مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 831

(95)
جلسة 19 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: فاروق علي عبد القادر، و محمد عبد السلام مخلص، وعلي فكري حسن صالح، وحمدي محمد أمين الوكيل - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2756 لسنة 37 القضائية

( أ ) إدارة محلية - تمتع وحدات الإدارة المحلية بالشخصية الاعتبارية - رئيس الوحدة المحلية يمثلها أمام القضاء وفي مواجهة الغير.
المواد 1، 4 من قانون نظام الإدارة رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981.
تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة عنها وهي نيابة قانونية المرد في تعيين مداها وحدودها يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون - الدولة من الأشخاص الاعتبارية العامة ومن فروعها ما له الشخصية الاعتبارية كالمحافظات والمدن والقرى والأحياء بالشروط التي يحددها القانون - أثر ذلك - تمتعها بجميع الحقوق إلا ما كان منه ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية فيكون لها ذمة مالية مستقل، وأهلية في الحدود التي يقررها القانون وحق التقاضي وموطن ونائب يمثلها عند التقاضي - مادة 53 من القانون المدني - الأصل أن يمثل الدولة كل وزير في شئون وزارته إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية إلى رئيسها.
المشرع بنص خاص منح وحدات الإدارة المحلية، ومنها الأحياء، الشخصية الاعتبارية رئيس الحي هو الذي يمثله أمام القضاء وفي مواجهة الغير - جهة الوصاية ليست ذات صفة في تمثيل الوحدات المحلية - تطبيق.
(ب) عقد إداري - تنفيذ العقد - مسئولية المقاول عن المواد المشونة في موقع العمل.
المادة (90) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 236 لسنة 1954 - المقاول مسئول عن حراسة المواد المشونة في موقع العمل وعن تلفها أو سرقتها وليس على الجهة الإدارية أي التزام في هذا الشأن - مطالبة المقاول جهة الإدارة بتعويضه عن تلف بعض مواد البناء بسبب الجمهور لا سند له من القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 28/ 6/ 1990 أودعت هيئة قضايا الدولة، نيابة عن الطاعن بصفته، سكرتارية المحكمة، تقرير الطعن قيد بجدولها العام، برقم 2756 لسنة 37 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2/ 5/ 1990 في الدعوى رقم 424 لسنة 7 ق المقامة من مورث المطعون ضدهم ضد الطاعن، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع، بإلزام الجهة الإدارية أن تدفع للمدعي تعويضاً مقداره خمسة آلاف جنيه حسب الموضح في الأسباب وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة. وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن، قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع.
(1) بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث الرابع.
(2) بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى المطعون على حكمها مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم إعلان المطعون ضدهم قانوناً بتقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
كما أودعت هيئة مفوضي الدولة، تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع لرفعها على غير ذي صفة وفي موضوع الطعن برفضه بشقيه مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وبجلسة 16/ 8/ 1995 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 21/ 11/ 1995 حيث نظرته المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 19/ 3/ 1996 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة، تتلخص، حسبما يبين من الأوراق في أن مورث المطعون ضدهم أقام أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة الدعوى رقم 424 لسنة 7 ق ضد: (1) الطاعن بصفته، (2) وكيل وزارة التربية والتعليم، (3) وزير التعليم، (4) محافظ الشرقية. مطالباً فيها بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسة وثلاثون ألف جنيه تعويضاً عما أصابه من خسائر في تنفيذ عملية مدرستين بالزقازيق وإلزام المدعى عليهم المصروفات، مستنداً في ذلك إلى أنه بتاريخ 14/ 10/ 1982 رست عليه عملية إنشاء مدرسة إعدادية بناحية سوق الثلاثاء بمدينة الزقازيق، وأسند إليه تنفيذها حسب شروط العقد الذي وقع بين الأطراف، وبتاريخ 24/ 10/ 1982 صدر إليه أمر التشغيل، وقام بسداد التأمين النهائي عن العملية، وتم تسليمه موقع العمل وموقع منه بخلوه من الموانع والمعوقات التي تمنع التنفيذ، إلا أن المدعي فوجئ بأن الأرض المخصصة لإنشاء المدرسة، ما زالت مخصصة لانعقاد السوق الأسبوعية يومي الاثنين والثلاثاء من كل أسبوع مما ترتب عليه توقف الأعمال خلال هذين اليومين إضافة إلى ما يحدثه الجمهور من تلفيات بالمواد والمعدات المشونة للتنفيذ مما كان يكبده خسائر مالية تقدر بمبلغ 300 جنيه أسبوعياً بالإضافة إلى تعطيل العمل وتوقفه خلال هذين اليومين.. وبسبب ذلك قام في 19/ 10/ 1982 بتعيين الحراسات اللازمة على الموقع خلال هذين اليومين من كل أسبوع كما أخطر الجهة الإدارية في 23/ 11/ 1982 بتضرره من استمرار عقد السوق بموقع العملية وما تسببه من ضرر وتعطيل وبتاريخ 2/ 1/ 1983 قدمت الإدارة الهندسية بمجلس مدينة الزقازيق تقريراً أثبتت فيه رأيها حول ما يدور بالموقع وأيدت المدعي فيما ذكره من تعطل العمل خلال أيام انعقاد السوق وما تحدثه من أضرار - وأضاف المدعي أنه رست عليه أيضاً عملية استكمال مباني المدرسة الإعدادية والتي رست عليه وصدر بشأنها أمر التشغيل في 7/ 12/ 1983 وتحرر محضر استلام في 19/ 12/ 1983 وفي 22/ 1/ 1983 أسندت إليه عملية إنشاء مدرسة ابتدائية بذات موقع إنشاء المدرسة الإعدادية موضوع شكواه أي بمنطقة سوق المدينة وصدر بشأنها أمر التشغيل في 28/ 11/ 1983 وتم تسليمه الموقع في 14/ 12/ 1983 لإنشاء المدرسة الابتدائية في ذات المكان المخصص لعقد السوق الأسبوعي. ولم تحاول الجهة الإدارية إخلاء المنطقة من السوق وتمكينه من العمل في موقع خال من الموانع والعقبات - وترتب على ذلك خسائر أسبوعية مقدارها 300 جنيه في كل من موقع المدرسة الإعدادية ومثلها في موقع المدرسة الابتدائية إضافة إلى تعطل أعمال التنفيذ يومي الاثنين والثلاثاء من كل أسبوع وقام بإثبات ذلك رسمياً ضد الجهة الإدارية.
(1) محاضر مرور الشرقية في 27/ 12، 28/ 12/ 1984.
(2) شكوى رسمية في 31/ 1/ 1984 إلى المدعى عليه الأول.
(3) محضر إداري في 21/ 3/ 1984 برقم 1392 لسنة 1984 بقسم أول شرطة الزقازيق.
وأضاف أن مدة تنفيذ الأعمال 83 أسبوعاً بالمدرسة الإعدادية وتم تسليمها في 18/ 7/ 1984 قبل الموعد المحدد للتسليم بشهرين.
وبجلسة 2/ 5/ 1990 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبإلزام الجهة الإدارية أن تدفع للمدعي تعويضاً مقداره خمسة ألاف جنيه حسب الموضح بالأسباب وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة. وأقامت قضاءها على أن المستقر عليه قانوناً وقضاء أن العقد شريعة المتعاقدين وعلى كل طرف أن - ينفذه وفق مقتضيات حسن النية الواجب توافره بين الأطراف ولما كان هذا العقد من عقود المقاولة والتي يلتزم صاحب العمل باتخاذ ما يلزم لتمكينه من البدء في تنفيذ الأعمال ومن المضي فيه حتى تمام الإنجاز وهو ما يقتضيها المبادرة إلى تسليم موقع العمل خالياً من الموانع بحسبان ذلك صدى لهذا الالتزام فضلاً عن كونه الخطوة الأولى في تحقيق الغاية المستهدفة بالعقد ومؤدى ذلك أن - تبادر الجهة المتعاقدة ليس فقط إلى تدبير موقع العمل والتحقق من صلاحيته قبل الإقدام على التعاقد ليتسنى تسليمه صالحاً وملائماً للتنفيذ ويرتد هذا الالتزام بأثره على إمكانيات المقاول الذي يعتمد في قبول التعاقد على سعر معين وأن يتم التنفيذ خلال المدة المتفق عليها استناداً إلى أن الموقع معد للتسليم وصالح للتنفيذ دون معوقات ولا شك أن عدم قيام الجهة الإدارية بهذا الالتزام يعد أخلالاً منها بالتزاماتها العقدية.. لما كان ذلك فإن توقيع المقاول بأنه استلم الموقع خالياً من الموانع لا يعني انتهاء مسئولية الجهة الإدارية عن استمرار عدم التعرض من الغير أو ظهور ما يعد صورة من الموانع والعوائق خلال التنفيذ وما دام إزالة هذا العائق إنما هو مسئولية جهة الإدارة وليس المقاول - وإذا كان الثابت أن المدعي بعد تسلمه الموقع فوجئ باستخدام الجمهور كسوق أسبوعية تعقد فيه بإذن الجهة الإدارية وتحت إشرافها وأنه ناشدها اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع هذه المعوقات اقتصاداً للوقت وضمان للمواد ولم تنكر الجهة الإدارية ذلك وأثبتت في المحاضر المعدة من قبلها، فإن نتيجة ذلك هو مسئولية الجهة الإدارية مما ترتب على ظهور هذه المعوقات في موقع تنفيذ عملية إنشاء المدرسة الإعدادية المحرر عنها محضر استلام.
ولما كان مواجهة المقاول لمثل هذه المعوقات في حالة بناء المدرسة الإعدادية ترتب عليه جملة تبعات تمثلت في تعطيل التنفيذ والتأخير فيه، بالإضافة إلى ما قد يكون أصاب بعض المواد المستخدمة في البناء من التلف خلال مدة السوق.
ولما كان الثابت أن الجهة الإدارية عدلت مدة تنفيذ الأعمال كما لم يتضح أنها أوقعت عليه غرامات تأخير عن هذه العملية، وهو ما يعني أنها قد عوضته عن التأخير الناشئ عن تلك المعوقات ولم يبق له سوى جبر ما أصابه من أضرار مادية بشأن المواد المدعي تلفها وهذه جاء قول المدعي في تقديرها مجرداً من أي سند أو مستند يعتد به. لكل ما سبق ترى المحكمة الحكم للمدعي بمبلغ 5000 جنيه (خمسة آلاف جنيه) وهو المبلغ التي تراه مناسباًَ لجبر ما أصابه من ضرر نجم عن تعطيل الأعمال خلال مدة تنفيذه لعقد إنشاء المدرسة الإعدادية ورفض ماعدا ذلك من طلبات.
وقد طعنت هيئة قضايا الدولة في هذا الحكم نيابة عن الطاعن بصفته طالبة إلغاؤه للأسباب الآتية: -
أولاً: عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لكل من وكيل وزارة التربية والتعليم ووزير التعليم ومحافظ الشرقية، لأن التعاقد تم بين المطعون ضده ومجلس مدينة الزقازيق وأن الممثل القانوني له أمام القضاء هو رئيس مجلس مدينة الزقازيق بصفته طبقاًَ لقانون الإدارة المحلية.
ثانياً: الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال - ذلك أنه يشترط لاستحقاق التعويض الناتج عن الصعوبات المادية غير المتوقعة عن تنفيذ العقود الإدارية وبخاصة عقد الأشغال العامة أن تكون: الصعوبات مادية وغير عادية أو استثنائية ولا يمكن توقعها أو لم يكن في الوسع توقعها عند التعاقد.
(2) أن يترتب على التنفيذ نفقات تجاوز الأسعار المتفق عليها في العقد وتزيد من أعباء المتعاقد مع الإدارة. فإذا تخلف شرط من هذه الشروط فإن النظرية لا تطبق ولا يستحق المتعاقد مع الإدارة أي تعويض.
ولما كان الثابت من مستندات الدعوى أن المطعون ضده قد تسلم الموقع خالياً من ثمة عوائق وموانع تحول دون التنفيذ ولم ينازع أو ينكر أن جهة الإدارة قد قامت بالوفاء بالتزامها وكان يعلم يقيناً أن مكان التنفيذ كان أصلاً مستغلاً كسوق أسبوعي وقامت الجهة الإدارية بتسليمه خالياً - وأن استمرار استغلال السوق في أحد أيام، كان بسبب إهماله في السيطرة على موقع العملية المسلم له خالياً من الموانع والعوائق ومن ثم لا يجوز مطالبة جهة الإدارة بتعويض عن إهماله. هذا بالإضافة إلى أن المطعون ضده لم يقدم ما يثبت ما زعم من أنه أصيب بأضرار مادية فقد أستند على مجرد أقوال مرسلة دون دليل، وبذلك يكون الحكم الطعين قد أخطأ في تطبيق القانون.
وبتاريخ 16/ 7/ 1995 أودعت هيئة قضايا الدولة، نيابة عن الطاعن بصفته مذكرة، أضاف فيها أن المادة (88) من لائحة المناقصات والمزايدات للقانون رقم 236 لسنة 1954 تقضي بأن يكون المقاول مسئولاً وحده مباشرة دون دخل الحكومة عن الأضرار الناشئة عن إهمال وكلائه وخدمة وعمالة أثناء سير العمل أو لأي سبب آخر بما مفاده أن المقاول مسئول بعد أن أقر باستلامه الموقع خالياً من أي موانع وأن إهماله في السيطرة على موقع العمليتين أدى إلى استمرار السوق رغم انتهاء استغلال الموقع كسوق وخاصة أنه لم توقع عليه غرامة تأخير عن مدة تأخيره في تسليم العملية ومقدارها 64 يوماً.
وحيث إنه عن الدفع الخاص بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنين الثاني بصفته (وكيل وزارة التربية والتعليم) والثالث بصفته (وزير التربية والتعليم) والرابع بصفته (محافظ الشرقية) فإن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة عنها وهي نيابة قانونية المرد في تعيين مداها وحدودها يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون - وإذا كانت الدولة من الأشخاص الاعتبارية العامة، فإنه قد يكون من فروعها ما له الشخصية الاعتبارية كالمحافظات والمدن والقرى والأحياء بالشروط التي يحددها القانون، ومتى توافرت لها هذه الشخصية تمتعت بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية، وذلك في الحدود التي قررها القانون فيكون لها ذمة مالية مستقلة، وأهلية في الحدود التي يقررها القانون وحق التقاضي وموطن ونائب يمثلها عند التقاضي (م 53 من القانون المدني) والأصل أن يمثل الدولة، كل وزير في شئون وزارته إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية إلى رئيسها فتكون لهذا الأخير هذه الصفة بالمدى وفي الحدود التي بينها القانون.
ومن حيث إن الثابت أن العقد محل النزاع أبرم من رئيس حي أول الزقازيق وبين المقاول مورث - المطعون ضدهم، وكانت المادة الأولى من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981، ينص على أن "وحدات الإدارة المحلية هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية" كما نصت المادة الرابعة على أن يمثل المحافظة محافظها، كما يمثل كل وحدة من وحدات الإدارة المحلية الأخرى رئيسها وذلك أمام القضاء وفي مواجهة الغير.
وحيث إن مؤدى ما تقدم أن المشرع بنص خاص منح وحدات الإدارة المحلية، ومنها الأحياء، الشخصية الاعتبارية، ونص على أن رئيس الحي هو الذي يمثله أمام القضاء وفي مواجهة الغير، ومن ثم كان يتعين توجه الخصومة في الدعوى لصاحب الصفة وفقاً لما تقدم وهو رئيس حي أول الزقازيق، المبرم معه العقد، وليس أي جهة أخرى، فجهة الوصاية ليست بذات صفة في تمثيل الوحدات المحلية.
وحيث إنه من المستقر عليه قضاء أن رفع الدعوى على غير ذي صفة يجب أن يدفع به الخصم صاحب المصلحة فيه، ولما كان الطاعن قد دفع بأنه لا صفة لكل من وكيل وزارة التربية والتعليم أو وزير التعليم أو محافظ الشرقية بالنسبة للدعوى المطعون في حكمها.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت أن العقد محل النزاع أبرم بين المقاول مورث المطعون ضدهم ورئيس حي أول مدينة الزقازيق، وكان الحي يتمتع بالشخصية الاعتبارية، ويمثله أمام القضاء رئيسه، فإن الدعوى بشأن هذا العقد، تم توجيه الخصومة فيها إلى غير صاحب الصفة في النزاع مما جعل الدعوى غير مقبولة بالنسبة لمن لا صفة لهم.
وإذ كان الثابت أن مورث المطعون ضدهم، أقام الدعوى وأختصم كل من رئيس مجلس المدينة ووكيل وزارة التربية والتعليم ووزير التعليم ومحافظ الشرقية بصفتهم، وإذ أقتصر دفع الهيئة على المدعى عليهم من الثاني إلى الرابع دون الأول، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم لانتفاء الصفة.
وحيث إنه بالنسبة لما أثاره الطاعن بالنسبة للتعويض فإنه من المقرر فقهاً وقضاء في مجال المسئولية العقدية أنه يجب للحكم بالتعويض توافر عناصر المسئولية الثلاثة وهى الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما ويجب على الدائن إثبات الضرر الذي أصابه ويجب للحكم بالتعويض بيان العناصر المكونة للضرر ومقداره والدليل على ثبوته، فلا يصح القضاء بالتعويض بصورة مجملة دون بيان عناصر الضرر أساس التعويض.
وحيث إن الثابت من الحكم المطعون فيه أن جهة الإدارة منحت المقاول مورث المطعون ضدهم مهلة في تنفيذ العملية بسبب تعطيل العمل بسبب السوق، وما ترتب على ذلك من تأخره في تنفيذ العملية في ميعادها المتفق عليه في العقد، وتمثل هذا في أنها أعطته مهلة إضافية لتنفيذ العملية وتبعاً لذلك لم توقع عليه غرامة تأخير عن المدة الزائدة عن المدة المحددة للتنفيذ وفقاً للعقد، وبذلك فإن الجهة الإدارية أخذت في الاعتبار عند تنفيذ العقد مدة تعطيل العمل بسبب انعقاد السوق وبذلك ينتفي الضرر الموجب للتعويض في هذه الحالة - أما بالنسبة لما ادعاه المقاول من وجود ضرر آخر لحق بالمواد والتشوينات كالرمل والزلط من تلف بسبب وجود السوق، والتي قدرها بمبلغ 300 جنيه (ثلاثمائة جنيه في الأسبوع) فإن تقدير المدعي لها جاء مجرداً من أي سند أو مستند يعتد به، ورغم أن الحكم المطعون اثبت أن المدعي لم يقدم الدليل على قيمة التلفيات إلا أنها قضت بعد ذلك له بتعويض 5000 جنيه (خمسة آلاف جنيه) وأنه تعويضاً مناسباً عما أصابه من أضرار مادية نجمت عن تعطيل الأعمال خلال مدة تنفيذ عقد إنشاء المدرسة الإعدادية الأمر الذي ينطوي على تعارض بين أسباب الحكم وبين ما قضى به من تعويض، مما يجعل قضائه بالتعويض على غير سند سليم من القانون.
ومن حيث إنه من جهة أخرى فإن المادة 90 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 236 لسنة 1954 الساري على العقد محل النزاع نصت على أن "جميع المواد والمشونات المعتمدة والقطع التي تكون قد استحضرت بمعرفة المقاول لمنطقة العمل.. بقصد استعمالها في تنفيذ العمل - وكذلك جميع الأعمال والمنشآت الوقتية الأخرى.. تبقى في عهدة المقاول وتحت حراسته ومسئوليته وحده ولا تتحمل المصلحة في شأنها أية مسئولية بسبب الضياع أو التلف أو السرقة أو غير ذلك.
وحيث إن مؤدى هذا النص أن المقاول مسئول عن حراسة المواد المشونة في موقع العمل وعن تلفها أو سرقتها وليس على الجهة الإدارية أي التزام في هذا الشأن، ومن ثم فإن مطالبة المقاول جهة الإدارة بتعويضه عن تلف بعض مواد البناء بسبب الجمهور المتواجد يوم انعقاد السوق، لا سند له من القانون لأنه وحده المسئول عن ذلك على النحو السابق بيانه، وإذ قضى له الحكم المطعون فيه بتعويض عن ذلك مقداراً بمبلغ 5000 جنيه (خمسة آلاف جنيه) فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع لانتفاء الصفة وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.