مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 929

(105)
جلسة 26 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، ود. محمد عبد السلام مخلص، وعلي فكري حسن صالح، ود. حمدي محمد أمين الوكيل - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1692 لسنة 36 القضائية

قرار إداري - تعريفه - نفاذه - القرارات المعلقة على شرط.
القرار الإداري هو إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين ممكن وجائز قانوناً حالاً ومباشرة ابتغاء تحقيق المصلحة العامة - مقتضى ذلك - نفاذ القرارات الإدارية من تاريخ صدورها - هذه القاعدة لا تصدق على إطلاقها إلا في حالة القرارات البسيطة - القرارات المعلقة على شرط فإن نفاذها وتحقق آثارها مرهون بتحقيق الشرط الذي علق عليه القرار وإذا كانت الشروط موقفة أو فاسخة فإن معظم الشروط في القرارات الإدارية هي شروط موقفه تؤدي إلى تأجيل أثر القرار متى تحقق الشرط - الأصل - سواء كان القرار معلق على شرط موقف أو فاسخ فيجب أن يكون الشرط مشروعاً - إذا كان الشرط غير مشروع بطل الشرط وبقى القرار سليماً منتجاً لآثاره إلا إذا كان الشرط هو الدافع الرئيسي للقرار - هذه مسألة موضوعية يقدرها القاضي في كل حالة على حده - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 9/ 4/ 1990 أودع الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاًَ عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد برقم 1692 لسنة 36 ق. ع وذلك طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة الجزاءات في الدعوى رقم 3340 لسنة 41 ق بجلسة 5/ 2/ 1990 الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات، وقد طلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم له بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الإدارة المصروفات وقد أعلن الطعن للمطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهى إلى عدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بجلسة 15/ 1/ 1992 وأثناء المرافعة أمامها قدم الطاعن مستندين ومذكرة وبجلسة 6/ 1/ 1993 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع لنظره بجلسة 9/ 3/ 1993 وقد تداولت الدائرة الأخيرة نظر الطعن على الوجه المبين بالأوراق بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 26/ 10/ 1993 قررت إعادتها إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوع الطعن قدمت الهيئة تقريراً انتهى للأسباب الواردة به إلى قبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الإدارة المصروفات.
وقد قدم الطاعن أثناء المرافعة أحد عشر مستنداً وقدم الجهاز المطعون ضده مذكرتين وثلاثة مستندات وبجلسة 28/ 11/ 1995 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم وبجلسة اليوم 26/ 3/ 1996 صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 5/ 2/ 1990 وكان الثابت من المستندات المقدمة من الطاعن أنه كان مقيماً بالخارج في هذا التاريخ ولم يعد إلا في 19/ 8/ 1990 فإن ميعاد الطعن المحدد بالمادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 يمتد لمدة ستين يوماً عملاً بنص المادة 17 من قانون المرافعات وإذ أقام الطاعن طعنه في 9/ 4/ 1990 فإنه يكون مقاماً خلال الميعاد، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3340 لسنة 41 ق للحكم له بإلغاء القرار الصادر من الجهاز المطعون ضده برقم 235 وتاريخ 21/ 12/ 1986 فيما تضمنه من إنهاء خدمته اعتباراً من 1/ 9/ 1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار ومع إلزام الإدارة المصروفات وذلك استناداً إلى أنه يعمل بالجهاز بوظيفة مراجع وأن الجهاز رخص له بإجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوجة المعارة للمملكة العربية السعودية لمدة عام من 1/ 9/ 1984 حتى 31/ 8/ 1985 كما وافق الجهاز على تجديد هذا الترخيص لمدة عام ثان من 1/ 9/ 1985 حتى 30/ 8/ 1986 وبسبب تجديد إعارة زوجته فإنه طلب تجديد إجازته لمدة عام ثالث وأخطره الجهاز بكتابه رقم 1799 المؤرخ 1/ 7/ 1986 بالموافقة المبدئية على هذا التجديد وأن الموافقة النهائية على التجديد معلقة بإقرار رسمي مصدق عليه ومعتمد بأنه لا يعمل بالخارج وكرر الجهاز هذا الإخطار برقم 1831 وبتاريخ 2/ 8/ 1986 رقم 2032 وبتاريخ 11/ 8/ 1986 ورقم 2245 وبتاريخ 1/ 9/ 1986 وذلك بالرغم من إرساله الإقرار المطلوب عند توثيقه في 27/ 8/ 1986 وتصديق وزارة الخارجية السعودية عليه وتصديق سفارة مصر بالمملكة السعودية عليه في 28/ 8/ 1986 ورغم أنه قدم إقراراً آخر موثقاً في 1/ 11/ 1986 ومصدق عليه من الخارجية السعودية والسفارة المصرية في 2/ 11/ 1986 على أن الإقرار السابق لم يصل إلى الجهاز ومع ذلك أخطره الجهاز على موطنه بالسعودية بالقرار المطعون فيه رقم 235 لسنة 1986 وبتاريخ 31/ 12/ 1986 بإنهاء خدمته اعتباراً من 1/ 9/ 1986 لانقطاعه عن العمل وأكد الطاعن في عريضة دعواه موفقة الجهاز على تجديد إجازاته للمرة الثالثة تعد موافقة نهائية لأن القرار الإداري يعتبر نافذاً بمجرد صدوره ولأن القرار صدر من وكيل الجهاز المفوض في إصدار مثل هذا القرار بقرار رئيس الجهاز رقم 11 لسنة 1984 ولأنه حصل بناء على تلك الموافقة على تصريح السفر في 28/ 5/ 1986 ولأن الشرط الذي علقت عليه الموافقة النهائية قد تحقق بتقدمه بالإقرار المطلوب والذي يفيد بأنه لا يعمل بالخارج، كما أوضح الطاعن أن قرار إنهاء خدمته لم يسبقه إنذار على الوجه الوارد بالمادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز، وقدم الطاعن لإثبات دعواه صوراً من قرار منحه الإجازة للعام الأول وقرار تجديدها للعام الثاني والمكاتبات الخاصة بطلب الإقرار سالف الذكر والإقرارين اللذين قدمهما نزولاً على هذا الطلب وقرار إنهاء خدمته وقرار إنهاء إعارة زوجته الصادر في 18/ 2/ 1987 والتظلم الذي قدمه بعد صدور القرار المطعون فيه.
ورداً على الدعوى أكد الجهاز أنه لم يوافق على تجديد إجازة الطاعن للعام الثالث وأن الطاعن كان ملزماً بتسلم العمل في 1/ 9/ 1986 تاريخ انتهاء إجازته للعام الثاني وأنه لم يعد إلى العمل بالرغم من إنذاره، كما أنه تعاقد للعمل بإحدى الجمعيات بالسعودية لمدة عامين ينتهيان في 31/ 8/ 1988 وقدم الجهاز صورة من هذا العقد وصورة من إقرار المدعي بأنه غير مرخص له بالعمل أثناء إجازته الخاصة.
وبجلسة 5/ 2/ 1990 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً واستندت في هذا الرفض إلى أن لائحة العاملين بالجهاز الصادرة في 6/ 7/ 1975 أجازت في المادة رقم 55 منح هؤلاء العاملين إجازة لمرافقة الزوج ولم يلزم رئيس الجهاز بمنح تلك الإجازة وأن إجازة الطاعن انتهت في 1/ 9/ 1986 لعدم تقديمه ما يفيد عدم عمله بالخارج ولتقديمه صورة عقد عمل تثبت تعاقده مع إحدى الجمعيات بالسعودية ولأن الجهاز أنذره في 27/ 10/ 1986 وبرقم 2801 بالعودة لاستلام العمل وإلا اتخذ الإجراءات القانونية قبله كما أخطره قبل ذلك برقياً في 20/ 10/ 1986 بالعودة لاستلام العمل ولأن الطاعن اعترف بتلك البرقية في تظلمه المقدم في 7/ 3/ 1987.
ومن حيث عن الطعن يقوم على أن أوراق الدعوى خلت من البرقية التي استند إليها الحكم وأن الحكم لم يحدد عبارات تلك البرقية وما إذا كانت قد انطوت على تحديد للإجراءات التي ينوي الجهاز اتخاذها ضده، وأن هذا الحكم لم يناقش نهائية قرار الموافقة على منحه الإجازة الصادر في 1/ 7/ 1986 والذي حصل بموجبه على إذن السفر كمرافق لزوجته ومحرم لها بالمملكة السعودية وأكد الطاعن أن الجهاز أقام قراره المطعون فيه بإنهاء خدمته على أساس أنه منقطع عن العمل استناداً على قرينة الاستقالة الضمنية في حين أن موافقة الجهاز على الإجازة تنفي تلك القرينة، وأضاف الطاعن أن الحكم أثبت تقدمه بإقرارين موثقين يفيدان عدم علمه بالخارج ثم قرر أن إجازته انتهت في 1/ 9/ 1986 لعدم تقدمه بما يفيد عمله بالخارج وأن الحكم لم يناقش المصلحة العامة التي استهدفها الجهاز من الرجوع عن موافقته على منح الطاعن الإجازة وأكد أن قرار إنهاء خدمته قد صدر مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة بالرغم من أن لائحة العاملين بالجهاز لم توجب على رئيس الجهاز الموافقة على منح إجازة مرافقة الزوج هذا وقد قدم الطاعن تأييداً لطعنه القرارين الصادرين بمنحه الإجازة لمدة عامين، وطلب الإجازة للعام الثالث وقرار تجديد إعارة زوجته لمدة عام ثالث ينتهي في 16/ 8/ 1987 وموافقة الجهاز مبدئياً على منحه الإجازة للعام الثالث وإخطار الجهاز له في 27/ 10/ 1986 بعدم الموافقة وقرار إنهاء خدمته وتجديد إعارة زوجته للعام الرابع وإخطار الجهاز له في 15/ 4/ 1987 برفض تظلمه.
ومن حيث إن الجهاز المطعون ضده قد رد على الطعن بأن إنذار الطاعن قبل إنهاء خدمته ثابت من واقع الأوراق وأن هذا الإنذار أرسل برقياً في 20/ 10/ 1986 وأرسل كتابة في 27/ 10/ 1986 برقم 2801 وأن الإنذار الأخير أشار إلى حكم المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز وذكره الطاعن في حافظة المستندات المقدمة منه بجلسة 22/ 11/ 1994 الأمر الذي يدل على وصوله إليه وعلمه به، وأودع الجهاز تأييداً لدفاعه صوراً من البرقية والإنذار السالف ذكرهما وصورة في تظلم الطاعن من القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد صدر في 31/ 12/ 1986 وكان المدعي قد أقر في تظلمه المؤرخ 7/ 3/ 1987 بأنه علم بهذا القرار في 18/ 2/ 1987 وكان الجهاز لم يثبت علم الطاعن بالقرار في تاريخ سابق، وإذ تظلم منه في 7/ 3/ 1987 ثم أقام الدعوى رقم 3340 لسنة 41 ق. في 8/ 4/ 1987 طالباً إلغاء القرار فإن تلك الدعوى تكون قد أقيمت خلال الميعاد المحدد لإقامتها.
ومن حيث إنه لما كان القرار الإداري هو إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين ممكن وجائز قانوناً حالاً ومباشرة ابتغاء تحقيق المصلحة العامة وكان مقتضى ما تقدم هو نفاذ القرارات الإدارية من تاريخ صدورها إلا أن هذه القاعدة لا تصدق على إطلاقها إلا في حالة القرارات البسيطة، أما القرارات المعلقة على شرط فإن نفاذها وتحقق أثارها مرهون بتحقق الشرط الذي علق عليه القرار وإذا كانت الشروط موقفة أو فاسخة فإن معظم الشروط في القرارات الإدارية هي شروط موقفه تؤدي إلى تأجيل أثر القرار حتى تحقق الشرط والأصل أنه إذا ما علق القرار الإداري على شرط سواء كان موقفاً أو فاسخاً فإن الشرط يجب أن يكون مشروعاً، فإذا كان الشرط غير مشروع بطل الشرط وبقى القرار سليماً منتجاً لآثاره إلا إذا كان الشرط هو الدافع الرئيسي للقرار وهى مسألة موضوعية يقدرها القاضي في كل حالة على حدة.
ومن حيث إنه بتطبيق الأصول المتقدمة في خصوص النزاع فإن الثابت بالأوراق أن جهة الإدارة قد وافقت على منح الطاعن إجازة لمرافقة الزوجة للعام الثالث وعلقت قرارها هذا على شرط واقف هو أن يتقدم الطاعن بإقرار يفيد بأنه لا يعمل بالخارج وإذا كان الثابت أن هذا الشرط قد تحقق بالإقرار الذي قدمه الطاعن في 27/ 8/ 1986 فإن الشرط الذي علق عليه قرار منح الطاعن الإجازة يكون قد تحقق فيرتب بالتالي آثاره القانونية ومن ثم فإنه ما كان يجوز إنهاء خدمة الطاعن للانقطاع ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد تعاقد للعمل بالخارج في 31/ 8/ 1986 بعد أن أصبح قرار منحه الإجازة نافذاً بتحقق الشرط الذي علق عليه القرار لأن هذه الواقعة وإن صلحت سبباً لإنهاء خدمة الطاعن لالتحاقه بالعمل بخدمة جهة أجنبية دون إذن وفقاً لنص المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز فإنه لا أثر لها في صحة القرار الصادر بمنح الإجازة أو في نفاذه بعد أن تحقق الشرط الذي علق عليه في تاريخ سابق على تلك الواقعة وغني عن البيان أنه لا يجوز للمحكمة أن تقيم القرار على سبب آخر غير السبب الدافع لجهة الإدارة لإصدار القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه وقد ثبت أن القرار المطعون فيه غير قائم على سببه فإنه يكون خليقاً بالإلغاء وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون من المتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 235 لسنة 1989 المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات.