أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 752

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1961

برياسة السيد محمود القاضي المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.

(125)
الطعن رقم 106 لسنة 26 القضائية

( أ ) نقض. "المصلحة في الطعن".
مناط المصلحة في الطعن أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن. العبرة في ذلك بوقت صدور الحكم.
(ب) حكم. "تسبيب الحكم". حوادث طارئة.
مناط تحقق شرط الإرهاق المهدد بالخسارة الفادحة للمشتري النظر إلى الصفقة محل التعاقد ذاتها. تقدير تأثر الصفقة محل النزاع بالظروف الاستثنائية مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع. تدليل الحكم على عدم تأثر إيرادات المشتري الأخرى بالظروف الاستثنائية. تزيد لا يؤثر على سلامة تسبيب الحكم المطعون فيه وصحة نظره القانوني إذ ليس هو دعامة الحكم الأساسية.
(ج) خبير. "ندبه". محكمة الموضوع. حكم. قصور. "ما لا يعد كذلك".
ندب الخبير رخصة مخولة لقاضي الموضوع. لا معقب عليه في رفض الطلب متى كان ذلك قائماً على أسباب سائغة.
1 - مناط المصلحة في الطعن أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن والعبرة في قيام المصلحة بوقت صدور الحكم محل الطعن.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه لم يجاوز - وهو بصدد بحث شرائط نظرية الحوادث الطارئة - النطاق الواجب التزامه في تحقيق شرط الإرهاق المهدد بالخسارة الفادحة للمشتري إذ قد نظر إلى الصفقة ذاتها مدللاً من ظروفها وملابساتها على انتفاء ذلك الشرط، وكان ما قرره في شأن عدم تأثر الصفقة المتنازع عليها بالظروف الاستثنائية مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية، فإنه لا يؤثر على سلامة تسبيب الحكم وصحة نظره القانوني ما أورده في سبيل التدليل على عدم تأثر إيرادات المشتري الأخرى بصدور قوانين تحديد الملكية وتقييد الإيجارات الزراعية متى كان هذا الذي أورده استطراداً زائداً ومسايرة من الحكم للطاعنة في هذا الاتجاه.
3 - ندب الخبير في الدعوى يعد - وفقاً للمادة 225 من قانون المرافعات - من الرخص المخولة لقاضي الموضوع وله وحده تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء ولا معقب عليه في ذلك متى كان رفض طلب تعيين الخبير قائماً على أسباب مبررة له. وإذن فإذا كان الحكم المطعون فيه قد رد على طلب ندب خبير بما مفاده أن المحكمة لم تر محلاً لإجابة هذا الطلب اكتفاء بما قام عليه الحكم المستأنف من أسباب أقرتها عليه محكمة الاستئناف فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع أو القصور يكون في غير محله متعيناً رفضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن واقعة الدعوى تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة أقامت الدعوى 123 لسنة 1953 كلي الزقازيق قائلة إنها اشترت من المطعون عليه 27 ف و12 ط مبينة بالصحيفة بثمن قدره 5625 جنيهاً بعقد مؤرخ في 12/ 5/ 1952 ومسجل في شهر يونيه من نفس السنة وأنها دفعت من الثمن وقت التعاقد مبلغ 2125 جنيهاً والتزمت بسداد الباقي على قسطين الأول بمبلغ 2000 جنيه في 30/ 12/ 1952 والثاني بمبلغ 1500 جنيه في 30/ 12/ 1953 وأنه قد ظهر لها أن قبولها للشراء كان مشوباً بغلط في صيغة جوهرية للبيع وأنها وقعت على العقد تحت تأثير تدليس من البائع وأنه فضلاً عن ذلك طرأت بعد البيع وقبل استحقاق الثمن المؤجل حوادث استثنائية عامة لم تكن متوقعة وترتب عليها أن تنفيذ الالتزام صار مرهقاً لها نتيجة لقيام ثورة 23 يوليه سنة 1952 وما أعقبها من تشريعات تحديد الملكية وتقييد إيجار الأراضي الزراعية بما استتبع هبوط قيمة الأرض وأصبح يستوجب رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول طبقاً للمادة 147/ 2 من القانون المدني وطلبت الحكم أصلياً بإبطال عقد البيع ورد الثمن واحتياطياً بإعفائها من دفع مؤجل الثمن - وفي 28/ 12/ 1953 حكمت محكمة الزقازيق الابتدائية برفض الدعوى - استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 85 سنة 60 ق المنصورة وفي 17 ديسمبر سنة 1955 صدر الحكم بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً فطعنت الطاعنة فيه بطريق النقض بتقرير مؤرخ 28 فبراير سنة 1956 وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17 مايو سنة 1960 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها طالبة رفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون إحالته إلى هذه الدائرة وفي 30 مايو سنة 1960 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان الطعن مؤشراً عليه بقرار الإحالة وفي 20 يونيه سنة 1960 أودعت وكيل المطعون عليه مذكرة ناقش فيها أسباب الطعن ودفع بعدم قبوله لانعدام المصلحة ونظر الطعن أمام هذه الدائرة بجلسة 26/ 10/ 1961 وبها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها الثانية طالبة رفض الدفع ورفض الطعن.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون عليه بعدم قبول الطعن مؤسس على أنه بتاريخ 13/ 12/ 1956 صدر الحكم في الاستئناف 645 سنة 73 ق استئناف القاهرة بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بإلزام الطاعنة بدفع المتبقي من الثمن كاملاً وبذلك تنعدم مصلحة الطاعنة في هذا الطعن.
وحيث إنه لما كان مناط المصلحة في الطعن إنما هو يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن وأنه ينبغي الرجوع في قيام المصلحة إلى وقت صدور هذا الحكم وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في 17 من ديسمبر سنة 1955 وطعن فيه بطريق النقض في 28 من فبراير سنة 1956 وقد صدر الحكم الاستئنافي سالف الذكر لاحقاً لهما في 13/ 12/ 1956 فإن الدفع يكون متعين الرفض.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سبين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه خالف حكم المادة 147/ 2 من القانون المدني وأخطأ في تطبيقها برده حالة الإرهاق والخسارة إلى أمور لا تتصل بالصفقة التي أبرم العقد في شأنه ذلك أنه بعد أن سلم بقيام الظروف الاستثنائية العامة بصدور قوانين تحديد الملكية وتقييد إيجار الأراضي الزراعية عاد فخالف الطاعنة بما ترتب على ذلك من إرهاق في تنفيذ الالتزام ووجه الخطأ في ذلك أن معيار الإرهاق معيار مرن يتغير بتغير الظروف والأشخاص والإرهاق لا ينظر فيه إلا إلى الصفقة ذاتها فإن هددت المدين بخسارة أضعاف الخسارة المألوفة فإنها تكون فادحة حتى ولو لم تعد شيئاً كبيراً بالنسبة إلى مجموع ثروته ويكون له التمسك بنظرية الظروف الطارئة وقد أقامت الطاعنة دعواها على أن الأرض التي دفع فيها 150 جنيهاً للفدان وقبل ثورة 23 يوليه سنة 1952 بشهر واحد هبطت قيمتها بحيث أصبحت لا تساوي نصف ما دفع معجلاً من ثمنها ولكن الحكم المطعون فيه خرج عن هذا الحد وراعى في تقدير الإرهاق موارد الطاعنة التي لا تتصل بذات الصفقة كما أنه خلص إلى أنها وهي ممن لا يملكون أكثر من 200 فدان ولم تخضع للاستيلاء، لا يمكن أن يقال إنها أصيبت بخسارة بل كل ما هنالك أن أرباحها نزلت إلى حد معقول وبهذا خرج الحكم مرة أخرى عن نطاق الصفقة.
وحيث إنه قد ورد بالحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في صدد الرد على تمسك الطاعنة بالإرهاق الناشئ عن الظروف الاستثنائية "لما كان إرهاق المدعية لا ينظر فيه إلا للصفقة التي أبرم في شأنها العقد بحيث تنسب الخسارة إلى هذه الصفقة لا إلى مجموع ثروة المدعية فإنه يلاحظ بداءة أن الصفقة موضوعها أطيان غير منزرعة فعلاً إذ هي أطيان للإصلاح وقد تم شهر العقد في 29/ 6/ 1952 وكان قد تسدد من الثمن وقتذاك 2125 جنيهاً واشترط في العقد على استحقاق القسط الثاني من الثمن وقدره 2000 جنيه في 30/ 12/ 1952 والقسط الثالث والأخير وقدره 1500 جنيه في 30/ 12/ 1953 ومن ذلك يبين أنه لم يكن ملحوظاً وقت التعاقد أن يسدد باقي الثمن من غلة الأرض المبيعة لأن الأرض تحتاج لإصلاح يستغرق فترة من الزمن بعد الأجل الذي يستحق فيه آخر قسط بحيث لا تؤتي ريعاً إلا في السنوات اللاحقة لذلك الإصلاح وهو ريع يتزايد على مر الأيام ويتضح من ذلك أن المدعية كانت تعتمد في سداد ثمن الأطيان التي اشترتها على موارد أخرى لها لا تتصل بهذه الأطيان التي كانت تحتاج فوق ثمنها إلى مصاريف أخرى للإصلاح ولا يكون ثمة إرهاق قد جد عليها في هذه الصفقة بسبب الحوادث الاستثنائية التي أشارت إليها إذ أن انخفاض الأسعار وارتفاعها لا تأثير له على الأطيان التي اشترتها والتي لا تغل شيئاً قبل إتمام إصلاحها كما أن تشريعات تحديد الملكية وتحديد إيجار الأراضي لا تأثير لها على الصفقة أيضاً إذ أنه طبقاً للمادة الثانية من المرسوم بقانون 178 سنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي يجوز للأفراد أن يمتلكوا أكثر من مائتي فدان من الأراضي البور التي تستصلح ولا يسري عليهم قيد تحديد الملكية إلا بعد 25 سنة من وقت التملك فالمدعية بفرض أنها تملك 200 فدان وهو ما لم تذكره ليست ملزمة ببيع الأرض التي اشترتها من المدعى عليه إذ أنها أرض إصلاح يجوز لها امتلاكها وبديهي أن لا أثر للتشريع الذي حدد إيجار الأراضي على هذه الصفقة لأن الأطيان المبيعة ليس مربوطاً عليها ضرائب وليست مؤجرة لأحد" ولما كان يبين من هذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه أنه لم يجاوز النطاق الواجب التزامه في تحقيق شرط الإرهاق المهدد بالخسارة الفادحة إذ قد نظر إلى الصفقة ذاتها مدللاً من ظروفها وملابساتها على انتفاء ذلك الشرط وكان ما قرره في شأن عدم تأثر الصفقة المتنازع عليها بالظروف الاستثنائية مما يدخل في سلطة المحكمة التقديرية، وكان مما لا يؤثر على سلامة تسبيب الحكم وصحة نظره القانون ما أورده بعد ذلك في سبيل التدليل على عدم تأثر الإيرادات الأخرى للطاعنة بصدور قوانين تحديد الملكية وتقييد الإيجارات الزراعية لأن ذلك كان منه استطراداً ومسايرة للطاعنة في هذا الاتجاه الذي كانت قد ذهبت له وهو ما أفصح عنه الحكم فإن النعي بهذا السبب يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقها في الدفاع والقصور إذ لم تستجب المحكمة إلى طلبها تعيين خبير لتقدير ثمن الأرض ولم ترد على هذا الطلب ولا على المستندات التي قدمتها في الاستئناف لأول مرة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن تعيين الخبير في الدعوى هو بحسب المادة 225 من قانون المرافعات من الرخص المخولة لقاضي الموضوع وله وحده تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء ولا معقب عليه في ذلك متى كان رفضه إجابة طلب تعيين الخبير قائماً على أسباب مبررة له، ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على طلب تعيين الخبير بما مفاده أن المحكمة لم تر محلاً لإجابة هذا الطلب اكتفاء بما قام عليه الحكم المستأنف من أسباب أقرتها تلك المحكمة فإنه يتعين رفض هذا السبب.