أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 633

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1961

برياسة السيد محمود القاضي المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، محمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.

(101)
الطعن رقم 230 لسنة 26 القضائية

( أ ) استئناف. "الأحكام الجائز استئنافها". القبول المانع في الطعن.
حكم إحالة القضية إلى دائرة تجارية تضمن قضاء قطعياً في خصوص تجارية الدين. جواز الطعن فيه استقلالاً. لا يمنع ذلك استئنافه مع الحكم في الموضوع ما دام الميعاد ممتداً ولم يقم دليل على قبوله من المحكوم عليه قبولاً مانعاً.
(ب) أوراق تجارية. "سند إذني". "أعمال تجارية". حكم. "عيوب التدليل". قصور. "ما يعد كذلك".
يعد السند الإذني عملاً تجارياً إذا كان موقعاً عليه من تاجر سواء كان مترتباً على معاملة تجارية أو مدنية ويعد كذلك عملاً تجارياً إذا كان موقعاً عليه من غير تاجر متى كان مترتباً على معاملة تجارية. إغفال الرد على ما تمسك به المدين الموقع على السند من أنه تاجر. قصور.
1 - إن إحالة حكم القضية من الدائرة المدنية إلى الدائرة التجارية ولو كان قد تضمن قضاء قطعياً في خصوص تجارية الدين وكان لذلك مما يجوز الطعن فيه استقلالاً إلا أن هذا لا يحول دون استئنافه مع الحكم الصادر في موضوع الدعوى ما دام ميعاد الطعن فيه لا زال قائماً ولم يقبله المحكوم عليه قبولاً مانعاً من الطعن فيه أي دالاً على ترك الحق في الطعن دلالة لا تحتمل الشك. وإذا كان الحكم المطعون فيه لم يعتبر موافقة المطعون عليه على الإحالة إلى الدائرة التجارية، بعد أن طال أمد التقاضي وظلت القضية حائرة بين الدائرتين، قبولاً مانعاً من الطعن فإنه لا يكون قد خالف القانون سيما وأن تقسيم العمل بين الدوائر المدنية والدوائر التجارية هو مجرد تنظيم داخلي لا يتحدد به اختصاص نوعي لهذه الدوائر.
2 - يعتبر السند الإذنى - طبقاً لصريح نص الفقرة السابعة من المادة الثانية من قانون التجارة - عملاً تجارياً متى كان موقعاً عليه من تاجر سواء كان مترتباً على معاملة تجارية أو مدنية ويعتبر كذلك عملاً تجارياً إذا كان موقعه غير تاجر بشرط أن يكون مترتباً على معاملة تجارية. وإذن فإذا كان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه برفض الدفع بالسقوط بالتقادم الخمسي على أساس أن الدين المطالب به لم ينشأ عن عملية تجارية بل هو قرض مدني ولم يحفل بالرد على ما تمسك به الطاعن لدى محكمة الاستئناف من أنه وهو المدين الموقع على السندين تاجر وهو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الحكم في الدعوى فإن إغفال الرد على الدفاع يجعله معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه يداين الطاعن في مبلغ 956 جنيهاً بمقتضى سندين أولهما بمبلغ 756 جنيهاً ويستحق الوفاء في 1/ 11/ 1947 والثاني بمبلغ 200 جنيهاً يستحق الوفاء في 1/ 4/ 1948 وقد أقام المطعون عليه الدعوى رقم 2027 سنة 1954 مدني كلي القاهرة ضد الطاعن بطلب إلزامه بمبلغ 956 جنيهاً مجموع السندين المشار إليهما وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام الوفاء فدفع الطاعن الدعوى بأنه والمطعون عليه تاجران وأن السندين حررا بشأن عملية تجارية وطلب لذلك إحالة الدعوى إلى الدائرة التجارية واحتياطياً قبول الدفع بسقوط الحق في المطالبة بمضي المدة وفقاً للمادة 194 تجاري - وبتاريخ 30/ 11/ 1954 قضت المحكمة حضورياً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة والقرائن أن الطرفين كانا في تاريخ تحرير السندين موضوع النزاع تاجرين وأنهما حررا بشأن معاملة تجارية وللمطعون عليه النفي بذات الطرق. وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة بقبول الدفع الفرعي بالإحالة إلى الدائرة التجارية وحالة الدعوى إليها - وبتاريخ 4/ 10/ 1955 قضت المحكمة بهيئتها التجارية بقبول الدفع بالسقوط وبسقوط حق المطعون عليه في المطالبة بالتقادم وبرفض الدعوى تأسيساً على أن حكم الإحالة إلى الدائرة التجارية الصادر بتاريخ 29/ 3/ 1955 قد انتهى في أسبابه إلى أن الطاعن والمطعون عليه تاجران وأن العلاقة بينهما بشأن السندين موضوع النزاع إنما هي معاملة تجارية أي أنه أنهى الخصومة بين الطرفين في هذا الخصوص فلا يحق للدائرة التجارية أن تعيد النظر في هذا الشق من الدعوى لأنها ليست درجة استئنافية بل هي في درجة الهيئة التي أصدرت ذلك الحكم وأن الفترة من 1/ 11/ 1947 و1/ 4/ 1949 وهو تاريخ استحقاق السندين إلى 4/ 5/ 1954 تاريخ المطالبة القضائية تزيد على خمس سنوات وبذلك يتعين قبول الدفع بسقوط الحق في المطالبة ورفض الدعوى. فاستأنف المطعون عليه الحكمين الصادرين بتاريخ 29/ 3/ 1955 وبتاريخ 4/ 10/ 1955 بالاستئناف رقم 737 سنة 72 ق طالباً إلغاء الحكم المستأنف بما في ذلك حكم الإحالة إلى الدائرة التجارية والحكم له بطلباته الابتدائية تأسيساً على أن حكم 29/ 3/ 1955 لم يناقش المطاعن التي وجهها المطعون عليه إلى شهود الطاعن وتركها لمحكمة الموضوع عند نظره وأن محكمة الموضوع لم تتعرض لها على أساس أن لحكم الدائرة المدنية القاضي بالإحالة حجيته وأن قانون المرافعات لم يخصص محاكم للفصل في المنازعات التجارية وحدها وأخرى للمنازعات المدنية وأن الإحالة لا تجوز إلا إذا قام ذات النزاع أمام محكمة أخرى أو كان هناك ارتباط بين الدعوى ودعوى أخرى منظورة أمام محكمة أخرى يجعل من حسن سير العدالة الحكم فيهما معاً وهو ما يجعل حكم الإحالة مخالفاً للقانون وقال المطعون عليه إنه قدم ما يثبت أنه والطاعن مزارعان وأن الدين مدني وأنه أيد ذلك بشهادة شهوده ولكن المحكمة التفتت عن دفعه - وبتاريخ 6/ 4/ 1956 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدفع بالسقوط وبإلزام الطاعن بالمبلغ المطلوب وفوائده بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية للسداد - وبتاريخ أول مايو سنة 1956 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وطلب قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بنقض الحكم المطعون فيه والحكم بعدم قبول الاستئناف بالنسبة لحكم 29/ 3/ 1955 وتأييد حكم 4/ 10/ 1955 القاضي بقبول الدفع المبدى من الطاعن وبسقوط حق المطعون ضده في إقامة الدعوى بالتقادم وبرفض الدعوى - وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على مذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 19 من أكتوبر سنة 1961 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون في قضائه برفض الدفع بعدم جواز استئناف حكم 29 مارس سنة 1955 الذي قضى بالإحالة إلى الدائرة التجارية والمؤسس على سبق قبول المطعون عليه هذه الإحالة بجلسة 8 يونيه سنة 1955 ذلك أن الحكم المذكور قد حسم بصفة قطعية أساس الخصومة بقطعه بأن الدين المتنازع فيه تجاري مما يجعله قابلاً للاستئناف استقلالاً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الصادر في 29 مارس سنة 1955 بالإحالة إلى الدائرة التجارية وإن كان قد تضمن قضاء قطعياً في خصوص تجارية الدين وكان لذلك مما يجوز الطعن فيه استقلالاً إلا أن هذا لا يحول دون استئنافه مع الحكم الصادر في موضوع الدعوى ما دام ميعاد الطعن فيه لا زال قائماً ولم يقبله المحكوم عليه قبولاً مانعاً من الطعن فيه - لما كان ذلك وكان يشترط في القبول المانع من الطعن أن يكون دالاً على ترك الحق في الطعن دلالة لا تحتمل الشك فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتبر موافقة المطعون عليه على الإحالة إلى الدائرة التجارية بعد أن طال أمد التقاضي وظلت القضية حائرة بين تلك الدائرة والدائرة المدنية قبولاً من المطعون عليه ما نعا له من الطعن في الحكم المذكور لا يكون قد خالف القانون سيما وأن تقسيم العمل بين الدوائر المدنية والدوائر التجارية هو مجرد تنظيم داخلي لا يتحدد به اختصاص نوعي لهذه الدوائر.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه قصور تسبيبه ذلك أنه انتهى إلى أنه قد وضح له عدم وجود الشركة التي قال بها الطاعن وأن الدين المطالب به لم ينشأ عن عملية تجارية وأنه مدني وظاهر مما رواه الحكم أنه لم ينفي الاشتغال بالتجارة عن طرفي الخصومة فاشتغالها بالتجارة إذن باقٍ كما أورده الحكم الابتدائي في الموضوع وحكم 29 مارس سنة 1955 وإذا أضيف ذلك إلى ما أثبته الحكم من أن دعوى المطعون ضده ثابتة من السندين الإذنيين محل النزاع لكان ذلك صريحاً في أن السندين إذنيان وأن من وقع عليهما تاجر وأن المستفيد منهما تاجر وأنهما يعتبران إذن عملاً تجارياً طبقاً للمادة الثانية من القانون التجاري ويصح الدفع بسقوط الحق في المطالبة بهما بمضي خمس سنوات طبقاً للمادة 194 من القانون التجاري.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه طبقاً لصريح نص الفقرة السابعة من المادة الثانية من قانون التجارة أن السند الإذني يعتبر عملاً تجارياً متى كان موقعه تاجراً سواء أكان مترتباً على معاملة تجارية أو مدنية وإنه كذلك يعتبر عملاً تجارياً إذا كان موقعه غير تاجر بشرط أن يكون مترتباً على معاملة تجارية وهو ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه برفض الدفع بالسقوط بالتقادم الخمسي على أن الدين المطالب به لم ينشأ عن عملية تجارية بل هو قرض مدني - ولم يحفل بالرد على ما تمسك به الطاعن لدى محكمة الاستئناف من أنه وهو المدين الموقع على السندين تاجر وهو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الحكم فإن إغفاله الرد على هذا الدفاع يجعله معيباً بالقصور مما يستوجب نقضه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن الأخرى.