أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 12- صـ 386

جلسة 20 من أبريل سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد المستشارين.

(53)
الطعن رقم 34 لسنة 26 القضائية

التزام. "تجديد الالتزام". "استئناف". "طريقة رفع الاستئناف".
عقد اتفاق. تحرير سندات إذنية ببعض الدين الوارد به لا يستفاد منه تجديد الالتزام. لا تعد الدعوى من دعاوى السندات الإذنية. وجوب رفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها بطريق الإيداع لا بطريق التكليف بالحضور.
تحديد الالتزام وفقاً للمادة 354 من القانون المدني لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته وينبني على ذلك أنه متى كانت العلاقة بين طرفي النزاع تقوم بصفة أصلية على عقد اتفاق تحررت ببعض الدين الوارد فيه سندات إذنية وتنازل الدائن عن باقية مع حفظ حقه في الرجوع عن هذا التنازل إذا ما تخلف المدين عن الوفاء بأي سند منها فإن تحرير هذه السندات لا يعتبر تحديداً للدين والدعوى التي ترفع للمطالبة بقيمتها مع باقي الدين لا تعتبر من دعاوى السندات الإذنية التي قصدت إليها المادة 118 من قانون المرافعات ومن ثم فيتعين عند استئناف الحكم الصادر فيها رفعه بطريق إيداع عريضة الاستئناف قلم الكتاب طبقاً للمادة 405 مرافعات المعدلة بالقانون 264 سنة 1953 وإلا كان الاستئناف باطلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن - الذي كان قد تولى إدارة المحلات التجارية المخلفة عن والده تلقى من مصلحة الضرائب النموذج رقم 18 بعناصر ربط ضريبة الأرباح التجارية عن المدة 1947 إلى 1951 - فرد الطاعن على وجهة نظر مصلحة الضرائب في هذا الشأن - ثم تعاقد مع المطعون عليه في 12/ 5/ 1953 على أن يحضر الأخير عنه أمام لجنة الطعن مقابل أتعاب مقدمها خمسون جنيهاً والمؤخر يحتسب على أساس 15% من المبلغ الذي يستطيع المطعون عليه تخفيضه من الضرائب المقدرة على الأسس المبينة بالنموذج 18 - ثم أخطر الطاعن بالنموذج رقم 19 بربط الضريبة عن تلك السنوات ومثل المطعون عليه الطاعن أمام لجنة الطعن التي انتهت في قرارها الصادر في 14/ 3/ 1954 إلى تخفيض الضرائب على النحو الوارد بذلك القرار - وعقب ذلك وفى 7/ 4/ 1954 عقد الطاعن مع المطعون عليه اتفاقا آخر أشير فيه إلى اتفاق 12/ 5/ 1953 وإلى قرار لجنة الطعن ونص فيه على أن المطعون عليه استحق في ذمة الطاعن مقابل حضوره عنه أمام لجنة الطعن مبلغ 720 جنيهاً تقاضى منها مائتي جنية وتنازل عن 120 جنيهاً واتفق على أن يقوم الطاعن بسداد الباقي على أقساط شهرية كل منها 25 جنيهاً وذكر بالعقد أنه حررت بالمبلغ الباقي سندات إذنيه كما نص فيه على أنه إذا تأخر الطاعن في سداد أي قسط تحل باقي الأقساط ويكون للمطعون عليه المطالبة بمبلغ أل 120 جنيهاً التي تنازل عنها. وقد قام الطاعن بسداد أربعة أقساط ثم وجه إلى المطعون عليه إنذاراً أبدى فيه اعتراضه على الاتفاقين السابق الإشارة إليهما وأعلن إليه توقفه عن سداد باقي قيمة السندات الإذنية التي لم يكن قد حل ميعاد الوفاء بها - كما أورد به المطعون عليه تقاضى منه مبلغ 180 جنيهاً زيادة عن الأجر الذي يستحقه - وعلى أثر ذلك تقدم المطعون عليه بطلب إلى رئيس محكمة مصر الابتدائية طلب فيه إصدار أمر أداء ضد الطاعن بمبلغ 470 جنيهاً قيمة الباقي له من الأجر المتفق عليه بعقد 7/ 4/ 1954 بما في ذلك مبلغ 120 جنيهاً الذي كان قد تنازل عنه وذلك إعمالاً للشرط الوارد بالعقد في خصوصه - وفى 14/ 10/ 1954 رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الموضوع في الدعوى رقم 1954 سنة 1954 تجاري كلي القاهرة ثم أقام الطاعن على المطعون عليه دعوى فرعية طلب فيها الحكم بإلزامه مبلغ 180 جنيهاً تأسيساً على بطلان عقدي 12/ 5/ 1953، 7/ 4/ 1954 لمخالفتهما لنص المادة 472 من القانون المدني وعلى أن هذين العقدين يشوبهما البطلان للتدليس والغلط إذ كان يجهل كنه النزاع كما أن القانون رقم 240 سنة 1952 أوجب اتخاذ ضريبة سنة 1947 أساساً لربط الضريبة عن سني 1948 - 1951 وفى أول فبراير سنة 1955 قضت المحكمة برفض الدعويين الأصلية والفرعية وأقامت على أن الدعوى الأصلية مؤسسة على عقد 7/ 4/ 1954 الذي أبرم بعد تنفيذ الوكالة ومن ثم لا تنطبق عليه المادة 472 من القانون المدني كما أن المطعون ليس من المحامين المقيدين بالجدول فلا يسري حكم هذه المادة في حقه ونفي الحكم ما ادعاه الطاعن من تدليس أو غلط وانتهى إلى تقرير حق المحكمة في التدخل في تقدير الأجر مقابل العمل الذي قام به المطعون عليه وقدر الحكم هذا الأجر بالمبلغ الذي كان المطعون عليه قد اقتضاه فعلاً من الطاعن - أعلن الطاعن هذا الحكم إلى المطعون عليه في 2 من إبريل سنة 1955 فاستأنفه الأخير بطريق التكليف بالحضور بالاستئناف رقم 338 سنة 72 ق القاهرة كما استأنفه الطاعن استئنافاً فرعياً بعريضة أعلنت إلى المطعون عليه في 19/ 9/ 1955 بالاستئناف رقم 680 سنة 72 ق القاهرة وكان الطاعن قد دفع ببطلان الاستئناف الأصلي المرفوع من المطعون عليه لأنه لم يحصل بطريق إيداع العريضة قلم الكتاب - وفي 28/ 6/ 1955 قضت محكمة الاستئناف برفض الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً - ثم قررت ضم الاستئناف الفرعي إلى الاستئناف الأصلي وحكمت بتاريخ 6/ 12/ 1955 في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 350 جنيهاً وفي الاستئناف الفرعي برفضه - أعلن المطعون عليه هذا الحكم الأخير في 20/ 12/ 1955 فطعن فيه الطاعن كما طعن في حكم 28/ 6/ 1955 بالنقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 24/ 5/ 1960 إحالته إلى هذه الدائرة وقدمت النيابة مذكرة صممت فيها على الرأي الوارد بمذكرتها قبل الإحالة طالبة نقض الحكمين المطعون فيهما.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم الصادر في 28/ 6/ 1955 أنه إذ قضى برفض الدفع ببطلان الاستئناف الأصلي وبقبول هذا الاستئناف شكلاً قد خالف القانون - ويقول الطاعن في بيان ذلك إن الحكم اعتبر دعوى المطعون عليه من دعاوى السندات الإذنية على أساس تجزئة الطلبات فيها إلى قسمين يمثل أحدهما قيمة السندات الإذنية ويمثل الآخر مبلغ 120 جنيهاً في حين أن هذه التجزئة تتنافى مع وحدة موضوع الدعوى على النحو الذي رسمه المطعون عليه في طلب إصدار أمر الأداء والذي تمثل في المطالبة بأجره المحدد بعقد 7/ 4/ 1954 الذي استند إليه المطعون عليه صراحة ولم تأت إشارته إلى السندات الإذنية في طلب إصدار أمر الأداء إلا من قبيل تفصيل الوقائع لا على أنها أساس التزام الطاعن بالمبلغ المطالب به. ومما يؤكد هذا النظر أن بعض السندات الإذنية لم يكن قد حل ميعاد الوفاء المبين بها ولكن حلول هذا الأجل تحقق إعمالاً للشرط الوارد بعقد 7/ 4/ 1954 - كما يؤكده أن اعتبار الدعوى من دعاوى السندات الإذنية لا يصدق على مبلغ الـ 120جنيهاً الذي لم يرد ذكره في تلك السندات وانفرد عقد 7/ 4/ 1954 بالتحدث عنه وبيان مدى حق المطعون عليه في المطالبة به وشرط ذلك - وأضاف الطاعن أن الحكم اضطرب في هذا الشأن إذ اعتبر هذا المبلغ من ملحقات السندات الإذنية. وآية هذا الاضطراب أن الحكم فصل بين تلك السندات وبين عقد 7/ 4/ 1954 واعتبر تحرير السندات استبدالاً للدين المحدد بالعقد مما مؤداه انقضاء الدين الأخير بجميع توابعه ونشوء دين جديد - إلا أن الحكم عندما اصطدم بالمطالبة بمبلغ الـ 120 جنيهاً وبأن ميعاد الوفاء ببعض السندات الإذنية لم يكن قد حل بعد وكان حلول الأجل مستمداً مما نص عليه بالعقد عاد الحكم فقرر أن تلك الطلبات تعد من ملحقات السندات الإذنية وهو تقرير ينقصه أن مؤدى استبدال الدين الوارد بالعقد بالسندات الإذنية أن تصبح تلك السندات هي المصدر للوحيد للالتزام كما مؤداه أنه لا يمكن وصف أحد المصدرين "العقد والسندات الإذنية" بأنه أصل والثاني بأنه تابع له - وعلى فرض إمكان ذلك بعد حصول الاستبدال الذي قرره الحكم خطأ لمخالفته لنص المادة 354 من القانون المدني فإن الالتزام نشأ عن عقد 7/ 4/ 1955 ومن ثم فإن هذا العقد يكون هو الأصل وتكون السندات الإذنية هي التابع مما كان يتعين معه أن يكون استئناف الحكم الصادر في الدعوى بطريق إيداع العريضة قلم الكتاب. وإذ كان الحكم الصادر بقبول الاستئناف شكلاً قد انحرف عن هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تفسيره.
وحيث إنه يبين من وقائع الدعوى على النحو السابق إيراده أن المطعون عليه عندما تقدم بطلب إصدار أمر الأداء حدد موضوع الدعوى بأنه المطالبة بباقي أجر وكالته عن الطاعن استناداً إلى عقد 7/ 4/ 1954 وأوضح أن من بين ما يطالب به مبلغ 350 جنيهاً قيمة السندات الإذنية التي حررت نفاذاً للعقد المذكور الذي تضمن حق المطعون عليه في المطالبة بقيمتها قبل حلول مواعيد الوفاء المحددة بها إذا تخلف الطاعن عن الوفاء بقيمة أحدها - كما أوضح المطعون عليه أن باقي المبلغ المطالب به وهو120 جنيهاً كان قد تنازل عنه للطاعن بمقتضى عقد 7/ 4/ 1954 ونص في العقد على حقه في الرجوع عن هذا التنازل إذا تخلف الطاعن عن سداد قيمة أي سند من السندات الإذنية - ويخلص من هذا أن دعوى المطعون عليه ما هي إلا دعوى مطالبة بأجر يقوم التزام الطاعن به بصفة أصلية على عقد 7/ 4/ 1954 بدليل أن المطعون عليه طالب بقيمة بعض السندات الإذنية التي لم يكن قد حل ميعاد الوفاء المبين بها إعمالاً للشرط بالعقد بحلول أجل الوفاء بقيمتها إذا تخلف الطاعن عن سداد قيمة أحدها في الميعاد المبين به - وبدليل أن المطعون عليه طالب فيما طالب به بمبلغ 120 جنيهاً التي كان قد تنازل عنها مع خلو السندات الإذنية من ذكر هذا المبلغ وكانت مطالبته مستندة إلى العقد سالف الذكر.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الدعوى من دعاوى السندات الإذنية تأسيساً على ما أورده من "أنه وإن كان عقد الاتفاق المؤرخ 7/ 4/ 1954 هو أساس التعاقد إلا أنه حصل استبدال بتحرير السندات الإذنية المطالب بقيمتها إذ اتفق على تحرير هذه السندات ومواعيد استحقاقها" وكان هذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه تكييفاً خاطئاً للظروف والوقائع التي يتألف منها تجديد الدين لمخالفته للمادة 354 من القانون المدني التي تقضي بأن تجديد الدين لا يستفاد من كتابة سند بدين. موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته - فإن ما انتهى إليه الحكم من اعتبار الدعوى من دعاوى السندات الإذنية يكون غير صحيح في القانون.
وحيث إنه وقد تبين مما سلف ذكره أن الدين الثابت بعقد 7/ 4/ 1954 لم يتجدد بتحرير السندات الإذنية وأن هذا العقد هو أساس التزام الطاعن بالأجر الذي طالب به المطعون عليه - فإن الدعوى لا تعتبر من دعاوى السندات الإذنية التي قصدت إليه المادة 118 مرافعات ومن ثم فإن استئناف الحكم الصادر فيها يجب أن يتم وفق نص المادة 405 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 264 سنة 1953 بطريق إيداع عريضة الاستئناف قلم الكتاب وإلا كان باطلاً ولما كان حكم 28/ 6/ 1955 إذ قضى بقبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليه بطريق التكليف بالحضور يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه. ولما كانت الدعوى صالحة للفصل فيها فإنه يتعين القضاء ببطلان هذا الاستئناف.
وحيث إن نقض هذا الحكم يستتبع نقض الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في موضوع الدعوى بتاريخ 6/ 12/ 1955 عملاً بالمادة 447 مرافعات.
وحيث إن بطلان الاستئناف الأصلي يترتب عليه عملاً بالفقرة الثانية من المادة 413 مرافعات زوال الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعن.