أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 213

جلسة 16 من يناير سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ عبد الحميد المنفلوطي، نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد د. منصور وجيه وفهمي الخياط.

(44)
الطعن رقم 4 لسنة 49 القضائية

(1, 2) إيجار "إيجار الأماكن" "المقيمون مع المستأجر". محكمة الموضوع.
(1) مستأجر المسكن هو الطرف الأصيل في عقد الإيجار. المقيمون معه، عدم اعتبارهم مستأجرين أصليين. لا محل لأعمال النيابة الضمنية أو الاشتراط لمصلحة الغير. المساكنة مناطها.
(2) قطع الساكن صلته بالمسكن وتخليه عن صفة المساكنة. من مسائل الواقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت من الأوراق وتكفي لحمله - النعي على ذلك. جدل موضوعي. عدم قبول التحدي به أمام محكمة النقض.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان لعقد إيجار المسكن طابعاً عائلياً لا يتعاقد المستأجر بمقتضاه ليقيم في المسكن بمفرده وإنما لينضم إليه فيه أفراد أسرته ليساكنوه فيه، وأن التشريعات الاستثنائية المنظمة للعلاقات الإيجارية قد استهدفت حماية شاغلي المساكن من عسف المؤجرين فأضفت حمايتها على المستأجرين والمقيمين معهم فيها إقامة مستقرة وجعلت عقود إيجارها ممتدة بحكم القانون لمدى غير محددة ما بقيت تلك التشريعات التي أملتها اعتبارات النظام العام بحيث لا يحق إخراج المقيمين إقامة مستديمة مع المستأجر بغير إرادتهم إلا لسبب من الأسباب التي حددتها تلك التشريعات على سبيل الحصر, إلا أن ذلك لا ينفي نسبية آثار عقد الإيجار ما بين أطرافه فيظل المستأجر الأصلي وحده - دون غيره من المقيمين معه - هو الطرف الوحيد في التعاقد مع المؤجر، ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية أو الاشتراط لمصلحة الغير انحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية أثر العقد، لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر علاقة تعاقدية سواءً كانت إقامتهم منذ بداية الإيجار أو بعده، لما كان ذلك وكان يشترط للاعتداد بالمساكنة استقرار المساكن في المسكن فإذا قطع المساكن صلته بالمسكن فإنه يعتبر مسقطاً لحقه السابق بإرادته ومنهياً بالتالي لصفته التي كانت تجيز له الإقامة في ذلك المسكن، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه واجه دفاع الطاعن المؤسس على إقامته بالعين منذ بدء الإيجار منتهياً إلى أن لا حق له في عين النزاع بعد أن تركها تركاً نهائياً فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - تقدير قطع المساكن صلته بالمسكن وتخليه عن صفة المساكنة التي كانت تجيز له الإقامة في ذلك المسكن من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب عليها من محكمة النقض متى أقامت ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في أسبابه إلى..... فإن ما جاء بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يقبل التحدي به أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل - في أن المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها أقامت الدعوى رقم 2926 سنة 976 شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 20/ 3/ 1950 وتسليم الشقة خالية، وقالت بياناً لها أن مورث الطاعن والمطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير استأجر الشقة المبينة بالصحيفة بالعقد سالف البيان وكان يقيم فيها بمفرده وقت وفاته في 29/ 2/ 1976 بسبب هجرة أولاده عدا المطعون ضده الثاني الذي يقيم بشقة أخرى بذات العقار لذلك أقامت الدعوى. وبتاريخ 29/ 3/ 1977 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بالمنطوق، وبعد أن تنفذ الحكم بسماع شهود الطرفين، حكمت بتاريخ 10/ 1/ 1978 بفسخ عقد الإيجار وتسليم الشقة خالية. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 653 لسنة 95 ق القاهرة. وبتاريخ 20/ 11/ 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي وأحال إلى أسبابه فيما انتهى إليه من تطبيق المادة 21/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على واقعة النزاع وهي تقضي بعدم انتهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجة أو أولاده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، في حين أن تلك المادة غير منطبقة لأنه يقيم مع والده الذي استأجر العين لسكناه وأفراد أسرته منذ بدء العلاقة الإيجارية ومن ثم يعتبر مستأجراً أصلياً مثله عن طريق النيابة عنه أو على سبيل الاشتراط لمصلحة الغير ولا يشترط في هذه الحالة إقامته الدائمة بالعين المؤجرة بما يشوب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث عن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لعقد إيجار المسكن طابعاً عائلياً لا يتعاقد المستأجر بمقتضاه ليقيم في المسكن بمفرده وإنما لينضم إليه فيه أفراد أسرته ليساكنوه فيه، وأن التشريعات الاستثنائية المنظمة للعلاقات الإيجارية قد استهدفت حماية شاغلي المساكن من عسف المؤجرين فأضفت حمايتها على المستأجرين والمقيمين معهم فيها إقامة مستقرة وجعلت عقود إيجارها ممتدة بحكم القانون لمدة غير محددة فأبقت تلك التشريعات التي أملتها اعتبارات النظام العام بحيث لا يحق إخراج المقيمين إقامة مستديمة مع المستأجر بغير إرادتهم إلا لسبب من الأسباب التي حددتها تلك التشريعات على سبيل الحصر، إلا أن ذلك لا ينفي نسبية آثار عقد الإيجار ما بين أطرافه فيظل المستأجر الأصلي وحده - دون غيره من المقيمين معه - هو الطرف الوحيد في التعاقد مع المؤجر، ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية أو الاشتراط لمصلحة الغير انحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية أثر العقد، لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر علاقة تعاقدية سواءً كانت إقامتهم منذ بداية الإيجار أو بعده، لما كان ذلك, وكان يشترط للاعتداد بالمساكنة استقرار المساكن في المسكن فإذا قطع المساكن صلته بالمسكن فإنه يعتبر مسقطاً لحقه السابق بإرادته ومنهياً بالتالي لصفته التي كانت تجيز له الإقامة في ذلك المسكن، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه واجه دفاع الطاعن المؤسس على إقامته بالعين منذ بدء الإيجار منتهياً إلى أنه لا حق له في عين النزاع بعد أن تركها تركاً نهائياً فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الطاعن حين ترك الديار المصرية في يناير سنة 1963 لم يكن تركاً عارضاً أو على سبيل التوقيت أو بنية العودة خاصة وأنه تجنس بجنسية أخرى في بعض المراحل ودخل مصر بوصفه أجنبياً ورخص له بإقامة سياحية ومن ثم فإنه ليس له حق في العين المؤجرة التي تركها تركاً نهائياً، في حين أنه قدم مستندات رسمية تقطع بأنه مصري الجنسية ولم يتخلى عن جنسيته هي شهادة السفارة المصرية في بون بأنه مصري الجنسية وخطاب هذه السفارة إلى الطاعن باستبعاد البيانات الخاصة بالاستمارة التي يحررها المواطنون المصريون المتعاقدون بتعاقد شخصي للعمل بالخارج وخطاب قنصلية مصر بسويسرا تكلفه بالحضور إلى القنصلية لاستلام تصريح العمل الخاص به كمواطن يعمل بجهة أجنبية هذا إلى أن استخراجه جواز سفر لبناني كان لظروف خاصة بعمله مع احتفاظه بجنسيته المصرية، كما أن عمله بالخارج مع تردده على وطنه وإقامته بعين النزاع عند تردده ينفي النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن تقدير قطع المساكن صلته بالمسكن وتخليه عن صفة المساكنة التي كانت تجيز له الإقامة في ذلك المسكن من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب عليها من محكمة النقض متى أقامت ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في أسبابه إلى "أن الطاعن ترك مصر في 6/ 1/ 1963 قاصداً سويسرا للعمل بها ولم يعد إلا في 14/ 11/ 1975 بعد مغادرته إياها بما يزيد على اثني عشر عاماً وحين عودته كان يحمل جواز سفر لبناني ثم غادرها بذات الجواز بعد ثلاثة أيام ثم عاد مرة أخرى بذات الجواز اللبناني بعد وفاة والده في 18/ 2/ 1976 والذي شيعت جنازته في اليوم التالي ورخص له في هذه المدة بإقامة سياحية لمدة شهر باعتباره أجنبياً إلا أنه غادر البلاد بعد عشرة أيام بعد أن استخرج جواز سفر مصري في 22/ 2/ 1976 دخل به البلاد في 14/ 5/ 1976 وفي ذات يوم وصوله توجه لشرطة مصر الجديدة يشكو المطعون ضدها الأولى طالباً منع تعرضها له في انتفاعه بشقة النزاع وفي اليوم التالي أصدر توكيلاً عاماً لمحامية لمباشرة قضاياه ثم غادر البلاد مرة أخرى بعد يومين من وصوله ولم يثبت عودته إلا مرة أخرى مما يبين مع أن الطاعن حين ترك الديار المصرية في يناير سنة 1963 لم يكن تركاً عارضاً أو على سبيل التوقيت أو بنية العودة خاصة وأنه تجنس بجنسية أخرى في بعض المراحل ودخل مصر بوصفه أجنبياً ورخص له بإقامة سياحية ومن ثم فإن ليس له حق في العين المؤجرة التي تركها تركاً نهائياً" وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه فإن ما جاء بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل به محكمة الموضوع ولا يقبل التحدي به أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.