أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 675

جلسة 13 من مارس سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جلال الدين أنسى نائب رئيس المحكمة، هاشم قراعة، مرزوق فكري، واصل علاء الدين.

(127)
الطعن رقم 6 لسنة 53 القضائية "أحوال شخصية"

(1) دفع "الدفع بعدم الدستور". نظام عام. نقض.
الدفع بعدم الدستورية. غير متعلق بالنظام العام. أثره. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) أحوال شخصية "الشهادة" "التطليق للضرر".
الشهادة بالتسامع لا تقبل في حالة التطليق للضرر. وفقاً للراجح في فقه الحنفية.
1 - الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع.
2 - الراجح في فقه الحنفية الواجب الرجوع إليه في نطاق الدعوى عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن شهادة التسامع لا تقبل إلا في بعض الأحوال وليس منها التطليق للضرر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.... والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 713 سنة 1980 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة، وقالت بياناً لدعواها أنها زوجته بصحيح العقد وما زالت في عصمته وطاعته ورغم استمرار زواجها سنوات عديدة إلا أن الخلاف دب بنيهما بعد وفاة والدها في سنة 1976 لما دخل نفسه من الطمع فيما آل إليها من ميراث فدأب على التعدي عليها بالضرب والسب مما تضررت منه واستحال معه دوام العشرة بينهما ومن ثم فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 23/ 6/ 1981 بطلبات المطعون عليها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 333 لسنة 98 ق القاهرة وفي 22/ 11/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن المحكمة رفضت طلبه بعث حكمين للإصلاح بينه وبين المطعون عليها استناداً إلى نص المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 التي قيدت بعث الحكمين بتكرار شكوى الزوجة وعجزها عن إثبات الأضرار المبيحة للتطليق وذلك على الرغم من أن هذا القيد غير دستوري لأن أحكام الشريعة الإسلامية - وهي المصدر الرئيسي للتشريع طبقاً للمادة الثانية من الدستور - أوجبت التحكيم مطلقاً عند الشقاق بين الزوجين.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 قد اختصت هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح، وكان النص في المادة 29 من هذا القانون على أن: "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: ( أ )...... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام أحدى المحاكم.... بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة..... أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن" مفاده أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع، وكان البين من الأوراق أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 فيما تضمنه من قصر اللجوء إلى التحكيم على حالة تكرار شكوى الزوجة وعجزها عن إثبات الضرر المبيح للتطليق، فإن النعي على الحكم تطبيقه على الدعوى نصاً مخالفاً للدستور - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم أقام قضاءه بثبوت الضرر الموجب للتفريق على سند مما شهد به شهود المطعون عليها من إساءته إليها بالضرب والسب على الرغم من أن أولهم انفرد بالقول برؤيته يعتدي عليها بالضرب ولم يشاركه زميلاه الشهادة على هذه الواقعة كما جاءت شهادتهما على سائر وقائع الإضرار المدعى بها سماعية فلا تقبل شرعاً وبالتالي لم يتوفر في الدعوى نصاب الشهادة على الضرر وهو رجلان أو رجل وامرأتان. هذا فضلاً عما أحاط بهؤلاء الشهود من أسباب التهمة مما كان يوجب رد شهادتهم وعدم التعويل عليها، كما التفت الحكم عن ما للمستندات المقدمة منه من دلالة على أن الإساءة كانت من جانب المطعون عليها مما يشوبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان الراجح في فقه الحنفية الواجب الرجوع إليه في نطاق الدعوى عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن شهادة التسامع لا تقبل إلا في بعض الأحوال وليس منها التطليق للضرر، ولئن كان البين من الأوراق أن أقوال الشاهدين الثاني والثالث من شهود الإثبات جاءت سماعية فلا تكون مقبولة مما لا يتوافر به نصاب الشهادة المقرر شرعاً في خصوص الوقائع المشهود عليها، إلا أنه لما كانت المطعون عليها قد ساقت بالإضافة إلى هذه الوقائع واقعة أخرى وهي تشهير الطاعن بها وطعنها في عرضها واستدلت عليها بما قدمته من مستندات، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اعتد بهذه الواقعة في توافر الأضرار الموجب للتطليق وأقام عليها قضاءه بقوله: "...... فضلاً عن أن البين من الأوراق أن المدعى عليه (الطاعن) رمى المدعى عليه (المطعون عليها) واتهمها في سلوكها وعرضها وعفتها بعد أن عين بالذات شخصاً قال أن المدعية على علاقة به... وكل من الزوجين مستواهما الاجتماعي مرتفع وبيئتهما طيبة ويعتبر ذلك إساءة بالغة للمدعية بما لا يليق بأمثالها ويكون المدعى عليه قد أضر بالمدعية ضرراً يبيح لها شرعاً أن تطلب التطليق... وكان هذا الذي أورده الحكم له أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه بالتطليق فإن تعييبه في الدعامة الأخرى المستمدة من أقوال شهود المطعون عليها يكون غير منتج. وإذ استوفى الحكم بذلك دليله على أن الإساءة كانت من جانب الطاعن وأقام قضاءه في هذا الخصوص على أسباب سائغة فيها الرد الضمني المسقط لما ساقه الطاعن من دفاع وقدمه من مستندات فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.