أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 705

جلسة 19 من مارس سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه وفهمي الخياط.

(134)
الطعن رقم 307 لسنة 47 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن: بيع الجدك".
بيع المتجر. م 594/ 2 ق مدني. مؤداه. حلول مشتري الجدك محل المستأجر الأصلي فيما له من حقوق وما عليه من التزامات ناشئة عن عقد الإيجار انتقال عقد الإيجار إلى المشتري محملاً بما قد يشوبه من أسباب الفسخ أو البطلان.
بيع المتجر وفق المادة 594/ 2 من القانون المدني من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ينقل حقوق المستأجر والتزاماته للمتنازل إليه بما في ذلك عقد الإيجار ويصبح بدوره مستأجراً مثله بموجب البيع ليحل مشتري الجدك محل المستأجر الأصلي فيما له من حقوق وما عليه من التزامات متولدة عن عقد الإيجار، ويكون للمؤجر التمسك قبله بالدفوع التي كان يحق له إبداؤها في مواجهة المستأجر الأصلي عند حصول التنازل وينقل عقد الإيجار إلى المشتري محملاً بما يشوبه من أسباب الفسخ أو البطلان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم..... سنة 1972 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعن والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإخلائهما من المحلات المبينة بالصحيفة وتسليمها إليه، وقال بياناً لها أنه بموجب عقدين مؤرخين في 1/ 7/ 1970 استأجر المطعون ضده الثاني دكانين ومخزناً لاستعمالهما في تخزين الحديد، ونص في البند الخامس من كل من العقدين على منع المستأجر من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار وقد فوجئ بالطاعن ينذره بتاريخ 13/ 8/ 1972 بأنه اشترى الورشة الكائنة بالعين المؤجرة بمحتوياتها شاملة الجدك والدكاكين الملحقة بها بموجب عقد ثابت التاريخ في 14/ 2/ 1972 ممن يدعى.... الذي اشتراها بدوره من المطعون ضده الثاني، وأن له الحق في الاستمرار بها كمستأجر للعين، ولما كانت شروط البيع بالجدك غير متوافرة فقد أقام دعواه بطلب الإخلاء للتنازل عن الإيجار بدون تصريح منه ولتغيير استعمال العين من مخزن حدايد إلى ورشة الآلات دون علمه وبتاريخ 10/ 2/ 1975 حكمت المحكمة بإخلاء العين المؤجرة المبينة بصحيفة الدعوى وعقدي الإيجار المؤرخين 1/ 7/ 1970 وتسليمها للمطعون ضده الأول. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم..... لسنة 92 ق القاهرة وبتاريخ 26/ 1/ 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه أسس دفاعه أمام محكمة الاستئناف على توافر شروط البيع بالجدك في خصوص العقد الصادر إليه بتاريخ 2/ 1/ 1972 والمصدق عليه في 14/ 2/ 1972 وبالتالي وجوب تطبيق حكم المادة 594/ 2 من القانون المدني التي توفر للمستأجر الحق في إبرام هذا البيع إلا أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ تأويل شروط هذه المادة وتحرى ضوابطها عندما استدل على انتفاء الضرورة التي اقتضت بيع المحل للطاعن من الفرق الكبير بين الثمن الذي اشترى به البائع للطاعن هذا المحل من المستأجر الأصلي (المطعون ضده الثاني) وبين الثمن الذي باعه به للطاعن منتهياً إلى أن الغرض من البيع لم يكن سوى الكسب المادي في حين أن الضرورة التي تقتضي بيع المحل التجاري بالجدك ليست مقصورة على ظروف عسيرة مرهقة تلحق بالبائع بل تتحقق بتوافر أسباب تحميه من ضائقة ينشاها أو تحقق له ربحاً ييسر له فرصة إلى نشاط يرجوه كما أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ عرض للتصرف الصادر له لأنه بذلك يكون قد تنازل تصرفاً بعيداً عن دائرة الدعوى، ذلك أن الطاعن لم يشتر المحل موضوع النزاع من المطعون ضده الثاني وإنما من المهندس..... الذي اشتراه من الأخير وقد نفى الحكم لأسباب غير سائغة قيام الضرورة لدى البائع للطاعن مع ما هو ثابت من الأوراق من أنه لم يختصم في الدعوى، ثم ناقض نفسه بصدد الرد على طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات قيام الضرورة لدى البائع له بقوله "أنه لا يقبل من الطاعن أن يثبت بالبينة قيام ضرورة لدى شخص آخر غير ممثل في الدعوى، كما لم يرد الحكم على ما تمسك به في مذكرته أمام محكمة الاستئناف من عدم قبول طلب الإخلاء لعدم اختصام المطعون ضده الأول في دعواه البائع للطاعن وعدم توجيهه طلب الإخلاء باعتباره المنسوب له مخالفة التنازل عن الإيجار بل اقتصر على توجيهه للطاعن وحده.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أنه لما كان بيع المتجر وفق المادة 594/ 2 من القانون المدني من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ينقل حقوق المستأجر والتزاماته للمتنازل إليه بما في ذلك عقد الإيجار ويصبح بدوره مستأجراً مثله بموجب البيع ليحل مشتري الجدك محل المستأجر الأصلي فيما له من حقوق وما عليه من التزامات متولدة عن عقد الإيجار ويكون للمؤجر التمسك قبله بالدفوع التي كان يحق له إبداؤها في مواجهة المستأجر الأصلي عند حصول التنازل، وينتقل عقد الإيجار إلى المشتري محملاً بما قد يشوبه من أسباب الفسخ أو البطلان، وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الأول أقام دعواه على الطاعن والمطعون ضده الثاني بطلب إخلاء العين المؤجرة لمخالفة المطعون ضده الثاني (المستأجر الأصلي) للشرط المانع من التأجير من الباطن ومن التنازل عن الإيجار، ولأن الطاعن أنذره بأنه اشترى المحل الكائن بتلك العين بالجدك من.... وأن هذا الأخير كان قد اشتراه بالجدك من المطعون ضده الثاني مع أن شروط البيع بالجدك غير متوافرة، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالإخلاء على ما أورده في مدوناته من أنه "وحيث وبالنسبة لتقدير الضرورة التي أدت بالمدعى عليه الأول (المطعون ضده الثاني) إلى البيع لـ........ ثم أدت بالأخير إلى البيع مرة أخرى إلى المدعى عليه الثاني (الطاعن) فإن الثابت من الإطلاع على العقد المؤرخ 1/ 6/ 1971 والموثق في اليوم التالي أن البيع كان نظير ثمن قدره 900 جنيه والثابت من الإطلاع على العقد اللاحق أنه موثق في 14/ 2/ 1972 أي بعد حوالي ثمانية أشهر وأن البيع كان لقاء ثمن قدره 2400 جنيه بما تستخلص منه المحكمة أن توالى التصريح على هذا النحو لم يكن إلا ابتغاء الربح من جهة، وأنه تم بغير ضرورة، ومن المقرر أن مناط المادة 594 مدني أن تكون هناك ضرورة تقتضى بيع المحل التجاري، فيلزم أن تكون الظروف قد اضطرت مالك المتجر أو المصنع إلى بيعه، وترى المحكمة أنها منتفية في الدعوى المطروحة.... فإن مخالفة المادة 23 فقرة ب من القانون رقم 52 سنة 1969 تكون قد ثبتت في النزاع المعروض وهي تجيز للمؤجر إخلاء المكان المؤجر، وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى أسباب حكم محكمة أول درجة التي أحال إليها رده على أسباب الاستئناف - والتي قصر الطاعن نعيه فيها على العقد الصادر له - بقوله "وحيث إنه بالنسبة للموضوع فإن الحكم المستأنف في محله للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة دعامة لقضائها وتضيف إليها رداً على أسباب الاستئناف أنه لم يرد بالأوراق ما يفيد قيام ضرورة اقتضت بيع المحل إلى المستأنف (الطاعن) بل على العكس من ذلك فقد تبين من الفرق الكبير من الثمن الذي اشترى به المدعو..... المحل من المستأجر الأصلي ومن ذلك الذي باع به للمستأنف أن الغرض من بيع المحل لم يكن سوى الكسب المادي...." ومؤدى ذلك أن الحكم المطعون فيه بما أحال إليه من أسباب حكم أول درجة قد انتهى إلى عدم توافر الضرورة في البيع الأول الصادر من المطعون ضده الثاني (المستأجر الأصلي) إلى..... وفي البيع الثاني الصادر من هذا الأخير إلى الطاعن ورتب على ذلك تخلف شروط تطبيق المادة 594/ 2 من القانون المدني وتحقق مخالفة شروط المنع من التنازل عن الإيجار بما يجيز طلب الإخلاء تطبيقاً لنص المادة 23/ ب من القانون 52 سنة 1969 - المنطبق على واقعة الدعوى - لما كان ذلك وكانت أسباب الطعن لا تتعلق بالبيع الأول الصادر من المطعون ضده الثاني (المستأجر الأصلي) إلى....... والذي انتهى الحكم إلى تحقق عيب الفسخ فيما تضمنه من عقد إيجار، وهو ما يثبت حق المؤجر في طلب الإخلاء، فإن عقد الإيجار في البيع الثاني الصادر من....... إلى الطاعن يكون - وبالبناء على ما سلف بيانه قد انتقل إلى هذا الأخير محملاً بذات العيب وليس من شأن هذا البيع الثاني أن يسقط حق المؤجر في طب الفسخ لمخالفة المستأجر الأصلي قبل حصوله، وإذ وردت أسباب الطعن على البيع الثاني الصادر للطاعن في شأن مدى توافر الضرورة في إبرامه وتمثيل أطرافه في الدعوى - دون أن ترد على البيع الأول الصادر من المستأجر الأصلي، وما انتهى إليه الحكم من توافر سبب الفسخ فيما تضمنه من عقد إيجار، وما ترتب على ذلك من انتقال عقد الإيجار في البيع الثاني الصادر محملاً بهذا العيب، فإن النعي بما ورد بتلك الأسباب - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.