أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 536

جلسة 22 من فبراير سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جهدان حسين عبد الله، وماهر قلادة واصف، مصطفى زعزوع وحسين علي حسين.

(102)
الطعن رقم 753 لسنة 47 القضائية

1 - إيجار "إيجار الأماكن". "التنازل عن الإيجار" "المنشأة الطبية".
مستأجر المنشأة الطبية. حقه في التنازل عنها لطبيب مرخص بمزاولة المهنة ولو اعترض المؤجر أثر التنازل. بقاء عقد الإيجار قائماً ومستمراً لصالح المتنازل إليه م 5 ق 51 لسنة 1981.
2 - قانون "سريان القانون من حيث الزمان". نظام عام. نقض "السبب غير منتج". تعلق النص القانوني بالنظام العام. أثره. انطباق حكمه بأثر فوري.
3 - نقض "أسباب الطعن بالنقض".
المصلحة النظرية البحتة عدم صلاحيتها لأن تكون سبباً للطعن بالنقض. (مثال: بشأن التنازل).
1 - صدور القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية المعمول به ابتداءً من 26/ 9/ 1981 إذ نصت مادته الأولى على أنه. في تطبيق أحكام هذا القانون تعتبر منشأة طبية كل مكان أعد للكشف على المرضى أو علاجهم أو تمريضهم أو إقامة الناقهين وتشمل ما يأتي "أ" العيادة الخاصة وهي كل منشأة يملكها أو يستأجرها ويديرها طبيب..." وإذ نصت مادته الخامسة على أنه "لا ينتهي عقد إيجار المنشأة الطبية بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال ويجوز له ولورثته من بعده التنازل عنها لطبيب مرخص له بمزاولة. المهنة وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين". مما دلالته أنه لمستأجر المنشأة الطبية ولورثته من بعده التنازل عنها في أي وقت لطبيب وينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر، فيظل عند إيجار المنشأة قائماً ومستمراً لصالح المتنازل له تغليباً للصالح العام على المصلحة الخاصة للمؤجر إذ حرص المشرع على الإبقاء على المنشئات الطبية حتى لا يتأثر نشاطها بوفاة صاحبها أو تنازله عنها لكي تستمر في أداء الخدمات الطبية للمواطنين وهو اعتبار متعلق بالنظام العام لتجريم مخالفته بنص المادة 16 من ذات القانون.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون الجديد المتعلق بالنظام العام يسري ويطبق بأثر مباشر على المراكز القانونية القائمة ولو كانت ناشئة في تاريخ سابق على نفاذه.
3 - لما كان المطعون ضده الأول - المتنازل إليه عن شقة النزاع - طبيباً يمارس مهنة الطب، فإنه عملاً بأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 آنفة البيان يضحى التنازل إليه عن إيجار هذه الشقة بمناسبة شرائه العيادة الطبية التي أنشأها فيها الطبيب المستأجر مورث المطعون ضدها الثانية تنازلاً مشروعاً رغم عدم الإذن الكتابي به المؤجرة الطاعنة فلا يصلح سبباً للحكم بإخلاء عين النزاع وهو ما سوف تلتزم به محكمة الاستئناف مكررة به من جديد قضاءها بالحكم المطعون فيه إذا ما نقض الأخير وأحيلت إليها الدعوى ومن ثم كان الطعن الحالي - لما سبق لا يحقق للطاعنة إلا مصلحة نظرية بحتة لا يقوم عليها طعن ما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1222 سنة 1975 مدني الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضدها للحكم بإخلاء شقة النزاع قولاً منها أن المرحوم الدكتور..... - مورث المطعون ضدها الأولى - استأجر الشقة المذكورة بالعقد المؤرخ 14/ 3/ 1946 لاستعمالها عيادة طبية له، ورغم انتهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر، باع نصفي تركته العيادة للطبيب المطعون ضده الأول كما تنازل له عن الإيجار بغير إذن من الطاعنة وهو ما يرتب لها الحق في الإخلاء - دفع المطعون ضدهما بأن أولهما طبيب يمارس الطب في ذات تخصص المستأجر - قضت المحكمة بالإخلاء استأنف المطعون ضده الأول الحكم بالاستئناف رقم 64 سنة 32 ق الإسكندرية كما استأنفته المطعون ضدها الثانية بالاستئناف رقم 82 سنة 32 ق. ضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 19/ 3/ 1977 قضت المحكمة بإلغاء الحكم ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة على الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله. والفساد في الاستدلال والتعاتر والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على اعتبار أن العيادة الطبية متجر يجوز مع بيعها إبقاء عقد الإيجار لصالح مشتريها عملاً بالمادة 594/ 2 من القانون المدني مع أن ممارسة الطب مهنة تقوم أساساً على النشاط الذهني ولا تدر على ممارستها ربحاً بالمعنى المعروف في القانون التجاري وإنما يتقاضى أجراً عما يبذله فيها من جهد، كما أن الحكم حاج الطاعنة بصور ضوئية لبعض الأوراق التي جحدتها واتخذ من إجرائها - كمالكة - بعض الترميمات الضرورية اللازمة لبقاء المبنى دليلاً على قبولها التأجير والتنازل لوقوع الترميمات في شقة النزاع، وكذلك أعراض عن دفاع جوهري للطاعنة إذ أنها تمسكت بانتهاء عقد إيجار عين النزاع بوفاة مستأجرها الطبيب وإحجام ورثته عن استغلالها كعيادة، وإذ انقضى العقد فلا يرد عليه تنازلها ولم يرد الحكم بشيء على هذا الدفاع.
وحيث إنه ولئن كان هذا النعي صحيحاً، إلا أنه غير مقبول، إذ أضحى غير منتج بعد صدور القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية المعمول به ابتداءً من 26/ 9/ 1981 إذ نصت مادته الأولى على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون تعتبر منشأة طبية كل مكان اعد للكشف على المرضى أو علاجهم أو تمريضهم أو إقامة الناقهين وتشمل ما يأتي "أ" العيادة الخاصة وهي كل منشأة يملكها أو يستأجرها ويديرها طبيب..." - وإذ نصت مادته الخامسة على أنه: "لا ينتهي عقد إيجار المنشأة الطبية بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال، ويجوز له ولورثته من بعده التنازل عنها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة، وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين". مما دلالته أنه لمستأجر المنشأة الطبية ولورثته من بعده التنازل عنها في أي وقت لطبيب وينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر، فيظل عقد إيجار المنشأة قائماً ومستمراً لصالح المتنازل له تغليباً للصالح العام على المصلحة الخاصة للمؤجر إذ حرص المشرع على الإبقاء على المنشات الطبية حتى لا يتأثر نشاطها بوفاة صاحبها أو تنازلها عنها لكي تستمر في أداء الخدمات الطبية للمواطنين، وهو اعتبار متعلق بالنظام العام لتجريم مخالفته بنص المادة 16 من ذات القانون، والمقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون الجديد المتعلق بالنظام العام يسري ويطبق بأثر مباشر على المراكز القانونية القائمة ولو كانت ناشئة في تاريخ سابق على نفاذه لما كان ذلك، وكان للمطعون ضده الأول - المتنازل إليه عن شقة النزاع - طبيباً يمارس مهنة الطب فإنه عملاً بأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 آنفة البيان يضحى التنازل إليه عن إيجار هذه الشقة بمناسبة شرائه العيادة الطبية التي أنشأها فيها الطبيب المستأجر مورث المطعون ضدها الثانية تنازلاً مشروعاً رغم عدم الإذن الكتابي به من المؤجرة الطاعنة فلا يصلح سبباً للحكم بإخلاء عين النزاع وهو ما سوف تلتزم به محكمة الاستئناف مكررة به من جديد قضاءها بالحكم المطعون فيه إذا ما نقض الأخير وأحيلت إليها الدعوى ومن ثم كان الطعن الحالي لما سبق لا يحقق للطاعنة إلا مصلحة نظرية بحتة لا يقوم عليها طعن ما. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.