أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 641

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1961

برياسة السيد محمود القاضي المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود التوفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.

(103)
الطعن رقم 504 لسنة 26 القضائية

جمارك. "المخالفات الجمركية". الغرامة الجمركية. "مدى الإعفاء منها".
الإعفاء الوارد بالمادة 37 فقرة 4 من اللائحة الجمركية مقصور على البضائع المشحونة صبا دون البضائع المشحونة في طرود. القانون رقم 507 سنة 1955 جاء مفسراً للمادة المذكورة لا منشئاً لحكم جديد.
نص المادة 37/ 4 من اللائحة الجمركية مقطوع الصلة بنص الفقرتين الأولى والثانية اللتين تتحدثان عن البضائع المشحونة في طرود. وقد أراد المشرع بالفقرة الرابعة المذكورة أن يقصر الإعفاء الوارد بها على البضائع المشحونة صبا المنوه عنها في الفقرة السابقة عليها - وهي الفقرة الثالثة - دون البضائع المشحونة في طرود المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية. وقد كشف المشرع عن مراده هذا بالقانون رقم 507 سنة 1955 الذي صدر بحسب ما يفهم من مذكرته الإيضاحية - تفسيراً للمادة 37/ 4 سالفة الذكر لا منشئاً لحكم جديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الواقعة تتحصل حسبما يبن من الحكم فيه وسائر الأوراق في أنه بتاريخ 13/ 12/ 1953 تلقت الشركة المطعون عليها خطاباً من مدير عام مصلحة الجمارك يتضمن تغريمها جنيهاً بسبب وجود عجز في شحنة الباخرة بني قاسم مقداره جزء من صندوق لدى وصولها إلى ميناء الإسكندرية في 20/ 4/ 1951 فعارضت الشركة في هذا القرار أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية في الدعوى 1943 سنة 1953 تجاري كلي طالبة إلغاءه تأسيساً على أن العجز هو 1 عدد صندوق من عدد 145 صندوق يدخل في حدود الإعفاء المقررة في المادة 37 من اللائحة الجمركية بينما تمسكت مصلحة الجمارك بأن الإعفاء الوارد في هذه المادة قاصر على البضائع المشحونة صبا دون المعبأة في طرود كما هي واقعة الدعوى - وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 9/ 5/ 1954 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المعارض فيه مؤسسة حكمها على أن حكم الإعفاء الوارد بالمادة 37 هو حكم عام ينصرف إلى البضائع المشحونة صبا والمعبأة في طرود - فاستأنفت مصلحة الجمارك هذا الحكم طالبة إلغاءه ورفض معارضة المطعون عليها وقيد الاستئناف برقم 144/ 11 ق تجاري وقضت محكمة الاستئناف بتاريخ 12 مارس سنة 1956 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف آخذة بأسباب الحكم الابتدائي فطعنت مصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض في 20 نوفمبر سنة 1956 وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 10/ 12/ 1960 وطلبت الطاعنة إحالته إلى الدائرة المدنية وصممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب الإحالة لنقض الحكم وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وقد أودعت الطاعنة أصل إعلان تقرير الطعن مؤشراً عليه بقرار الإحالة في 29/ 12/ 1960 وكذا مذكرة صممت فيها على طلباتها كما صممت النيابة على ما جاء مذكرتها الأولى.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون ذلك أنه أجرى تطبيق الإعفاء المقرر في الفقرة الرابعة من المادة 37 من اللائحة الجمركية على واقعة الدعوى وقضى تبعاً لذلك بإلغاء قرار مدير الجمارك حالة أن المفهوم من نص تلك المادة ومن سياق فقراتها والترتيب بينها ودلالة الحال فيها هو قصر الإعفاء المذكور على البضائع المشحونة صبا الوارد ذكرها في الفقرة الثالثة دون البضائع المشحونة داخل طرود المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية إذ يقوم التلازم والارتباط بين أحكام هاتين الفقرتين وهما تتحدثان عن البضائع المشحونة في طرود يمكن عدها وفرضت الغرامة فيها على كل طرد زائد أو ناقص عما هو مبين بالمانيفستو كما يقوم التلازم والارتباط بين الفقرتين الثالثة والرابعة وهما تتحدثان عن بضائع مشحونة صبا غير معبأة وفرضت الغرامة فيها جزافاً مع إعفاء منها إذا لم يتجاوز العجز أو الزيادة الحد المقرر في الفقرة الرابعة والحكمة في قصر الإعفاء على البضاعة المشحونة صبا هي أنه لا يمكن عد هذه البضاعة وأنها لكونها غير معبأة تكون عرضة للزيادة والنقصان نتيجة عوامل طبيعية كالرطوبة والجفاف وعمليات الشحن والتفريغ وهذه الحكمة منتفية بالنسبة للبضائع التي تشحن داخل طرود تحميها من هذه العوامل.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن نص الفقرة الرابعة من المادة 37 من اللائحة الجمركية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. مقطوع الصلة بنص الفقرتين الأولى والثانية اللتين تتحدثان عن البضائع المشحونة في طرود وقد أراد المشرع بالفقرة الرابعة المذكورة أن يقصر الإعفاء الوارد بها على البضائع المشحونة صبا المنوه عنها في الفقرة السابقة عليها وهي الفقرة الثالثة دون البضائع المشحونة في طرود المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية وقد كشف المشرع عن غرضه هذا بالقانون 507 لسنة 1955الذي استبدال بالفقرة الأخيرة (الرابعة) من المادة 37 من اللائحة الجمركية النص الآتي "ومع ذلك فالزيادة التي لا تتجاوز 10% والنقص الذي لا يتجاوز 5% من البضائع المشحونة صبا لا يستوجبان تقرير الغرامة ولا يستحق الرسوم الجمركية على ما نقص من البضاعة في حدود النسب المشار إليها" وورد في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون "أن المشرع قصد من هذه الفقرة أن تسري على البضائع الواردة صبا دون غيرها وأنه نظراً لأنه صدرت أخيراً عدة أحكام تقضي بأن حكم هذه الفقرة يسري سواء كانت البضاعة صبا أو في طرود فمنعا لكل لبس رؤى أن تعدل هذه الفقرة بالنص صراحة على سريانها إذا وردت البضاعة صبا.
وهذا القانون صدر كاشفاً عن حقيقة مراد الشارع من الفقرة الرابعة من المادة 37 من اللائحة الجمركية منذ تقنينها لا منشئاً لحكم جديد.
ولما كانت الواقعة التي حصلها الحكم المطعون فيه والتي ليست محل نعي أن العجز عبارة عن طرد من بين عدد الطرود البالغ 145 طرداً، وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق حكم الإعفاء على البضائع المشحونة في طرود مخالفاً بذلك ما استهدفه الشارع بالفقرة الأخيرة من المادة 37 المذكورة فإنه يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.