أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 12 - صـ 260

جلسة 23 من مارس سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد المستشارين.

(35)
الطعن رقم 459 لسنة 25 القضائية

( أ ) بيع. صورية "الطعن بالصورية المطلقة".
الإقرار بصدور البيع فعلاً من البائع وانحصار النزاع حول شخصية المشتري لا يستقيم معه القول بانعدام العقد لصوريته صورية مطلقة.
(ب) خلف عام. غير.
انصراف أثر التصرف البات غير المضاف إلى ما بعد الموت إلى الخلف العام. عدم اعتباره من الغير بالنسبة له.
(ج) نقض "أسباب الطعن" "ما يعتبر سبباً جديداً".
التمسك بوجود مانع أدبي يبرر الإثبات بغير الكتابة. يعتبر دفاعاً جديداً.
1 - إذا كان يبين من الوقائع التي أثبتها الحكم المطعون فيه أن الطاعنين أقروا بصدور البيع فعلاً من البائع وانحصر النزاع في شخص المشتري دافع الثمن إذ تمسكوا بأنه هو مورثهم بينما تمسكت المطعون عليها بظاهر العقد وأنها هي التي قامت بأداء الثمن. فإن هذا النزاع القائم حول شخصية المشتري لا يستقيم معه القول بأن العقد منعدم لصوريته صورية مطلقة.
2 - إذا كان الطاعنون وهم خلف عام لمورثهم لا يعتبرون من الغير بالنسبة للتصرف المطعون فيه وهو تصرف بات غير مضاف إلى ما بعد الموت، فإنهم لا يملكون من وسائل الإثبات قبل المتصرف إليها - المشترية - إلا ما كان يملكه مورثهم في صدد منازعته لها في ملكيتها الثابتة لها بالعقد المسجل.
3 - متى كان الطاعنون لم يتمسكوا لدى محكمة الموضوع بوجود مانع أدبي يبرر الإثبات بغير الكتابة فلا يجوز لهم أن يثيروا هذا الدفاع الجديد لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى 303 سنة 1951 كلي الجيزة ضد المطعون عليها وضد طه حسين الكاشف طلبوا فيها الحكم ببطلان عقد البيع الصادر من الأخير للمدعى عليها الأولى - المطعون عليها - والمسجل بتاريخ 19 من يونيه سنة 1940 وإلغاء التسجيلات المتوقعة على 3 ف و10 ط و22 س بناحية شبرامنت مركز البدرشين وتثبيت ملكية المدعين - الطاعنين إلى 2 ف و10 س مشاعاً في هذا القدر مع التسليم وقالوا في صحيفة دعواهم إن المرحوم إمام عبد الوهاب نصار مورثهم ومورث المدعى عليها الأولى أشترى من طه الكاشف المدعى عليه الثاني 4 ف و12 ط ودفع ثمنها ثم باع منها فداناً إلى منصور نصار وآخرين بموجب عقدي بيع ابتدائي تاريخهما 23 من ديسمبر سنة 1938 و11 من أكتوبر سنة 1939 وأراد المورث التهرب من هذا البيع فاستعار اسم زوجتنه واعتبرها المشترية في العقد النهائي من طه الكاشف إضراراً بالمشترين مما اضطرهم لرفع الدعويين 1486، 2799 سنة 1940 مدني الجيزة وقضى فيهما بصحة ونفاذ عقدي البيع الصادرين لصالح هؤلاء المشترين وبطلان العقد الصادر للست عزية إبراهيم من طه الكاشف والمسجل في 19 يونيه سنة 1940 وتأيد الحكم استئنافياً في الاستئناف رقم 108 سنة 1943 الجيزة - واستند المدعون - الطاعنون إلى هذين الحكمين - وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 20 من يناير سنة 1954 - أولاً - بإثبات تنازل المدعين عن مخاصمة المدعى عليه الثاني طه الكاشف. ثانياً - ببطلان عقد البيع الصادر للمدعى عليها الأولى عن نفسها وبصفتها. المطعون عليها الأولى من طه الكاشف والمسجل بتاريخ 19 من يونيه سنة 1940 وذلك فيما يتعلق بنصيب المدعين وقدره 2 ف و10 س مشاعاً في 3 ف و10 ط و22 س وتثبيت ملكية المدعين - الطاعنين - لهذا القدر وتسليمهم إياه وإلغاء كافة التسجيلات المتوقعة عليه لصالح المدعى عليها الأولى - المطعون عليها. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة - وقيد الاستئناف بجدولها برقم 413 سنة 71 ق وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 31 من مايو سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليهم - الطاعنين - وإلزامهم بالمصروفات عن الدرجتين واستندت في ذلك إلى أن العقد الصادر للمطعون عليها هو عقد بات منتج لآثاره بالنسبة لعاقديه وللكافة وقد انتقلت به الملكية للمشترية وظاهر منه أن الثمن دفع منها وإذا كان زوجها قد تصرف بالبيع قبل أن يتم تسجيل عقد البيع باسم زوجته عزية فمن حق الدائنين أن يبطلوا التصرف الصادر للزوجة ويكون البطلان قاصراً على القدر المبيع لهم. أما من عدا هؤلاء - المورث وخلفاؤه الباقون وهم الورثة - فليس لهم أن يفيدوا من هذا البطلان لأن المستأنفة اشترت العقار رأساً من البائع لحسابها الخاص وعلى فرض أن الثمن دفعه المورث من ماله فالعقد صحيح إذ الهبة المستترة جائزة في القانون عملاً بالمادة 48 مدني قديم. هذا فضلاً عن أن المستأنف عليهم الطاعنين - لم يقدموا قرينة على أن التصرف صوري فلم يدعوا أن المورث وضع اليد على الأطيان بل إن الثابت من محضر حصر التركة الموقع عليه من المستأنف عليهم - الطاعنين - أن المورث لم يترك سوى منزل ودابة. قرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وذلك بالتقرير الحاصل في 4 من سبتمبر سنة 1955 - وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون. وصممت النيابة على مذكرتها وأصدرت دائرة الفحص قرارها في 23 من فبراير سنة 1960 بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية وقد أعلن الطاعنون تقرير الطعن مؤشراً عليه بقرار الإحالة وذلك بتاريخ 2 من مارس سنة 1960 ثم أودعوا أصل ورقة الإعلان ومذكرة شارحة في 14 من مارس سنة 1960 كما أودعت المطعون عليها مذكرة رادة في 24 من مارس سن 1960 وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية أشارت فيها إلى صحة الإجراءات وأحالت فيها على رأيها لسابق - وتحدد أخيراً لنظر الطعن جلسة 16 فبراير سنة 1960 وفيها صمم الطرفان على طلباتهما كما صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على مخالفة القانون لسببين - ونعى الطاعنون في السبب الأول أن محكمة الاستئناف قد اعتبرت المطعون عليها موهوباً إليها واعتبرت العقد المطعون فيه والمطلوب القضاء ببطلانه لصوريته صورية مطلقة بمثابة عقد بيع بات يخفي هبة. وطبقت عليه حكم المادة 48 مدني قديم وهذا القول مخالف للقانون لأن الطاعنين والمطعون عليهم جميعهم ورثة لصاحب الحق المفروض صدور التصرف منه. وكل وارث يعتبر غيراً بالنسبة لباقي الورثة في حالة صدور تصرف لأحد الورثة فلا تفرض الهبة المستترة ما دام الطعن بالضريبة المطلقة قائماً - والهبة المستترة يفترض معها نية التمليك وإن البائع قصد أن يملك المشتري وإن كان الأخير لم يسدد ثمناً. أما الصورية المطلقة فينعدم معها التعاقد وينتفي معها عند البائع نية التصرف. وقد افترضت المحكمة أن المورث قصد تمليك زوجته ما بيع إليها مع أن ظروف الدعوى وملابساتها تؤكد أنه لولا رغبة المورث في التهرب من نفاذ عقد البيع الصادر منه بالفدان إلى منصور نصار ومن معه - لما استعار اسم زوجته تلك الاستعارة التي ثبتت نهائياً بالحكم الصادر لصالح منصور نصار والذي تعتبر به الصورية حجة على المطعون عليها. ونعى الطاعنون في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على الدفع بالصورية وتطلب من الطاعنين أدلة أو قرائن لإثبات تلك الصورية مع أن الصورية التي تمسك بها الطاعنون يجوز إثباتها بكافة الطرف القانونية بما فيها البينة وإذا كانت المحكمة لا تكتفي بالقرائن والأدلة القاطعة التي تجلت في حكم البطلان الصادر لمصلحة منصور نصار ومن معه كان عليها قانوناً أن تحيل الدعوى إلى التحقيق - ذلك أن الطاعنين من الغير بالنسبة للمطعون عليها والحكم السابق صدوره بشأن الفدان حكم نهائي مثبت للصورية وهو حجة على المطعون عليها التي لم تضع يدها إلا بعد وفاة المورث.
وحيث إن هذا النعي مردود في سببيه. أولاً - بأن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على الأخذ بحجية عقد المطعون عليها المسجل في 19 يونيه 1940 وإعمال آثاره القانونية باعتباره عقداً باتاً ناقلاً للملكية - وباعتبار أن الزوجة المطعون عليها هي المشترية وأنها هي التي دفعت الثمن وذلك أخذا بنصوص العقد وبأنه يبين من الوقائع التي أثبتها الحكم المطعون فيه أن الطاعنين أقروا بصدور البيع فعلاً من طه الكاشف وانحصر النزاع بينهم وبين المطعون عليها في شخص المشتري دافع الثمن إذ تمسكوا بأنه هو مورثهم بينما تمسكت المطعون عليها بظاهر العقد وأنها هي المشترية التي قامت بأداء الثمن. وهذا النزاع على شق من العقد حول شخصية المشتري لا يستقيم معه القول بأن العقد منعدم لصوريته صورة مطلقة ومردود ثانياً بأن الطاعنين وهم خلف عام لمورثهم لا يعتبرون من الغير بالنسبة للتصرف المطعون فيه وهو تصرف بات غير مضاف إلى ما بعد الموت. ويترتب على ذلك أنهم لا يستفيدون من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 108 سنة 1943 الجيزة ولا يفيد منه إلا المشترون الذين قضي بإبطال التصرف بالنسبة لما بيع إليهم كما أنهم لا يملكون من وسائل الإثبات قبل المشترية إلا ما كان يملكه مورثهم في صدد منازعة المطعون عليها في ملكيتها الثابتة لها بالعقد المسجل. وما ذكره الحكم المطعون فيه من أن الطاعنين لم يقدموا قرينة على أن التصرف صوري فهو تزيد يستقيم الحكم بدونه أما ما أثاره الطاعنون في مذكرتهم الشارحة لدى هذه المحكمة من وجود مانع أدبي يبرر الإثبات بغير الكتابة فهو دفاع جديد لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.