مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 645

(76)
جلسة 27 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، و. د. محمد عبد السلام مخلص، و. د. حمدي محمد أمين الوكيل، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1674 لسنة 31 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - تأديب من انتهت خدمته.
المادة (20) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة.
المادة (91) من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام.
القاعدة العامة هي وجوب المساءلة التأديبية لكل عامل ما زال بالخدمة ويخرج على مقتضى الواجب الوظيفي - مؤدى ذلك - لا يجوز مجازاة أو محاكمة العامل الذي انتهت خدمته - المشرع خرج على هذا الأصل العام حالة ما إذا ارتكب العامل مخالفة تأديبية قبل انتهاء خدمته وذلك في حالتين محددتين هما (1) إذا كان قد بدئ في التحقيق قبل انتهاء خدمته (2) ارتكاب العامل مخالفة تأديبية ترتب عليها ضياع حق مالي للخزانة العامة أو الجهة التي كان يعمل بها بشرط إقامة الدعوى التأديبية قبله خلال الخمس سنوات التالية لتاريخ انتهاء خدمته ولو لم يكن قد بدئ في التحقيق قبل انتهاء خدمته - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 7/ 4/ 1985 أودع الأستاذ/.... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 1674 لسنة 31 ق ضد السيد/.... في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 6/ 2/ 1985 في الدعوى التأديبية رقم 238 لسنة 26 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد المطعون ضده والذي قضى بعدم قبول الدعوى التأديبية المقامة ضد المحال/..... وبختام تقرير الطعن يطلب الطاعن بصفته الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بمجازاة المطعون ضده طبقاً لمواد الاتهام الواردة بتقرير الاتهام مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع تعديل الحكم المطعون عليه ليكون بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية المقامة ضد المطعون ضده وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قدمت هيئة النيابة الإدارية مذكرة تمسكت فيها بالطلبات الواردة بتقرير الطعن وبجلسة 7/ 12/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 7/ 3/ 1995 حيث أحيل الطعن إلى المحكمة وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما هو ثابت بالأوراق تخلص في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 238 لسنة 26 ق أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بإيداع أوراقها قلم كتاب تلك المحكمة متضمنة تقريراً باتهام/...... رئيس القطاع التجاري وعضو مجلس إدارة الشركة المتحدة لتجارة المنسوجات بالجملة بالدرجة العالية لأنه خلال الفترة من 28/ 4/ 1979 حتى 2/ 3/ 1989 بالشركة المتحدة لتجارة المنسوجات بالجملة.
1 - جمع بين عمله بالشركة المتحدة لتجارة المنسوجات بالجملة والعمل كمستشار للشئون التجارية لدى شركة مصر للهندسة والإنشاءات مقابل أجر وفى غير الحدود المصرح بها قانوناً على النحو المفصل بالأوراق.
2 - لم ينتظم في عمله وأهمل في الإشراف على أعمال القطاع التجاري بالشركة المتحدة لتجارة المنسوجات على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق.
3 - انقطع عن عمله بالشركة المتحدة لتجارة المنسوجات بالجملة في غير الأحوال المسموح بها اعتباراً من 1/ 1/ 1980 حتى 2/ 3/ 1980.
وتضمن تقرير الاتهام أن المحال طبقاً لما هو منسوب إليه يكون مرتكباً المخالفات المالية المنصوص عليها في المواد 62، 78/ 1/ 3/ 4، 80 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978.
وانتهت النيابة الإدارية في تقرير الاتهام إلى طلب محاكمة المحال بالمواد المشار إليها والمادتين 82، 84 في القانون 48 لسنة 1978 والمادة 14 في قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 وتعديلاته والمادتين 15، 19 في قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
وبجلسة 6/ 2/ 1985 حكمت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بعدم قبول الدعوى التأديبية المقامة على المحال وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت بالأوراق أن النيابة الإدارية قد انتهت إلى عدم مسئولية المحال عن التأخير في استلام البضائع في الجمرك وإن كانت هناك مسئولية قبله في عدم الإشراف على مرؤسيه ويتضمن إفراد تحقيق مستقل عن الواقعة الخاصة بتأخير/...... المخلص في سحب الرسالة التي استحق عنها غرامات بالجمارك في الفترة من 9/ 12/ 1979 حتى 23/ 3/ 1980 كما وأن النيابة الإدارية انتهت إلى مسئولية المخلص/.... عن التأخير في الرسائل وإفراد تحقيق مستقل بشأن تأخر العاملين بشركة المستودعات في التخليص على الرسائل الواردة للشركة المتحدة للمنسوجات ومن ثم فلا تكون هناك أضرار على الإطلاق قد لحقت بالشركة التي يعمل بها المحال نتيجة ما نسب إليه في الإهمال في الإشراف خاصة أن ذات النيابة الإدارية قد انتهت إلى وجود مسئولين آخرين لم يتم التحقيق معهم في هذا الشأن هذا فضلاً عن أنه لم يترتب على جمع المحال لعمله بالشركة المتحدة للمنسوجات وعمله مستشاراً لشركة مصر للهندسة والإنشاءات ضياع حقوق مالية للشركة وأنه لم يتقاض أجراً عن فترة انقطاعه عن العمل الحاصل في 1/ 1/ 1980 إذ أن الثابت بالأوراق أن آخر راتب تقاضاه كان في 31/ 12/ 1979 وبالتالي فإنه ما كان يجوز إقامة الدعوى التأديبية قبل المحال وذلك إعمالاً لحكم المادة 91 في قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 والمادة (20) في القانون 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون عليه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله تأسيساً على أن المادة 91 في القانون 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام تقضي بأن انتهاء خدمة العامل لا تحول في الاستمرار في محاكمته تأديبياً إذا كان قد بدئ في التحقيق معه قبل انتهاء مدة خدمته ومن ثم فإنه إذا كان الثابت بالأوراق أن الشركة التي كان يعمل بها المطعون ضده قد بدأت في إجراء تحقيقات بشأن بعض الوقائع المنسوبة إليه في 29/ 11/ 1979، 5/ 12/ 1979 أي قبل انتهاء خدمته بما كان يقتضي معه الاستمرار في محاكمة المطعون ضده دون أن تبال في ذلك كون تحقيقات الشركة لم تشمل أقواله بحسبان مؤدى عبارة التحقيق معه الواردة بالمادة 91 في القانون 48 لسنة 1978 سالف الإشارة هو إجراء التحقيق في الوقائع أو المخالفات المطلوب إجراء التحقيق بشأنها دون أن يكون المقصود بتلك العبارة وجوب التحقيق مع العامل بشخصه وإن ذهب الحكم المطعون عليه غير ذلك فإنه يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن المادة (20) في القانون 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة تنص على أنه (لا تجوز إقامة الدعوى التأديبية على العاملين بعد انتهاء مدة خدمتهم إلا في الحالتين الآتيتين.
1 - إذا كان قد بُدئ في التحقيق أو المحاكمة قبل انتهاء الخدمة.
2 - إذا كانت المخالفة من المخالفات المالية التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو الوحدات التابعة لها وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهاء الخدمة ولو لم يكن قد بدئ في التحقيق قبل ذلك كما تنص المادة (91) في القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام على أنه (لا يمنع انتهاء خدمة العامل لأي سبب من الأسباب في الاستمرار في محاكمته تأديبياً إذا كان بدئ في التحقيق معه قبل انتهاء مدة خدمته.
ويجوز في المخالفات التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للشركة إقامة الدعوى التأديبية ولم يكن قد بدئ في التحقيق قبل انتهاء الخدمة وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهائها).
ومن حيث إن مؤدى ذلك هو أن القاعدة العامة هي وجوب المساءلة التأديبية لكل عامل ما زال بالخدمة ويخرج على مقتضى الواجب الوظيفي وأنه لا يجوز مجازاة أو محاكمة العامل الذي انتهت خدمته على أن المشرع قد خرج على هذا الأصل العام حالة ما إذا ارتكب العامل مخالفة تأديبية قبل انتهاء خدمته وذلك في حالتين محددتين هما.
1 - إذا كان قد بدئ في التحقيق قبل انتهاء خدمته.
ارتكاب العامل السابق مخالفة تأديبية ترتب عليها ضياع حق مالي للخزانة العامة أو الجهة التي كان يعمل بها بشرط إقامة الدعوى التأديبية قبله خلال الخمس سنوات التالية لتاريخ انتهاء خدمته.
ومن حيث إن تقرير الطعن لم يتضمن الإشارة إلى أن الحكم المطعون عليه قد خالف القانون حينما قضى بعدم قبول الدعوى التأديبية المقامة على المطعون ضده نظراً لارتكابه مخالفات ترتب عليها ضياع حق مالي للشركة هذا فضلاً عن أن الثابت في مذكرة النيابة الإدارية الموقعة بتقرير اتهام المطعون ضده أن النيابة الإدارية انتهت في تحقيقاتها بالنسبة للوقائع التي يتعلق بما ورد بتقرير النيابة الإدارية في قيام المطعون ضده بتسليم العميل.... آلات موسيقية بما يتضمن معه حفظ تلك الواقعة قطعياً لعدم الأهمية كما وأنه بالنسبة لمسئولية المطعون ضده عن تحميل الشركة التي كان يعمل بها بأرضيات وغرامات تأخير بلغ27453.010 جنيه فإن الثابت في التحقيقات أنه قام بتسليم المستندات الخاصة بتلك الواقعة إلى كل من..... و..... لاتخاذ الإجراءات المقررة في اليوم التالي لاستلام تلك المستندات (الأمر الذي تبقى مسئوليته عن التأخير في استلام البضائع اللهم في الناحية الإشرافية) وهو ما حدا بالنيابة الإدارية إلى أن تنتهي إلى أن ما نسب إلى 1 - ...... في هذا الشأن لا يرتبط بالوقائع المنسوبة إلى المطعون ضده وبالتالي إفراد تحقيق مستقل عن تلك الواقعة. 2 - انقضاء الدعوى التأديبية قبل..... لوفاته - وبالنسبة لما نسب إلى المطعون ضده في التحقيقات بشأن التخليص على الرسائل الواردة لحساب الشركة المتحدة للمنسوجات فقد انتهت النيابة الإدارية إلى أن التحقيق في تلك الوقائع يستلزم التحقيق مع عدد من العاملين بالشركة المتحدة للمنسوجات وشركة المستودعات المصرية طبقاً للعقد المبرم بينهما مما يتعين معه إفراد تحقيق مستقل (حيث لا ارتباط بينهما وصحة ما نسب للمشكو في حقه) ومن ثم فإنه لذلك ونظراً لأن الثابت في حافظة مستندات المطعون ضده أن أخر مرتب صرف له في الشركة المتحدة للمنسوجات قد تم بتاريخ 31/ 12/ 1979 وهو ما لم تنكره النيابة الإدارية بما يقطع بأن المطعون ضده لم يتقاض مبالغ مالية بغير وجه حق عن فترة انقطاعه عن العمل بتاريخ 1/ 1/ 80 ومن ثم فإن المخالفات المنسوبة إليه جميعاً لا تعدو أن تكون مجرد مخالفات إدارية ولم يترتب عليها ضياع حق مالي للشركة ومن ثم فإنه لذلك ونظراً لأن المطعون ضده قد انتهت خدمته بالاستقالة اعتباراً في 30/ 1/ 1980 ولم تقدم النيابة الإدارية دليلاً على ما ورد الطعن أن هناك تحقيقات قد أجريت بشأن ما نسب إلى المطعون ضده بتقرير الاتهام قبل انتهاء خدمته فإن ادعاءها في هذا الشأن يكون عارياً من الدليل جديراً الالتفات عنه خاصة وأن الثابت من مذكرة النيابة الإدارية الآنفة الإيراد أن التحقيق قد أجرى مع المطعون ضده بواسطة النيابة الإدارية بناء على موافقة السيد/ وزير التموين بتاريخ 13/ 3/ 1980 أي بعد انتهاء مدة خدمته ومن ثم فإنه ما كان يجوز إقامة الدعوى التأديبية قبله طبقاً لحكم المادتين 20 في القانون 47 لسنة 1972، 91 في القانون 48 لسنة 1978 سالفي الإشارة وإذ ذهب الحكم المطعون عليه هذا المذهب فإنه يكون مطابقاً للقانون جديراً بالتأييد مما يتعين معه رفض الطعن ومن حيث إن الطعون التأديبية معفاة من الرسوم القضائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.