أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 505

جلسة 20 من فبراير سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: د. أحمد حسني، يحيى الرفاعي، محمد طموم، منير توفيق.

(96)
الطعن رقم 836 لسنة 49 القضائية

(1) حكم. نقض "نعي غير مقبول".
تقدير لجنة الطاعن إيرادات الطاعنة عن سنة 1961 بلا شيء وعن سنة 1963 بما جعلها دون حد الإعفاء. تأييد الحكم تقدير اللجنة لأسبابه النعي في هذا الشق غير مقبول. علة ذلك. انتفاء المصلحة.
(2 - 3) ضرائب "ضريبة الإيراد العام" "إجراءات ربط الضريبة". نظام عام. نقض. "أسباب الطعن".
(2) ضريبة الإيراد العام. إجراءات الربط. التفرقة في إجراءات ربط ضريبة الإيراد العام بين الممولين الذين تقدموا بإقراراتهم في الميعاد والذين لم يتقدموا بها أو قدموها بعد الميعاد. مؤداها. عدم جواز تطبيق الإجراءات الخاصة بإحدى الطائفتين على الأخرى. علة ذلك. اعتبارها من النظام العام.
(3) استيفاء مأمورية الضرائب الإجراءات الصحيحة للربط عن سنة معينة. إخطارها الممول بعد ذلك بالربط الضريبي عن ذات السنة بإجراءات غير صحيحة لا أثر له.
(4) تمسك الطاعنة بعدم تسلمها الإخطارات وعدم تقديم مصلحة الضرائب إعلامات وصول الإخطارات. أثره. فتح باب الطعن للممول أمام اللجنة دون بطلان الإجراءات.
(5) محكمة الموضوع "إثبات".
محكمة الموضوع. لها حق العدول عن إجراء الإثبات الذي أمرت به. شرطه. أن تجد في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها لحسم النزاع.
1 - النعي بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه عن سنتي 1961 و1963 غير مقبول ذلك أن قرار اللجنة الذي أيده الحكم لأسبابه قدر إيرادات الطاعنة عن سنة 1961 بلا شيء وعن سنة 1963 بما جعلها دون حد الإعفاء، ومن ثم فلا مصلحة للطاعنة في الطعن في هذا الشق من قضاء الحكم.
2 - مؤدى ما نصت عليه المواد 12، 16، 19، 20 من القانون رقم 99 سنة 1949 بفرض ضريبة عامة على الإيراد - بعد تعديله بالقانون رقم 254 سنة 1953 وقبل تعديله بالقانون رقم 75 سنة 1969 والقانون رقم 46 سنة 1978 والمادتين 6، 9 من اللائحة التنفيذية لذلك القانون، أن المشرع فرق بين إجراءات ربط ضريبة الإيراد العام التي تتبع بالنسبة للمولين الذين يتقدمون بإقراراتهم في الميعاد ومن تلك التي يجب اتباعها في خصوص الممولين الذين لم يتقدموا بإقراراتهم أو قدموها بعد الميعاد، فأوجب على المصلحة إخطار أفراد الطائفة الأولى على النموذج رقم "5" بالعناصر التي تراها أساساً لربط الضريبة عليهم، ثم إخطارهم على النموذج رقم "6" بربط الضريبة، واكتفى بربط الضريبة على أرباب الطائفة الثانية مباشرة مع إرسال تنبيه إليهم بموجب كتاب موصى عليه بعلم الوصول لصدور الرد على النموذج رقم "8" متضمناً الضريبة المفروضة ووجوب أدائها وأنه لذلك لا يسوغ تطبيق الإجراءات المخصصة للممولين الذين يتقدمون بإقراراتهم في الميعاد على الممولين الذين لم يتقدموا بإقراراتهم أو قدموها بعد الميعاد، ذلك أن التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة تعد من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز مخالفتها أو التنازل عنها ومن ثم فهي إجراءات ومواعيد حتمية ألزم الشارع مصلحة الضرائب بالتزامها وقدر وجهاً من المصلحة في اتباعها ورتب البطلان عن مخالفتها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر بالنسبة لسنوات 1957، 1958، 1959، 1964 فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله يكون على غير أساس.
(3) إخطار المأمورية للطاعنة على النموذج رقم 8 الذي شمل الربط عن سنة 1957 التي قدمت الطاعنة إقراراً عنها تزيد غير ذي أثر في خصوص الربط ذلك أن المأمورية سبق أن استوفت الإجراءات الصحيحة للتقدير والربط عن هذه السنة.
4 - تمسك الطاعنة بعدم تسلمها الإخطارات وعدم تقديم مصلحة الضرائب أعلامات الوصول الدالة على هذا التسليم لا يجدي، إذ أن ذلك ليس من شأنه أن يؤدي إلى بطلان الربط وإنما يقتصر أثره على مجرد فتح باب الطاعن للممول أمام اللجنة.
5 - لمحكمة الموضوع حق العدول عن استجواب الخصوم لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع أن تعدل عن إجراء الإثبات الذي أمرت به من تلقاء نفسها إذا وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها لحسم النزاع دون حاجة لتنفيذ هذا الإجراء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة قدمت إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراً بإيراداتها الخاضعة للضريبة على الإيراد العام عن سنة 1957 ولم تقديم إقراراً عن كل من السنوات السبع التالية وبتاريخ 20/ 3/ 1963 وجهت إليها المأمورية إخطاراً على النموذج رقم "5" بالعناصر التي ترى جعلها أساساً لربط الضريبة عليها عن سنة 1957، فاعترضت عليها في 23/ 4/ 1963. وأثبتت المأمورية بالملف الفردي الخاص بالطاعنة أنها وجهت إليها إخطاراً مماثلاً عن سنتي 1958، 1959 في 5/ 8/ 1963، وعن السنوات 1960، 1961، 1962 في 14/ 11/ 1964، وعن سنتي 1963، 1964 في 19/ 3/ 1966 وأن الطاعنة اعترضت في 1/ 9/ 1963 عن سنتي 1958، 1959. وربطت المأمورية الضريبة عليها ووجهت إليها إخطاراً بهذا الربط على النموذج رقم "6" في 23/ 11/ 1963 عن السنوات 1957، 1958، 1959 - فاعترضت عليه الطاعنة في 6/ 12/ 1963 - وعن السنوات 1960، 1961، 1962، في 20/ 5/ 1965، ثم وجهت إليها إخطاراً في 22/ 4/ 1966 على النموذج رقم "8" بالربط الذي ارتأته عن السنوات 1957، 1958، 1959، 1963، 1964. وإذ أوقعت المصلحة المطعون ضدها حجزاً إدارياً على الطاعنة في 15/ 8/ 1971 وفاءً لضريبة الإيراد العام المستحقة عليها عن السنوات من 1957 إلى 1964 بناءً على إجراءات التقدير والربط المشار إليها - باعتبار أن صافي إيرادها السنوي في تلك السنوات هو على التوالي 6485.220 جنيه، 6592.752 جنيه، 6592.752، ومبلغ 6542.752 جنيه عن كل من السنوات الباقية - طعنت الطاعنة على هذه الإجراءات أمام لجنة الطعن المختصة. وبتاريخ 24/ 9/ 1972 قررت اللجنة تخفيض تقديرات المأمورية إلى 5305.050 جنيه عن سنة 1957، 4953.957 جنيه عن سنة 1958، 3680.575 عن سنة 1959، 4043.636 عن سنة 1960 ولا شيء عن سنة 1961، 4037.900 عن سنة 1962، 74.538 عن سنة 1963، 3845.900 جنيه عن سنة 1964. أقامت الطاعنة على المصلحة المطعون ضدها الدعوى رقم 1202 لسنة 1972 ضرائب شمال القاهرة طعناً في قرار اللجنة طالبة الحكم بإلغائه وببطلان إجراءات التقدير والربط عن جميع سنوات المطالبة تأسيساً على عدم قيام المأمورية بإخطارها بالتعديلات والتقديرات التي ارتأتها طبقاً لما تقضي به المادة 20 من القانون رقم 99 لسنة 1949. ومحكمة أول درجة حكمت في 27/ 11/ 1975 بالطلبات. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 298 لسنة 94 ق القاهرة. ومحكمة الاستئناف حكمت في 27/ 4/ 1978 باستجواب الخصوم في بعض نقاط الدعوى. ثم حكمت في 19/ 2/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف. وتأييد قرار اللجنة لأسبابه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله. وفي بيان ذلك تقول أن الحكم خالف نص المادة 20 من القانون رقم 99 لسنة 1949 وتعديلاته التي تلزم مصلحة الضرائب - سواءً قدم الممول إقراره السنوي أو لم يقدمه - أن تقوم بإخطاره بعناصر ربط الضريبة وأن تدعوه لموافاتها كتابة بملاحظاته على ما أجرته من تصحيح أو تعديل أو تقدير وذلك خلال شهر من تسلمه الإخطار فإذا ما وافق ربطت المصلحة الضريبة على مقتضاه، يكون الربط غير قابل للطعن والضريبة واجبة الأداء. أما إذا لم يوافق الممول أو لم تقتنع المصلحة بملاحظاته ربطت الضريبة وفقاً لما استقر عليه رأيها وأخطرته بهذا بكتاب موصى عليه بعلم الوصول وحددت له شهراً لقبوله أو الطعن فيه أمام اللجنة طبقاً للأوضاع المقررة بالمادة 52 من القانون رقم 14 لسنة 1939 وهو ما يفيد أن الإخطار في هذه المراحل جميعها على النموذجين "5"، "6" أو على النموذج "8" هو من الإجراءات الحتمية سواءً قدم الممول إقراره السنوي أو لم يقدمه. وإذ كان الثابت من الملف الفردي أن المأمورية تخلفت عن إخطار الطاعنة على هذا الوجه بالنسبة لجميع سنوات النزاع وهو ما سجلته ضمناً لجنة الطعن حين قررت أن الملف غير مرفق به إعلامات الوصول الدالة على تسلم الطاعنة للإخطارات. فإن إجراءات التقدير والربط تكون قد وقعت باطلة. ولا يجدي المصلحة الزعم بتمام الإخطار دون أن تقدم علم الوصول الدال عليه ومن ناحية أخرى فإن الحكم المطعون فيه شابه البطلان إذ لم يلتزم بما قررته محكمة الاستئناف بهيئة سابقة من استجواب الخصوم.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه عن سنتي 1961، 1963، وذلك أن قرار اللجنة الذي أيده الحكم لأسبابه قدر إيرادات الطاعنة عن سنة 1961 بلا شيء وعن سنة 1963 بما جعلها دون حد الإعفاء. ومن ثم فلا مصلحة للطاعنة في الطعن على هذا الشق من قضاء الحكم.
وحيث إنه بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه عن السنوات 1957، 1958، 1959، 1964 فإن النعي عليه بما ورد بسبب الطاعن في غير محله، ذلك أن مؤدى نصوص المواد 12، 16، 19، 20 من القانون رقم 99 سنة 1949 بفرض ضريبة عامة على الإيراد - بعد تعديله بالقانون رقم 254 لسنة 1953، وقبل تعديله بالقانون رقم 75 سنة 1969 والقانون رقم 46 سنة 1978 والمادتين 6، 9 من اللائحة التنفيذية لذلك القانون، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع فرق بين إجراءات ربط ضريبة الإيراد العام التي تتبع بالنسبة للمولين الذين يتقدمون بإقراراتهم في الميعاد وبين تلك التي يجب اتباعها في خصوص الممولين الذين لم يتقدموا بإقراراتهم أو قدموها بعد الميعاد، فأوجب على المصلحة إخطار أفراد الطائفة الأولى على النموذج رقم "5" بالعناصر التي تراها أساساً لربط الضريبة عليها ثم إخطارهم على النموذج رقم "6" بربط الضريبة، واكتفى بربط الضريبة على أرباب الطائفة الثانية مباشرة مع إرسال تنبيه إليهم بموجب كتاب موصى عليه بعلم الوصل بصدور الورد على النموذج رقم "8" متضمناً الضريبة المفروضة ووجوب أدائها، وأنه لذلك لا يسوغ تطبيق الإجراءات المخصصة للممولين الذين يتقدون بإقراراتهم في الميعاد على الممولين الذين لم يتقدموا بإقراراتهم أو قدموها بعد الميعاد، ذلك أن التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة تعد من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز مخالفتها أو التنازل عنها، ومن ثم فهي إجراءات ومواعيد حتمية ألزم الشارع مصلحة الضرائب بالتزامها وقدر وجهاً من المصلحة في اتباعها ورتب البطلان عن مخالفتها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر بالنسبة لسنوات 1957، 1958، 1959، 1964 فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله يكون على غير أساس. ولا يغير من ذلك أن إخطار المأمورية للطاعنة في 22/ 4/ 1966 على النموذج رقم "8" شمل الربط عن سنة 1957 التي قدمت الطاعنة إقراراً عنها، ذلك أن المأمورية - وعلى ما سلف - سبق أن استوفت الإجراءات الصحيحة للتقدير والربط عن هذه السنة مما مؤداه أن الإخطار الأخير كان تزيداً وغير ذي أثر في هذا الخصوص، ولا يجدي الطاعنة التمسك بعدم تسلمها الإخطارات المشار إليها وعدم تقديم مصلحة الضرائب إعلامات الوصول الدالة على هذا التسليم، إذ ذلك ليس من شأنه أن يؤدي إلى بطلان الربط وإنما يقتصر أثره على مجرد فتح باب الطعن للممول أمام اللجنة. ولا على الحكم المطعون فيه إذ عدل عن استجواب الخصوم ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع أن تعدل عن إجراء الإثبات الذي أمرت به من تلقاء نفسها إذا وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها لحسم النزاع دون حاجة لتنفيذ هذا الإجراء.
وحيث إنه عن قضاء الحكم المطعون فيه بالنسبة لسنتي 1960، 1962 فلما كان الثابت من مدونات ذلك الحكم - وعلى ما سلف البيان - أن الطاعنة لم تقدم إقراراً عن أي من هاتين السنتين، وأن المأمورية ربطت الضريبة عنهما طبقاً للإجراءات المخصصة للمولين الذين تقدموا بإقراراتهم في الميعاد، فإن إجراءات هذا الربط تكون - على ما تقدم - قد وقعت باطله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد قرار لجنة الطاعن الذي بني على هذه الإجراءات فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله يكون في محله بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلغاء قرار لجنة الطعن بالنسبة لتقديراتها عن صافي إيراد الطاعنة في سنتي 1960، 1962، وبطلان الربط عنهما مع إلزام الطرفين بالمصروفات المناسبة عن درجتي التقاضي.