أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 500

جلسة 20 من فبراير سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. أحمد حسني، يحيى الرفاعي، زكريا المصري، ومنير توفيق.

(95)
الطعن رقم 156 لسنة 49 القضائية

(1 - 2) بنوك "الحساب الجاري: أوراق تجارية: السند الأدنى".
الحساب الجاري. طريق استثنائي لتسوية الحقوق والديون التي تنشأ بين طرفيه خلال فترة زمنية معينة. تحديد نطاقه بإرادة طرفيه. عدم امتداده إلى ما لم يتم الاتفاق عليه.
(2) عدم الاتفاق بين العميل والبنك على اعتماد خصم قيمة السندات الأذنية المحررة لأمر الغير من حسابه الجاري. أثره. عدم التزام البنك بسداد قيمة تلك السندات وخصمها من الحساب الجاري للعميل. حق البنك في تحرير بروتستات عدم الدفع عند عدم الوفاء بقيمة السندات للاحتفاظ بحقه في الرجوع على المظهرين.
1 - لما كان الحساب الجاري طريقاً استثنائياً لتسوية الحقوق والديون التي تنشأ بين طرفيه خلال فترة زمنية معينة وكانت إرادة طرفيه هي وحدها التي تبرر إجراء هذه التسوية بغير الطرق المقررة في القواعد العامة. فإن لهم أن يحددا نطاقه بقصره على بعض الحقوق والديون التي تنشأ بينهما وفي هذه الحالة لا يشمل الحساب إلا ما تم الاتفاق عليه.
2 - لما كان سداد قيمة الورقة التجارية المقدمة لبنك من الغير خصماً من الحساب الجاري لا يتم إلا إذا اتفق البنك مع عميله - صاحب ذلك الحساب - لاعتماد الخصم.... لما كان ذلك وكان الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة والمقدم صورة تقريره بملف الطعن - قد أثبت - بعد اطلاعه على عقدي فتح الاعتماد بالحساب الجاري والسندات الأذنية الثلاثة المحرر عنها بروتستات عدم الدفع. أن تلك السندات كانت محررة من المطعون ضده مظهره من دائنة إلى البنك الطاعن وأن عقدي فتح الاعتماد بالحساب الجاري قد جرى تنفيذهما - حسبما هو متفق عليه بينهما - بطريق خصم السندات الأذنية المحررة لأمر المطعون ضده والمظهرة منه إلى البنك الطاعن وإضافة قيمتها إلى حسابه الجاري وكان لا خلاف بين الطرفين حول هذا الرأي الذي أثبته الخبير في تقريره)... وكان الثابت في الدعوى أن المطعون ضده لم يقدم ما يثبت أن اتفاقاً تم بينه وبين البنك الطاعن على اعتماد خصم قيمة السندات الأذنية المحررة منه لأمر الغير من حسابه الجاري أو أنه طلب من البنك إجراء هذا الخصم فإن البنك الطاعن لا يكون ملزماً بسداد قيمة السندات الأذنية - محل النزاع - في الحساب الجاري للمطعون ضده وخصمها منه. ويكون من حقه بصفته حاملاً لها - عند عدم وفاء المطعون ضده بقيمتها أن يحرر عنها بروتستات عدم دفع وذلك للاحتفاظ بحقه في الرجوع على المظهرين. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى خطأ الطاعن في تحرير بروتستات عدم الدفع ضد المطعون ضده استناداً إلى القول بأن حسابه الجاري كان يسمح وقتها للوفاء بقيمة السندات الأذنية المحررة عنها تلك البروتستات. فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع القرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 254 لسنة 1974 تجاري كلي جنوب القاهرة على البنك الطاعن وفرعه بالمنصورة والبنك المركزي المصري - بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ عشرة آلاف جنيه - على سبيل التعويض. وبياناً لذلك قال أنه كان يتمتع بتسهيلات ائتمانية لدى فرع البنك الطاعن بالمنصورة بموجب عقدي فتح اعتماد بحساب جار الأول بدأ سنة 1971 عن عملية الاتجار في السيارات في حدود مبلغ 5000 جنيه بضمان السندات الأذنية التي يحصل عليها من عملائه ويظهرها للبنك الطاعن وقد رفع حد هذا الاعتماد في سنة 1972 إلى مبلغ 8000 جنيه واستمر هكذا حتى نهاية العقد في 19/ 6/ 1974 - أما العقد الثاني فقد بدأ سنة 1973 بمبلغ 2000 جنيه بضمان شخصي زيد إلى مبلغ 5000 جنيه في 27/ 3/ 1974 على أن يغطي الرصيد المدين بسندات أذنيه تظهر لصالح البنك تظهيراً تأمينياً. وخلال فترة سريان هذين العقدين حرر ضده البنك الطاعن ثلاثة بروتستات عدم دفع عن ثلاثة سندات أذنيه مظهرة إليه من دائنة أولها بمبلغ 150 جنيه والثاني بمبلغ 400 جنيه ويستحقان الدفع في 20/ 4/ 1974 والثالث بمبلغ 150 جنيه ويستحق الدفع في 20/ 5/ 1974. وبتاريخ 29/ 5/ 1974 قام البنك الطاعن بوضع الحسابين تحت التصفية. وإذ كان رصيده من الحسابين المشار إليهما وقت تحرير تلك البروتستات دائناً ويسمح بسداد قيمة السندات الأذنية الثلاثة فإن البنك الطاعن يكون بتحريره بروتستات عدم الدفع عنها قد ارتكب خطأ يسأل عن تعويض الضرر الناشئ عنه. وبتاريخ 16/ 12/ 1975 ندبت محكمة أول درجة خبيراً قدم تقريراً أعادته إليه المحكمة لفحص اعتراضات البنك الطاعن. وبعد أن قدم تقريره التكميلي. قضت بتاريخ 18/ 12/ 1977 بعدم قبول الدعوى بالنسبة للبنك المركزي المصري وبرفضها بالنسبة للبنك الطاعن وفرعه. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 61 لسنة 95 ق القاهرة وبتاريخ 29/ 11/ 1978 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام البنك الطاعن وفرعه بالمنصورة متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ ألف جنيه. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - الخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول أنه لم يكن مخولاً الوفاء بقيمة السندات الأذنية الثلاثة المحرر عنها بروتستات عدم الدفع الحساب الجاري للمطعون ضده لأن ما تم الاتفاق عليه بموجب عقدي فتح الاعتماد - هو خصم السندات الأذنية المحررة لأمر المطعون ضده من عملائه بعد تظهيرها إلى البنك وإضافتها لحسابه ولا يشمل الاتفاق الوفاء بقيمة السندات الأذنية التي يحررها المطعون ضده لأمر الغير ويظهرها المستفيد إلى البنك وإذ كانت السندات الأذنية الثلاثة - محل النزاع - من قبيل تلك الأخيرة فإنها لا تتقيد في الحساب الجاري للمطعون ضده ولا تخصم منه ويتعين عليه الوفاء بقيمتها ويكون لبنك الطاعن - بصفته حاملاً لها - أن يحرر عنه بروتستات عدم دفع في اليوم التالي لميعاد استحقاقها عند عدم الوفاء بقيمتها وذلك للاحتفاظ بحقه في الرجوع على المظهرين وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى خطأ الطاعن في تحرير تلك البروتستات استناداً إلى القول بأن رصيد الحساب الجاري للمطعون ضده كان يسمح - وقتها - بسداد قيمة السندات الأذنية - محل النزاع - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد - ذلك أنه لما كان الحساب الجاري طريقاً استثنائياً لتسوية الحقوق والديون التي تنشأ بين طرفيه خلال فترة زمنية معينة - وكانت إرادة طرفيه هي وحدها التي تبرر إجراء هذه التسوية بغير الطرق المقررة في القواعد العامة - فإن لهما أن يحددا نطاقه بقصره على بعض الحقوق والديون التي تنشأ بينهما. وفي هذه الحالة لا يشمل الحساب إلا ما تم الاتفاق عليه. كما أن سداد قيمة الورقة التجارية المقدمة للبنك من الغير خصماً من الحساب الجاري لا يتم إلا إذا اتفق البنك مع عميله - صاحب ذلك الحساب - لاعتماد الخصم. لما كان ذلك وكان الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة والمقدم صورة تقريره بملف الطعن - قد أثبت - بعد اطلاعه على عقدي فتح الاعتماد بالحساب الجاري والسندات الأذنية الثلاثة المحرر عنها بروتستات عدم الدفع - أن تلك السندات كانت محررة من المطعون ضده مظهره من دائنة إلى البنك الطاعن وأن عقدي فتح الاعتماد بالحساب الجاري قد جرى تنفيذهما - حسبما هو متفق عليه بينهما - بطريق خصم السندات الأذنية المحررة لأمر المطعون ضده والمظهرة منه إلى البنك الطاعن وإضافة قيمتها إلى حسابه الجاري - وكان لا خلاف بين الطرفين حول هذا الذي أثبته الخبير في تقريره - وكان الثابت في الدعوى أن المطعون ضده لم يقدم ما يثبت أن اتفاقاً تم بينه وبين البنك الطاعن على اعتماد خصم قيمة السندات الأذنية المحررة منه لأمر الغير من حسابه الجاري أو أنه طلب من البنك إجراء هذا الخصم - فإن البنك الطاعن لا يكون ملزماً بسداد قيمة السندات الأذنية - محل النزاع - في الحساب الجاري للمطعون ضده وخصمها منه. ويكون من حقه بصفته حاملاً لها - عند عدم وفاء المطعون ضده بقيمتها - أن يحرر عنها بروتستات عدم دفع وذلك للاحتفاظ بحقه في الرجوع على المظهرين. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى خطأ الطاعن في تحرير بروتستات عدم الدفع ضد المطعون ضده استناداً إلى القول بأن حسابه الجاري كان يسمح وقتها للوفاء بقيمة السندات الأذنية المحررة عنها تلك البروتستات - فإنه يكون قد أخطا في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه - دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.