مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 761

(88)
جلسة 9 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وعبد القادر هاشم النشار، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 889 لسنة 36 القضائية

عاملون مدنيون - تأديب - الارتباط بين سقوط الدعوى التأديبية وسقوط الدعوى الجنائية.
المادة 91 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.
إن الدعوى التأديبية وإن كانت تسقط بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة، إلا أنها لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية إذا كون الفعل جريمة جنائية - للمحكمة التأديبية أن تتصدى لتكييف الوقائع المعروضة عليها وتحدد الوصف الجنائي لها لبيان أثره في استطالة مدة سقوط الدعوى التأديبية - حدد المشرع بدء سريان مدة انقضاء الدعوى الجنائية في الجرائم التي تقع من موظف عام اعتباراً من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 11/ 2/ 1990 أودع الأستاذ/..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 889 لسنة 36 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 31/ 12/ 1989 في الدعوى رقم 625 لسنة 17 ق والذي قضى بمجازاة..... بخفض أجره بمقدار علاوة.
وطلب الطعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى.
وبتاريخ 19/ 2/ 1990 تم إعلان تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة/.... بخفض أجره في حدود علاوة، وبمجازاته بالخصم من راتبه المدة التي تقدرها عدالة المحكمة على النحو الموضح بالأسباب وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة بجلسة 8/ 2/ 1995 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات قدمت خلالها النيابة الإدارية مذكرة بدفاعها، وبجلسة 26/ 4/ 1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" وحددت لنظره جلسة 17/ 6/ 1995 وبجلسة 13/ 1/ 1996 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 25/ 1/ 1989 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 625 لسنة 17 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بإيداع أوراقها قلم كتاب تلك المحكمة مشتملة على ملف القضية رقم 1052 لسنة 1988 وتقرير باتهام..... - رئيس الوحدة المحلية بكفر الغاب - محافظة دمياط من الدرجة الثانية وذلك لأنه:
خرج عل مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤد العمل المنوط به بدقة وأتى ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن: تعاقد على شراء قطعة أرض مساحتها فدان أرض زراعية بناحية كفر الغاب بمبلغ 7000 جنيه من حساب الوحدة المحلية بكفر الغاب بتاريخ 27/ 4/ 1985 رغم أن تلك المساحة مؤجره لأحد المواطنين مما ترتب على ذلك تعذر استلام الوحدة المحلية لها رغم سداد ثمنها بالكامل في 28/ 12/ 1985 ولم يقم باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو استلام تلك المساحة في حينه مرتكباً بذلك المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمواد 76/ 1، 503، 77/ 4 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983، وطلبت النيابة الإدارية محاكمته تأديبياً طبقاً للمادتين المشار إليهما، وبالمواد 78/ 1، 80، 82 من القانون المذكور، والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادتين 15/ 1، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة بمجازاة/..... بخفض أجره بمقدار علاوة، وشيدت قضائها على أن الثابت من أوراق الدعوى واعتراف المتهم نفسه أنه كان يعلم أن الأرض موضوع التعاقد مؤجرة لأحد المواطنين بعقد إيجار وهو متأكد من أقوال...... سكرتير الوحدة المحلية بكفر الغاب و...... رئيس الوحدة المحلية لمدينة كفر سعد، والسيد..... البائع، و.... رئيس المجلس الشعبي للوحدة المحلية بكفر الغاب.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون للأسباب الآتية:
أولاً: كان يتعين القضاء بسقوط الدعوى التأديبية بمضي المدة إذا ارتكبت المخالفة في 27/ 4/ 1985 ولم يبدأ التحقيق إلا في أواخر 1988 أي بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على ارتكابها.
ثانياً: إن الحكم المطعون فيه قد خالف قرار محافظ دمياط رقم 471 لسنة 1981 بشأن إصدار لائحة المخالفات والجزاءات والذي حدد للمخالفة المسندة إلى الطاعن عقوبة حدها الأدنى 15 يوماً وحدها الأقصى ستون يوماً.
ثالثاً: إن الحكم المطعون فيه قد قام على أسباب غير صحيحة مؤداها تعذر استلام الأرض موضوع عقد الشراء والمساس بمصلحة مالية للدولة، في حين أن محافظ دمياط قد أصدر القرار رقم 37 لسنة 1990 بتخصيص تلك القطعة للمنفعة العامة وبذلك فقد تسلمت الوحدة المحلية تلك الأرض، كما أنه ليس صحيحاً أن ما حدث يمثل مساساً بمصلحة مالية للدولة إذ أن الأموال التي تم شراء الأرض بها لم تكن من الميزانية العامة للدولة وإنما هي مبالغ جمعت من المواطنين كجهود ذاتية بغرض إنشاء مشروعات ذات نفع عام تخدم القرية مما ينفي عنها صفة المال العام.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المخالفة المسندة إلى الطاعن وهي تعاقده بصفته على شراء قطعة أرض بمبلغ سبعة آلاف جنيه من حساب الوحدة المحلية بكفر الغاب في 27/ 4/ 1985 رغم علمه بأنها مستأجره لأحد المواطنين مما ترتب عليه تعذر استلامها رغم سداد كامل ثمنها اعتباراً من 28/ 12/ 1985، هذه المخالفة ثابتة في حق الطاعن بإقراره في تحقيقات النيابة الإدارية ومن أقوال الشهود وهو ما أدى إلى تعطيل الانتفاع بثمنها بعد أن رفض مستأجرها إخلاءها وفات بذلك الغرض من وراء شرائها وهو إنشاء مدرسة ثانوية واستكمال مركز شباب القرية.
ومن حيث إنه ولئن كانت المخالفة المسندة إلى الطاعن ثابتة في حقه على النحو السالف إلا أنه بصدور قرار محافظ دمياط رقم 471 لسنة 1981 بإصدار لائحة المخالفات والجزاءات بناء على نص المادة 81 من القانون رقم 47 لسنة 1978 فقد كان من المتعين الالتزام بما ورد بهذه اللائحة من أحكام بالنسبة لنوع المخالفة والجزاء المقرر لها وذلك طبقاً لنص المادة الأولى منها والتي تقضي بسريان أحكامها على العاملين حتى شاغلي الدرجة الأولى، وإذ تضمنت تلك اللائحة عند سردها للمخالفات مخالفة الإهمال أو التقصير أو عدم الدقة في أداء العمل الذي يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو أحد الأشخاص العامة الأخرى أو الهيئات التابعة لرقابة الجهاز المركزة للمحاسبات أو المساس بمصالحها المالية أو ما يكون من شأنه أن يؤدى إلى ذلك مباشرة وحددت لتلك المخالفة عقوبة حدها الأدنى عشرة أيام وحدها الأقصى ستون يوماً، ومتى كانت المخالفة المسندة إلى الطاعن هي بعينها المخالفة الواردة في لائحة الجزاءات المشار إليها فمن ثم كان من المتعين الالتزام بالعقوبة المقررة وهي في حدها الأقصى ستون يوماً، أما وقد ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بمعاقبة الطاعن بخفض أجره في حدود علاوة فإنه يكون قد جاء على غير سند صحيح من القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه والحكم بمجازاة الطاعن بخصم ستين يوماً من راتبه.
ومن حيث إنه عن الدفع بسقوط الدعوى التأديبية بالتقادم لمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة فإنه طبقاً لنص المادة 91 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة فإن الدعوى التأديبية وإن كانت تسقط بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة، وإلا أنها لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية إذا كون الفعل جريمة جنائية، وللمحكمة التأديبية أن تتصدى لتكييف الوقائع المعروضة عليها وتحدد الوصف الجنائي لها لبيان أثره في استطالة مدة سقوط الدعوى التأديبية، وإذ حدد المشرع بدء سريان مدة انقضاء الدعوى الجنائية في الجرائم التي تقع من موظف عام اعتباراً من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك، وكانت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن تشكل جريمة إهمال في صيانة واستخدام المال العام الذي عهد به إليه بصفته رئيس الوحدة المحلية لقرية كفر الغاب محافظة دمياط على نحو عطل الانتفاع به وهي بذاتها الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرر "ب" الواردة في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، الأمر الذي يبين معه أن الدعوى التأديبية لم تسقط بعد لعدم انتهاء خدمة الطاعن أو زوال صفته مما يكون معه الدفع بالسقوط في غير محله متعين الرفض.
ولا يجدي الطاعن نفعاً قوله أن محافظ دمياط قد أصدر القرار رقم 37 لسنة 1990 بتخصيص قطعة الأرض المشار إليها للمنفعة العامة وتسلمتها الوحدة المحلية لكفر الغاب إذ أنه حتى بغرض صح ة ذلك فإن قرار المحافظ بالتخصيص لا ينفي عن الطاعن ارتكابه للمخالفة وعدم استفادة الجهة الإدارية من قطعة الأرض اعتباراً من تاريخ الشراء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخفض أجره بمقدار علاوة، والقضاء بمجازاته بخصم ستين يوماً من راتبه.