أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 671

جلسة 13 من مارس سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جلال الدين أنسى نائب رئيس المحكمة، هاشم قراعة، مرزوق فكري، واصل علاء الدين.

(126)
الطعن رقم 47 لسنة 52 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "الشهادة: التطليق للضرر".
الشهادة بالتسامع. لا تقبل شرعاً في إثبات أو نفي وقائع الإضرار المبيحة للتطليق للضرر.
(2) محكمة الموضوع "مسائل الإثبات" "بحث الدلائل والمستندات".
لقاضى الموضوع سلطة تامة في بحث الدلائل والمستندات، وترجيح ما يطمئن إليه، واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى، دون رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشهادة بالتسامع لا تقبل شرعاً في إثبات أو نفي وقائع الأضرار المبيحة لتطليق الزوجة على زوجها.
2 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً مما له أصل ثابت في الأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق. تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 263/ 1980 أحوال شخصية كلي شمال القاهرة للحكم بتطليقها على المطعون ضده طلقة بائنة، وقالت شرحاً لها أنه تزوجها بتاريخ 9/ 11/ 1978 ولم يدخل بها وإذ تضررت من هجره لها فضلاً عن اعتدائه عليها بالضرب والسب بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما فقد أقامت الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 2/ 1/ 1982 بتطليق الطاعنة على المطعون ضده طلقة بائنة. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 54/ 99 ق القاهرة وبتاريخ 18/ 5/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه البطلان لخلوه من تاريخ إصداره.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه ذيل بتاريخ إصداره وهو 18/ 5/ 1982 ووقع على هذا البيان من رئيس الدائرة وأمين السر.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بما للشكاوى الإدارية الثلاث المقدمة منها ضد المطعون عليه من دلالة على اعتدائه عليها بالضرب والسب وبأن المسكن الذي أنذرها فيه لا وجود له واستدلت على ذلك بما تضمنته صحيفة الاستئناف من إقامته في منزل أسرته، وأنه على فرض وجود ذلك السكن فإن إعداده بعد إقامة دعواها لا أثر له في توافر موجب التطليق من تضررها لعدم الدخول بها وهجرها منذ الزواج، إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع الجوهري وأغفل دلالة ما ساقته من قرائن في هذا الخصوص مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشهادة بالتسامع لا تقبل شرعاً في إثبات أو نفي وقائع الأضرار المبيحة لتطليق الزوجة على زوجها وأن لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً مما له أصل ثابت في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على قوله ".... أن الشاهد الثاني لم يشهد واقعة اعتداء المستأنف على المستأنف ضدها وقتذاك وإنما جاءت شهادته سماعية نقلاً عنها عندما أورت له أنها في طريقها إلى القسم للإبلاغ عن اعتداء وقع عليها من المستأنف. ومن ثم فإن الشهادة التي تقدمت من جانب المستأنف ضدها تكون قاصرة لم تبلغ النصاب المقرر شرعاً. ومن ثم فإن المحكمة لا تعول على تلك البينة الناقصة وتلتفت عنها. وتكون المستأنف ضدها عاجزة عن إثبات دعواها بهذا الطريق. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن المحكمة لاحظت في المستندات التي قدمت أمام محكمة أول درجة وثبتت تفصيلياً بأسباب حكمها أن المستأنف تقدم بصورة ضوئية لإنذار معلن للمستأنف ضدها في 13/ 2/ 1980 يدعوها فيه بالدخول في طاعته بالمسكن المعد لهذا الغرض بناحية وراق الحضر مركز إمبابة. ولا شك أن الفترة من وقت العقد الحاصل في 9/ 11/ 1978 حتى الإنذار في 13/ 2/ 1980 ليست بعيدة الأمد إنما تتفق وتعذر وجود المسكن وما يعانيه الأفراد من صعوبة في هذا المضمار فضلاً عن أن المستأنف ضدها لم تعترض على هذا الإنذار... وكان يبين من هذا الذي أورده الحكم أنه واجه دفاع الطاعنة فأطرح ما قدمته من بينة لعدم توافر نصابها الشرعي واستخلص بأسباب سائغة أن عدم دخول المطعون عليه بها في الفترة التي استغرقها إعداد مسكن الزوجية كان له ما يبرره ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى لانتفاء الضرر الموجب للتطليق، فإن المحكمة متى أقامت بذلك الحقيقة التي استخلصتها على ما يقيمها لا تكون بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة وترد عليها استقلالاً، لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالقصور يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.