أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 614

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1961

برياسة السيد محمود القاضي المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.

(95)
الطعن رقم 122 لسنة 26 القضائية

( أ ) تقادم مكسب. التزام الضمان في البيع.
ليس في القانون ما يمنع البائع أو ورثته من كسب ملكية العين المبيعة بوضع اليد المدة الطويلة متى توافرت شروط التقادم المكسب قانوناً.
(ب) إعلان. أوراق المحضرين.
إغفال المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه يترتب عليه بطلان ورقة الإعلان.
1 - إن الأساس التشريعي للتملك بمضي المدة الطويلة هو قيام قرينة قانونية قاطعة على توافر سبب مشروع للتملك لدى واضع اليد. وليس في القانون ما يمنع البائع من كسب ملكية العين المبيعة بوضع اليد المدة الطويلة بعد البيع إذا ما توافرت لديه الشروط القانونية لهذا التملك وهو ما يتحقق به قيام السبب المشروع. ومن ثم فإن القول بأن تمسك ورثة البائع بهذه الملكية يعتبر تعرضاً من جانبهم لا يتفق وواجب الضمان المفروض عليهم قانوناً هو قول مخالف للقانون.
2 - الأصل في إعلان أوراق المحضرين وفقاً للمادتين 11 و12 مرافعات أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها للشخص نفسه أو في موطنه فإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه جاز أن تسلم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره، فإذا أغفل المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه فإنه يترتب على ذلك بطلان ورقة الإعلان طبقاً للمادة 24 مرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنين أقاموا الدعوى 29 سنة 1950 كلي مصر ضد المطعون عليهم وطلبوا الحكم بثبوت ملكيتهم إلى العقار الموضح بالصحيفة وإلغاء البيع الصادر من المطعون عليه الخامس عن نفسه وبصفته وكيلاً عن كل من أنيس يوسف الهنود وماري يوسف الهنود إلى المطعون عليه الأخير واعتباره كأن لم يكن ومحو كافة التسجيلات على العقار المذكور وقال الطاعنون شرحاً للدعوى إنه بمقتضى عقد مؤرخ في 22/ 3/ 1907 وثابت التاريخ في 18/ 4/ 1907 تحت رقم 6028 بمحكمة مصر المختلطة باع مورث المطعون عليهم عدا الأخير إلى مورثهم قطعة أرض فضاء مساحتها 603 م شيوعاً في 1207 م ثم ابتاع مورثهم أيضاً من نفس البائع القدر المكمل للقطعة كلها ووضع يده عليها وضعاً هادئاً مستمراً ظاهراً واستغلها بالتأجير للغير دون منازعة بيد أن التكليف ظل باسم البائع لإهمال التسجيل إلى أن عثر الورثة - الطاعنون - على العقد بعد وفاة مورثهم فحرروا عنه محضر إيداع رسمي بقلم رهون محكمة مصر المختلطة في 16/ 10/ 1947 وشهر تحت رقم 8434 إلا أن المطعون عليه الخامس تصرف للمطعون عليه الأخير في مقدار 494.40 متراً من القطعة المذكورة بمقتضى عقد بيع رسمي شهر تحت رقم 1895 سنة 1949 اعتماداً على أن التكليف ما زال باسم البائع. ومحكمة أول درجة حكمت في 3/ 1/ 1954 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضع يد الطاعنين ومورثهم من قبلهم على القدر المبيع بمقتضى العقد وعلى القدر الآخر وضعا مكسباً للملكية على أن يكون للمدعى عليه الأخير النفي. وبعد أن سمعت المحكمة الشهود حكمت في 16 مايو سنة 1954 برفض الدعوى تأسيساً على ثبوت الملكية للبائع وورثته بوضع اليد المدة الطويلة بالنسبة للقدر المبيع وعلى أن وضع يد المدعين على القدر الأخير لم يتأيد.
استأنف - الطاعنون - هذا الحكم بالاستئناف برقم 923 سنة 71 ق بمحكمة استئناف القاهرة طالبين الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وأصلياً ببطلان الحكم الابتدائي واحتياطياً بإلغائه بكامل أجزائه وأسسوا طلبهم الخاص ببطلان الحكم الابتدائي على قولهم إنه صدر في غيبة أحد المدعين - السيد أرنست شهاب - دون إعذاره وفي غيبة أحد المدعى عليهم - السيد نصري يوسف - دون إعذاره أيضاً. وفي الموضوع نعوا على الحكم المستأنف إهداره لعقد سنة 1907 وهو عقد ناقل للملك طبقاً لمادة 266 مدني قديم بالنسبة للقدر المبيع وبالنسبة للقدر الأخير نعوا عليه الأخذ بأقوال شهود المطعون عليه الأخير دون بيان لأساس الترجيح وقضت محكمة الاستئناف في 29 يناير سنة 1956 بقبول الاستئناف شكلاً وبرفض الدفع ببطلان الحكم المستأنف وفي موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وبتاريخ 8 مارس سنة 1956 قرر وكيل الطاعنين بالطعن بالنقض في هذا الحكم وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 23/ 10/ 1960 وبها صممت النيابة على رأيها المبدى في مذكرتها طالبة رفض الطعن فقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، ونظر الطعن بجلسة 12/ 10/ 1961 وفيها صممت النيابة على الدفع الذي أبدته في مذكرتها الأخيرة ببطلان إعلان المطعون عليها الثالثة لإعلانها في مواجهة ابنها دون أن يثبت المحضر غيابها وأصرت على رأيها المبدى بمذكرتها الأولى.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن الأصل في إعلان أوراق المحضرين وفقاً للمادتين 11 و12 من قانون المرافعات أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه فإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه جاز أن تسلم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره فإذا أغفل المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه فإنه يترتب على ذلك بطلان ورقة الإعلان طبقاً للمادة 24 من قانون المرافعات.
ولما كان يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أن المحضر إذ توجه لإعلان المطعون عليها الثالثة أعلنها مخاطباً مع أخيها الذي تسلم صورة الإعلان ولم يثبت في محضره عدم وجود المطلوب إعلانها فإنه يترتب على عدم مراعاة هذا الإجراء عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليها المذكورة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون في السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من ناحيتين الأولى - أنه بني قضاءه على جواز تملك البائع لمورث الطاعنين للعقار المبيع بالتقادم وفي هذا مجانبة للتطبيق القانوني السليم لأن الثابت أن مورث المطعون عليهم قد باع قطعة الأرض موضوع الدعوى لمورث الطاعنين بمقتضى عقد أصبح حجة على الكافة بإيداعه مكتب الشهر العقاري سنة 1947 الأمر الذي لا يقوم معه وضع يد المورث لأنه بائع ملتزم بضامن التعرض - كما أخطأ الحكم فيما يختص بتغيير السند حين قال أن التزام التسليم سقط بفوات 15 سنة تبدأ من 7/ 4/ 1907 دون المطالبة به وليس ثمة مانع من تحويل وضع يد البائع إلى وضع يد مقترن بنية التملك من 8/ 4/ 1922 اليوم التالي على سقوط التسليم ووجه الخطأ أن التزام التسليم ليس هو مناط الفصل في النزاع وإنما المناط هو الالتزام بالضمان.
والثانية - أن الحكم خالف المادة 972 مدني التي تقضي بأن ليس لأحد أن يكسب التقادم على خلاف سنده إلا إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل الغير أو بفعل منه يعتبر معارضة لحق المالك وذلك بفعل إيجابي يوجه من البائع ضد المشتري وليس للقاضي أن يحكم بحصول التغيير في سند الحيازة كما حدث من الحكم المطعون فيه بالرغم من خلو الأوراق من دليل عليه وبالرغم من عدم تعرض محكمة أول درجة له.
وحيث إن الأساس التشريعي للتملك بمضي المدة الطويلة هو قيام قرينة قانونية قاطعة على توافر سبب مشروع للتملك لدى واضع اليد وليس في القانون ما يمنع البائع من كسب ملكية العين المبيعة بوضع اليد المدة الطويلة بعد البيع إذا ما توافرت لديه الشروط القانونية لهذا التملك وهو ما يتحقق به قيام السبب المشروع وهذا ما جرى به قضاء هذه الحكمة ومن ثم كان القول بأن تمسك ورثة البائع بهذه الملكية يعتبر تعرضاً من جانبهم لا يتفق وواجب الضمان المفروض عليهم قانوناً هو قول مخالف للقانون، ولما كانت محكمة الموضوع قد حصلت تحصيلاً سائغاً في حدود سلطتها الموضوعية توافر الشروط القانونية لتملك البائع وورثته من بعده للعين موضوع النزاع بالمدة الطويلة وكان لا محل للاستناد للمادة 972 من القانون المدني المقابلة للمادة 79 من القانون المدني القديم الذي يحكم الواقعة لأنهما تعنيان الحيازة العارضة مما لا ينطبق على واقعة الدعوى فإن هذا النعي بشقيه يكون غير سديد.
وحيث أن الطاعنين ينعون في السببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه بطلانه إذ تمسكوا في الاستئناف ببطلان حكم محكمة أول درجة لعدم حضور الطاعن الأخير - أو من يمثله كما أنه لم يعذر طبقاً للمادة 94 مرافعات وكذلك لعدم إعذار المطعون عليه الخامس طبقاً للمادة 96 مرافعات ورغم تمسكهم بهذا البطلان فإن رد الحكم المطعون فيه جاء على خلاف الثابت بالأوراق التي خلت من الدليل على إعذار الطاعن الرابع ومن الدليل على سلامة إعلان المطعون ضده الخامس في المهجر في العنوان الذي حددته وزارة الخارجية اللبنانية حينما أعذر في لبنان كما لم تستظهر المحكمة الاستئنافية الدليل على صحة الإعذار والإعلان بالنسبة لهما الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور المبطل.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود بما أثبته الحكم المطعون فيه في أسبابه من أن المدعين (الطاعنين) في هذه الدعوى قد اتخذوا جميعاً محلاً مختاراً لهم بالقاهرة مكتب الأستاذ أيوب عبد الملك الذي حضر عنهم جميعاً بالجلسات وترافع عنهم وقدم المذكرات باسمهم وأن الحكم المستأنف أشار في ديباجته إلى اتخاذهم مكتب الأستاذ المترافع المذكور محلاً مختاراً للطاعنين.
وبما أثبته الحكم المطعون فيه أيضاً من أنه خلافاً لما ذهب إليه المستأنفون في صحيفتهم فإن السيد نصري يوسف قد تم إعذاره على وجه قانوني بتاريخ 27 يونيو سنة 1951 - ولما كان الطاعنون لم يقدموا ما يثبت مخالفة هذه الوقائع التي أثبتها الحكم للثابت بالأوراق فإن النعي يكون عارياً عن الدليل.