أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 12 - صـ 334

جلسة 29 من إبريل سنة 1961

برئاسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد زعفراني سالم، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وحسن خالد، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق المستشارين.

(14)
الطلب رقم 15 لسنة 30 ق/ 925 لسنة 1960 (هيئة عامة)

( أ ) نقض. "الخصوم في الطعن"
اختصام من ليس خصماً في الدعوى لا يجوز. عدم قبول الطعن بالنسبة له.
(ب) أوراق تجارية. الوفاء بالكمبيالة (السفتجة). مسئولية المظهر.
رجوع الحامل على المظهر بعد مطالبة المسحوب عليه وامتناعه عن الوفاء عدم وجوب توجيه الاحتجاج بعد الوفاء، إلى المظهر.
1 - لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في الدعوى فإذا كان الثابت من الحكم الاستئنافي المطعون فيه أن المستأنف تنازل عن مخاصمة أحد المطعون عليهم وقضت محكمة الاستئناف بقبول التنازل فإن الطعن بالنقض يكون غير مقبولاً شكلاً بالنسبة له.
2 - إن قانون التجارة السوري لا يلزم مظهر الكمبيالة بالوفاء بقيمتها يوم الاستحقاق وإنما يلزمه في حالة عدم قيام الملتزم بالوفاء بأداء قيمة السند غير المدفوع (م 467 تجارة سوري) وعلى ذلك فلا يجوز لحامل الكمبيالة الرجوع على المظهر إلا بعد مطالبة المسحوب عليه وامتناع الأخير عن الوفاء. فالمظهر من هذه الناحية ضامن للوفاء لا ملتزم به ابتداءً ولا يصح القول بوجوب توجيه إلى المظهر إذ لو كان توجيه الاحتجاج إليه واجباً لكان من العبث النص على لزوم توجيه الإشعار إلى المظهر (م 469 تجارة سوري). ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة (470 تجارة سوري) من جواز الإعفاء من توجيه الاحتجاج، وذلك لأن الشارع أراد بهذه المادة إنما يجيز للمظهر إعفاء الحامل من الاحتجاج اقتصاداً في النفقات التي قد يرجع بها عليه عند الاقتضاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى لدى المحكمة الابتدائية بحلب قالت فيها إن المطعون عليهما الثالث والرابع حررا بتاريخ 28 من يوليه سنة 1954 سنداً بمبلغ عشرة آلاف وستمائة ليرة سورية يستحق في أول أغسطس سنة 1955 لأمر الطاعن الذي ظهره لها وظهرته هي بدورها لبنك سوريا ولبنان - المطعون عليه الثاني - وأنها قبل استحقاقه بخمسة عشر يوماً طلبت إلى البنك إجراء الاحتجاج ضد موقعي السند في حالة عدم وفاء قيمته في تاريخ الاستحقاق وأن المصرف المذكور لم يرسل الاحتجاج في الميعاد القانوني مما جعل الطاعن في موقف يستطيع فيه إعفاءه من التزام قيمة السند ولذلك تطلب إلزام المصرف بالمبلغ مع الفوائد، وقد رأت المحكمة أن الملزم بوفاء السفتجة هو المسحوب عليه وحده وأن المظهر والساحب لا يلزمان بوفائها إلا إذا تقاعس الملتزم عن وفائها عند الاستحقاق وأنه لا يوجد نص قانوني يلزم حامل السند بتبليغ الاحتجاج إلى المظهرين لأن قانون التجارة الجديد ألغى هذا الالتزام وعلى ذلك قضت برفض الدعوى، فطعنت المدعية في ذلك الحكم بطريق النقض واعتبر منقوضاً لأن المظهر لم يدخل في الدعوى وقد أقامت المدعية دعوى أخرى ضد الطاعن ودعوى ثالثة ضد المطعون عليهما الثالث والرابع وطلبت ضم هاتين الدعويين للدعوى الأولى والحكم لها على المطعون عليهم بالمبلغ بالتضامن مع الفوائد، وبعد أن قررت المحكمة ضم هذه الدعاوى رأت أن قانون التجارة لا يلزم حامل السفتجة بأن يبلغ الاحتجاج إلى المظهر وقضت برفض الدعوى ضد مصرف سوريا ولبنان وبإلزام الباقين بالتضامن بالمبلغ مع الفوائد من تاريخ الادعاء. استأنفت المدعية الحكم كما استأنفه تبعياً الطاعن ثم تنازلت المدعية عن مخاصمة المطعون عليه الرابع فقضت محكمة الاستئناف بإثبات هذا التنازل وبتعديل الحكم فيما قضى به من الفوائد وبسريان الفوائد من تاريخ الاستحقاق وبتاريخ 20 من فبراير سنة 1960 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية فقررت هذه الدائرة إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية لأن أغلبية المحكمة رأت العدول عن المبدأ الذي قررته محكمة التمييز من قبل في هذا الموضوع. وفي أثناء نظر الدعوى أمام الهيئة العامة دفعت النيابة بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليه الرابع وطلبت رفض الطعن بالنسبة للباقين.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المستأنف تنازل عن مخاصمة المطعون عليه الرابع وقضت محكمة الاستئناف بقبول التنازل ولا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في الدعوى على ذلك يكون الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة للمطعون عليه الرابع.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم. وحيث أن الطاعن ينعى في السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ويقول في بيان ذلك إن المادة 478 من قانون التجارة السوري صريحة في وجوب توجيه الاحتجاج إلى موطن الملزم لوفاء السفتجة وإلى موطن الأشخاص المعينين في السفتجة لوفائها عند الاقتضاء وإلى موطن من قبلها بطريق التدخل، وأن الملتزمين بوفاء السفتجة عملاً بالمادة 471 من القانون المذكور هم الساحب والقابل والمظهر والضامن الاحتياطي مما كان يتعين معه توجيه الاحتجاج إلى الطاعن بوصفه مظهراً في الميعاد القانوني وإزاء تخلف هذا الإجراء فإن حق الحامل في الرجوع عليه يسقط ما جرى به اجتهاد محكمة التمييز في قرارها رقم 406 بتاريخ 24 من أكتوبر عام 1953 ويؤكد ذلك نص المادة 476 تجاري التي تقضي بسقوط حق الحامل قبل المظهر والساحب وغيرهما من الملتزمين ما عدا القابل وكذلك المادة 467 من نفس القانون التي تعطي الحامل عند عدم الوفاء حق الرجوع على المظهرين والساحبين وغيرهم هذا إلى أن المادة 470 تجاري تؤيد صحة نظرة ذلك أنها أجازت للساحب ولأي مظهر أن يعفي الحامل عند المطالبة على وجه الرجوع من تقديم احتجاج بعدم الدفع إذا كتب في السفتجة عبارة (المطالبة بدون احتجاج) ولولا وجوب توجيه الاحتجاج إليه لما جاز له التنازل عنه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أنه طبقاً للمادة 456 تجاري عند حلول ميعاد استحقاق السند يتقدم الحامل إلى المسحوب عليه لوفائه فإذا امتنع عن الوفاء حررت وثيقة الاحتجاج التي أن تشتمل على الإنذار بوفاء قيمته وذكر حضور أو غياب الملتزم بالوفاء وأسباب الامتناع عن الوفاء - الأمر الذي يستفاد منه بجلاء أن الملتزم بالوفاء في تاريخ الاستحقاق هو الشخص الذي يتعين عليه وفاء السند في ميعاد استحقاقه أما غيره من الملتزمين فقد تكفلت المادة 476 من القانون ببيان دورهم فقالت: لحامل السفتجة عند عدم وفائها له في تاريخ الاستحقاق الرجوع على مظهريها وساحبيها وغيرهم من الملتزمين بها كما نصت المادة 469 على أنه يجب على حامل السفتجة أن يرسل للمظهر له وللساحب إشعاراً بعدم الوفاء في خلال أربعة أيام العمل التالية ليوم الاحتجاج، وصريح هذين النصين أن حق الحامل في الرجوع على المظهر لا ينشأ إلا بعد تقديم السند للمسحوب عليه وامتناعه عن الدفع وإثبات الامتناع، وعندئذ يقوم الحامل بإرسال الإشعار المنوه به في المادة 469 أما قبل ذلك فلا يحق له إلا مطالبة المدين الأصلي وهو المسحوب عليه، ويؤيد ذلك ما ورد في الفقرة الثانية للمادة 468 تجاري التي نصت على أنه في حال توقف المسحوب عليه عن الوفاء لا يجوز للحامل الرجوع على ضامنيه إلا بعد تقديم السند المسحوب عليه وتقديم الاحتجاج عليه بعدم الوفاء - وهذا الذي جرى عليه الحكم صحيح ذلك أن قانون التجارة السوري على ما هو صريح موداه لا يلزم المظهر بالوفاء يوم الاستحقاق وإنما يلزمه في حالة عدم قيام الملتزم بالوفاء بأداء قيمة السند غير المدفوع فقد نصت المادة 467 على أنه لحامل السفتجة عند عدم وفائها له في تاريخ الاستحقاق - الرجوع على المظهر - ومفهوم هذا النص أنه ليس للحامل الرجوع على المظهر إلا بعد مطالبة المسحوب عليه وامتناعه عن الوفاء والمظهر من هذه الناحية إنما هو ضامن للوفاء لا ملتزم به ابتداءً ولا يصح إيجاب توجيه الاحتجاج إليه ولو كان توجيه الاحتجاج إلى المظهر واجباً لكان من العبث النص على لزوم توجيه الإشعار إلى المظهر ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة - 470 تجاري ذلك أن الشارع أراد بهذه المادة أن يجيز للمظهر إعفاء الحامل من الاحتجاج اقتصاداً في النفقات التي قد يرجع بها عليه عند الاقتضاء.
وحيث أن الطاعن ينعى على الحكم في السبب الأخير أن المحكمة وإن أوردت في حيثيات قرارها المطعون فيه ما يستفاد منه رد الاستئناف بالنسبة لبنك مصر إلا أنها لم تقرر ذلك في منطوقه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن عبارة "التعديل" الواردة في منطوق الحكم المستأنف تفيد ذلك المراد.
وحيث إنه لما تقدم ترى الهيئة العامة بالإجماع العدول عما يكون قد صدر من أحكام مخالفة لهذا النظر ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 4 من القانون رقم 56 لسنة 1959 قد خولت هذه الهيئة الفصل في الدعوى المحالة إليها وكان الحكم المطعون فيه صحيحاً ومطابقاً للقانون فإنه يتعين رفض الطعن موضوع


(*) كان قضاء محكمة التمييز الملغاة بالإقليم الشمالي قد جرى على أن حق الحامل في الرجوع على المظهر يسقط إذا تخلف الحامل عن توجيه الاحتجاج إلى المظهر في الميعاد القانوني المنصوص عليه في المادة 468 تجاري سوري (قرار محكمة التمييز رقم 406 بتاريخ 24/ 10/ 1953).