مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 809

(93)
جلسة 16 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: منصور حسن علي العربي، وأبو بكر محمد رضوان، وعبد القادر هاشم النشار، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3290 لسنة 40 القضائية

تأديب - محاكمة تأديبية - إعلان العامل بقرار الاتهام - ضرورة إعلان العامل بالوقائع التي لم ترد بقرار الإحالة وتصدت لها المحكمة.
م 40 من قانون مجلس الدولة.
إن إعلان العامل المحال للمحكمة التأديبية بقرار الاتهام المتضمن بياناً بالمخالفات المنسوبة إليه وتاريخ الجلسة إنما يمثل ضمانة جوهرية للعامل المقدم للمحاكمة التأديبية ليتمكن من المثول أمام المحكمة بنفسه أو الوكيل عنه للإدلاء بما لديه من إيضاحات ومتابعة سير إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ولذل فإن إغفاله أو إجراءه بالمخالفة لحكم القانون على وجه لا تتحقق معه الغاية منه يترتب عليه وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه - أجاز قانون مجلس الدولة في المادة (40) منه أن تتصدى المحكمة التأديبية لوقائع لم ترد في قرار الإحالة والحكم فيها إذا كانت عناصر المخالفة ثابتة في الأوراق - مناط صحة ذلك مشروط بأن تمنح العامل أجلاً مناسباً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، وهذا يقتضي مواجهته بالوقائع التي لم ترد بقرار الإحالة إذا كان حاضراً، أما إذا كان غائباً فإن الأمر يقتضي إعلانه بتلك الوقائع الجديدة إذ تعتبر تلك الوقائع الجديدة بمثابة قرار اتهام جديد ومن ثم يشترط لصحة محاكمته عنها إحاطته علماً بها بموجب إعلان تتوافر فيه شروط صحته - إذا لم يحط علماً بتلك الوقائع الجديدة على النحو المتقدم إيضاحه وتصدت المحكمة لتلك الوقائع الجديدة وقضى فيها رغم ذلك فإنه يترتب على ذلك وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 29/ 6/ 1994 (الأربعاء) أودع الأستاذ/...... المحامي نائباً عن الأستاذ/.... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الراهن في حكم المحكمة التأديبية بالمنصورة الصادر في الدعوى رقم 1110 لسنة 9 ق بجلسة 26/ 6/ 1988 والقاضي بمجازاة/....... بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به قبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه مع إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها من دائرة أخرى.
وبتاريخ 9/ 7/ 1994 تم إعلان تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية في مقرها.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتم تداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث أودع الطاعن بجلسة 11/ 10/ 1995 صورة من قرار ندبه لأعمال الامتحانات العامة بمدرسة كفر صقر الثانوية التجارية اعتباراً من 11/ 6/ 1988 وكذلك موافقة جهة الإدارة على سفر الطاعن بتاريخ 5/ 10/ 1988 كما قدم بذات الجلسة مذكرة تمسك فيها بعدم توقيعه على تقرير الاتهام وأن النيابة الإدارية عدلت وصف الاتهام بجلسة المرافعة ليكون الانقطاع بدلاً من 14/ 3/ 1981 حتى 8/ 8/ 1981 إلى 14/ 3/ 1981 حتى آخر جلسة للمرافعة دون أن تعلن الطاعن بهذا التعديل أو تمنحه فرصة للدفاع عن نفسه بشأن هذا الاتهام الجديد وصمم بتلك المذكرة على الطلبات وبجلسة 22/ 11/ 1995 أودع الطاعن حافظة مستندات أخرى وقدم مذكرة مماثلة للمذكرة الأولى وصمم فيها على الطلبات.
وبذات الجلسة قدمت النيابة الإدارية مذكرة طلبت فيها الحكم:.
بصفة أصلية: بعدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد فوات المواعيد القانونية المقررة استناداً إلى صحة إعلان الطاعن بتقرير الاتهام وإقامة الطعن بعد الميعاد المقرر وبصفة احتياطية برفض إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع وتأييد الحكم المطعون فيه.
ثم نظر الطعن أمام هذه المحكمة التي قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 18/ 8/ 1981 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 1110 لسنة 9 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة مشتملة على تقرير اتهام ضد/........ (الطاعن) المدرس بمدرسة رأس الخليج الثانوية بشربين (درجة ثالثة) لأنه في غضون المدة من 14/ 3/ 1981 حتى 8/ 8/ 1981 بدائرة محافظة الدقهلية خالف القانون بأن انقطع عن العمل في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً.
وبجلسة 17/ 10/ 1982 حكمت المحكمة التأديبية بالمنصورة بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية ضد/...... (الطاعن) فقامت هيئة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة حالياً) بالطعن على ذلك الحكم أمام هذه المحكمة بالطعن رقم 182 لسنة 29 ق عليا الذي قضى به بجلسة 13/ 12/ 1986 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وقد أحيلت تلك الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة وتحدد لنظرها جلسة 31/ 1/ 1988 وبهذه الجلسة تأجلت الدعوى لجلسة 19/ 6/ 1988 للتحري والإعلان وبالجلسة الأخيرة قدمت النيابة الإدارية صورة تقرير الاتهام موقعاً عليه بتوقيع منسوب للطاعن يفيد علمه بما ورد بالتقرير وبالجلسة المحددة لنظره في 19/ 6/ 1988.
وبالجلسة الأخيرة لم يحضر المحال (الطاعن) وعدلت النيابة الإدارية تقرير الاتهام ليكون الانقطاع حتى آخر جلسة للمرافعة فقررت المحكمة التأديبية النطق بالحكم بجلسة 26/ 6/ 1988 وفيها صدر الحكم المطعون فيه بمنطوقه سالف الذكر وأقام قضاءه على أساس ثبوت واقعة انقطاع المحال (الطاعن) عن العمل اعتباراً من 14/ 3/ 1981 وعدم عودته إلى عمله الأمر الذي يعد عزوفاً منه عن الوظيفة العامة وعدم حرصه عليها مما يستوجب مجازاته بالفصل من الخدمة باعتبار أنه لا يجدي معه أي جزاء آخر.
ومن حيث إن مبنى الطعن بطلان إعلان الطاعن بتقرير الاتهام مما ترتب عليه عدم حضوره جلسات المحاكمة ولم يعلم بالحكم الصادر ضده حتى تاريخ إيداع صحيفة الطعن.
ومن حيث إن المستقر عليه أن إعلان العامل المحال للمحاكمة التأديبية بقرار الاتهام المتضمن بياناً بالمخالفات المنسوبة إليه وتاريخ الجلسة إنما يمثل ضمانة جوهرية للعامل المقدم للمحاكمة التأديبية ليتمكن من المثول أمام المحكمة بنفسه أو الوكيل عنه للإدلاء بما لديه من إيضاحات ومتابعة سير إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ولذا فإن إغفاله أو إجراءه بالمخالفة لحكم القانون على وجه لا تتحقق معه الغاية منه يترتب عليه وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر في الحكم ويؤدى إلى بطلانه.
كما أنه وإن أجاز قانون مجلس الدولة في المادة (40) منه أن تتصدى المحكمة التأديبية لوقائع لم ترد في قرار الإحالة والحكم فيها إذا كانت عناصر المخالفة ثابتة في الأوراق إلا أنه مناط صحة ذلك مشروط بأن تمنح العامل أجلاً مناسباً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك وهذا يقتضى مواجهته بالوقائع التي لم ترد بقرار الإحالة إذا كان حاضراً أما إذا كان غائباً فإن الأمر يقتضي إعلانه بتلك الوقائع الجديدة إذ تعتبر تلك الوقائع الجديدة بمثابة قرار اتهام جديد ومن ثم يشترط لصحة محاكمته عنها إحاطته علماً بها بموجب إعلان تتوافر فيه شروط صحته أما إذا لم يحط علماً بتلك الوقائع الجديدة على النحو المتقدم إيضاحه وتصدت المحكمة لتلك الوقائع الجديدة وقضت فيها رغم ذلك فإنه يترتب على ذلك وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر في الحكم ويؤدى إلى بطلانه.
ومن حيث إن تقرير الاتهام المودع أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بتاريخ 18/ 8/ 1981 قد حدد المخالفة المنسوبة للمحال الطاعن وهي الانقطاع عن العمل في المدة من 14/ 3/ 1981 حتى 8/ 8/ 1981 غير أن النيابة الإدارية بجلسة 19/ 6/ 1988 التي لم يحضرها المحال (الطاعن) قد عدلت تقرير الاتهام ليكون الانقطاع حتى آخر جلسة للمرافعة (19/ 6/ 1988) ومن ثم كان يتعين إحاطة المحال (الطاعن) علماً بالتعديل الوارد على قرار الاتهام بإضافة وقائع جديدة تتمثل في أن الانقطاع المنسوب إليه حتى 19/ 6/ 1988 وليس فقط حتى 8/ 8/ 1981 كما ورد بتقرير الاتهام الأصلي وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يحط علماً بتلك الوقائع الجديدة ولم يعلن بها وإنما قررت المحكمة بذات الجلسة حجز الدعوى لإصدار الحكم فيها بجلسة 26/ 6/ 1988 وفيها تم فعلاً صدور الحكم المطعون فيه متضمناً القول بثبوت واقعة انقطاع المحال (الطاعن) عن العمل اعتباراً من 14/ 3/ 1981 وعدم عودته إلى عمله بما يعني أنه فصل في الوقائع الجديدة واعتبر أن الانقطاع ثبات في حق المحال (الطاعن) حتى تاريخ 19/ 6/ 1988 (أخر جلسة للمرافعة) ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد شابه عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر فيه ويؤدى إلى بطلانه.
ومن حيث إن المستقر عليه أن ميعاد الطعن في الأحكام أمام هذه المحكمة لا يبدأ في حق من لم يعلن بإجراءات محاكمته إعلاناً صحيحاً إلا من تاريخ علمه اليقيني بالحكم الصادر ضده وإذ كانت الأوراق قد جاءت خلواً مما يفيد علم الطاعن بالحكم المطعون فيه قبل إقامة الطعن الراهن فمن ثم يكون الطعن قد أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى بما يجعله مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت في الطعن رقم 182 لسنة 29 بجلسة 13/ 12/ 1986 بإلغاء الحكم الصادر في ذات الدعوى رقم 1110 لسنة 9 ق لبطلان في الإجراءات وأعيدت بذلك الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى فأصدرت تلك المحكمة الحكم المطعون فيه الذي تبين أيضاً بطلانه فمن ثم فإن هذه المحكمة تتعرض لموضوع الدعوى التأديبية وذلك أخذاً بما هو مقرر بالمادة 269 مرافعات التي توجب على محكمة النقض أن تحكم في الموضوع إذا نقضت الحكم وكان الطعن للمرة الثانية وذلك تحقيقاً للحكمة التي قام عليها هذا النص وهي عدم إطالة أمر المنازعة وتأييدها.
ومن حيث إنه عما نسب للطاعن بتقرير الاتهام من انقطاع عن العمل في الفترة من 14/ 3/ 1981 حتى 8/ 8/ 1981 فإن المحال (الطاعن) لا ينفي ولا يجادل في واقعة انقطاعه خلال تلك الفترة ولم يقدم عذراً يبرر ذلك الانقطاع ومن ثم تكون واقعة الانقطاع خلال تلك الفترة ثابتة في حقه وتشكل خروجاً على مقتضيات الواجبات الوظيفية ويكون لذلك مستوجباً مجازاته عنها بالجزاء الذي تقدره المحكمة على النحو الوارد بمنطوق هذا الحكم.
ومن حيث إنه عن واقعة انقطاع الطاعن بعد الفترة المحددة بتقرير الاتهام إلى آخر جلسة مرافعة أمام المحكمة التأديبية على النحو الذي طلبته النيابة الإدارية أمام تلك المحكمة فقد تبين مما سبق عدم إتباع الإجراءات القانونية الصحيحة بإضافة تلك الواقعة مما يترتب عليه من بطلان تعديل قرار الاتهام ويتعين لذلك عدم جواز النظر في أمر محاكمة الطاعن عن تلك الفترة لعدم عرضها بالطريق القانوني الصحيح.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة والقضاء بمجازاته بخصم شهرين من مرتبه.