أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 663

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1961

برياسة السيد محمود القاضي المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.

(108)
الطعن رقم 110 لسنة 26 القضائية

( أ ) نقض. "الخصوم في الطعن".
الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع أمام محكمة الموضوع.
(ب) حوالة "انعقاد الحوالة". "إثبات الرضا". "الإقرار".
يشترط لانعقاد الحوالة في القانون المدني القديم رضاء المدين. إثبات الرضاء لا يجوز بغير الكتابة واليمين والإقرار الصريح. الإقرار الضمني لا يقبل في الإثبات ما لم يقم دليل يقيني على وجوده ومرماه. مثال.
(ج) الحوالة. الدفع بالبطلان.
الدفع بعدم جواز إثبات الرضا بالحوالة بغير الكتابة لا يجيء إلا بعد الطعن في الحوالة بالبطلان. عدم إبداء هذا الدفع أمام محكمة أول درجة لا يعتبر تنازلاً عن التمسك به.
(د) استئناف. "طلب جديد". "ما لا يعد كذلك".
الدفع ببطلان الحوالة وبعدم جواز إثبات الرضا بها بغير الكتابة لا يعد طلباً جديداً بل هو دفع موضوعي يجوز إثباته في أية حالة كانت عليها الدعوى.
(هـ) استئناف "الخصوم فيه". "أحوال عدم التجزئة".
لا يفيد من الطعن إلا من رفعه. رفع الاستئناف من بعض المحكوم عليهم دون البعض الآخرين عن الحكم الصادر بإجراء المقاصة بين دينين جواز الرضا بالحوالة من بعض الورثة بالنسبة لحصتهم في الدين.
عدم قيام الدليل على الطعن في الحكم ممن لم يرفع الاستئناف أثناء نظره. القضاء بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للجميع مخالف للقانون.
1 - الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه.
2 - تشترط المادة 349 من القانون المدني القديم لانعقاد حوالة الحق رضاء المدين بها وتوجب في إثباته هذا الرضاء الكتابة أو اليمين - ويثبت الرضاء أيضاً بإقرار المدين رغم عدم النص عليه لأن الإقرار أقوى من اليمين في الإثبات. والأصل في الإقرار أن يكون صريحاً وأن الاقتضاء فيه استثناء من حكم هذا الأصل فلا يجوز قبول الإقرار الضمني في هذه الحالة ما لم يقم دليل يقيني على وجوده ومرماه. ولا يعد إقراراً ما يسلم به الخصم على سبيل الاحتياط من طلبات خصمه، فإذا رفع المحال له دعوى على المدين يطلب إجراء المقاصة بين الدين المحال ودين آخر للمدين فطلب المدين في هذه الدعوى أصلياً رفض طلب المقاصة واحتياطياً أن تكون المقاصة في حدود مبلغ معين فإن هذا الطلب الاحتياطي لا يعتبر منه إقراراً خالصاً برضائه بالحوالة ذلك لا يعد دفع المدين تلك الدعوى بتقادم الدين المحال بمضي المدة الطويلة إقراراً منه برضائه بالحوالة إذ أن هذا الدفع لا يفيد هذا الإقرار بطريق يقيني فقد يلجأ المدين رغم عدم رضائه بالحوالة إلى المبادرة بهذا الدفع لمجرد الوصول إلى إنهاء الدعوى من أيسر الطرق في اعتقاده.
3 - متى كان المدين لم يدفع ببطلان الحوالة لعدم رضائه بها كتابة إلا أمام محكمة الاستئناف فإنه يكون طبيعياً أن يكون تمسكه بضرورة تقديم الدليل الكتابي على حصول هذا الرضاء أمام تلك المحكمة ولما كان الدفع بعدم جواز إثبات الرضاء بالحوالة بغير الكتابة لا يجيء إلا بعد الطعن ببطلانها فإن عدم إبداء هذا الدفع أمام المحكمة الابتدائية التي لم يطعن أمامها ببطلان الحوالة لا يعتبر تنازلاً عن التمسك به.
4 - الدفع ببطلان الحوالة لعدم رضاء المدين بها والتمسك بعدم جواز إثبات هذا الرضا بغير الكتابة لا يعتبر طلباً جديداً مما تنهى المادة 401 من قانون المرافعات عن تقديمه لأول مرة في الاستئناف بل هو دفع موضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى.
5 - لا يفيد من الطعن طبقاً للمادة 284/ 3 مرافعات إلا من رفعه فإذا كان الاستئناف قد رفع من بعض ورثة المدين المحكوم عليهم دون البعض الآخر عن حكم صادر بإجراء المقاصة بين دين المورث ودين عليه وكان ليس ثمة ما يمنع بعض الورثة المحكوم عليهم من ارتضاء الحوالة - دون الآخرين - بالنسبة لحصتهم في الدين فإن قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي كله وبالنسبة لمن لم يستأنفه من المحكوم عليهما يكون مخالفاً للقانون في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن وقائع الطعن - على ما يبين من الحكم الطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن الأول بصفته وكيلاً للدائنين في تفليسة المرحوم عبد الغني سالم أقام الدعوى رقم 569 سنة 1949 كلي المنصورة ضد المطعون عليهم باعتبارهم ورثة المرحوم محمد عيد حبيب طالباً الحكم بإثبات المقاصة القانونية التي وقعت بين دينهم البالغ 930 ج و282 م والمحكوم لهم به ضده بصفته سالفة الذكر بتاريخ 4 من يناير سنة 1949 من محكمة المنصورة التجارية المختلطة في الدعوى رقم 23 سنة 70 ق وبين الدين المحول له بصفته تلك من الطاعن الثاني بموجب عقد الحوالة المؤرخ 2 من مايو سنة 1949 واستبعاد دين المطعون عليهم من يدون التفليسة وقال الطاعن بياناً لدعواه إن المطعون عليهم تدخلوا في هذه التفليسة بدينهم سالف الذكر وإنه استأنف الحكم الصادر لهم به وتعدل المبلغ المحكوم لهم به فيما بعد إلى مبلغ 274 ج و688 م وإنه لما كان يداينهم بمبلغ 940 ج و610 م وفوائده القانونية بواقع 5% سنوياً من 14 من أكتوبر سنة 1930 حتى السداد محول إليه من الطاعن الثاني الذي تلقى الحق بدوره بموجب حوالة الصادرة إليه في 19 من أبريل سنة 1949 من ورثة المرحوم عبد الله سميكة دائن مورث المطعون عليهم بمقتضى الحكم رقم 47 سنة 1931 الصادر من محكمة الأزبكية بتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1930 وقد أعلن الطاعن الثاني المطعون عليهم بهذه الحوالة فإن المقاصة تقع بين الدينين بحكم القانون لتوافر شروطها لهذا رفع دعواه طالباً الحكم بها وفي أول أبريل سنة 1952 قضت المحكمة الابتدائية بإثبات هذه المقاصة فاستأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 48 سنة 5 ق تجاري المنصورة وبنوا استئنافهم على أسباب من بينها أن حوالة الحكم رقم 47 سنة 31 الأزبكية الصادرة في 19 من أبريل سنة 1949 من ورثة المحكوم له عبد الله سميكة إلى الطاعن الثاني والتي انبنت عليها الحوالة الصادرة من الأخير إلى الطاعن الأول باطلة لعدم رضائهم بوصفهم مدينين بها كتابة وأخذت محكمة الاستئناف بهذا الدفاع وقضت في 6 من ديسمبر سنة 1955 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وألزمت المستأنف عليهما الأول والثاني (الطاعنين) بمصاريف الدرجتين وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة تاريخه 29 من فبراير سنة 1956 وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأخير (قلم كتاب محكمة المنصورة) وقبوله بالنسبة لباقي المطعون عليهم وبنقض الحكم في خصوص السبب الأخير وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1960 إحالته إلى هذه الدائرة وقام الطاعنان بإعلان الطعن للخصوم في الميعاد القانوني وقدما أصل إعلان الطعن ومذكرة شارحة دفعاً فيها لأول مرة ببطلان الحكم المطعون فيه بمقولة أن رئيس الدائرة التي أصدرته هو بعينه رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم الابتدائي المستأنف وقد حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 19 من أكتوبر سنة 1961 وفيها صمم الطاعن والنيابة على طلباتهما.
وحيث إن الدفع الذي أثارته النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأخير (قلم كتاب محكمة المنصورة) تأسيساً على أنه لم يكن مختصماً أمام محكمة الموضوع - هذا الدفع صحيح ذلك أن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقص لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه ولما كان يبين من الأوراق أن المطعون عليه الأخير وهو قلم كتاب محكمة المنصورة لم يكن مختصماً في النزاع الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاَ بالنسبة إليه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إنه عن الدفع الذي أبداه الطاعنان في مذكرتهما الشارحة ببطلان الحكم المطعون فيه لأن رئيس الدائرة التي أصدرته كان رئيساً للهيئة التي حكمت في الدعوى ابتدائياً فإن هذا الدفع على غير أساس من الواقع ذلك إنه يبين من الحكمين الابتدائي والاستئنافي أن رئيس الدائرة التي حكمت في الدعوى ابتدائياً هو السيد محمد صادق مطر وهو غير السيد محمد صادق رئيس محكمة استئناف المنصورة الذي كان رئيساً للدائرة التي أصدرت الحكم الاستئنافي المطعون فيه ولا يوجد بين أعضاء الدائرة التي أصدرت هذا الحكم من اشترك في إصدار الحكم الابتدائي ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعنان في أولها على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون وخطأه في تفسيره ذلك أنه بين قضاءه ببطلان حوالة الحكم الصادرة من ورثة عبد الله سميكة إلى الطاعن الثاني على أن المادة 349 من القانون المدني القديم الذي صدرت الحوالة في ظله تشترط لصحة انعقادها رضاء المدين بها وإن رضاء المطعون عليهم وهم المدينون بتلك الحوالة غير متوفر حالة أن هؤلاء المطعون عليهم لم يؤسسوا طلب بطلان هذه الحوالة على أنهم لم يرضوا بها وإنما على أن المحال له (الطاعن الثاني) لم يتقدم بالدليل الكتابي على حصول هذا الرضاء والتمسك بعدم تقديم هذا الدليل لا يفيد عدم حصول الرضاء فعلاً خصوصاً إذا كان المدين لم ينكر حصوله وقد رسم القانون طريقاً آخر لإثبات رضاء المدين بالحوالة في حالة عدم توفر الدليل الكتابي عليه وهو الإثبات بما يقوم مقام الدليل الكتابي فأجازت المادة 349 مدني قديم بصريح اللفظ الإثبات باليمين ومتى جاز قبول اليمين جاز من باب أولى إثبات الرضاء بإقرار المدين به وقد أقر المطعون عليهم برضائهم بالحوالة أمام مأمور تفليسة المرحوم عبد الغني سالم على ما هو ثابت بمحضر جلسة 14 من يونيه سنة 1949 وذلك عند ما طلبوا أن يكون إجراء المقاصة التي طلبها وكيل الدائنين (الطاعن الأول) بحكم قضائي ثم إنهم بدفعهم الدعوى أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق في المطالبة بالدين موضوع الحوالة بالتقادم يكونون قد أقروا مرة ثانية برضائهم بالحوالة إذ لا يتأتى أن يدفع المدين بهذا الدفع إلا إذا كان مقراً بصحة الدين وبصحة انتقاله لمن يطالبه به وأخيراً فإن طلب المطعون عليهم من محكمة أول درجة في حالة عدم قبولها هذا الدفع إجراء المقاصة في حدود مبلغ 150 ج وهو المبلغ الذي دفعه المحال له فعلاً للمحيل مقابل حوالة الحق إليه هذا الطلب يعتبر إقراراً آخر من المطعون عليهم برضائهم بالحوالة ولصحة انعقادها وإذ أهدر الحكم جميع هذه الإقرارات تأسيساً على زعمه الباطل بأن إثبات رضاء المدين في ظل التقنين المدني الملغى لا يكون إلا بالكتابة أو اليمين فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت المادة 349 من القانون المدني القديم الذي صدرت في ظله الحوالة موضوع النزاع تشترط لانعقاد حوالة الحق رضاء المدين وتنص على أنه لا يجوز إثبات هذا الرضاء بغير الكتابة واليمين وكان يبين مما أثبته الحكم المطعون فيه ومما أورده المطعون عليهم في صحيفة استئنافهم المقدمة صورة رسمية منها بملف الطعن إنهم وهم المدينون أنكروا رضاءهم بالحوالة وتحدوا الطاعنين بتقديم الدليل الكتابي على هذا الرضاء فلم يقدماه ولم يوجها إليهم اليمين فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذه الحوالة باطلة لا يكون قد خالف القانون - أما ما يثيره الطاعنان من أن المطعون عليهم أقروا بالحوالة على النحو الذي يصورانه في سبب الطعن فإنه وإن كان من المقرر جواز إثبات رضاء المدين بإقراره وذلك رغم عدم ذكر الإقرار في النص لأن الإقرار أقوى من اليمين في الإثبات إلا أن الأصل في الإقرار أن يكون صريحاً وأن الاقتضاء فيه استثناء من حكم هذا الأصل فلا يجوز قبول الإقرار الضمني والحالة هذه ما لم يقم دليل يقيني على وجوده ومرماه. ولما كان الحكم المطعون فيه رد ما تمسك به الطاعن الأول من أن طلب المطعون عليهم من محكمة أول درجة إجراء المقاصة في حدود مبلغ مائة وخمسين جنيهاً قيمة ما دفعه المحال له للمحيل مقابل الحوالة يعتبر إقراراً منهم برضائهم بها بقوله إن هذا الطلب الاحتياطي لم يبد إلا بعد طلب أصلي وهو رفض الدعوى استناداً إلى سقوط حكم الدين الذي يتمسك به المستأنف عليهما الأول والثاني بمضي المدة الطويلة فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ذلك إنه لا يكون إقراراً ما يسلم به الخصم على سبيل الاحتياط من طلبات خصمه فإذا كان المطعون عليهم بعد أن طلبوا أصلياً رفض طلب المقاصة طلبوا احتياطياً لما عسى أن تتجه إليه المحكمة من عدم قبول طلبهم الأصلي أن تكون المقاصة إذا رأت المحكمة وجهاً لإجرائها في حدود مبلغ معين فإن هذا الطلب الاحتياطي لا يعتبر منهم إقراراً خالصاً برضائهم بالحوالة التي يستند إليها المحال له في طلب المقاصة كذلك لا يعتبر دفعهم دعوى المحال له بإجراء المقاصة بين الدين موضوع الحوالة ودين آخر لهم بالتقادم المسقط بمضي المدة الطويلة إقراراً منهم برضائهم بهذه الحوالة لأن هذا الدفع لا يفيد هذا الإقرار بطريق يقيني فقد يلجأ المدين رغم عدم رضائه بالحوالة إلى المبادرة بهذا الدفع لمجرد الوصول إلى إنهاء الدعوى من أيسر الطرق في اعتقاده أما عما يثيره الطاعنان خاصاً بإقرار المطعون عليهم برضائهم بالحوالة أمام مأمور التفليسة على النحو الذي يصورانه في سبب الطعن فإنه لما كان هذا الدفاع يخالطه واقع ولم يتمسك به الطاعنان أمام محكمة الاستئناف فإنه لا يجوز لهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون فيما يتعلق بقواعد الإثبات ذلك أنه قبل ما تمسك به المطعون عليهم لأول مرة في الاستئناف من أن الطاعنين لم يتقدما بالدليل الكتابي على رضائهم بالحوالة محل النزاع وسند دعوى المقاصة حالة أن هذا الدفع خاص بقواعد الإثبات في المواد المدنية وهي لا تعلق لها بالنظام العام وقد شرع اشتراط الكتابة في إثبات رضاء المدين بالحوالة لمصلحته وعلى ذلك فإن الحق في الدفع بعدم جواز إثبات هذا الرضاء بغير الكتابة قد سقط بعدم إبداء المطعون عليهم له أمام محكمة أول درجة لأن سكوتهم عن إبدائه أمامها يعتبر تنازلاً منهم عنه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المطعون عليهم دفعوا ببطلان الحوالة لعدم رضائهم بها كتابة لأول مرة أمام محكمة الاستئناف فكان لذلك طبيعياً أن يكون تمسكهم بضرورة تقديم الدليل الكتابي على حصول هذا الرضاء أمام تلك المحكمة ولما كان الدفع بعدم جواز إثبات الرضاء بالحوالة بغير الكتابة لا يجيء إلا بعد الطعن في الحوالة بالبطلان فإن عدم إبداء المطعون عليهم هذا الدفع أمام المحكمة الابتدائية التي لم يطعن أمامها في الحوالة لا يعتبر تنازلاً منهم عنه.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه قصوره في التسبيب لإغفاله الرد على دفاع جوهري لهما هو ما أثاراه أمام محكمة الاستئناف بصدد إقرار المطعون عليهم برضائهم بالحوالة أمام مأمور تفليسة عبد الغني سالم بجلسة 14 يونيه سنة 1949 وطيلة قيام النزاع محكمة أول درجة وفي مذكرتهم لتلك المحكمة المقدمة لجلسة 6 نوفمبر سنة 1951 التي دفعوا فيها بسقوط الدين موضوع الحوالة بالتقادم وأخيراً إقرارهم المستفاد من طلبهم قصر المقاصة على مبلغ مائة وخمسين جنيهاً ويقول الطاعنان إن إبداء هذا الطلب من باب الاحتياط لا أثره له بالنسبة لإقرارهم هذا لأن الطلب الأصلي لم يقم على أساس إنكار رضائهم بالحوالة بل قام على أساس الدفع بسقوط الدين موضوعها بالتقادم مما يحمل الإقرار ابتداءً بصحة المديونية.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه تناول في أسبابه الرد على ما أثاره الطاعنان من أن طلب المطعون عليهم من المحكمة الابتدائية إجراء المقاصة في حدود مائة وخمسين جنيهاً يفيد رضاءهم بالحوالة وجاء هذا الرد على ما سلف القول وافياً وصحيحاً في القانون وبأن الطاعنين لم يتمسكا أمام محكمة الموضوع بما عدا هذا الوجه من أوجه الدفاع التي يعيبان في سبب الطعن على الحكم إغفاله الرد عليها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون برفضه دفعهما بعدم جواز قبول ما أثاره المطعون فيه عليهم من بطلان الحوالة وعدم إثبات رضائهم بها بغير الكتابة لأنه يعتبر طلباً جديداً لا يجوز لهم إبداؤه لأول مرة في الاستئناف وقد أسس الحكم رفضه لهذا الدفع على أن هذا الذي تمسك به المطعون عليهم إنما يعد من أوجه الدفاع ولا يعتبر طلباً جديداً حالة أن هذا الدفاع الذي انبنى على الأخذ به الحكم بعدم قبول الدعوى هو دفع قائم بذاته ولا يندرج في عموم الطلب الأصلي الذي تقدم به المطعون عليهم إلى محكمة أول درجة متضمناً رفض الدعوى لسقوط الحق في المطالبة أو قصر المقاصة على جزء من المبلغ المطالب به.
وحيث إن هذا النعي بهذا السبب مردود بأن الدفع ببطلان الحوالة لعدم رضاء المدين بها والتمسك بعدم جواز إثبات هذا الرضاء بغير الكتابة لا يعتبر طلباً جديداً مما تنهى المادة 411 مرافعات عن تقديمه لأول مرة في الاستئناف بل هو دفع موضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بهذا النظر الصحيح لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعنين ينعبان في السبب الأخير على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون ذلك أنهما طلباً المقاصة بالنسبة لجميع ورثة المرحوم محمد عيد حبيب وقد حكم بها ابتدائياً ضدهم جميعاً ورفع الاستئناف من بعضهم دون البعض الآخر وعلى الرغم من ذلك فإن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء الحكم الابتدائي كله وبالنسبة لمن لم يستأنفه من المحكوم عليهم وهم المطعون عليهما الثالثة عشر والرابعة عشر مع أن الحكم الابتدائي قد أصبح نهائياً بالنسبة إليهما والطلب بطبيعته قابل للانقسام وليس فيه تضامن.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه طبقاً للمادة 384 مرافعات لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولما كان الثابت أن الحكم الابتدائي صدر بالمقاصة ضد المطعون عليهم ورثة المرحوم محمد عيد حبيب جميعاً وأن الاستئناف رفع من بعضهم دون البعض الآخر وليس في الأوراق ما يفيد أن من لم يرفع الاستئناف منهم قد طعن في الحكم أثناء نظر الاستئناف المرفوع من الباقين منضماً إليهم في طلباته وليس ثمة ما يمنع بعض الورثة من ارتضاء الحوالة بالنسبة لحصتهم في الدين، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم الابتدائي كله وبالنسبة لجميع المحكوم عليهم بما فيهم من لم يستأنفه منهم يكون قد أخطأ القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص فقط.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما تقدم ذكره ولما هو ثابت من أن المطعون عليهما الثالثة عشر نفيسة علي محمد إسماعيل والرابعة عشر سعدية محمد عيد لم يكونا من بين من رفعوا الاستئناف.