطباق نظرية الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي على العاملين بالقطاع العام حيث يخضعون لأحكام المسئولية التقصيرية المنصوص عليها في المادة 163 من القانون المدني عند تحديد مسئوليتهم عما يترتب على أخطائهم من أضرار تصيب جهة عملهم.
2 - خالف الحكم المطعون عليه فيما قضى به من بطلان تحميل المطعون ضده مع آخر بقيمة الأغنام التي نفقت أو ذبحت اضطرارياً لحجية الأمر المقضى به بحسبان قضاء المحكمة المطعون على حكمها برفض طلب إلغاء قرار مجازاة المطعون ضده لما ثبت في حقه من إخلال بواجبات وظيفته فإنه كان من المتعين على هذا الحكم أن يقضي برفض طلب بطلان التحميل لتوافر ركن الخطأ في حق المطعون ضده طبقاً لما قضى به الحكم المطعون ضده.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن والمتعلق بمدى انطباق نظرية الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي على العاملين بالقطاع العام فإن هذه النظرية قد نشأت في ظل نظم التوظف المتعلقة بالعاملين بالحكومة التي تشمل الجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية أي عمال المرافق العامة فقد ابتدع القضاء الإداري هذه النظرية لحسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد حتى لا يحجم عمال المرافق العامة عن القيام بواجباتهم الوظيفية خشية المسئولية عن كل ما يقع منهم من أخطاء بمناسبة تسيير المرافق العامة فقامت هذه النظرية على أساس من الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي بحيث لا يسأل العامل عن الخطأ المرفقي وهو الخطأ الذي يقع من عامل معرض للخطأ والصواب وبمناسبة تسيير المرفق العام وقد قرر المشرع هذه النظرية بالنص في المادة (58) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 والمادة (78) في نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والتي تنص على أن (لا يسأل العامل مدنياً إلا عن خطئه الشخصي) وإذ خلت نصوص قوانين العاملين بالقطاع العام المتعاقبة ابتداء من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 وانتهاء بالقانون رقم 48 لسنة 1978 من النص على تقنين هذه النظرية فإن ذلك يدل دلالة واضحة على نية المشرع في عدم الأخذ بهذه النظرية في مجال المساءلة التأديبية للعاملين بالقطاع العام. ومن ثم فإن مناط رجوع وحدات القطاع العام على العاملين بها بقيمة الأضرار التي تصيبها نتيجة لخطئهم هو توافر أحكام المسئولية المنصوص عليها في القانون المدني وقوامها ثبوت الخطأ في حق العامل وإصابة الجهة التي يعمل بها بأضرار مع توافر علاقة السببية بين خطأ العامل والضرر الذي أصاب الشركة وإذ ذهب الحكم المطعون عليه غير هذا المذهب وطبق أحكام نظرية الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي على المنازعة فإنه يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثاني من أوجه الطعن والمتعلق بحجية الحكم الصادر بثبوت المخالفة التأديبية في حق العامل في مجال تحميله بقيمة الأضرار التي تصيب الشركة التي يعمل بها وأنه ولئن كان الحكم الصادر من المحكمة التأديبية يحوز الحجية فيما فصل فيه وأثبته في وقائع منسوبة إلى العامل إلا أنه ليس هناك تلازم حتمي بين الخطأ التأديبي للعامل وتحميله بما أصاب الشركة من أضرار ذلك لأن المادة (165) من القانون المدني تنص على أنه (إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو خطأ الغير كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك) كما تنص المادة (215) من هذا القانون على أنه (يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه) مما مفاده أنه يمكن لمن أحدث الضرر أن ينفي توافر علاقة السببية بين الخطأ الذي ارتكبه والضرر الذي حدث للمضرور وذلك في عدة صور منها وقوع خطأ من المضرور يجب الخطأ الذي ثبت في حقه ويتحقق ذلك بأن يكون خطأ المضرور يفوق كثيراً في جسامته الخطأ المنسوب إليه إما لأن خطأ المضرور خطأ عمدي أو أن الخطأ المنسوب إليه هو نتيجة لخطأ المضرور كما يجوز لمن أحدث الضرر أن يثبت وقوع خطأ مشترك منه ومن المضرور بحيث لا يكون أيهما مسئولاً وحده عن الضرر الذي حدث وإنما قد ينتج هذا الضرر نتيجة خطأ مشترك بينهما فإنه يتعين تقسيم التعويض بينهما بمقدار خطأ كل منهما ومساهمته في إحداث الضرر.
ومن حيث إنه لما سبق وكان الثابت من التحقيقات التي أجريت مع المطعون ضده لما نسب إليه من الإهمال في حراسة الأغنام مما ترتب عليه تمكن أحد الذئاب من افتراس بعض الأغنام هو أن المطعون ضده كان مكلفاً وحده بحراسة أربع حظائر من الأغنام بمحطة إنتاج حيواني القاهرة وأن الشركة الطاعنة لم تقم بتزويده بالأسلحة النارية وأن الشخص الوحيد الذي يحمل السلاح بالمحطة بكافة حظائرها سواء حظائر الأغنام أو غيرها وكذا...... وأقسامها هو شيخ الخفراء كما وأن تلك الشركة لم تنف ما ورد بعريضة الطعن التأديبي الصادر بشأنه الحكم المطعون عليه وما ردده بمذكرة دفاعه أمام المحكمة التأديبية في أنه يوم حدوث الواقعة المنسوبة إليه في أن المحطة التي كان يعمل بها تقع بجوار إحدى الجبانات وأن سور المحطة لا يتجاوز ارتفاعه المتر ونصف ومساحة تلك المحطة خمسة عشر فداناً كما وأن حظائر الأغنام التي كلف بحراستها عبارة عن أرض فضاء غير مبنية وليس لها باب مغلق وعدد الخفراء المخصصين لحراسة حظائر الأغنام بالمحطة بأربعة خفراء ونظراً لغياب ثلاثة منهم فقد كلف وحدة بحراسة الحظائر الأربعة ومن ثم فإن ثمة خطأ ثابتاً في حق الشركة الطاعنة يتمثل في عدم مراعاة الحيطة اللازمة لحماية محطة تربية المواشي خاصة وأنها تقع بالقرب من إحدى الجبانات التي تأوي إليها الحيوانات الضالة والمفترسة وذلك بإقامة الأسوار المرتفعة وكذا إقامة الأسوار المرتفعة لحظائر المواشي والأغنام وتوفير العدد الكافي من الحراس مع تزويدهم بالأسلحة التي تمكنهم من القيام بأعمال الحراسة وإعداد نظام الأمن لرقابة هؤلاء الحراس في مباشرة وتنظيم إجازاتهم وإحلال بعضهم محل من لم يحضر منهم لمباشرة عمله وبالتالي فإنه لما كانت الشركة الطاعنة قد أهملت في القيام بتلك الأعمال وكلفت المطعون ضده بأعمال الحراسة بدلاً من أربعة خفراء ودون تزويده بالسلاح لصد الحيوانات المفترسة والتي يمكنها افتراس الحارس غير المسلح خاصة مع موقع المحطة وعدم إقامة الأسوار المرتفعة فإن خطأها يكون من الجسامة بحيث يعتبر خطأ الشركة الطاعنة مستغرقاً لخطأ المطعون ضده مما ينفي مسئوليته المدنية عما أصاب الماعز المكلف بحراستها من أضرار وإذ انتهى الحكم المطعون عليه إلى تلك النتيجة فإنه يكون قد أصاب الحق والقانون فيما انتهى إليه من الأسباب المشار إليها ويغدو الطعن عليه غير قائم على أسباب من الواقع والقانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن الطعون التأديبية معفاة من الرسوم القضائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.