أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 26

جلسة 2 من مارس سنة 1988

برياسة السيد رئيس محكمة النقض المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد وعضوية السادة المستشارين نواب رئيس المحكمة/ أحمد ضياء عبد الرازق، سيد عبد الباقي سيف، درويش عبد المجيد درويش، يحيى عبد اللطيف الرفاعي، محمد إبراهيم خليل، محمد محمود راسم، وليم رزق بدوي، عبد المنصف هاشم، أحمد مدحت المراغي ومحمد لطفي السيد.

(3)
الطعن رقم960 لسنة 56 القضائية "هيئة عامة"

(1) دعوى "انقضاء الخصومة". تقادم "تقادم مسقط". نظام عام.
انقضاء الخصومة لعدم موالاة السير في إجراءاتها مدة ثلاث سنوات. م 140 مرافعات اعتبارها مدة تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها دون الحق موضوع الدعوى. عدم تعلقه بالنظام العام. وجوب التمسك به وجواز التنازل عنه.
(2) دعوى "إجراءات الخصومة" "تقادم الخصومة". تقادم "تقادم مسقط" "وقف التقادم" "قطع التقادم".
تقادم الخصومة. خضوعه للوقف والانقطاع. علة ذلك. الإجراء القاطع للتقادم هو الذي يتخذ في مواجهة الخصم بقصد استئناف السير في الخصومة. وقف التقادم. تحققه بقيام مانع مادي أو قانوني يحول دون مباشرة إجراءاتها.
(3، 4) مسئولية. دعوى "وقف الدعوى" "انقضاء الخصومة". تقادم "تقادم مسقط".
ترتب مسئوليتين - جنائية ومدنية - عن الفعل الواحد. إقامة دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية. أثره. وجوب وقف السير فيها حتى تمام الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية. م 265 إجراءات جنائية. علة ذلك. اعتبارها مانعاً قانونياً من متابعة السير في إجراءات الدعوى المدنية التي يجمعها بالدعوى الجنائية أساس مشترك.
الحكم بوقف السير في الدعوى المدنية لحين الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية التي يجمعها معهاً أساس مشترك. مؤداه. وجوب عدم احتساب مدة الوقف في مدة انقضاء الخصومة. عدم تعارض ذلك مع عبارة "في جميع الأحوال" الواردة بالمادة 140 مرافعات.
(5) دعوى "سقوط الخصومة"، "انقضاء الخصومة". تقادم "تقادم مسقط" "وقف التقادم".
سقوط الخصومة. م 134 مرافعات. انقضاء الخصومة. م 140 مرافعات. ماهية كل منهما. وقف مدة السقوط والانقضاء عند وجود المانع القانوني.
(6) استئناف. حكم "تسبيب الحكم الاستئنافي".
قضاء محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي. لها أن تحيل على ما جاء فيه من أسباب أقيم عليها. شرطه.
1 - النص في المادة 140 من قانون المرافعات على أنه "في جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها، ومع ذلك لا يسري حكم الفقرة السابقة على الطعن بطريق النقض". يدل على أن انقضاء الخصومة يكون بسبب عدم موالاة إجراءاتها مدة ثلاث سنوات، وأن هذه المدة تعتبر ميعاد تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها دون الحق موضوع التداعي الذي يخضع في انقضائه للمواعيد المقررة في القانون المدني، وهذا التقادم لا يتصل بالنظام العام بل يجب التمسك به من الخصم ذي المصلحة، ويسقط الحق فيه بالنزول عنه نزولاً صريحاً أو ضمنياً.
2 - إذ كان تقادم الخصومة من شأنه أن يلغي آثار ذات أهمية نشأت عن الإجراءات التي اتخذت فيها وقد يؤثر في حقوق للخصوم تعلق مصيرها بهذه الإجراءات، قد وجب إخضاع سريانه للوقف والانقطاع تطبيقاً للمبادئ العامة الأساسية في شأن التقادم المسقط، وهي مبادئ مقررة كأصل عام في التشريعات الإجرائية أسوة بالتشريعات الموضوعية، والإجراء القاطع لمدة تقادم الخصومة هو الإجراء الذي يتخذ في الخصومة ذاتها وفي مواجهة الخصم الآخر قصداً إلى استئناف السير فيها، وأما وقف مدة هذا التقادم فيتحقق بقيام مانع مادي يتمثل في وقوع حدث يعد من قبيل القوة القاهرة ويستحيل معه على الخصم موالاة السير في الخصومة أو مانع قانوني يحول دون مباشرة إجراءات الخصومة ومواصلة السير فيها.
3 - من المقرر أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان, جنائية ومدنية، ورفعت دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية سواءً قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية، وإذ كان هذا الحكم يتعلق بالنظام العام ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيماً يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها والذي نصت عليه المادة 456 من ذلك القانون والمادة 102 من قانون الإثبات، فإنه يتأدى منه بالضرورة أن يكون قيام الدعوى الجنائية في هذه الحالة مانعاً قانونياً من متابعة السير في إجراءات خصومة الدعوى المدنية التي يجمعها مع الدعوى الجنائية أساس مشترك.
4 - إذا ما رفعت الدعوى المدنية ثم صدر حكم بوقفهاً إعمالاً لما يوجبه القانون في هذا الصدد فإن من أثر هذا الحكم القطعي أن يمتنع الخصوم عن اتخاذ أي إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة قبل زوال ذلك المانع القانوني، ومخالفة ذلك تجعل الإجراء عقيماً إذ سيلقى مصيره الحتمي بعدم قبول المحكمة السير في إجراءات الخصومة ما دام المانع قائماً، لهذا فلا تحسب في مدة انقضاء الخصومة تلك الفترة التي ظلت خلالها الدعوى الجنائية قائمة حتى انقضت بصدور الحكم النهائي فيها أو بأي سبب آخر من أسباب الانقضاء، ولا يقدح في ذلك تصدير نص المادة 140 من قانون المرافعات بعبارة "في جميع الأحوال" لأن هذه العبارة لا تعني الخروج على المبادئ الأساسية المقررة كأصل عام في التشريعات الإجرائية والموضوعية للتقادم المسقط، وإنما قصارى ما تعنيه هو انطباق النص على الخصومة في جميع مراحلها - عدا مرحلة الطعن بطريق النقض التي حرص الشارع على استثنائها بالنص الصريح في الفقرة الثانية من تلك المادة - وفي الحالات التي يكون فيها عدم موالاة السير في الخصومة مرجعه إلى مطلق إرادة الخصوم أو إلى قلم كتاب المحكمة، وهي حالات أماز الشارع فيها انقضاء الخصومة عن سقوطها الذي نص عليه في المادة 134 من قانون المرافعات جزاء إهمال المدعي وحده السير فيها، ولو أنه أراد استثناء مدة انقضاء الخصومة من الوقف لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادة 16 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لانقضاء الدعوى الجنائية.
5 - سقوط الخصومة وفقاً لنص المادة 134 من قانون المرافعات هو جزاء فرضه الشارع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة، فمناط إعمال الجزاء هو الإهمال أو التراخي أو الامتناع عن السير بالخصومة حين لا يحول دون السير بها حائل، فإذا قام مانع قانوني أوقفت المدة حتى يزول المانع إذ لا يكون ثمة إهمال يصح إسناده إلى المدعي كذلك فإن انقضاء الخصومة المنصوص عليه في المادة 140 من قانون المرافعات هو تقادم مسقط للخصومة يخضع في سريان مدته للوقف إذا وجد مانع قانوني يمتنع بسببه نظر الخصومة والسير في إجراءاتها.
6 - لمحكمة الاستئناف إذا هي قضت بتأييد الحكم الابتدائي أن تحيل على ما جاء فيه سواءً في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أقيم عليها متى كانت تكفي لحمله ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج في جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 336 لسنة 1976 مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده الثاني طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين أن يؤديا إليه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، وقال بياناً لدعواه أن المطعون ضده الثاني يعمل قائداً لإحدى سيارات الهيئة العامة لنقل الركاب بمدينة الإسكندرية - التي يمثلها الطاعن - وأثناء قيادته لها يوم 18 من أبريل سنة 1974 تسبب بإهماله وعدم تبصره في وقوع حادث أدى إلى تحطيم سيارته الأجرة ووفاة أحد الأشخاص وإصابة آخر، وأجرى عن الحادث تحقيق في القضية رقم 3894 لسنة 1976 جنح شرق الإسكندرية (1068 لسنة 1974 جنح قسم شرطة سيدي جابر) التي صدر فيها حكم جنائي قضى بإدانته، وإذ كان قد حاق به ضرر مادي تمثل في تلف سيارته تلفاً شاملاً فضلاً عما فاته من كسب كان يجنيه من استعمالها في نقل الركاب وهو ما يقدر تعويضاً عنه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه يلتزم بأدائه مرتكب الفعل الضار متضامناً مع الطاعن المتبوع، فقد أقام دعواه ليحكم بمطلبه فيها، وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة أقام الطاعن دعوى الضمان الفرعية على التابع المطعون ضده الثاني وشركة التأمين التي يمثلها المطعون ضده الثالث باعتبارها المؤمنة على السيارة التي وقع بها الحادث ليحكم عليهما بما عسى أن يحكم به عليه، وبتاريخ 30 من أبريل سنة 1979 قضت المحكمة بوقف الدعوى حتى يصبح الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 3894 لسنة 1976 شرق الإسكندرية حكماً باتاً، ومن بعد ذلك استأنفت الدعوى سيرها بصحيفة أعلنها المطعون ضده الأول إلى الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث في 9، 12، 22 من مارس سنة 1983، وبتاريخ 19 من مارس سنة 1985 حكمت المحكمة (أولاً) في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني متضامنين أن يؤديا إلى المطعون ضده الأول مبلغ ألفي جنيه (ثانياً) وفي طلب الضمان العارض بإلزام المطعون ضده الثاني أن يؤدي إلى الطاعن ما حكم به عليه في الدعوى الأصلية وبرفض الطلب بالنسبة للمطعون ضده الثالث. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 613 لسنة 41 القضائية طالباً إلغاءه والقضاء: أصلياً بسقوط خصومة الدعوى المبتدأة أو بانقضائها واحتياطياً برفضها ومن باب الاحتياط الكلي وفي طلب الضمان العارض بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضدهما الثاني والثالث بالتضامن بأداء ما قد يقضي به عليه في الدعوى الأصلية، كما رفع المطعون ضده الأول استئنافاً آخر قيد برقم 617 لسنة 41 القضائية الإسكندرية طالباً تعديل المبلغ المقضي له به إلى ثلاثة آلاف جنيه. أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الأول، وبتاريخ 22 من يناير 1986 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على دائرة المواد المدنية في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن الدائرة المدنية قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 5 من أبريل سنة 1987 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية للفصل فيه عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظره فقد قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه.
ومن حيث إن النص في المادة 140 من قانون المرافعات على أنه "في جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها. ومع ذلك لا يسري حكم الفقرة السابقة على الطعن بطريق النقض"، يدل على أن انقضاء الخصومة يكون بسبب عدم موالاة إجراءاتها مدة ثلاث سنوات، وأن هذه المدة تعتبر ميعاد تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها - دون الحق موضوع التداعي الذي يخضع في انقضائه للمواعيد المقررة في القانون المدني - وهذا التقادم لا يتصل بالنظام العام بل يجب التمسك به من الخصم ذي المصلحة، ويسقط الحق فيه بالنزول عنه نزولاً صريحاً أو ضمنياً، وإذ كان تقادم الخصومة من شأنه أن يلغي آثاراً ذات أهمية نشأت عن الإجراءات التي اتخذت فيها وقد يؤثر في حقوق للخصوم تعلق مصيرها بهذه الإجراءات، قد وجب إخضاع سريانه للوقف والانقطاع تطبيقاً للمبادئ العامة الأساسية في شأن التقادم المسقط، وهي مبادئ مقررة كأصل عام في التشريعات الإجرائية أسوة بالتشريعات الموضوعية، والإجراء القاطع لمدة تقادم الخصومة هو الإجراء الذي يتخذ في الخصومة ذاتها وفي مواجهة الخصم الآخر قصداً إلى استئناف السير فيها، وأما وقف مدة هذا التقادم فيتحقق بقيام مانع مادي يتمثل في وقوع حدث يعد من قبيل القوة القاهرة ويستحيل معه على الخصم موالاة السير في الخصومة، أو مانع قانوني يحول دون مباشرة إجراءات الخصومة ومواصلة السير فيها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية ورفعت دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية سواءً قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية، وإذ كان هذا الحكم يتعلق بالنظام العام ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها والذي نصت عليه المادة 456 من ذلك القانون والمادة 102 من قانون الإثبات، فإنه يتأدى منه بالضرورة أن يكون قيام الدعوى الجنائية في هذه الحالة مانعاً قانونياً من متابعة السير في إجراءات خصومة الدعوى المدنية التي يجمعها مع الدعوى الجنائية أساس مشترك, وإذا ما رفعت الدعوى المدنية ثم صدر حكم بوقفها إعمالاً لما يوجبه القانون في هذا الصدد فإن من أثر هذا الحكم القطعي أن يمتنع الخصوم عن اتخاذ أي إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة قبل زوال ذلك المانع القانوني، ومخالف ذلك تجعل الإجراء عقيماً إذ سيلقى مصيره الحتمي بعدم قبول المحكمة السير في إجراءات الخصومة ما دام المانع قائماً، لهذا فلا تحسب في مدة انقضاء الخصومة تلك الفترة التي ظلت خلالها الدعوى الجنائية قائمة حتى انقضت بصدور الحكم النهائي فيها أو بأي سبب آخر من أسباب الانقضاء، ولا يقدح في ذلك تصدير نص المادة 140 من قانون المرافعات بعبارة "في جميع الأحوال" لأن هذه العبارة لا تعني الخروج على المبادئ الأساسية المقررة كأصل عام في التشريعات الإجرائية والموضوعية للتقادم المسقط، وإنما قصارى ما تعنيه هو انطباق النص على الخصومة في جميع مراحلها - عدا مرحلة الطعن بطريق النقض التي حرص الشارع على استثنائها بالنص الصريح في الفقرة الثانية من تلك المادة - وفي الحالات التي يكون فيها عدم موالاة السير في الخصومة مرجعه إلى مطلق إرادة الخصوم أو إلى قلم كتاب المحكمة، وهي حالات أماز الشارع فيها انقضاء الخصومة عن سقوطها الذي نص عليه في المادة 134 من قانون المرافعات جزاء إهمال المدعي وحده السير فيها، ولو أنه أراد استثناء مدة انقضاء الخصومة من الوقف لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادة 16 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لانقضاء الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر بجلسة 8 من ديسمبر سنة 1983 في الطعن رقم 1822 سنة 50 القضائية والأحكام الأخرى التي نَحَتْ منَحْاه، قد خالفت هذا النظر وجرت في قضائها - استرشاداً بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الملغي - على أن مدة انقضاء الخصومة لا يرد عليها الوقف أياً كان سببه، فإنه يتعين العدول عما قررته من ذلك بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى برفض الدفع الذي تمسك فيه بسقوط خصومة الدعوى المبتدأة كما قضى برفض الدفع بانقضاء هذه الخصومة وأقام قضاءه برفضهما على أن الدعوى الجنائية التي أقيمت بشأن الحادث محل المطالبة بتعويض الضرر الناشئ عنه كانت مطروحة على المحكمة الجنائية وأن قيامها يعتبر مانعاً قانونياً يوقف سريان مدة سقوط الخصومة ومدة انقضائها على سند من القاعدة المقررة بالمادة 382 من القانون المدني، في حين أن هذه القاعدة إنما تتعلق بالتقادم المسقط للحقوق فلا شأن لها بإجراءات الخصومة التي رأى الشارع في القانون في قانون المرافعات النص على سقوطها بمضي سنة كجزاء يجب إعماله لعدم السير في الخصومة بفعل المدعي أو امتناعه دون اعتداد بمانع يعوق المطالبة بالحق ذاته موضوع التداعي، كما أن انقضاء الخصومة المقرر بالمادة 140 من هذا القانون هو من الشمول والعموم بحيث ينطبق في جميع الأحوال مهما يكن سبب انقطاع الخصومة أو وقفها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن سقوط الخصومة وفقاً لنص المادة 134 من قانون المرافعات هو جزاء فرضه الشارع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة، فمناط إعمال الجزاء هو الإهمال أو التراخي أو الامتناع عن السير بالخصومة حين لا يحول دون السير بها حائل، فإذا قام مانع قانوني أوقفت المدة حتى يزول المانع إذ لا يكون ثمة إهمال يصح إسناده إلى المدعي، كذلك فإن انقضاء الخصوم المنصوص عليه في المادة 140 من قانون المرافعات هو - وعلى ما سلف بيانه - تقادم مسقط للخصومة يخضع في سريان مدته للوقف إذا وجد مانع قانوني يمتنع بسببه نظر الخصومة والسير في إجراءاتها، ولما كان الواقع في الدعوى أن الفعل غير المشروع الذي أدى إلى تلف سيارة المطعون ضده الأول قد نشأ عنه في الوقت ذاته جريمة قتل وإصابة بطريق الخطأ ورفعت الدعوى الجنائية على مقارفها المطعون ضده الثاني في القضية رقم 3894 لسنة 1976 شرق الإسكندرية، فإن خطأ هذا الأخير في اقتراف تلك الجريمة يكون هو بعينه الخطأ المؤسَّس عليه طلب تعويض الضرر الناشئ عن تلف السيارة فيعتبر بالتالي هذا الخطأ مسألة مشتركة بين الدعويين الجنائية والمدنية ولازماً للفصل في كلتيهما، فيتحتم على المحكمة المدنية أن توقف الدعوى المطروحة عليها حتى يفصل في تلك المسألة من المحكمة الجنائية عملاً بنص المادتين 265/ 1 و456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، وهو ما فعلته محكمة أول درجة تطبيقاً لهذه النصوص فأصدرت حكماً بوقف الدعوى بتاريخ 30 من أبريل سنة 1979، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أن قيام الدعوى الجنائية آنفة الذكر أثناء الدعوى المدنية يعدّ مانعاً قانونياً يحول دون اتخاذ إجراءات السير في الخصومة ويظل المانع قائماً حتى تنقضي الدعوى الجنائية التي ظلت قائمة من قبل ومن بعد صدور الحكم بوقف الدعوى المدنية إلى أن صدر فيها حكم غيابي استئنافي بتاريخ الثامن من نوفمبر سنة 1980 قضى بإدانة المطعون ضده الثاني ولم يعلن ولم ينفذ حتى انقضت الدعوى الجنائية بمضي المدة المقررة لها ولم تصدر النيابة العامة قراراً بانقضائها إلا في 25 من ديسمبر سنة 1984 وهو تاريخ تال لإعلان المطعون ضده الأول الطاعن في التاسع من مارس سنة 1983 باستئناف السير في الدعوى قبل انقضاء الدعوى الجنائية، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفعين بسقوط الخصومة وبانقضائها بمضي المدة، فإنه يكون قد اقترن بالصواب، ولا يعيبه - من بعد - خطؤه في الاستناد إلى نص المادة 382 من القانون المدني التي تحكم وقف تقادم الحقوق، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما يرد بالحكم من تقرير قانوني خاطئ غير مؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن تمسك في أسباب استئنافه بخطأ الحكم الابتدائي لقضائه برفض طلب الضمان العارض قبل شركة التأمين المطعون ضدها الثالثة مع أن عقد التأمين يشمل التأمين من المسئولية عن الحادث محل التداعي فيتحقق بذلك ضمان هذه الشركة المؤمنة بتعويض هيئة النقل المؤمن لها - التي يمثلها الطاعن - بأداء ما يتقاضاه المضرور منها، وعلى الرغم من أن هذا الدفاع جوهري فإن الحكم المطعون فيه أغفل تمحيصه ولم يعن بالرد عليه بما يفنده وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الاستئناف إذا هي قضت بتأييد الحكم الابتدائي أن تحيل على ما جاء فيه سواءً في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أقيم عليها متى كانت تكفي لحمله ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج في جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة, ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض في أسبابه لبحث أوجه الدفاع الجديدة المثارة من الطاعن التي لم يسبق أن طرحها أمام محكمة أول درجة - وهي المتعلقة بالدفع بسقوط الخصومة وبانقضائها وأدلة ثبوت المساءلة عن التعويض - وتكفل بالرد عليها رداً سائغاً سديداً، ثم اتخذ من أسباب الحكم الابتدائي أسباباً له فيما قضى به في طلب الضمان العارض دون أن يضيف شيئاً، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي أنه قضى برفض طلب الضمان قبل شركة التأمين المطعون ضدها على سند من القول أن نصوص عقد التامين تضمنت شرطاً باستثناء مساءلة الشركة المؤمنة عن الضمان في حالة قيادة السيارة محل العقد من شخص غير مرخص له بالقيادة, وخلص الحكم إلى تحقق هذا الشرط لما ثبت بالأوراق أن المطعون ضده الثاني كان يقود السيارة دون رخصة قيادة، وإذ كان الطاعن لا يماري في سلامة ما أثبته الحكم الابتدائي من ذلك، فلا على محكمة الاستئناف إن هي اعتنقت أسباب ذلك الحكم دون إضافة لأن في تأييدها له محمولاً على أسبابه في هذا الخصوص ما يفيد أنها لم تجد فيما وُجه إليه من مطاعن ما يستأهل الرد عليه بأكثر مما تضمنته تلك الأسباب، ويكون النعي بالقصور على الحكم المطعون فيه على غير أساس.