أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 12 - صـ 361

جلسة 13 من أبريل سنة 1961

برئاسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.

(48)
الطعن رقم 476 لسنة 25 القضائية

وقف. "سلطة ناظر الوقف في إبدال أعيانه".
لا يملك ناظر الوقف إبدال أعيانه ولو كان مأذوناً. تصرفه في أعيان الوقف يأخذ حكم بيع ملك الغير. صيرورة الملكية للمتصرف بعد العقد تصححه.
ناظر الوقف لا يملك إبدال أعيانه حتى ولو كان مأذوناً بذلك في حجة الوقف. وعقد البدل الذي يبرمه لا يخرج عن كونه تصرفاً في بعض أعيان الوقف ممن لا يملك هذا التصرف وهو بذلك يأخذ حكم ملك الغير بحيث إذا لحقته الإجازة من المالك الحقيقي أو صارت الملكية إلى البائع بعد صدوره انقلب العقد صحيحاً في حق المشتري (المادة 264 من القانون المدني الملغى والمادتان 466 و467 من القانون المدني الجديد). وينبني على ذلك أنه متى كان دفاع الطاعنين قد قام على أن عين الوقف الذي تم التبادل عليها آلت إلى ناظر الوقف تنفيذاً لقانون إنهاء الوقف على غير الخيرات رقم 180 سنة 1952 ومن ثم يمتنع عليه التصرف طالما أنه يلتزم بالضمان وكان هذا الدفاع إن صح يتغير معه وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على عدم جدوى البحث في هذا الدفاع تأسيساً على بطلان عقد البدل بطلاناً مطلقاً يكون قد اخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تحقيق دفاع الطاعنين مما يستوجب نقضه


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليها وأخرى أقامتا الدعوى رقم 2 سنة 1945 ك طنطا بصفتيهما ناظري وقف المرحوم علي بك جنيد على الطاعنين الأول والثالث ومورث الطاعنتين الثانية والرابعة طلبتا فيها الحكم بتثبيت ملكية الوقف إلى فدان و7 قراريط و8 أسهم المبينة بصحيفة الدعوى ندبت المحكمة خبيراً لبيان ما إذا كان القدر المتنازع عليه يدخل في أعيان الوقف وهل تنطبق عليه المستندات المقدمة من المدعى عليهم. وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن القدر المتنازع عليه من ضمن أعيان الوقف وأن الناظر السابق على الوقف يوسف بك على جنيد كان قد تبادل عنه مع عبد المعطي عجلان بعقد في 25 من مايو سنة 1918 وتصرف الأخير في هذا القدر لمورث الطاعنين على أثر حصول البدل واستمر هؤلاء ومورثيهم من قبل يضعون اليد عليه. وفي 25 من يناير سنة 1947 قضت المحكمة برفض الدعوى استناداً إلى أن ناظر الوقف الذي أبرم عقد البدل يملك حق الإبدال أخذ بشروط الوقف. استأنفت المطعون عليها وشريكتها في النظر الحكم أمام محكمة استئناف إسكندرية ثم أحيل الاستئناف إلى محكمة استئناف طنطا ومقيد بجدولها برقم 291 سنة 1 ق - وعلى أثر صدور القانون رقم 180 سنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لزوال صفة المطعون عليها التي كانت قد انفردت بالنظر على الوقف. ثم عجلت المطعون عليها الدعوى بصفتها حارساً على الوقف عملاً بالقانون رقم 342 سنة 1952 - وفي 17 من مايو سنة 1955 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبتثبيت ملكية المطعون عليها بصفتها إلى القدر المتنازع عليه.... وأقامت قضاءها على بطلان عقد البدل لصدوره ممن لا يملكه تأسيساً على أن ناظر الوقف لا يملك استبدال أعيانه بغير إذن القاضي أخذاً بحكم المادة 137 من اللائحة الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 سنة 1931 حتى ولو كان مأذوناً بالإبدال. وأضافت المحكمة أنه لا محل لتمسك الطاعنين بأن من يلزمه الضمان يمتنع عليه التعرض اعتماداً على أن ناظر الوقف الذي أبرم عقد البدل مستحق لثلاثة أرباع أعيانه وقد آلت إليه ملكية هذا القدر تنفيذاً لحكم القانون رقم 180 لسنة 1952 لا محل لذلك لأن عقد البدل نشأ باطلاً. طعن الطاعنون في الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى هذه الدائرة. وقدمت النيابة بعد الإحالة مذكرة انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم بالسبب الثاني في مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه استناداً إلى أنهم دفعوا أمام محكمة الاستئناف بأن السيد/ يوسف علي جنيد ناظر الوقف السابق الذي أبرم عقد البدل في 25 من مايو سنة 1918 لا يحق له بعد صدور القانون رقم 180 سنة 1952 أن يتعرض لهم في ملكية ما آل إليهم نتيجة ذلك العقد تطبيقاً لقاعدة "من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض" ذلك لأن هذا المتبادل قد آلت إليه ملكية ثلاثة أرباع أعيان الوقف نفاذاً لحكم القانون المذكور - إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على هذا الدفاع بما أورده من أنه دفاع لا محل له طالما أن عقد البدل باطل طبقاً لأحكام اللائحة الشرعية وأن بطلانه يرجع إلى تاريخ صدوره. ووجه الخطأ في ذلك على ما يقول الطاعنون أن الحكم طبق على عقد البدل القانون الذي صدر تحت سلطانه في حين أن القانون الواجب التطبيق في هذه الحالة هو القانون رقم 180 سنة 1952 الذي بمقتضاه آلت ملكية ثلاثة أرباع الوقف إلى من أبرم عقد البدل ومن ثم يمتنع عليه التعرض طالما أنه ملتزم بالضمان.
وحيث إنه وإن كان ناظر الوقف لا يملك إبدال أعيانه حتى ولو كان مأذوناً بذلك في حجة الوقف على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في الطعنين رقمي 39 سنة 5 و2 سنة 9 ق - إلا أنه من ناحية أخرى فإن عقد البدل الذي يبرمه الناظر على الوقف لا يخرج عن أن يكون تصرفاً في بعض أعيان الوقف ممن لا يملك هذا التصرف وهو بذلك يأخذ حكم بيع ملك الغير.
وحيث إن المادة 264 من القانون المدني الملغى الذي أبرم عقد البدل في ظله تنص على أن "بيع الشيء المعين الذي لا يملكه البائع باطل. إنما الصحيح إذا أجازه المالك الحقيقي" كما تنص المادة 466 من القانون المدني الجديد على أنه "إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع. ويكون الأمر كذلك ولو أوقع البيع على عقار سجل العقد أو لم يسجل. وفي كل حال يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد" ونصت المادة 467 من ذلك القانون على أنه "إذا أقر المالك البيع سري العقد في حقه وانقلب صحيحاً في حق المشتري - وكذلك ينقلب العقد صحيحاً في حق المشتري الذي آلت إليه ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد" - ومؤدى هذه النصوص جميعاً أن بيع ملك الغير ليس باطلاً بطلاناً مطلقاً بدليل أنه إجازة المالك الحقيقي أو صيرورة الملكية إلى البائع بعد صدوره تقلبه إلى عقد صحيح. إنما هو عقد قابل للإبطال بناءً على طلب المشتري.
وحيث إنه لما كان ذلك وكان دفاع الطاعنين أمام محكمة الاستئناف على ما أورده الحكم المستأنف قام - فيما قام عليه - على أن عين الوقف التي تم التبادل عليها بعقد 25 من مايو سنة 1918 قد آلت إلى ناظر الوقف الذي أبرم عقد البدل تنفيذاً لحكم القانون رقم 180 سنة 1952 ومن ثم يمتنع عليه التعرض طالما أنه ملتزم بالضمان وكان هذا الدفاع إن صح يتغير معه وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على عدم جدوى البحث في دفاع الطاعنين تأسيساً على بطلان عقد البدل بطلاناً مطلقاً يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تحقيق دفاع الطاعنين بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.