مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 663

(78)
جلسة 27 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، ومحمد عبد السلام مخلص، وعلي فكري حسن صالح، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1582 لسنة 37 القضائية

( أ ) إصلاح زراعي - اللجان القضائية للإصلاح الزراعي - ميعاد الاعتراض أمامها.
المادة 13 مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971.
المشرع جعل مناط بدء سريان ميعاد المنازعة في قرارات الاستيلاء الابتدائي هو واقعة النشر في الجريدة الرسمية - القصد من النشر أن يكون وسيلة لإخبار ذوي الشأن بالقرار - مؤدى ذلك علم ذوي الشأن بهذا لقرار إنما يقوم مقام النشر - وينبغي أن تتحقق الغاية منه بأن يكون علماً يقينياً لا ظنياً أو افتراضياً وأن يكون شاملاً لجميع محتويات القرار جامعاً العناصر التي يستطيع على هداها أن يتبين طريقه إلى الطعن فيه - إثبات ذلك يكون بأي واقعة أو قرينة تفيد حصوله وتدل عليه دون التقيد بوسيلة إثبات معينة وتقدير ذلك أمر تستقل به المحكمة - تطبيق.
(ب) إصلاح زراعي - الملكية الطارئة.
المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 بشأن تعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها.
مؤدى حكم المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 والتي تتعلق بالملكيات الطارئة على ذمة من آلت الملكية بعد العمل بالقانون وتنشأ عن سبب من أسباب الملكية غير التعاقد فحكمها جواز التصرف فيها داخل نطاق الأسرة توفيقاً للأوضاع في حدود المائة فدان وخارج نطاق الأسرة فيما يجاوز ذلك بشرط أن يثبت تاريخ التصرف خلال سنة من تاريخ الأيلولة، حينئذ تخرج تلك المساحة من الاستيلاء.
للملكية الطارئة - في هذا النص - مدلول خاص يرتبط بمكنة التصرف، فإذا لم يكن في مكنة صاحب الشأن أن يتصرف في العين كانت ملكيته خارجة عن مجال إعمال النص، وإذا كان مالكاً ولكن لم تتوافر لديه مكنة التصرف في العين حتى صدور قانون الإصلاح الزراعي الأخير اعتبرت الملكية بالمعنى الخاص في المادة السابعة ملكية طارئة من تاريخ توافر هذه المكنة قانوناً - أساس ذلك - حق التصرف هو أهم عناصر حق الملكية وهو مناط إعمال حكم المادة المذكورة.
واقعة الاستيلاء على الأرض هي الحالة المادية التي تجرد المالك وتسلبه سلطات حق الملكية المقررة قانوناً وأهمها سلطة التصرف - استرداد مظهر الملكية للمالك الحقيقي بعد ذلك بمثابة طروء لهذه الملكية وعودة جديدة لها بقدر ما يتاح له من سلطة التصرف في هذه الملك الذي عاد له بعد أن سحب منه - مؤدى ذلك - يبدأ ميعاد السنة الحاصل التصرف فيها في هذه الملكية الزائدة عن النصاب من التاريخ الذي يسترد به المالك ويستعيد فيه من جديد مظاهر الملك التي تمكنه من التصرف وهو تسليم الأرض تسليماً فعلياً بعد إلغاء قرار الاستيلاء - نتيجة ذلك - نشوء ظروف تحول وتحد من حرية المالك من التصرف في ملكه - يمتد الميعاد حتى يزول المانع من التصرف - الملكية القانونية هي تلك التي يكتمل لها مظاهر الملك وسلطاته فالعبرة بالملكية الفعلية القانونية وليست الملكية الاعتبارية التي تكشف عنها الأحكام - أساس ذلك - هناك فارق بين حق الملكية كحق وبين السلطات التي يخولها هذا الحق للمالك على ملكه وبدونها لا تكون لحق الملكية أية قيمة قانونية - مظاهر الملكية لا تعود بأثر رجعي بمعنى آخر أن آثار حق الملكية لا تعود بأثر رجعي وإنما الصحيح أن الملكية العائدة بحكم تعود بسلطاتها من تاريخ العودة هذه أما قبل ذلك فلا تكون الفترة السابقة فترة ملكية اعتبارية سقط خلالها حقه في التصرف والساقط لا يعود.
أثر ذلك - الملكية الطارئة لا تعطي لصاحبها أكثر من المطالبة بالتعويض عما سلف من زمن فقد فيه سلطاته على ملكه - استرداد المالك سلطاته بعد إلغاء قرار الاستيلاء يعد ملكية جديدة طارئة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 25/ 3/ 1991 أودع الأستاذ/..... المحامي بالمحكمة الإدارية العليا، سكرتارية المحكمة - تقرير الطعن - قيد برقم 1582 لسنة 37 ق. ع - في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي - الدائرة الرابعة بجلسة 28/ 1/ 1991 في الاعتراض رقم 221 لسنة 1983 والذي قضى بقبول الاعتراض شكلاً وفى الموضوع بعدم اعتبار مساحة 6 س 8 ط 35 ف الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض وبتقرير الخبير ملكية طارئة وبالتالي لا يحق للمعترضين التصرف فيها قانوناً الأمر الذي يكون معه الاستيلاء على تلك المساحة متفقاً وصحيح حكم القانون، وطلب الطاعن، للأسباب المبينة في تقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكافة مشتملاته والحكم بالطلبات الواردة بصحيفة الاعتراض من أحقية الطاعنين في التصرف في القدر الزائد خلال سنة من تاريخ تسليمهم له مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين مع حفظ كافة الحقوق.
وتم إعلان الهيئة المطعون ضدها على النحو الثابت بالأوراق.
كما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلغاء قرار الاستيلاء على أطيان النزاع الماثل البالغ مساحتها 6 س 8 ط 35 ف المبينة الحدود والمعالم بتقرير الخبير وأحقية الطاعنين في التصرف فيها خلال سنة من تاريخ الإفراج عنها وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات.
وبجلسة 5/ 4/ 1995 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - وحددت لنظره جلسة 20/ 6/ 1995 حيث نظرت المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 27/ 2/ 1996 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات اللازمة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الطعن، تتلخص حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 19/ 3/ 1983 أقام الطاعنون الاعتراض رقم 223 لسنة 1983 أمام اللجنة القضائية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي ضد الهيئة المطعون ضدها مطالبين بالحكم بأحقيتهم في التصرف في المساحة الزائدة (6 س 8 ط 35 ف) خلال سنة من تاريخ تسليمهم لتلك المساحة استناداً إلى أنه بموجب عقد بيع مؤرخ 2/ 12/ 1951 أشترى مورثهم المرحوم/.... عن نفسه ولحساب أخوته مساحة مقدراها 9 س 12 ط 439 ف مشاعاً في 586 ف بناحية طماي الزهايرة مركز السنبلاوين. وبتاريخ 9/ 12/ 1951 قدم المذكور طلب الشهر رقم 2036 لسنة 1951 عن هذه الصفقة لغيرها باسم أولادهم القصر، وقد اختص المذكور أولاده القصر بصفته ولياً عليهم بمساحة مقدارها 9 س 12 ط 109 ف موزعة على أولاده (المعترضين)..... و..... كل منهم بحق 22 فدان و..... و..... و..... كل منهم بحق 3 س 20 ط 10 ف وقالوا أن هذه المساحة تم الفصل فيها من اللجان القضائية في الاعتراضين رقمي 334 لسنة 1957، 20 لسنة 1958 بجلسة 25/ 6/ 1959 بأن البيع سالف الذكر تم لحساب الأولاد القصر، وبإلغاء الاستيلاء على هذه الأطيان، وقد تأيد هذا القرار بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 143، 144 لسنة 18 ق عليا التي قضت بجلسة 8/ 5/ 1979 برفض الطعن مقام من الهيئة.
وتطبيقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 قدم كل من المعترضين إقراره بيّن فيه المساحة التي يحتفظ بها والمساحة المباعة بعقود ثابتة التاريخ وأوضحا في خانة الملاحظات أن هناك مساحة مقدارها 22 فدان أقيم بشأنها الاعتراضان رقمي 334 لسنة 1957، 20 لسنة 1958 وطلب كل منهم أحقيته في هذه المساحة بعد صدور الحكم لصالحه وأضافوا أنه لم يتم الإفراج عن المساحة المستولى عليها إلا في 23/ 2/ 1977 ولكن عند تسلم الطالبين للأطيان بمعرفة منطقة السنبلاوين استبعدت المنطقة المساحات الزائدة عن النصاب القانوني للقانون رقم 50 لسنة 1969 ومقدارها:
1 - 10 س 13 ط 11 ف بالنسبة إلى......
2 - 10 س 17 ط 10 ف بالنسبة إلى......
3 - 10 س 1 ط 13 ف بالنسبة إلى.......
وطلب المعترضون من الهيئة المطعون ضدها منحهم فترة عام من تاريخ التسليم للتصرف في المساحات الزائدة.
وبعرض الموضوع على إدارة الفتوى المختصة، انتهت الإدارة في 11/ 3/ 1977 إلى أنه يجوز التصرف في المساحة الزائدة خلال سنة من تاريخ توافر القدرة لهم على التصرف إعمالاً - لحكم الملكية الطارئة - إلا أن الهيئة أخذت رأي آخر يرى بعدم جواز إعمال أحكام الملكية الطارئة في الحالة الماثلة لأن حكم اللجنة القضائية وحكم المحكمة الإدارية العليا حكم مقرر لا منشئ رغم مخالفة ذلك لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 والفتاوى العديدة التي صدرت تطبيقاً له وانتهوا إلى طلب إعمال الملكية الطارئة وتقرير حقهم في التصرف في المساحة الزائدة.
وبجلسة 29/ 2/ 1984 قررت اللجنة، ندب مكتب الخبراء المختص لمباشرة المأمورية المبينة في منطوقه وبتاريخ 30/ 12/ 1987 أودع مكتب خبراء المنصورة تقريره انتهى فيه إلى النتائج التالية.
1 - أن أرض الاعتراض ومساحتها 6 س 8 ط 35 ف.
2 - أن الهيئة استولت على أرض الاعتراض ابتدائياً بموجب محضر استيلاء مؤرخ 30/ 10/ 1957 تطبيقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 ضمن مساحة 19 س 12 ط 439 ف شيوعاً في مساحة 12 س - ط 586 ف قبل كل من.... و..... (مورث المعترضين) و..... و..... بصفتها و..... و..... - وقد أقام المستولى لديهم الاعتراضين رقمي 334 لسنة 1957، 20 لسنة 1958 بطلب استبعاد المساحة سالفة الذكر من الأطيان المستولى عليها. وبجلسة 25/ 6/ 1959 قررت اللجنة إلغاء الاستيلاء على المسطح سالف الذكر وجاء بأسباب القرار أن حصة المعترضين في الاعتراض الحالي بهذه الأطيان هو مساحة 66 فدان.
وأن الإصلاح الزراعي أقام الطعنين رقمي 143، 144 لسنة 18 ق عليا على قرار اللجنة القضائية سالف الذكر وقد قضت المحكمة بجلسة 8/ 5/ 1979 برفض الطعن. بتاريخ 7/ 11/ 1977 صدر قرار الهيئة بالإفراج (المؤقت) عما يكون قد استولى عليه قبل...... تطبيقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 مع مراعاة تطبيق قوانين الإصلاح الزراعي على المفرج لصالحهم.
وبتاريخ 27/ 12/ 1979 تم الإفراج النهائي للمعترضين عن مساحة 18 س 15 ط 30 ف ضمن مساحة 66 فدان سالفة الذكر وباقي المسطح ومقداره 6 س 8 ط 35 ف وهي الأرض محل النزاع - تم استبعادها عند الإفراج لكونها زيادة عن حد الاحتفاظ القانوني للمعترضين طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 وأن الاستيلاء على أرض الاعتراض سواء تطبيقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 أو القانون رقم 50 لسنة 1969 استيلاء ابتدائياً لم يتم إجراء اللصق والنشر عنه.
3 - أن مالك أرض الاعتراض في تاريخ الاستيلاء عليها بالقانون رقم 178 لسنة 1952 والقانون رقم 50 لسنة 1969 هم المعترضون ضمن ما آل إليهم بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ 2/ 12/ 1951 المعتمد بقرار من اللجنة القضائية بجلسة 25/ 6/ 1959 في الاعتراضين رقمي 334 لسنة 1957، 20 لسنة 1958 والمؤيد بالحكم الصادر في الطعنين رقمي 143، 144 لسنة 18 ق عليا الصادر بجلسة 8/ 5/ 1979 من المحكمة الإدارية العليا.
4 - في تاريخ نفاذ القانون رقم 1978 لسنة 1952 كانت أرض الاعتراض بوضع يد والد المعترضين الذي قام بشرائها بصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر (المعترضين) بموجب العقد الابتدائي المؤرخ 2/ 12/ 1951 وضعاً هادئاً ظاهراً مستمراً بنية التملك حتى قامت الهيئة بالاستيلاء عليها في 20/ 10/ 1957 وفى تاريخ نفاذ القانون رقم 50 لسنة 1969 كانت الأرض بوضع يد الإصلاح الزراعي وحتى الآن.
5 - أن الأرض محل الاعتراض أرضاً زراعية ومربوطة بضريبة الأطيان الزراعية طبقاً للتفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1963.
وبجلسة 17/ 1/ 1991 أصدرت اللجنة قرارها المطعون فيه بقبول الاعتراض شكلاً وبعدم اعتبار المساحة محل الاعتراض ملكية طارئة، وبعدم أحقية المعترضين في التصرف فيها قانوناً وأن الاستيلاء عليها متفق وصحيح حكم القانون وأسست قرارها بالنسبة لقبول الاعتراض شكلاً على أن الهيئة لم تقم بإجراءات النشر واللصق أو تقدم ما يفيد توافر العلم اليقيني في حقهم وبالنسبة للموضوع فقد استندت اللجنة إلى المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 الخاصة بزيادة ملكية الفرد على الخمسين فداناً بعد العمل بذلك القانون وأن شرط تطبيق حكم هذه المادة أن تطرأ على الملكية بعد العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 زيادة في ملكية الفرد أو الأسرة على الحد الأقصى المقرر قانوناً.
وأن تكون تلك الزيادة بغير طريق التعاقد بالميراث أو الوصية أو بسبب الزواج - ولما كانت الأحكام القضائية كاشفة للملكية وليست منشئة لها ومن ثم فإن الأحكام الصادرة لصالح مورث المعترضين من اللجنة القضائية والمحكمة الإدارية العليا - ومنها المساحة محل النزاع لا تعد بمثابة ملكية طارئة جديدة تمت بعد العمل بالقانون 50 لسنة 1969 بحيث يحق لهم استعمال الرخصة المقررة في المادة السابقة من ذلك القانون إنما هي ملكية ثابتة لهم من تاريخ العقد العرفي المؤرخ 2/ 12/ 1951 وحتى صدور القانون رقم 50 لسنة 1969 وأن قرار اللجنة القضائية لم يقرر حقهم في ملكية هذه المساحة وإنما كشف عنها بأثر رجعي - أي أنها ملكية أصلية وليست ملكية طارئة ولا يغير من ذلك وجود نزاع حول الأرض وأن القدر محل النزاع يعتبر زائداً عن حد الاحتفاظ نفاذاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 ويكون الاستيلاء عليها من قبل الهيئة العامة للإصلاح الزراعي متفقاً وصحيح أحكام القانون.
وقد طعن المعترضون على هذا القرار بموجب هذا الطعن مطالبين بإلغائه وأحقيتهم في التصرف في القدر الزائد خلال سنة من تاريخ تسليمهم له، استناداً إلى الأسباب الآتية:
أولاً - مخالفة القرار للقانون والفساد في الاستدلال، لأن القرار المطعون استند إلى نص المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 واستخلص القرار أن المساحة الزائدة عن حد الاحتفاظ - محل المنازعة - لا تعد بمثابة ملكية طارئة جديدة تمت بعد صدور القانون رقم 50 لسنة 1969 بحيث يحق للمعترضين - استعمال الرخصة المقررة في تلك المادة، وهذا استخلاص غير سليم لأنه من المستقر عليه في حق قانون المرافعات المدنية والتجارية أن للقضاء الموضوعي صوراً متعددة فقد يصدر في صورة حكم تقريري بحت وقد يصدر في صورة حكم إلزام وقد يصدر أخيراً في صورة حكم منشئ. والحكم التقريري هو الحكم الذي يؤكد وجود أو عدم وجود حق أو مركز قانوني أو واقعة معينة مزيلاً بذلك الشك القائم حول هذا الوجود، وحكم الإلزام هو الذي يقضي بإلزام المحكوم عليه بأداء معين، يمكن تنفيذه جدياً، ويصدر في دعوى إلزام، أما الحكم المنشئ فهو الذي يحدث تغيراً في الحق أو المركز القانوني إما بإنشاء حق أو مركز قانوني لم يكن موجوداً، قبل صدوره أو بتعديل أو إنهاء حق أو مركز قانوني كان موجوداً قبل ذلك - وحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 143، 144 لسنة 18 ق الصادر في 8/ 5/ 1989 والمؤيد بقرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراضين رقمي 334 لسنة 1957، 20 لسنة 1958 كانا بمناسبة الاستيلاء على أطيان زراعي لا يجوز الاستيلاء عليها وصدر حكم بإلغاء قرار الاستيلاء بعد أن تعرض لما أثارته الهيئة بشأن الملكية وعقود البيع وانتهى إلى أن البيع تم لحساب الأولاد القصر، الطاعنين، ومن ثم يتضح أن ما ورد في قرار اللجنة وحكم المحكمة الإدارية العليا بشأن الملكية لا يعد هدفاً للحكم في ذاته ولكنه جاء بمناسبة أحقية الهيئة في الاستيلاء على الأرض من عدمه فجاء مقرراً لحق من الحقوق الإدارية للأفراد وكاشفاً عن مركز قانوني مهم هو أحقيتهم في مباشرة سلطات المالك على أعيان التداعي وإلغاء قرار الاستيلاء، ولما كان الحكم المنشئ يتميز عن الحكم التقريري بأنه ينتج آثاراً قانونية جديدة بتأكيده، للحق أو المركز القانوني بعد إزالة الشكوك التي ثارت حوله... وبذلك يكون القرار الطعين قد خالف القانون وشابه الفساد في الاستدلال بتقريره أن جميع الأحكام القضائية مقررة وليست منشئة، لأن حكم المحكمة الإدارية العليا المؤيد لقرار اللجنة القضائية صدر في مواجهة الإصلاح الزراعي مقرراً حق الطاعنين في الملكية ومنشئاً لهم مركزاً قانونياً معيناً بعد أن تأكد من شرعية حقهم وتوافر كافة شرائطها الشكلية والموضوعية ومن ثم يجب الاعتراف بهذا المركز القانوني الجديد للطاعنين كما تبين فور صدور الحكم وليس قبل ذلك أي منذ 8/ 5/ 1979 وليس في 2/ 12/ 1951 تاريخ العقد.
ثانياً: القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، وذلك أن الخبير أثبت في تقريره أن الأرض موضوع الاعتراض تحت يد الإصلاح الزراعي منذ 20/ 10/ 1957 وحتى صدور القانون رقم 50 لسنة 1969 وأنها ما زالت حتى الآن في وضع يده ولما كان وفقاً للمادة السادسة من القانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه تعتبر الدولة مالكة للأرض المستولى عليها ابتداءً من تاريخ العمل بهذا القانون مهما كان تاريخ الاستيلاء الفعلي ووفقاً للمادة السابعة من اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، يبلغ صاحب الشأن بقرار الاستيلاء بالطريق الإداري ويكون للحكومة الحق في الريع من تاريخ صدور قرار الاستيلاء..... ونصت المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 على حالة زيادة الملكية بعد العمل بهذا القانون.... ولما كان من أبرز خصائص حق الملكية أنه حق جامع أو يخول صاحبها سلطة الاستعمال والاستغلال والتصرف وهى التي تمثل جوهر حق الملكية وعلى ذلك فإن استيلاء الدولة على الأرض موضوع الاعتراض، تمثل وفقاً لقوانين الإصلاح الزراعي انتقال لملكية الأرض موضوع الطعن للدولة وحرمان الطاعنين من مباشرة كافة المظاهر المادية القانونية لحق الملكية على تلك الأراضي، فالهيئة العامة للإصلاح الزراعي تعتبر باستيلائها على الأراضي موضوع الاعتراض في 20/ 10/ 1957 قد سلبت الملكية من الطاعنين وأضحت وحدها المالكة لها وفقاً للقانون كما أنها وحدها هي صاحبة الحق في الريع بما أعجز الطاعنين عن التصرف في القدر الزائد عن ملكيتهم فور صدور القانون، وأن طول الفترة من الاستيلاء وحتى صدور حكم المحكمة الإدارية العليا الذي قضى بإعادة هذه الأراضي المسلوبة لهم وإلغاء قرار الاستيلاء كان الطاعنين مغلولي اليد من أي مظهر من مظاهر الملكية ولم يكن لأي منهم اتخاذ ثمة تصرف مادي أو قانوني في تلك المساحات.
ولما كان مناط تطبيق حكم المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 وروح التشريع الذي أراد معالجة ما يؤول من مساحات زائدة عن الحد الأقصى للملكية عقد صدور القانون ينطبق في حالة الطاعنين - فالتعاقد المحظور الذي لا يدخل في الملكية الطارئة بما ينتجه من آثار هو التعاقد اللاحق على صدور القوانين المحددة للملكية بما ينبئ عن سوء النية للمتعاقد. أما الاستيلاء الغاصب الذي دام أكثر من سبعة عشر عاماً كاملة فإن أساس الملكية تكون العبرة فيه بمكنة التصرف خلال فترة نقل الملكية للدولة وفقاً للقانون.
وبتاريخ 19/ 2/ 1995 قدم الطاعنون مذكرة بدفاعهم في الطعن رددوا فيها ما سبق أن أثاروه في تقرير الطعن من أسباب وانتهوا فيها إلى الحكم لهم بالطلبات الواردة في تقرير الطعن.
وبجلسة 1/ 2/ 1995 قدمت الهيئة المطعون ضدها مذكرة بدفاعها في الطعن انتهت فيها إلى طلب الحكم بعدم قبول الاعتراض شكلاً لرفعه بعد المواعيد وفى الموضوع برفضه تأسيساً على علم ذوي الشأن بقرار الاستيلاء دون حاجة إلى نشر هذا القرار وهو العلم المستفاد من قرار الإفراج المؤقت عن المساحة موضوع الاعتراضين 334 لسنة 57، 20 لسنة 1958 ولم يتم تسليم الطاعنين كامل المساحة التي تخصهم وهى مساحة 66 فدان بل تم الاستمرار في الاستيلاء على المسطح محل النزاع باعتبارها تمثل الزيادة عن النصاب المحدد في القانون رقم 50 لسنة 1969 قبل..... و..... و...... وأعترض الطاعنون في محضر الإفراج المؤقت المؤرخ 23/ 2/ 1977 على استمرار الاستيلاء على هذه المساحات - كما أنه في 11/ 7/ 1979 تم الإفراج النهائي عن المساحة موضوع الاعتراضين 334 لسنة 1957، 20/ 1958 بعد صدور حكم العليا في الطعنين 143، 144 لسنة 18 ق مع الاستيلاء على المساحة محل النزاع - ولذلك توافر للطاعنين العلم اليقيني بقرار الاستيلاء على المسطح محل النزاع. وإذ أقيم الاعتراض محل الطعن في 19/ 4/ 1983 وبعد انقضاء أكثر من أربع سنوات على تاريخ العلم اليقيني بالقرار بعد الإفراج عنها في عام 1979 فإن الاعتراض يكون قد أقيم بعد الميعاد ويكون غير مقبول شكلاً.
وعن الموضوع طلبت الهيئة رفض الطعن لعدم توافر شروط تطبيق المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 باعتبار أن ملكية الطاعنة قد آلت إليهم بمقتضى عقد البيع العرفي المؤرخ في 2/ 12/ 1951 وهو تاريخ سابق على تاريخ العمل بالقانون 50 لسنة 1969 ولا يجوز اعتبار هذه الزيادة ملكية طارئة وخاصة أن حكم المحكمة الإدارية العليا يعتبر كاشفاً للحقوق وليس منشئاً لها.
وحيث إنه عن دفع الهيئة المطعون ضدها بعدم قبول الاعتراض شكلاً لرفعه بعد الميعاد لتوافر العلم اليقيني بالاستيلاء بعدم الإفراج عنها في عام 1977 وعام 1979 رغم الإفراج عن باقي المساحة المستولى عليها طبقاً للقانون رقم 178 لسنة 1952 تنفيذاً للقرار الصادر في الاعتراضين رقمي 334 لسنة 1957، 20 لسنة 1958، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 143، 144 لسنة 18 ق بجلسة 8/ 5/ 1979. فإنه من المستقر عليه وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أنه لئن كان المشرع قد جعل مناط بدء سريان ميعاد المنازعة في قرارات الاستيلاء الابتدائي هو واقعة النشر لتلك القرارات في الجريدة الرسمية على الوجه المبين في نص المادة 13 مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971، فإن القصد منه أن يكون وسيلة لإخبار ذوي الشأن بالقرارات واتصال علمهم به، لذلك فإن علم ذوي الشأن بهذا القرار إنما يقوم مقام النشر في الجريدة الرسمية، غير أنه لكي يرقى هذا العلم إلى مرتبة النشر في هذا الخصوص ويغني عنه ينبغي أن يتحقق الغاية منه بأن يكون علماً يقينياً لا ظنياً أو افتراضياً وأن يكون شاملاً لجميع محتويات القرار جامعاً لكل العناصر التي يستطيع على هداها أن يتبين طريقه إلى الطعن فيه، وبناء على ذلك فإن ميعاد الطعن وهو خمسة عشر يوماً المنصوص عليها في المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه معدلاً بالقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه معدلاً بالقانون رقم 69 لسنة 1971 إنما يجري من التاريخ الذي بقيت فيه علم صاحب الشأن بالقرار محل المنازعة علماً يقينياً وهذا العلم اليقيني يثبت من أي واقعة أو قرينة تفيد حصوله وتدل عليه دون التقيد بوسيلة إثبات معينة وتقدير ذلك أمر تستقل به المحكمة وفقاً لما - تثبته من ظروف الاعتراض وملابساته.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه وإن تم الإفراج المؤقت في 23/ 12/ 1977 تنفيذاً لقرار اللجنة القضائية في الاعتراضين رقمي 334 لسنة 1957، 20 لسنة 1958، فإن هذا الإفراج كما هو واضح من أسمه هو إفراج مؤقت وليس نهائي وبالتالي فإنه من شأن هذا الإفراج المؤقت أن تبين ذوي الشأن مركزهم القانوني على نحو واضح ومحدد ونهائي بحيث تستطيع على هداه تحديد موقف الهيئة النهائي وموقف الطاعن من إمكانية الطعن فيه - كما أن الإفراج تم عن المساحة المفرج عنها شيوعاً في مساحة - 12 س - ط 516 ف بما يجعل المساحة المفرج عنها غير مفرزة وغير محددة على النحو الذي أوجب القانون النشر عنه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لم يحسم موضوع الإفراج النهائي عن المساحات موضوع الاعتراضين سالفي الذكر وحكم المحكمة الإدارية العليا بشأنهما وكيفية تنفيذ قرار اللجنة المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا، إلا في اجتماع مجلس إدارة الهيئة رقم 122 في 7/ 4/ 1983 - حيث سبق أن عرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة بالجلسة رقم 98 في 10/ 2/ 1978 وأصدر قراره رقم 5 بتأجيل البت فيه لحين بيان ما تم في الطعن المقام أمام المحكمة الإدارية العليا، وبعد صدور الحكم عرض الموضوع مرة أخرى على مجلس إدارة الهيئة بالجلسة رقم 117 في 30/ 12/ 1979 لاعتماد الفتوى الصادرة بشأن الموضوع في 13/ 11/ 1977 والتي اعتبرت تنفيذ قرار اللجنة بإلغاء الاستيلاء ملكية طارئة إلا أن المجلس قرر إحالة الموضوع إلى لجنة الملكية الطارئة بالهيئة التي قررت في اجتماعها المؤرخ 10/ 3/ 1983 بأنه لا وجه لأعمال أحكام الملكية الطارئة على الحالة وبعرض تلك النتيجة على مجلس الإدارة وافق على ذلك بالجلسة 122 في 7/ 4/ 1983.
وحيث إنه مما تقدم يكون ثابت بيقين أن أمر تنفيذ قرار لجنة الاعتراضات في الاعتراضين رقمي 334 لسنة 1957، 20 لسنة 1958 المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في 8/ 5/ 1979 بإلغاء الاستيلاء والإفراج عن المساحة موضوع الاعتراضين - والسابق بيانها، ومن ضمنها المساحة محل الاعتراض موضوع هذا الطعن - لم يحسم نهائياً وعلى وجه بات إلا بقرار مجلس إدارة الهيئة الصادر بالجلسة رقم 122 بتاريخ 7/ 4/ 1983 الذي رفض إعمال أحكام الملكية الطارئة، وبذلك أستقر أمر الإفراج المؤقت وأصبح نهائياً وتحدد به المركز القانوني للطاعنين نهائياً ويبدأ من تاريخ إخطار ذوي الشأن به ميعاد الطعن والاستيلاء على المساحات التي لم يفرج عنها محل الاعتراض موضوع هذا الطعن، وإذ خلت الأوراق مما يفيد إخطار الطاعنين بقرار مجلس الإدارة سالف الذكر الصادر في 7/ 4/ 1983 بالموافقة على ما انتهت إليه لجنة الملكية الطارئة وعلى خلاف ما انتهت إليه إدارة الفتوى وكان الثابت أن الطاعنين أقاموا اعتراضهم بتاريخ 19/ 4/ 1983 فإن الاعتراض يكون مقدماً في الميعاد القانوني، وإذ قضت اللجنة القضائية بقبول الاعتراض شكلاً فإن قضاءها يكون صحيحاً ويكون دفع الهيئة بعدم قبول الاعتراض لرفعه بعد الميعاد على غير سند من القانون متعيناً رفضه.
وحيث إن موضوع الاعتراض والطعن - فإن مقطع النزاع، الذي تدور حوله أسباب الطعن هو مدى اعتبار الإفراج عن المساحات التي صدر بها قرار من لجنة الاعتراضات في - الاعتراضين رقمي 334 لسنة 1957، 20 لسنة 1958 المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 8/ 5/ 1979 في الطعنين رقمي 143، 144 لسنة 18 ق، ملكية طارئة ولاحقة على أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 مما ينطبق عليه حكم المادة السابعة من ذلك القانون، من عدمه.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 1969 تنص على أنه "لا يجوز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي الصحراوية أكثر من خمسين فداناً، كما لا يجوز أن تزيد على مائة فدان من تلك الأراضي جملة ما تملكه الأسرة وذلك مع مراعاة حكم الفقرة السابقة".
وكل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلاً ولا يجوز شهره.
كما نصت المادة السابعة من ذات القانون على أنه "إذا زادت بعد العمل - بهذا القانون ملكية الفرد "على خمسين فداناً بسبب الميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية بغير طريق التعاقد أو ملكية الأسرة على المائة فدان بسبب من تلك الأسباب أو بسبب الزواج أو الطلاق وجب تقديم إقرار إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي عن الملكية بعد حدوث الزيادة وذلك خلال المواعيد ووفقاً للشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية.
ويجوز للفرد أو الأسرة التصرف في القدر الزائد - بتصرفات ثابتة التاريخ - خلال سنة من حدوث الزيادة، وإلا كان للحكومة أن تستولي نظير التعويض المنصوص عليه في المادة (9) على مقدار الزيادة اعتباراً من تاريخ انقضاء تلك السنة.
ويكون لأفراد الأسرة أن يعيدوا توفيق أوضاعهم في نطاق ملكية المائة فدان التي يجوز للأسرة تملكها وذلك بموجب تصرفات ثابتة التاريخ خلال السنة المشار إليها وتطبق في شأنهم في هذه الحالة أحكام المادة (4).
"فإذا لم يتفق أفراد الأسرة على توفيق أوضاعهم خلال تلك السنة تطبق في شأنهم أحكام المادة (5).
وحيث إن مؤدى حكم المادة السابعة سالفة الذكر والتي تتعلق بالملكيات التي تطرأ على ذمة من آلت إليهم الملكية بعد العمل بالقانون وتنشأ عن سبب من أسباب الملكية غير التعاقد، وحكمها جواز التصرف فيها داخل نطاق الأسرة توفيقاً للأوضاع في حدود المائة فدان وخارج نطاق الأسرة فيما يجاوز ذلك بشرط أنه يثبت تاريخ التصرف خلال سنة من تاريخ الأيلولة، حينئذ تخرج تلك المساحة من الاستيلاء.
ومن حيث إن الملكية الطارئة في مجال تطبيق أحكام المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 تتجسد أساساً في أحد عناصر هذه الملكية وأهمها وهو سلطة التصرف، أو القدرة على التصرف فالملكية في هذا النص مدلولها خاص يرتبط بمكنة التصرف، فإذا لم يكن في مكنة صاحب الشأن أن يتصرف في العين كانت ملكيته خارجه عن مجال إعمال النص وإذا كان مالكاً ولكن لم تتوافر لديه مكنة التصرف في العين حتى صدور قانون الإصلاح الزراعي الأخير اعتبرت الملكية بالمعنى الخاص في المادة السابعة ملكية طارئة من تاريخ توافر هذه المكنة قانوناً. ذلك أن حق التصرف هو أهم العناصر التي تميز حق الملكية عن غيره من الحقوق العينية الأصلية وحق التصرف هذا هو ما يتعلق به مناط إعمال حكم المادة السابعة من قانون الإصلاح الزراعي - فمما لا شك فيه أن لأي مالك الحق في التصرف في ملكه وهو حق مكفول له بما خوله له القانون من سلطات على المال المملوك له فإذا زال هذا الحق أو سلب انتفى مدلول الملكية بالمعنى القانوني، والحالة هنا أن ثمة شخص الفرض فيه أنه مالك ومع ذلك ليس له حق التصرف في ملكه لوجود حالة مادية أو واقعية تجرده وتسلبه سلطات حق الملكية المقررة قانوناً، وهذه الحالة هي واقعة أو قرار الاستيلاء على الأرض حيث يتجرد مالكها بمجرد الاستيلاء من حيازتها ومن سلطة التصرف فيها أو استغلالها أي تغل يد المالك الحقيقي عن سلطة التصرف في ماله، مما يؤدي إلى فقده كل مظاهر الملكية المقررة له في القانون بحيث لا يكون مالكاً في الحق والواقع وهنا يكون استرداد مظهر الملكية وإعادتها للمالك الحقيقي بعد ذلك بمثابة طروء لهذه الملكية وعودة جديدة لها إليه بقدر ما يتاح له من سلطة التصرف في الملك الذي عاد له بعد أن سحب منه - فمظهر الملكية هو جماع سلطات ثلاث هي سلطة الاستعمال والاستغلال والتصرف وبالاستيلاء حرم المالك الحقيقي من هذه السلطة، وتبعاً لذلك فإن استرداد سلطات تلك الملكية أو مكنة التصرف يعتبر بمثابة طروء لهذه الملكية في تطبيق حكم المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 باعتبار أن ذلك عودة جديدة للملكية حدثت بعد القانون ويبدأ ميعاد السنة الجائز التصرف فيها في هذه الملكية الزائدة عن النصاب من التاريخ الذي يسترد فيه المالك ويستعيد فيه من جديد مظاهر الملك التي تمكنه من التصرف وهو تسليم الأرض تسليماً فعلياً بعد إلغاء قرار الاستيلاء، وفى هذا تحقيق العدالة ويتساوى أمثال هؤلاء مع نظيره من قبل حالته الذي لم تخضع للاستيلاء الخاطئ، وبقيت أرضه على ملكه وتحت تصرفه - حيث يتمكن من التصرف لكل أنواع التصرفات في الأراضي ملكه منذ عام 1957 وحتى العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 ويكون تصرفه صحيحاً ونافذاً - في حين حرم أمثال الطاعنين من هذه الفرصة طوال أكثر من أثنى عشر سنة حتى تاريخ صدور القانون 50 لسنة 1969، وطوال أكثر من سبعة وعشرين عاماً حتى صدور قرار الهيئة في عام 1984 بتحديد مركزهم النهائي من قوانين الإصلاح الزراعي حيث كانت كامل المساحة تحت يد الهيئة المطعون ضدها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أنه إذا نشأت ظروف تحد من حرية المالك في التصرف في ملكه امتنع إنزال الحكم الذي فرضه الشارع بمعنى أن يمتد الميعاد الذي حدده القانون للتصرف في الملكية الزائدة حتى يزول المانع من التصرف، كأن يكون هذا المانع وجود نزاع على الأرض الزائدة عن الحد المقرر الاحتفاظ به، وكان من أثر ذلك أن ظلت يد الطاعن مغلولة عن التصرف في هذه المساحة.
ومن حيث إنه لما كان ذلك الثابت في هذا الطعن أن الطاعنين كانوا في حالة عجز كامل عن إمكانية التصرف في المساحة محل الاستيلاء من الاستيلاء عليها عام 1957، وقيام حالة قانونية وعقبة مادية ناشئة على الاستيلاء الواقع من قبل الهيئة المطعون ضدها وحتى صدور قرار الهيئة في 7/ 4/ 1983 بتنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 143، 144 لسنة 18 ق عليا بتأييد قرار اللجنة القضائية الصادر في الاعتراضين 334 لسنة 1957، 20 لسنة 1958 بالإفراج عن المساحات موضوع هذين الاعتراضين ومن بينها المساحة محل هذا الطعن - فإن تنفيذ الهيئة لهذا الحكم والإفراج عن هذه المساحة يعتبر على النحو المتقدم ملكية طارئة بعد العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 ويكون للطاعنين الحق في مهلة سنة من تاريخ التسليم الفعلي النهائي من الهيئة للتصرف فيها وفقاً للمادة السابعة من ذلك القانون - لأنه من هذا التاريخ فقط يعتبر الطاعنون قد استردوا مكنة التصرف وإمكانية استعمال الرخصة المقررة في المادة سالفة الذكر.
ومن حيث إنه من جهة أخرى فإن مدلول الملكية في قانون الإصلاح الزراعي هي الملكية الفعلية الكاملة المنتجة لكافة أثارها وسلطاتها، فإذا سحبت أو سلبت عناصرها أصبحت ملكية ناقصة أو ملكية اعتبارية أو حكمية فالأولى هي تلك الملكية المستقرة لصاحبها وفي حيازته وغير متنازع عليها ويمارس عليها كافة سلطات الملكية قانوناً وفعلاً أما الملكية المعلقة فهي ملكية ناقصة لأنها غير مستقرة ومحل نزاع ولا يمارس صاحبها أية سلطات على ملكه من السلطات المقررة له في القانون فالملكية القانونية هي تلك التي يكتمل لها مظاهر الملك وسلطاته فالعبرة إذن هو بالملكية الفعلية القانونية وليست الملكية الاعتبارية التي تكشف عنها الأحكام، فإذا كان صحيحاً أن الحكم كاشف للحقوق وليس منشئاً لها إلا أن حق الملكية التي يكشف عنها الحكم بأثر رجعي - هي ملكية اعتبارية أو حكمية فهناك فرق بين حق الملكية كحق وبين السلطات التي يخولها هذا الحق للمالك على ملكه وبدونها لا تكون لحق الملكية أية قيمة قانونية لأن مظاهر الملكية وسلطاتها لا تعود بأثر رجعي فذلك أمر غير ممكن من الناحية القانونية ومن الناحية العملية، فلا يستطيع صاحب حق الملكية العائدة له بحكم وبأثر رجعى - أن تعيد إليه سلطاته بأثر رجعي أيضاً بأن يتصرف في ملكة بأي تصرف ناقل للملكية أو استقلاله بتصرف بتاريخ سابق على عودة الملكية إليه بحكم أي تصرف بأثر رجعي بمعنى أن آثار حق الملكية لا تعود بأثر رجعي وإنما الصحيح أن الملكية العائدة بحكم تعود بسلطاتها من تاريخ العودة هذه أم قبل ذلك فلا تكون الفترة السابقة فترة ملكية اعتبارية سقط خلالها حقه في التصرف والساقط لا يعود ولا تعطى هذه الملكية الاعتبارية لصاحبها أكثر من المطالبة بالتعويض عما سلف من زمن فقد فيه سلطاته على ملكه حتى توافرت شروطه ومن ثم فإن الملكية العائدة لصاحبها بحكم كاشف هي ملكية جديدة في آثارها حيث تولد من جديد سلطاته القانونية على ملكه ولذلك فإنها تعتبر في التكييف الصحيح ملكية جديدة ولاحقة على العمل بقانون الإصلاح الزراعي طالما أنها لم تستقر لصاحبها ولا تكتمل له سلطاته على ملكه إلا بعده وهى تعتبر ملكية طارئة جديدة بغير طريق التعاقد، لأنها عادت - في مثل هذا الطعن - كأثر من آثار إلغاء قرار الاستيلاء وليس تعاقد إداري فمصدرها إلغاء قرار الاستيلاء الذي به استرداد المالك سلطاته فإذا كان الاستيلاء نقل الملكية إلى الدولة معلقة على شرط واقف هو صدور قرار بالاستيلاء النهائي أو صدور حكم بصحة هذا الاستيلاء، فإنه إذا لم يتحقق هذا الشرط بعدم صدور قرار الاستيلاء النهائي أو بإلغاء قرار الاستيلاء الابتدائي قضاء عادت الملكية من جديد إلى من كانت له قبل الاستيلاء أي تعتبر في الحقيقة والواقع نقلاً جديداً للملكية من الدولة إلى من كانت له من قبل ويقتصر حقه في الفترة السابقة على التعويض إن توافرت شروطه - وبناء على ذلك فإن تلك الملكية العائدة كأثر من آثار إلغاء الاستيلاء بحكم قضائي تعتبر ملكية طارئة جديدة متى كانت بعد العمل بقوانين الإصلاح الزراعي وتحكمها النصوص الخاصة بالملكية الزائدة بعد العمل بها تمت بغير طريق التعاقد والتي تمكن صاحب الشأن من التصرف فيها خلال سنة من تاريخ استلامه الأرض تنفيذاً لحكم إلغاء قرار الاستيلاء عليها كما هو الحال في الطعن الماثل سواء في نطاق الأسرة أو للغير حسب الأحوال وإذ قضى القرار المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه إلغاؤه واعتبار عودة ملكية الطاعنين لهم بعد إلغاء الاستيلاء عليها - ملكية طارئة طبقاً لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي ويكون لهم الحق في التصرف في المساحة الزائدة عن حد الاحتفاظ محل النزاع خلال سنة من تاريخ تسليمهم لها تسليماً فعلياً.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلغاء الاستيلاء على المساحة موضوع الاعتراض والطعن واعتبارها ملكية طارئة ويكون من حق الطاعنين التصرف فيها وفقاً للمادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 خلال سنة من تاريخ تسليمها الفعلي لهم وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات.