أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 725

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1961

برياسة السيد محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: فرج يوسف، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد الحميد السكري المستشارين.

(120)
الطعن رقم 158 لسنة 27 القضائية

( أ ) إعلان "إعلان أوراق المحضرين". "نقض". "إعلان الطعن".
وجوب إثبات المحضر عدم وجود المعلن إليه وإقامة من تسلم صورة الإعلان معه وصفته في الاستلام. إغفال المحضر هذه البيانات الجوهرية بورقة الإعلان يترتب عليه البطلان.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "تناقض".
تناقض الأسباب بعضها مع البعض الآخر وتهاترها بحيث لا يبقى فيها ما يكفي لحمل الحكم عليها. مثال في طلب تعويض عن الفصل التعسفي.
1 - الأصل في إعلان أوراق المحضرين - حسبما تقضى به المادة 11 من قانون المرافعات - أنه يجب أن يتم تسليم الورقة المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه فإن لم يجده المحضر في هذا الموطن جاز له - عملاً بالمادة 12 من قانون المرافعات - أن يسلم الورقة إلى وكيله أو خادمه أو من يكون ساكناً معه من أقاربه وأصهاره. وإذن فإذا كان المحضر الذي باشر الإعلان لم يثبت عدم وجود المعلن إليه وإقامة من تسلم صورة الإعلان معه وصفته في الاستلام فإن إغفال هذه البيانات الجوهرية يؤدي إلى بطلان الإعلان.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه - بعد أن نفى عن الطاعنة التعسف في فصلها المطعون عليهم - قد قضى لهم مع ذلك بالتعويضات التي قدرتها الشركة الطاعنة في الإخطارات الموجهة إليهم منها مع سبق تقرير الحكم أن هذه الإخطارات إنما تضمنت بيان ما يستحقه المطعون عليهم قبل الشركة من مقابل عن مهلة الإنذار ومكافأة نهاية الخدمة - وهي تختلف في أساسها القانوني عن التعويض عن الفصل التعسفي - فإن الحكم يكون مشوباً بالتناقض مما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة كانت قد استخدمت المطعون عليهم للعمل على باخرتين من بواخرها وقد ظلوا يواصلون عملهم إلى أن فصلتهم الشركة في يونيه سنة 1953 بدعوى أن استثمار الباخرتين قد ألحق بها خسارة. وعرضت الشركة عليهم ما يقابل مهلة الإنذار وما يعادل مكافأة نهاية مدة الخدمة. وتظلم المطعون عليهم إلى مكتب العمل بالسويس من قرار الفصل ولما لم يتمكن المكتب من إنهاء النزاع أحاله إلى محكمة العمال الجزئية للفصل في طلب وقف تنفيذ القرار. وقضت المحكمة بعدم الاختصاص. فاستأنف المطعون عليهم هذا الحكم وقضى استئنافياً بعدم جواز الاستئناف وعاد المطعون عليهم بعد ذلك ورفعوا ضد الطاعنة الدعوى رقم 154 سنة 1953 كلي القاهرة وقد انتهوا فيها إلى طلب الحكم بإعادتهم إلى عملهم وأحقيتهم لأجورهم اعتباراً من يوم الفصل ومن باب الاحتياط إلزام الشركة بالتعويض عن فصلهم تعسفياً. وفي 14 مارس سنة 1954 قضت المحكمة برفض الإعادة إلى العمل استناداً إلى أن علاقة المطعون عليهم بالشركة لا يحكمها عقد العمل الفردي وإنما تخضع لقانون التجارة البحري تكمله نصوص القانون المدني. ومهدت للفصل في طلب التعويض بندب خبير لتحقيق ما إذا كانت الشركة قد حققت ربحاً أم أنها منيت بخسارة مع بيان ما إذا كانت الشركة قد ألحقت بعملها عمالاً بحريين بدلاً من المطعون عليهم. واستأنف هؤلاء الآخرون هذا الحكم فيما قضى به من رفض إعادتهم إلى عملهم وذلك بالاستئناف الذي قيد بجدول محكمة استئناف القاهرة برقم 494 سنة 71 ق وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف وبجلسة 25 يناير سنة 1955 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وأقامت قضاءها على ما يساير وجهة النظر التي بني عليها حكم محكمة أول درجة. ثم عجلت الشركة الدعوى رقم 154 سنة 1953 كلي القاهرة في خصوص ما طلبه المطعون عليهم من تعويض. وقدم مكتب الخبراء تقريره. ثم قضت المحكمة بجلسة 11 ديسمبر سنة 1955 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم أن الشركة بعد أن فصلتهم بدون مبرر أحلت محلهم غيرهم في العمل ولتنفي الشركة ذلك. وبعد أن تم التحقيق قضت المحكمة بجلسة 29 أبريل سنة 1956 برفض دعوى التعويض تأسيساً على أنه قد تبين من تقرير مكتب الخبراء أن الطاعنة قد منيت بخسارة تبرر الاستغناء عن خدمات المطعون عليهم. واستأنف هؤلاء الأخيرون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 317 سنة 73 ق طالبين إلغاءه والحكم لهم بالتعويض. بجلسة 22 يناير سنة 1957 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليهم بالمبالغ المبينة به. وطعنت الشركة على هذا الحكم بطريق النقض طالبة نقضه ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 8 أكتوبر سنة 1960 وقررت إحالته إلى هذه الدائرة فنظر أمامها بجلسة 8 نوفمبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها الأولى من طلب نقض الحكم وما جاء بمذكرتها الثانية من دفوع. ولم يحضر أحد عن طرفي الخصومة.
ومن حيث إن النيابة العامة دفعت ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثاني والخامس استناداً إلى أن المحضر في سبيل إعلان المطعون عليه الثاني بصورة من تقرير الطعن قد سلم الصورة إلى زوجته دون أن يثبت عدم وجود المراد إعلانه بموطنه ودون أن يبين أن من خوطبت في الإعلان تقيم معه. كذلك فإن المحضر في إعلانه للمطعون عليه الخامس قد أغفل إثبات عدم وجوده ولم يبين صفة من تسلم الإعلان ومن ثم يكون المحضر في كل من الإعلانين قد خالف حكم المادة 12 من قانون المرافعات مما يترتب عليه بطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهما سالفي الذكر.
ومن حيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن الأصل في إعلان أوراق المحضرين - حسب ما تقضي به المادة 11 من قانون المرافعات - يجب أن يتم بتسليم الورقة المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه. فإن لم يجده المحضر في هذا الموطن جاز له عملاً بالمادة 12 من قانون المرافعات أن يسلم الورقة إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره. ولما كان يبين من أصل إعلان تقرير الطعن أن المحضر إذ اتجه إلى موطن المطعون عليه الثاني سلم الصورة لزوجته دون أن يثبت عدم وجوده ومن غير أن يذكر إنها تقيم معه وإذ انتقل لإعلان المطعون عليه الخامس سلم الصورة لمن يدعى محمود حسن دون أن يبين صفته في الاستلام ومن غير أن يثبت عدم وجود المطلوب إعلانه وكان إغفال المحضر لهذه البيانات الجوهرية في محضره مخالفاً لما نصت عليه المادة 12 من قانون المرافعات فإن إعلان المطعون عليهما الثاني والخامس يكون قد وقع باطلاً، وبالتالي يكون الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة لهما.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
ومن حيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه انطوى على تناقض يبطله ذلك أن الحكم في أسبابه قد نفى عن الشركة التعسف حين استغنت عن خدمات المطعون عليهم واقر حقها في فصلهم اعتماداً على الخسائر التي منيت بها ولكنه عاد فقرر حق المطعون عليهم في التعويض.
ومن حيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد في أسبابه "أن الشركة الطاعنة استغنت عن خدمات المطعون عليهم في 30 يونيه سنة 1953 وأنها أخطرتهم بالمكافأة التي يستحقها كل منهم على أساس أجرة شهر بدل إنذار وكذلك مكافأة عن مدة الخدمة... وأن الثابت من الأوراق أن استغناء الشركة الطعنة عن خدمة المطعون عليهم كان له ما يبرره ولم يكن وليد التعسف أو إساءة لاستعمال حق لأن الشركة المذكورة وقد استغنت عن خدمة الباخرة (كالتكس 85) في المياه المصرية ووجهتها إلى العمل في ميناء أجنبية إنما تكون في حدود حقها إذا ما استغنت عن خدمات طاقم الباخرة وليس عليها إلزام بإلحاق من كانوا يعملون على ظهرها بعمل آخر من أعمال الشركة وخاصة إذا ما لوحظ أخذاً بما جاء بتقرير الخبير من سبب الاستغناء عن تلك الباخرة إنما يرجع إلى خسارة كانت تتحملها الشركة من وراء تشغيلها في المياه المصرية ولا يلتفت إلى حالة الشركة المالية عموماً وأن نشاطها العام في القطر المصري كان رابحاً، ذلك لأن الأخذ بهذا النظر يؤدي إلى استحالة الاستغناء عن خدمة أي عامل من العمال في شتى الأقسام والفروع المختلفة التابعة للشركة"... عاد فقضي لهم بالتعويض استناداً إلى "أن الثابت من الاطلاع على الإخطارات التي وجهتها الشركة إلى المطعون عليهم أنها قدرت ما يستحقونه قبلها من تعويضات بالمبالغ الآتية (وذكر الحكم المبالغ الواردة في الإخطارات مبيناً المبلغ الذي أخطر به كل من المطعون عليهم وهو المبلغ الذي قضى له به)... وترى المحكمة الحكم لهم بتلك المبالغ المعترف بها من جانب الشركة" ويبين من هذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه أنه وقد نفى عن الطاعنة العسف في فصلها المطعون عليهم فإن النتيجة اللازمة لذلك هي رفض طلب التعويض. ولا يغير من هذا النظر ما علل به الحكم قضاءه من "أن الثابت من الاطلاع على الإخطارات التي وجهتها الطاعنة إلى المطعون عليهم قد قدرت فيها الطاعنة ما يستحقونه قبلها من تعويضات بالمبالغ المبينة بها... وترى المحكمة الحكم لهم بتلك المبالغ المعرف بها" لأن هذا القول يناقض ما سبق أن قرره الحكم من أن الإخطارات التي وجهتها الشركة إلى عمالها تضمنت ما يستحقونه من مقابل عن مهلة الإنذار ومكافأة نهاية مدة الخدمة وهي تختلف في أساسها القانوني عن التعويض للفصل التعسفي. ومن ثم فإن أسباب الحكم تكون قد تهاترت فتساقطت ولم يبق منها ما يكفي لحمله، وبالتالي يتعين نقض الحكم لهذا السبب دون حاجة إلى بحث الأسباب الأخرى.