أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 512

جلسة 21 من فبراير سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة وسعد بدر، مدحت المراغي وعبد النبي غريب.

(97)
الطعن رقم 1083 لسنة 50 القضائية

(1) التزام. بيع. عقد.
الالتزام بتسليم المبيع. واجب على البائع ولو لم ينص عليه العقد أو كان الثمن مؤجلاً - الاستثناء - اتفاق الطرفين على غير ذلك. م 431 مدني.
(2، 3) التزام "الإيداع". بيع.
(2) الإيداع المعلق على شرط يحق للمدين فرضه. صحيح.
(3) وفاء المدين بدينه عن طريق إيداعه مباشرة دون عرضه على الدائن. شرطه. وجود أسباب جدية تبرر ذلك. مثال. مطالبة المدين بالتزام مقابل لم يتيسر له استبقاؤه قبل تنفيذ التزامه.
(4) دعوى "الطلبات في الدعوى". محكمة الموضوع. اختصاص.
محكمة الموضوع. اختصاصها بالطلب التبعي المرفوع مع الطلب الأصلي في اختصاصها. مثال. الحكم بصفة مستعجلة بالطرد من العين المبيعة والتسليم وفي الموضوع بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع التداعي. النعي على الحكم بمخالفة قواعد الاختصاص النوعي بقضائه بالتسليم. غير صحيح.
(5) عقد. بيع.
بيع الأراضي الزراعية بقصد إقامة مباني. صحيح. إقامة المباني والمنشآت في الأرض الزراعية. حظره. م 107 مكرر من القانون 53/ 1966 الخاص بالزراعة.
1 - المقرر وفقاً لنص المادة 431 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الالتزام بالتسليم من الالتزامات الأصلية التي تقع على عاتق البائع ولو لم ينص عليه في العقد وهو واجب النفاذ بمجرد تمام البيع ولو كان الثمن مؤجلاً ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.
2 - المقرر أنه لا يؤثر في صحة الإيداع أن يكون معلقاً على شرط يكون للمدين الحق في فرضه ولا يتنافى مع طبيعة الوفاء بالالتزام.
3 - النص في المادة 338 من القانون المدني على أنه "لا يجوز للمدين الوفاء بدينه عن طريق إيداعه مباشرة دون عرضه على الدائن إذا كانت هناك أسباب جدية تبرر ذلك "وعلى ما صرحت به المذكرة الإيضاحية على أنه من بين هذه الأسباب حالة إذا كان المدين يطالب بالتزام مقابل لم يتيسر له استيفاؤه قبل تنفيذ التزامه.
4 - المقرر أن محكمة الموضوع تختص بالطلب التبعي المرفوع إليها مع الطلب الأصلي الداخل في اختصاصها، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده طلب الحكم بصفة مستعجلة بطرد الطاعن من العين المبيعة وتسليمها إليه وفي الموضوع بصحة نفاذ عقد البيع موضوع التداعي فإن الطلب المستعجل بشقيه يكون داخلاً في اختصاصها باعتباره تابعاً للطلب الأصلي الذي تختص به وإذ قضت المحكمة الابتدائية بإجابة المطعون ضده إلى طلباته في الشق المستعجل، وكان الحكم المطعون فيه قد أيدها في هذا الشق فإنه لا يكون قد خالف قواعد الاختصاص.
5 - المادة 107 مكرر من القانون رقم 53 لسنة 1966 - المعدل - تنص على أنه "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأرض الزراعية إلا بإذن من وزارة الزراعة - "مما مفاده أن الحظر مفروض على إقامة المباني والمنشآت في الأراضي الزراعية، أما بيع تلك الأراضي ولو كان بقصد إقامة مباني فلا يشمله وفقاً لصريح عبارة النص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم 1 لسنة 1978 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بصفة مستعجلة بطرد الطاعن من الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتسليمها إليه وفي الموضوع بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 8/ 7/ 1975 الصادر له عنها من الطاعن وقال في بيان ذلك أنه اشترى هذه الأرض من الطاعن بموجب العقد المذكور لقاء ثمن قدره 18000 جنيه سدد منه عند التعاقد مبلغ 6000 جنيه على أن يسدد الباقي على أربعة أقساط قيمة كل منها ثلاثة آلاف جنيه تدفع على التوالي في 1/ 1/ 1976، 1/ 7/ 1976، 1/ 1/ 1977، 1/ 7/ 1977 على أن يتم تحرير العقد النهائي بعد سداد كامل الثمن ورغم النص في العقد على أنه تسلم العقار المبيع فعلاً إلا أن الطاعن قام رغم ذلك بزراعتها وامتنع عن إخلائها وردها إليه فأقام دعواه، وكان الطاعن قد أقام الدعوى رقم 6569 سنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المذكور وما يترتب على ذلك من آثار بمقولة أن المطعون ضده لم يدفع له من باقي الثمن إلا مبلغ 1020 جنيه وأنه توقف عن الدفع رغم إنذاره رسمياً مما يحق له طلب فسخه عملاً بالمادة 157 من القانون المدني، وبعد ضم الدعوتين قضت محكمة الدرجة الأولى بإجابة المطعون ضده إلى طلبه المستعجل وفي موضوع الدعويين برفضهما. واستأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين 111، 235 سنة 97 ق القاهرة، وبعد ضمهما حكمت المحكمة برفض الاستئناف رقم 911 سنة 97 ق وفي الاستئناف رقم 235 سنة 97 ق بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 8/ 7/ 1975 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطاعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أنه رغم أن الثابت من البنود الأول والسادس والتاسع من عقد البيع المؤرخ 8/ 7/ 1975 والإقرار المحرر في ذات التاريخ والموقع عليه من الطاعن أن التسليم المتفق عليه ليس هو التسليم الفعلي والمادي للعقار المبيع - بل التسليم الحكمي وهو ما أوفى به الطاعن فعلاً بتسليم المطعون ضده مستندات الملكية ويحق له بالتالي وإزاء عدم قيام المطعون ضده بسداد أقساط باقي الثمن في مواعيد استحقاقها - مع حبس التسليم الفعلي المطالبة بفسخ العقد دون الاعتداد بالإيداع المشروط والباطل لباقي الثمن الذي تم أثناء نظر الدعوى وإذ ذهب الحكم رغم ذلك إلى اعتبار هذا الإيداع مبرئاً لذمة المطعون ضده من باقي الثمن وأن الطاعن لم يوف التزامه بالتسليم الفعلي للعين المبيعة ملتفتاً بذلك عما تمسك به من قيام حقه في الفسخ ليخلص من كل هذا إلى القضاء برفض دعوى الفسخ وبصحة ونفاذ العقد موضوع التداعي فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر وفقاً لنص المادة 431 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الالتزام بالتسليم من الالتزامات الأصلية التي تقع على عاتق البائع ولو لم ينص عليه في العقد وهو واجب النفاذ بمجرد تمام البيع ولو كان الثمن مؤجلاً ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استخلص - وفي حدود ما لمحكمة الموضوع من سلطة في تفسير بنود العقد واستظهار نية طرفيه أنهما قد اتفقاً على تسليم العين المبيعة تسليماً فعلياً لا حكمياً عند تحرير العقد دون انتظار لسداد باقي الثمن، وإذ كان ما استخلصه من ذلك سائغاً ومتفقاً مع المعنى الذي تحمله عبارات العقد ونية عاقديه ودون - ما تعارض مع ما جاء بالإقرار المنسوب صدوره من المطعون ضده ما دامت العبرة بتسليم المبيع بالحالة التي كان عليها وقت البيع وإذ خلص الحكم من ذلك إلى أن الطاعن قد نكل عن الوفاء بالتزامه بتسليم العين المبيعة ورتب عليه حق المطعون ضده في إيداع باقي الثمن مشروطاً بتسليم المبيع ونقل ملكيته إليه وهو ما بني عليه قضاءه بصحة ونفاذ عقد البيع ورفض طلب فسخه فإن النعي عليه بما ورد في هذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالأسباب الثالث والرابع والخامس الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن إيداع الباقي من الثمن غير مبرئ لذمة المطعون ضده من التزامه بشأنه، ذلك أنه وقد اشترط ألا يصرف إلا بعد التوقيع على العقد النهائي وصدور حكم بات بصحة التعاقد فإنه يكون قد خالف نصوص العقد وما هو مقرر من أن الأحكام تحوز قوة الأمر المقضي بمجرد صيرورتها نهائية هذا فضلاً عن ثبوت بطلان الإيداع المذكور لحصوله دون عرض سابق ولعدم إعلان الطاعن به في خلال ثلاثة أيام من حصوله وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذه الأوجه الجوهرية من الدفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته غير سديد ذلك أنه من المقرر أنه لا يؤثر في صحة الإيداع أن يكون معلقاً على شرط يكون للمدين الحق في فرضه ولا يتنافى مع طبيعة الوفاء بالالتزام،
كما أن النص في المادة 338 من القانون المدني على أنه "يجوز للمدين الوفاء بدينه عن طريق إيداعه مباشرة دون عرضه على الدائن إذا كانت هناك أسباب جدية تبرر ذلك" يدل وعلى ما صرحت به المذكرة الإيضاحية على أنه من بين هذه الأسباب حالة إذا كان المدين يطالب بالتزام مقابل لم يتيسر له استيفاؤه قبل تنفيذ التزامه، لما كان ذلك وكان البين من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أورد "أن الثابت من صورة محضر الإيداع المؤرخ 6/ 5/ 1979 أن المشتري قد أودع مبلغ 10980 جنيه لذمة البائع لا يتم إلا بعد تسليم العقار والتوقيع على عقد البيع النهائي "وكان كل من هذين الشرطين يمثل التزاماً مقابلاً لم يتيسر للمشتري المودع - المطعون ضده - استيفاءه قبل تنفيذ التزامه بدفع باقي الثمن لما سلف بيانه في الرد على السببين السابقين وكان الطاعن لم يقدم مع هذا صورة رسمية من محضر الإيداع للوقوف على أنه قد تضمن شرط عدم الصرف إلا بعد صدور حكم بات وأنه قد خلا من إعلانه بالإيداع خلال المدة القانونية فإن الإيداع الذي تم يكون مبرئاً لذمة المودع من التزامه بدفع باقي الثمن ومبرءاً بالتالي من عبء البطلان وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ولا عليه بعد ذلك إذ حسبه أن تكون الحقيقة التي اقتنع بها وأقام عليها قضاءه كافية لحمله وفيها الرد الضمني المسقط لما عداه ومن ثم يكون النعي بما ورد في هذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي قضى بصفة مستعجلة بطرده من الأرض موضوع النزاع وتسليمها للمطعون ضده بالحالة التي كانت عليها وقت البيع ورغم تمسكه بأن القضاء المستعجل لا يختص نوعياً بطلب التسليم وإنما يختص فقط بالإجراءات الوقتية فإن الحكم المطعون قد قضى بتأييد الحكم المستأنف بما يعيبه بمخالفة قواعد الاختصاص.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر أن محكمة الموضوع تختص بالطلب التبعي المرفوع إليها مع الطلب الأصلي الداخل في اختصاصها وإذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده طلب الحكم بصفة مستعجلة بطرد الطاعن من العين المبيعة وتسليمها إليه وفي الموضوع بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع التداعي فإن الطلب المستعجل بشقيه يكون داخلاً في اختصاصها باعتباره تابعاً للطلب الأصلي الذي تختص به وإذ قضت المحكمة الابتدائية بإجابة المطعون ضده إلى طلباته في الشق المستعجل، وكان الحكم المطعون فيه قد أيدها في هذا الشق فإنه لا يكون قد خالف قواعد الاختصاص ويكون النعي عليه بذلك بالخطأ في تطبيق القانون غير صحيح.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب السابع الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك أن العقار المبيع عبارة عن أرض فضاء زراعية وأن المشتري تعهد بعدم إقامة مباني ومنشآت عليها إلا بعد دفع الباقي من الثمن مما يفيد أن الدافع إلى إبرام العقد هو إنشاء مبان على تلك الأرض يتنافى مع أحكام القانون رقم 53 لسنة 1966 الخاص بالزراعة الذي نص في المادة 107 مكرر أ، ب منه المضافة بالقانون 59 لسنة 1973 على حظر إقامة مبان أو منشآت في الأرض الزراعية إلا بإذن من وزارة الزراعة مع معاقبة المخالف بالحبس أو الغرامة بما يترتب عليه بطلان العقد بطلاناً مطلقاً، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود إذ أن المادة 107 مكرر من القانون رقم 53 لسنة 1966 - المعدل - تنص على أن "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأرض الزراعية إلا بإذن من وزارة الزراعة...." مما مفاده أن الحظر مفروض على إقامة المباني والمنشآت في الأراضي الزراعية أما بيع تلك الأراضي ولو كان بقصد إقامة مباني فلا يشمله وفقاً لصريح عبارة النص، ومن ثم فإن تمسك الطاعن ببطلان العقد لهذا السبب يكون في غير محله وبالتالي فلا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الدفاع ولم ترد عليه باعتباره دفاعاً غير جوهري ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.