أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 811

جلسة 26 من مارس سنة 1984

برياسة السيد المستشار الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. أحمد حسني، محمد طموم، زكي المصري ومنير توفيق.

(154)
الطعنان رقما 136، 173 لسنة 49 قضائية

(1) تأميم "لجان التقييم: اختصاصها".
لجان التقييم. نطاق اختصاصها. عدم جواز الطعن في قراراتها. مناطه. التزامها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت التأميم. خروجها عن ذلك بالإضافة أو الاستبعاد. أثره. إهدار أثر القرار وحجيته.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الواقع".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والموازنة بينها. استخلاصها الحقيقة منها متى كان ذلك سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق.
(3، 4) خبرة. محكمة الموضوع "سلطتها في إجراءات الإثبات." حكم "تسبيب الحكم".
3 - تقرير الخبير. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. عدم التزامها بإجالة طلب ندب خبير آخر متى وجدت في أوراق الدعوى وفي تقرير الخبير السابق ندبه ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها. حسبها أن تبني قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
4 - عدم التزام الحكم تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
(5) دعوى "انقطاع سير الخصومة". دعوى "الصفة في الدعوى".
انقطاع سير الخصومة. الغاية منه. مثول ورثة المتوفى أو من يقوم مقامهم أمام المحكمة. أثره. استئناف سير الخصومة. علة ذلك.
(6) دعوى "انقطاع سير الخصومة". دعوى "الصفة في الدعوى". مؤسسات عامة. شركات.
اختصام المؤسسة العامة إلى جانب الشركة بسبب إشرافها عليها وتبعية الشركة المذكورة لها. إلغاء المؤسسات العامة ونقل اختصاصاتها إلى رؤساء مجالس إدارات الشركات التي كانت تابعة لها. ق 111 سنة 1975. مؤداه. إنهاء التبعية واستقلال الشركة بذاتيتها في تمثيل نفسها. زوال صفة المؤسسة. لا أثر له على سير الخصومة.
(7) تأميم. مسئولية "مسئولية الدول عن ديون الشركة المؤممة". دعوى "الصفة في الخصومة".
مسئولية الدولة عن سداد التزامات الشركات والمنشآت المؤممة. حدودها. توفر الصفة للدولة في الخصومة المنعقدة في هذا الخصوص. لا يغير من ذلك احتفاظ الشركة المؤممة بشخصيتها المعنوية وذمتها المالية المستقلة التي كانت لها قبل التأميم.
(8) تأميم "ميعاد استحقاق الفائدة على السندات".
سعر الفائدة الذي تلتزم به الدولة على السندات الاسمية المستحقة عند تأميم بعض الشركات والمنشآت. استحقاقه من تاريخ التأميم بعد تحديد سعر السندات بسعر أسهمها م 2، 3 ق رقم 72 سنة 1973.
(9) تأميم "تقييم المنشأة المؤممة".
تقييم المنشأة المؤممة. المقصود به. تقدير قيمتها لتحديد التعويض المستحق لأصحابها. كيفية حصول هذا التقدير. استبعاد لجنة التقييم عنصراً من عناصر الأصول. أثره.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لجان التقييم، وإن كانت تتمتع بسلطة تقديرية مطلقة في تحديد صافي رأس مال المنشأة المؤممة وأن قرارها في هذا الشأن يكون نهائياً غير قابل للطعن فيه إلا أن مناط ذلك أن تلتزم اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها فلا يجوز لها أن تقيم ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه، أو تستبعد بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم فإن هي فعلت شيئاً من ذلك فلا يكون لقرارها من أثر ولا يكتسب أية حصانة ولا تكون له حجية قبل الدولة أو أصحاب الشأن.
(2) لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم إليها من أدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق.
3 - تقرير الخبير لا يعدو أن يكون دليلاً من الأدلة المطروحة على محكمة الموضوع تخضع لتقديرها، وهي غير ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير آخر متى وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وباقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاؤها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل حجة أو قول أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل الذي يقوم عليه الانقطاع هو حماية ورثة المتوفى أو من يقوم مقام من فقد الأهلية أو تغيرت صفته حتى لا تتخذ الإجراءات بغير علمهم وبصدور الحكم ضدهم في غفلة منهم دون أن يتمكنوا من استعمال حقهم في الدفاع تأكيداً لمبدأ المواجهة بين الخصوم، ولم يقصد بالانقطاع أن يكون جزاءاً على الطرف الآخر لاستمراره في موالاة إجراءات الخصومة على الرغم من علمه بقيام السبب الموجب لانقطاعها، ولذلك فمن المقرر أن الخصومة تستأنف سيرها إذا حضر بالجلسة المحددة لنظر الدعوى ورثة المتوفى أو من يقوم مقام من فقد الأهلية أو تغيرت صفته.
6 - إذا كان البين من الحكم المطعون فيه أن المؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج إنما اختصمت في الدعوى إلى جانب الشركة الطاعنة بسبب إشرافها عليها وتبعية الشركة المذكورة لها فإن القانون رقم 111 سنة 1975 - إذ قضى بإلغاء المؤسسات العامة ونقل كافة اختصاصاتها المقررة بمقتضى القوانين واللوائح إلى رؤساء مجالس إدارة الشركات التي كانت تابعة لها يكون قد أنهى تبعية هذه الشركات للمؤسسات المذكورة ومنحها ذاتية مستقلة بإحلالها محل المؤسسات الملغاة في مباشرة نشاطها واختصاصاتها التي كانت تتولاها عنها - ولما كانت الشركة الطاعنة في الأصل خصماً في الدعوى قبل صدور القانون المشار إليه وإنهاء تبعيتها للمؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج استقلالاً بذاتيتها في تمثيل نفسها فإن الخصومة في الدعوى لا تكون قد انقطع سيرها بصدور ذلك القانون ولا يكون لزوال صفة المؤسسة المذكورة أي أثر على سيرها.
7 - النص في المادتين الثانية والرابعة من القانون رقم 72 سنة 1963 الصادر بتأميم بعض الشركات والمنشآت ومن بينها الشركة المطعون ضدها الثانية - على أن تتحول أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المشار إليها إلى مستندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنوياً، وتكون السندات قابلة للتداول في البورصة ويجوز للدولة بعد عشر سنوات أن تستهلك هذه السندات كلياً أو جزئياً.... وأن الدولة لا تسأل عن التزامات تلك الشركة والمنشآت إلا في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم، يدل على أن الدولة تعتبر مسئولة عن سداد التزامات هذه الشركات والمنشآت في حدود ما آل إليها على هذا الوجه، وهو ما يوفر للطاعنين صفة في الخصومة ولا يغير من ذلك احتفاظ تلك الشركة بشخصيتها المعنوية التي كانت لها قبل التأميم وذمتها المالية المستقلة بما عساه أن يكون عالقاً بها من التزامات.
8 - النص في المادة الثالثة من القانون رقم 72 سنة 1963 على أنه يحدد سعر كل سند بسعر السهم، يدل على أن سعر الفائدة الذي تلتزم به الدولة على السندات الاسمية المستحقة طبقاً للمادة الثانية من القانون يستحق من تاريخ التأميم بعد تحديد سعر هذه السندات بسعر الأسهم.
9 - تقييم المنشآن المؤممة إنما يقصد به تقدير قيمتها وقت التأميم توصلاً لتحديد التعويض الذي يستحقه أصحاب المنشأة مقابل نقل ملكيتها إلى الدولة وفقاً لأحكام القانون رقم 72 سنة 1963 ويتم ذلك بتحديد أصول المنشأة وخصومها واستنزال هذه من تلك، فإذا استبعدت لجنة التقييم عنصراً من عناصر الأصول انخفضت قيمة الأصول بمقداره وقل بالتالي صافي هذه الأصول، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في أسبابه إلى تحديد إجمالي حقوق المساهمين على نحو يتفق مع هذا النظر فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول في كل من الطعنين أقام الدعوى رقم 375 لسنة 1973 تجاري كلي جنوب القاهرة على وزارات الصناعة والخزانة والاقتصاد والمؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج وشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج بطلب الحكم باستحقاقه لسندات على الدولة بمبلغ 6750 جنيهاً وفوائد هذا المبلغ من تاريخ تأميم الشركة الأخيرة حتى استهلاك السندات وذلك مقابل ما دفعه عن أسهمه في تلك الشركة وعددها 2500 سهم، وقال بياناً لدعواه أن لجنة التقييم التي شكلت لتحديد سعر السهم بالشركة بعد تأميمها بالقانون رقم 72 لسنة 1963 قد أخطأت في احتسابها صافي حقوق المساهمين فيها بنزولها عن القيمة الحقيقية لموجوداتها وزيادتها في التزاماتها، وكان يتعين عليها عدم استبعاد ما لم يسدد من رأس المال وقدره 765500 جنيه وأن تضيفه إلى أصول الشركة ثم يوزع على الأسهم جميعها وبعد تحديد سعر السهم على هذا الأساس يستنزل ما لم يسدد من قيمته، وهو تصويب من شأنه أن يؤدي إلى استحقاقه المبلغ المطالب به بما لا يتعارض مع نهائية قرارات التقييم وعدم قابليتها للطعن عليها. وبتاريخ 30/ 3/ 1974 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى. استأنف المدعي - المطعون ضده الأول - هذا الحكم بالاستئناف رقم 218 لسنة 91 ق تجاري القاهرة. ومحكمة استئناف القاهرة قضت بتاريخ 23/ 12/ 1975 بإلغاء الحكم المستأنف وباختصاص محكمة أول درجة ولائياً بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل في موضوعها. وبتاريخ 26/ 6/ 1976 قضت محكمة أول درجة بندب خبير في الدعوى وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 26/ 11/ 1977 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده المذكور هذا الحكم بالاستئناف رقم 489 لسنة 94 ق تجاري القاهرة. وبتاريخ 29/ 11/ 1978 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الدفع بانقطاع سير الخصومة لزوال صفة المؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج المؤسس على صدور القانون رقم 111 لسنة 1975 بإلغاء المؤسسات العامة كما قضت باستحقاق المستأنف - المطعون ضده الأول - لسندات على الدولة كمساهم سابق في شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج - بما قيمته 3825 جنيهاً وفوائد هذا المبلغ بواقع 4 % سنوياً من تاريخ التأميم حتى استهلاك السندات. طعنت الشركة المذكورة بالنقض في هذا الحكم وقيد طعنها برقم 136 لسنة 49 ق. كما طعنت وزارة الصناعة والمالية والاقتصاد والتعاون الاقتصادي والمؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج في هذا الحكم وفي الحكم الصادر في الاستئناف رقم 218 لسنة 91 ق تجاري القاهرة، وقيد الطعن برقم 173 لسنة 49 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعنين، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما، وفيها التزمت النيابة رأيها. وقررت المحكمة ضم الطعن الثاني للطعن الأول ليصدر فيهما حكم واحد.
أولاً - عن الطعن رقم 136 لسنة 49 ق.
حيث إن الشركة الطاعنة تنعى في سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون تفسيره وتأويله وذلك من خمسة وجوه، ويقول بياناً للوجوه الأربعة الأولى إن الحكم رفض طلب المطعون ضده الأول ندب خبير آخر في الدعوى لتقدير حقوق المساهمين، وتصدى لهذه المسالة الحسابية التي ما كان يجوز له أن يتناولها، فانتهى خطأ إلى إضافة قيمة القسط الثاني للأسهم التي لم تسدد وقدرها 765500 جنيه لصافي حقوق المساهمين مرتين والصحيح أن تضاف مرة واحدة، ولم يفصح عن الخطوات التي أوصلته إلى هذه النتيجة التي تتعارض مع ما نص عليه القانون من نهائية قرارات التقييم وما أوجبته أسباب الحكم في الاستئناف رقم 218 لسنة 91 ق القاهرة من عدم المساس بالقيمة التي قدرتها لجنة التقييم للسهم، وأهدر بذلك دفاع الطاعنة المؤسس على وجوب إضافة هذا المبلغ إلى أصول الشركة دون خصومها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لجان التقييم، وإن كانت تتمتع بسلطة تقديرية مطلقة في تحديد صافي رأس مال المنشأة المؤممة وأن قرارها في هذا الشأن يكون نهائياً غير قابل للطعن فيه إلا أن مناط ذلك أن تلتزم اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها فلا يجوز لها أن تقيم ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه، أو تستبعد بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم فإن هي فعلت شيئاً من ذلك فلا يكون لقرارها من أثر ولا يكتسب أية حصانة ولا تكون له حجية قبل الدولة أو أصحاب الشأن. كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم إليها من أدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق، وأن تقرير الخبير لا يعدو أن يكون دليلاً من الأدلة المطروحة عليها يخضع لتقديرها، وهي غير ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير آخر متى وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه وباقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، وبحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاؤها على أسباب سائغة تكفي لحمله وهي غير ملزمة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم، وترد استقلالاً على كل حجة أو قول أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، لما كان ما تقدم وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في حساب قيمة الاسم إلى ما قرره من "أن اللجنة استبعدت من المخصص للمساهمين ما لم يدفع من القسط الثاني ثم عادت عند التوزيع فخصمت ممن لم يدفع القسط الثاني قيمة نصيبه - والحساب الصحيح في هذه الحالة إن يحدد المخصص للأسهم في التوزيع ثم يخصم القسط الثاني ممن لم يدفعه لا أن يخصم المبلغ مرتين، وعلى ذلك يكون نصيب المساهمين 739/ 879257 تقسم على عدد الأسهم 500000 فيكون نصيب السهم 75851327/ 3 جنيه يستعد منها ما لم يسدد بالنسبة للمتخلفين عن سداد القسط الثاني فيكون الباقي 75/ 1 جنيهاً وهي حالة المستأنف (المطعون ضده الأول) فيكون نصيبه قد انتقص بواقع 53/ 1 جنيه فيصبح مجموع ما خصم من نصيبه خطأ عن 2500 سهم هو مبلغ 3825 جنيهاً كل ذلك استناداً إلى الأرقام الواردة في تقرير اللجنة وتقرير الخبير التي لم يطعن عليها أو يتناولها الخصوم في الأساس فيتعين حصوله على سندات حكومية مقابلها...." وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم صحيحاً طبقاً للأرقام الواردة في تقرير الخبير المودع صورتيهما ملف الطعن وليس في ذلك تكرار لإضافة القسط الثاني للأسهم التي لم تسدد خلافاً لما ذهبت إليه الطاعنة - فإن ما انتهى إليه الحكم لا يعدو أن يكون تصحيحاً لما وقعت فيه لجنة التقييم من خطأ بخصم هذا القسط مرتين، بما لمحكمة الموضوع من سلطة تامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم إليها من أدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها. ومن ثم فإن ما تنعاه الشركة الطاعنة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الدليل مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى في الوجه الخامس من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين رفض دفعها بانقطاع سير الخصومة لزوال صفة المؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج - المستأنف ضدها الرابعة - بعد إلغائها بمقتضى القانون رقم 111 لسنة 1975 بمقولة إن صفتها قد اندمجت في الشركة الطاعنة التي حلت محلها في مباشرة نشاطها وكافة اختصاصاتها التي كانت تباشرها عن هذه الشركة وهو قول لا يستقيم مع الواقع أو القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل الذي يقوم عليه الانقطاع هو حماية ورثة المتوفى أو من يقوم مقام من فقد الأهلية أو تغيرت صفته حتى لا تتخذ الإجراءات بغير علمهم ويصدر الحكم ضدهم في غفلة منهم دون أن يتمكنوا من استعمال حقهم في الدفاع تأكيداً لمبدأ المواجهة بين الخصوم، ولم يقصد بالانقطاع أن يكون جزاءاً على الطرف الآخر لاستمراره في موالاة إجراءات الخصومة على الرغم من علمه بقيام السبب الموجب لانقطاعها، ولذلك فمن المقرر أن الخصومة تستأنف سيرها إذا حضر بالجلسة المحددة لنظر الدعوى ورثة المتوفى أو من يقوم مقام من فقد الأهلية أو تغيرت صفته. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج إنما اختصمت في الدعوى إلى جانب الشركة الطاعنة بسبب إشرافها عليها وتبعية الشركة المذكورة لها فإن القانون رقم 111 لسنة 1975 - إذ قضى بإلغاء المؤسسات العامة ونقل كافة اختصاصاتها المقررة بمقتضى القوانين واللوائح إلى رؤساء مجالس إدارة الشركات التي كانت تابعة لها يكون قد أنهى تبعية هذه الشركات للمؤسسات المذكورة ومنحها ذاتية مستقلة بإحلالها محل المؤسسات الملغاة في مباشرة نشاطها واختصاصاتها التي كانت تتولاها عنها - ولما كانت الشركة الطاعنة في الأصل خصماً في الدعوى قبل صدور القانون المشار إليه وإنهاء تبعيتها للمؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج استقلالها بذاتيتها في تمثيل نفسها فإن الخصومة في الدعوى لا تكون قد انقطع سيرها بصدور ذلك القانون ولا يكون لزوال صفة المؤسسة المذكورة أي أثر على سيرها، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه صحيحاً إلى رفض الدفع بانقطاع سير الخصومة وكان لمحكمة النقض أن تستكمل ما شاب أسبابه من قصور فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانيا : عن الطعن رقم 173 لسنة 49 ق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون في السبب الأول منهما على الحكمين المطعون فيهما مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والتناقض والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق من خمسة أوجه، حاصل الوجهين الأول والرابع منها أن المحكمة الاستئنافية أكدت في حكمها الصادر في الاستئناف رقم 218 لسنة 91 ق نهائية قرار لجنة التقييم طبقاً لما نص عليه القانون رقم 72 لسنة 1963 ثم عادت وتناقضت مع نفسها حين قضت بإلغاء قضاء محكمة أول درجة بعدم اختصاصها بنظر دعوى المطعون ضده الأول على سند من القول أنها أقيمت بطلب تصحيح خطأ مادي أو حسابي في قرار تلك اللجنة، وحين تناولت بالتعديل في حكمها الثاني الصادر في الاستئناف رقم 489 لسنة 94 ق سعر أسهم الشركة المطعون ضدها الثانية - ذلك أن التعرض للعمليات السابقة على استخراج قيمة السهم لا بد وأن يؤثر في سعره بما يهدر ما لقرار اللجنة من حجية مانعة من الطعن عليه. وهو ما ينطوي على مخالفة لقواعد الاختصاص الولائي إذ أن قرار لجنة التقييم قرار إداري تختص بنظر الطعن فيه جهة القضاء الإداري أسوة بالقرارات الإدارية الصادرة عن لجان التقدير المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق إن انتهت إليه هذه المحكمة في الطعن الأول من أن قرار لجنة تقييم الشركة المطعون ضدها الثانية لم يكن له أية حصانه أو حجية قبل الدولة أو أصحاب الشأن لأن اللجنة لم تلتزم في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها وإنما أضافت إلى حقوقها ما ليس لها نتيجة تكرار خصم قيمة القسط الثاني للأسهم خطأ من حقوق المساهمين، ومن ثم فإن طرح هذه المنازعة على المحكمة المختصة لتحقيقها والفصل فيها لا يعد طعناً في قرار لجنة التقييم - أياً كان وجه الرأي في طبيعته - وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء بحسم هذه المنازعة ويكون ما ورد بوجهي النعي على قضاء محكمة الاستئناف المطعون فيه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 489 لسنة 94 ق قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم لرفعها على ذي صفة بمقولة أن صفتهم قائمة لأنهم هم الذين يقومون بإصدار السندات واستهلاكها عند حاجة، في حين أن قيمة تلك السندات تمثل ديناً في ذمة الشركة المطعون ضدها الثانية وتندرج خصومها في الميزانية فتعتبر وحدها صاحبة الصفة في الخصومة لاحتفاظها بشخصيتها الاعتبارية المستقلة عن الدولة رغم تأميمها وهو ما ينطوي على مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادتين الثانية والرابعة من القانون رقم 72 سنة 1963 - الصادر بتأميم بعض الشركات والمنشآت ومن بينها الشركة المطعون ضدها الثانية - على أن تتحول أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المشار إليها إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنوياً، وتكون السندات قابلة للتداول في البورصة ويجوز للدولة بعد عشر سنوات أن تستهلك هذه السندات كلياً أو جزئياً..... وأن الدولة لا تسأل عن التزامات تلك الشركة والمنشآت إلا في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم، يدل على أن الدولة تعتبر مسئولة عن سداد التزامات هذه الشركات والمنشآت في حدود ما آل إليها على هذا الوجه، وهو ما يوفر للطاعنين صفة في الخصومة، ولا يغير من ذلك احتفاظ تلك الشركة بشخصيتها المعنوية التي كانت لها قبل التأميم وذمتها المالية المستقلة بما عساه أن يكون عالقاً بها من التزامات، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى قبل الحكومة لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى أن المطعون ضده الأول يستهدف الحصول على سندات من الدولة مقابل ما يملكه من أسهم فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيق.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه إذ ربط سريان الفوائد بالمبلغ المقضي بأحقية المطعون ضده الأول في الحصول على سندات مقابلة يكون قد خالف المادة الثانية من القانون رقم 72 لسنة 1963 التي تربط سريان الفوائد بالسندات الاسمية التي تصدر في مقابل الأسهم، كما أنه لم يبين مصدره في رد استحقاق تلك الفوائد إلى تاريخ التأميم بما يشوبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة الثالثة من القانون رقم 72 سنة 1963 على أنه يحدد سعر كل سند بسعر السهم، يدل على أن سعر الفائدة الذي تلتزم به الدولة على السندات الاسمية المستحقة طبقاً للمادة الثانية من القانون يستحق من تاريخ التأميم بعد تحديد سعر هذه السندات بسعر الأسهم. وإذ انتهى الحكم في قضائه إلى استحقاق المطعون ضده الأول لسندات من الدولة كمساهم سابق في الشركة المطعون ضدها الثانية بالقيمة التي حددها وفوائدها بواقع 4% من تاريخ التأميم استناداً إلى نص المادة الثانية من القانون رقم 72 لسنة 1963 المشار إليه، فإن النعي عليه بمخالفة القانون وعدم الإفصاح عن سنده في قضائه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الخامس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ كان يتعين عليه وقد أظهر مبلغ 765500 جنية قيمة ما لم يحصل من القسط الثاني من الأسهم في جانب أصول الشركة أن يدرجه مرة أخرى في جانب خصومها باعتباره التزاماً على المساهمين لم يسدد بعد عملاً بقواعد المحاسبة، كما خالف الثابت بالأوراق وشابة القصور في التسبيب حين حدد إجمالي حقوق المساهمين بمبلغ 739/ 1879257 دون أن يبين سنده في ذلك ورغم ما جاء بقرار لجنة التقييم وتقرير الخبير المنتدب من أن قيمة هذا الإجمالي شاملة المبلغ الأول 739/ 1113757.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان تقييم المنشأة المؤممة إنما يقصد به تقدير قيمتها وقت التأميم توصلاً لتحديد التعويض الذي يستحقه أصحاب المنشأة مقابل نقل ملكيتها إلى الدولة وفقاً لأحكام القانون رقم 72 سنة 1963 ويتم ذلك بتحديد أصول المنشأة وخصومها واستنزال هذه من تلك، فإذا استبعدت لجنة التقييم عنصراً من عناصر الأصول انخفضت قيمة الأصول بمقداره وقل بالتالي صافي هذه الأصول، وكان تصحيح خطأ هذه اللجنة يقتضي أن يرد إلى أصول المنشأة ما استبعدته من العناصر، ولا محل لما يطالب به الطاعنون من إضافة هذه العناصر إلى الخصوم لأن اللجنة سبق أن أجرت هذه الإضافة عند التقييم ومن ثم فإن من شأنها تكرار خصم قيمة القسط الثاني لأسهم مرتين وبالتالي نقص التعويض المستحق لأصحاب المنشأة بمقدار هذا العنصر، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في أسبابه إلى تحديد إجمالي حقوق المساهمين على نحو يتفق مع هذا النظر، وتفادى بذلك خطأ لجنة التقييم التي أضافت إلى حقوق الشركة المطعون ضدها الثانية ما ليس لها نتيجة تكرار خصم قيمة القسط الثاني للأسهم، فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث أن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب، وبياناً لذلك يقولون أن الحكم قضى للمطعون ضده الأول بطلباته وبإلزام المؤسسة المصرية للغزل والنسيج - الطاعنة الأخيرة - ممثلة في شخص رئيس مجلس إدارتها بالمصاريف رغم انقطاع سير الخصومة بقوة القانون بصدور القانون رقم 111 لسنة 1975 بإلغاء المؤسسات العامة قبل إن تتهيأ الدعوى للفصل فيها، ولا يحول دون الانقطاع ما ذهب إليه الحكم دون دليل من أن صفة تلك المؤسسة ق اندمجت في الشركة المطعون ضدها الثانية.
وحيث إن هذا النعي مردود بما انتهت إليه هذه المحكمة في تناولها للوجه الخامس من سبب النعي الأول، وهو ما يستتبع اعتبار كل ما تضمنه الحكم المطعون فيه من إلزام المؤسسة المصرية العامة للغزل موجهاً للشركة المطعون ضدها الثانية التي استردت ذاتيتها كاملة بعد صدور القانون رقم 111 لسنة 1975 وحلت محل المؤسسة الملغاة في كل ما كان لها من حقوق واختصاصات بمقتضى القوانين واللوائح وهو ما يضحى معه النعي في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.