أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 765

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1961

برياسة السيد محمد متولي عتلم المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.

(128)
الطعن رقم 314 لسنة 26 القضائية

( أ ) عقد. "تفسير عبارات العقد". حكم. "عيوب التدليل". "مسخ".
الانحراف عن المعنى الظاهر من عبارات العقد مسخ له. تخصيص النص العام المطلق في التعاقد ينطوي على المسخ للعقد.
(ب) بورصة. عقود بيع القطن تحت القطع. "حق البائع في قطع السعر" "خيار المشتري في التغطية".
عقود بيع القطن تحت القطع من قبيل البيوع التي يكون تحديد الثمن فيها قاصراً على بيان الأسس التي تنظمه في وقت لاحق للتعاقد. تحديد الثمن يتراخى ويبقى معلقاً على ممارسة كل من الطرفين لحقوقه.
للبائع أن يحدد الثمن على أساس الأسعار التي يتم بها التعامل فعلاً في بورصة العقود في أي يوم يختاره من أيام العمل بالبورصة أو بتلك الأسعار مضافاً إليها العلاوة أو مستنزلاً منها الخصم حسب الاتفاق بشرط ألا يستنفذ المهلة المقررة له في العقد لممارسة حق القطع. إن استنفذها كان معيار السعر هو سعر البورصة في اليوم الأخير من هذه المهلة.
حق البائع في القطع يقابله خيار المشتري في التغطية. التزام البائع بأن يوفر للمشتري الوقت الذي يتسع للتغطية التي يكون إجراؤها بعملية عكسية يجريها المشتري كي يأمن تقلبات الأسعار.
ومتى تمت التغطية تحقق للمشتري مركز قائم بالبورصة قوامه العملية العكسية التي يكون قد أجراها ببورصة العقود.
(ج) بورصة. عقد بيع القطن تحت القطع. "القطع على سعر التعامل".
القطع على سعر التعامل في بورصة العقود مقيد - على ما جرى عليها العرف - بشرط هو أن يكون السعر نتيجة تعامل فعلي وليس سعراً اسمياً. إقرار المشرع لهذا العرف وتقنيته بما أورده بالمادة الأولى من القانون رقم 184 سنة 1959 المعدل للمرسوم بقانون رقم 131 سنة 1939.
(د) حكم. "عيوب التدليل". "فساد الاستدلال".
الاستدلال على حصول تعامل فعلي ببورصة العقود في تاريخ معين بالمبيعات التي تمت في بورصة البضاعة الحاضرة استدلال فاسد. هذه المبيعات لا شأن لها بالكونتراتات التي يتم التعامل عليها في بورصة العقود.
1 - الانحراف عن المعنى الظاهر لعبارات العقد مسخ له، فإذا كان قد\ نص في العقد على أن البيع خاضع لشروط بورصة مينا البصل وهو نص عام مطلق يحكم جميع شروط التعاقد بما في ذلك تحديد السعر فإن تفسير الحكم المطعون فيه لهذا النص بأنه قاصر على العيوب التجارية ينطوي على مسخ للعقد.
2 - عقود بيع القطن تحت القطع تعد من قبل البيوع التي يكون تحديد الثمن فيها قاصراً على بيان الأسس التي تنظمه في وقت لاحق للتعاقد وهي محكومة بالمادتين الأولى والثانية من المرسوم بقانون 131 سنة 1939 والمادة 85 من اللائحة الداخلية لقسم الأقطان في بورصة البضاعة الحاضرة وتخضع لقيودها وشروطها - فتحديد الثمن في هذه العقود يتراخى ويبقى معلقاً على ممارسة كل من الطرفين لحقوقه ووفائه بالتزاماته، وللبائع أن يحدد الثمن على أساس الأسعار التي يتم بها التعامل فعلاً في بورصة العقود في أي يوم يختاره من أيام العمل بالبورصة أو بتلك الأسعار مضافاً إليها العلاوة أو مستنزلاً منها الخصم حسب الاتفاق بشرط ألا يستنفذ المهلة المقررة له في العقد لممارسة حق القطع وإن استنفذها كان معيار السعر هو سعر البورصة في اليوم الأخير من هذه المهلة وحق البائع في القطع يقابله حق المشتري في التغطية ومن ثم فإن البائع ملزم بأن يوفر للمشتري الوقت الذي يتسع للتغطية التي يكون إجراؤها بعملية بيع عكسية يجريها المشتري في بورصة العقود في وقت القطع وبسعره وعن مقدار معادل للقدر الذي تم قطعه كي يأمن تقلبات السعار ومتى تمت التغطية تحقق للمشتري مركز قائم بالبورصة قوامه العملية العكسية التي يكون قد أجراها ببورصة العقود.
3 - لما كان القطع على سعر التعامل في بورصة العقود على ما جرى به العرف مقيداً بشرط هو أن يكون السعر نتيجة تعامل فعلي وليس سعراً اسمياً ناجماً عن عدم إقبال المشترين على الشراء أو على عدم عرض البائعين أقطانهم للبيع فإن المشرع قد أقر هذا العرف وقننه بما أورده بالمادة الأولى من القانون 184 سنة 1959 المعدل للمرسوم بقانون رقم 131 سنة 1939، ومتى كان الثابت أن تعملاً فعلياً لم يجر في بورصة العقود نتيجة لقرار وزير المالية الصادر في 16/ 1/ 1952 بوضع حد أدنى للأسعار في تلك البورصة حتى صدور القرار الوزاري المؤرخ 17/ 2/ 1952 الذي حظر إجراء أية عملية من عمليات البيع على استحقاق شهور فبراير ومارس وأبريل سنة 1952 إلا إذا كان مقصوداً بها تصفية مراكز قائمة ثم مدت كافة عمليات القطع من فبراير إلى يونيه سنة 1952 بقرار من لجنة البورصة ولم تكن الطاعنة عند صدور هذا القرار ذات مركز قائم بالنسبة للعملية موضوع الدعوى لعدم إخطار المطعون عليه إياها بالقطع قبل 10/ 2/ 1952 وبعدم إجرائها لعملية التغطية بسبب تعطيل البورصة في يومي 10 و11 فبراير سنة 1952 ولأن السعر في الأيام التالية حتى 17/ 2/ 1952 كان حد أدنى بائع وهو سعر اسمي لم يجر به تعامل فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى اعتبار السعر الذي أعلن في بورصة العقود يوم 12/ 2/ 1952 هو الواجب إجراء المحاسبة على أساسه باعتبار أن السعر الذي قصده العاقدان يكون قد خالف القانون [(1)].
4 - استدلال الحكم المطعون فيه على حصول تعامل فعلي في اليوم التالي لانتهاء تعطيل البورصة بالعمليات التي تمت في بورصة البضاعة الحاضرة استدلال فاسد إذ أن هذه المبيعات لا شأن لها (بالكونتراتات) التي يتم التعامل عليها في بورصة العقود والتي اتفق الطرفان على اتخاذها أساساً لتحديد السعر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون عليه أقام الدعوى 1554 سنة 1952 كلي القاهرة ضد الطاعنة قائلاً إنه بموجب عقد مؤرخ في 12 من نوفمبر سنة 1951 باع إلى شركة مصر لحلج الأقطان بصفتها وكيلة عن الشركة الطاعنة 21 و756 قنطاراً من القطن الأشموني الشعر موسم 51/ 52 من رتبة فولي جود فير إلى رتبة جود على أن تحدد العلاوة تحت سعر العقود بناقص 14 ريالاً لرتبة الفولي جود فير، و9 ريالات لرتبه الجود فير... وعلى أن يكون قطع السعر بحسب رغبة البائع المطعون عليه إلى ميعاد غايته 10 من فبراير سنة 1952 على أساس سعر الكنتراتات استحقاق فبراير سنة 1952 وأنه قام بتسليم القدر المتعاقد عليه في خلال الموعد المحدد لذلك وإنه بتاريخ 20 من فبراير سنة 1952 أخطر الشركة الطاعنة ببرقية بقطع باقي القدر المبيع وقدره 250 قنطاراً وبتحديد العسر على أساس سعر يوم 10 من فبراير سنة 1952 وطلب تسوية حسابه على هذا الأساس ولكنه تلقى في 18 من مارس سنة 1952 برقية من الشركة تخطره بنقل أقطانه إلى كنتراتات يونيه بدون مصاريف فاعترض متمسكاً بالسعر السابق تحديده (10/ 2/ 1952) ثم تلقى بعد ذلك برقية من الشركة تفيد تحديد السعر على أساس سعر القفل في يوم 28 من أبريل سنة 1952 ولكنه اعترض على ذلك متمسكاً بسعر 10/ 2/ 1952 وهو اليوم الذي يجب ألا يتجاوزه تحديد السعر طبقاً للاتفاق ولا تملك الشركة مخالفته ونقل السعر إلى شهر آخر وقال إنه تأسيساً على ذلك تكون المحاسبة عن 250 قنطاراً موضوع المنازعة والتي لم يكن قد تم قطع سعرها بسعر يوم 10/ 2/ 1952 وقدره 95.10 ريالاً وبخصم المبلغ الذي قيدته الشركة لحسابه وقدره 13250 جنيهاً يكون المستحق له قبل الشركة مبلغ 1556 ج و817 م وهو ما طلب الحكم له به. دفعت الشركة الطاعنة الدعوى بقولها إنه منصوص في العقد على خضوعه لشروط بورصة مينا البصل وأن المطعون عليه لم يخطرها بالقطع قبل 10/ 2/ 1952 ولما كان هذا اليوم هو اليوم الأخير وكذا يوم 11/ 2/ 1952 قد صادفا عطلة رسمية فكان يجب تحديد السعر على أساس سعر يوم 12/ 2/ 1952 طبقاً للمادة 35 من اللائحة الداخلية لقسم الأقطان ببورصة مينا البصل ولكن حدث أنه لم يكن هناك تعامل في البورصة في ذلك اليوم والأيام التالية إذ كانت الأسعار المعلنة في البورصة هي حد أدنى بائع وظل الحال كذلك حتى يوم 17/ 2/ 1952 الذي صدر فيه القرار الوزاري 17 لسنة 1952 الذي حظر إجراء أية علميات على استحقاق فبراير ومارس وأبريل إلا إذا كان مقصوداً بها تصفية مراكز قائمة فعلاً وأنه تطبيقاً لذلك تعين تحديد الأسعار على عقود يونيه سنة 1952 وكان السعر الواجب أن تخضع له عقود فبراير سنة 1952 هو 60 و66 ريالاً وهو سعر التعامل في يوم 28 من أبريل سنة 1952 إلا أنه صدر قرراً من لجنة بورصة مينا البصل في 14/ 5/ 1952 بتحديد سعر الأقطان المنقولة من فبراير إلى يونيه بمبلغ 72 ريالاً وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 3/ 1952 بتحديد هذا المبلغ ثمناً للقنطار الواحد بعد خصم المصاريف الفعلية التي حددت بريالين وقال الشركة الطاعنة إنها حددت السعر وسوّت حساب المطعون عليه على تلك الأسس ومحكمة أول درجة أقرت نظر المطعون عليه في وجوب تحديد الثمن على أساس السعر الذي أعلن في يوم 12/ 2/ 1952 بغض النظر عن التعامل الفعلي وحكمت في 10 من نوفمبر سنة 1954 بندب خبير لتصفية الحساب على هذا الأساس.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 275 سنة 72 ق استئناف القاهرة ناعية على الحكم المستأنف مسخه للعقد لأن قصد الطرفين - كما نص في العقد - انصرف إلى إخضاعه لشروط بورصة مينا البصل ومنها الشروط الخاصة بتحديد السعر - ومحكمة الاستئناف - جارت الحكم الابتدائي في اعتبار أن العقد عقد بيع تام اتفق فيه الطرفان على تحديد جميع شرائطه وأنهما لم يتركا تحديد السعر لأية ظروف غير حلول يوم 10/ 2/ 1952 وتحديد السعر على أساس سعر ذلك اليوم أو يوم العمل التالي له وهو يوم 12/ 2/ 1952 وكان السعر فيه 95.10 ريالاً ولا أثر لشروط البورصة على ذلك لأن الصفقة موضوع الدعوى إن هي إلا عملية بيع خارج البورصة وأن المقصود بالنص على خضوع العقد لشروط البورصة إنما ينصرف إلى العيوب التجارية دون السعر وهو لا يشترط أن يكون تحديده نتيجة لتعامل فعلي في البورصة وأضافت المحكمة أنه قد ثبت لها فضلاً عن ذلك أن بيوعاً تمت فعلاً يوم 12/ 2/ 1952 داخل بورصة مينا البصل والأيام التالية حتى يوم 15/ 2/ 1952 وانتهت إلى الحكم في 8 مايو سنة 1956 برفض الاستئناف وتأييداً الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ في 24 يونيه سنة 1956 وطلبت للأسباب الواردة به نقض الحكم المطعون فيه وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 25 من أكتوبر سنة 1960 وبها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت الإحالة لنقض الحكم وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وفي 5 نوفمبر سنة 1960 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان الطعن مؤشراً عليها بقرار الإحالة ومعلنة للمطعون عليه في 30 أكتوبر سنة 1960 ومذكرة أحالت فيها إلى التقرير ولم يقدم المطعون عليه دفاعاً ونظر الطعن أمام هذه الدائرة بجلسة 9/ 11/ 1961 وبها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون من وجهين أولهما أنه إذ فسر النص الوارد في عقد البيع على أن البيع خاضع لشروط بورصة مينا البصل بأنه يفيد خضوع العقد لهذه الشروط فيما يختص بالعيوب التجارية وحدها ولا ينسحب إلى تحديد الثمن قد خالف المادة 150/ 1 من القانون المدني بانحرافه عن المعنى الظاهر لعبارة العقد - وثانيهما أن الحكم باتخاذه سعر يوم 12 من فبراير سنة 1952 وهو 95.10 ريالاً للقنطار أساساً لتحديد ثمن القطن المبيع على الرغم مما أثبته الحكم من أن هذا السعر كان حداً أدنى بائع قد خالف القانون وتشريعات البورصة وقرارات لجانها كما أنه خالف العرف السائد في هذا الشأن لأن من يشتري أقطاناً ويرتضي تخويل البائع حق تحديد الثمن في تاريخ لاحق لا يقبل ترتيب هذا الحق إلا لأنه يعلم أن له حقاً مقابلاً في التغطية التي تتم ببيع صفقة معادلة بالسعر الذي يتم التحديد على أساسه في تاريخ هذا التحديد فحق البائع في قطع السعر وحق المشتري في التغطية متقابلان متلازمان يمثلان تكافؤ الفرص بينهما وكلما أمتنع على المشتري أن يغطي مركزه عن طريق البيع في تاريخ التحديد امتنع على البائع أن يستعمل حقه في تحديد السعر دون تفريق بين ما إذا كان التعامل تم داخل البورصة أو خارجها - ولما كان وصول السعر في يوم 12 فبراير سنة 1952 إلى حد أدنى بائع معناه عدم وجود مشترٍ بهذا السعر فإنه كان يستحيل على الطاعنة إجراء عملية تغطية في ذلك اليوم - أما استدلال الحكم بحصول تعامل في هذا اليوم والأيام الثلاثة التالية في بورصة مينا البصل فاستدلال فاسد لأن هذا التعامل إنما جرى على بضاعة حاضرة ولا شأن له بالتعامل بالكونتراتات التي تم الاتفاق بين الطرفين على تحديد الثمن على أساسها - وأضافت الطاعنة أنه إذا كان من المحقق أن قطع السعر كان ممتنعاً في يوم 12 فبراير سنة 1952 لوصول سعر عقد فبراير فيه إلى الحد الأدنى بائع وكان من المحقق كذلك أن قطع السعر كان ممتنعاً للسبب نفسه منذ هذا التاريخ حتى يوم 17 فبراير سنة 1952 الذي صدر فيه قرار وزير المالية رقم 17 سنة 1952 بحظر التعامل على عقود شهور معينة منها شهر فبراير وضح أن ثمن الأقطان المبيعة للطاعنة لم يكن من الميسور قطعه وبالتالي تحديده في يوم 10 فبراير سنة 1952 الذي اتفق في العقد على أن يكون نهاية الأجل المحدد لقطع السعر لأن ذلك اليوم كان عطلة رسمية أو في الأيام التالية له لوقوف الأسعار عند الحد الأدنى ولما أصدرت لجنة البورصة في 5 مارس سنة 1952 قراراً يعد كافة عمليات القطع في شهر فبراير إلى شهر يونيه بدون غرامة أو خصم فإن الطاعنة نفذت حكم هذا القرار وأخطرت المطعون عليه بنقل أقطانه إلى شهر يونيه ولما كان آخر ميعاد لتحديد سعر كونتراتات يونيه بالنسبة لهذه الأقطان هو يوم 28 أبريل سنة 1952 وكان هذا اليوم من أيام التعامل الفعلي في البورصة فقد أخطرته بتحديد سعر أقطانه بالسعر الذي جرى عليه التعامل في هذا اليوم وهو 66.60 ريالاً للقنطار ولما أصدرت لجنة بورصة مينا البصل بعد ذلك في 14 مايو سنة 1952 قراراً يقضي بأن جميع العمليات تحت القطع التي أجلت من شهري فبراير وأبريل إلى شهر يونيه تقطع بسعر 72 ريالاً يخصم منها المصاريف الفعلية التي قدرتها اللجنة بريالين فإن الطاعنة نزلت على أحكام هذا القرار وعدلت أساس المحاسبة بينها وبين المطعون عليه وجعلته 70 ريالاً للقنطار ولكن الحكم المطعون فيه لم يقرها على هذا الأساس وأخذ بوجهة نظر الحكم الابتدائي الذي جعل أساس تحديد السعر هو سعر عقد فبراير في يوم 12 منه وهو 95.10 ريالاً مع أن هذا السعر كان قد أعلن في البورصة باعتباره حد أدنى بائع ولم يجر به تعامل كما سبق القول.
وحيث إن هذا النعي صحيح في وجهيه ذلك أنه في خصوص الوجه الأول فإنه يبين من العقد أنه قد نص فيه على أن هذا البيع خاضع لشروط بورصة مينا البصل وهذا النص عام مطلق يحكم جميع شروط العقد بما فيها تحديد السعر فتفسير الحكم المطعون فيه له بأنه قاصر على العيوب التجارية ينطوي على مسخ العقد بانحرافه عن معناه الظاهر. كما أنه في خصوص الوجه الثاني فإن المادة الأولى من المرسوم بقانون 131 سنة 1939 قد نصت على أنه "تسري على بيوع الأقطان بأثمان تحدد فيما بعد عدا البيوع التي تجرى في بورصة مينا البصل أو تسليم المحطة الأحكام الآتية (1) يكون للبائع الحق في تحديد السعر في أي يوم من أيام العمل بالبورصة حتى يوم السادس عشر من الشهر الذي تم البيع على أساس كونتراتاته (ب) إذا كان يوم 16 من الشهر يوم عطلة بالبورصة فإن الأجل يمتد إلى يوم العمل التالي له (ج) يكون للبائع الحق في تحديد السعر على أساس أي سعر من أسعار الساعة 11 و45 دقيقة، 12 و15 دقيقة، 12 و45 دقيقة أو الساعة الواحدة بعد الظهر بشرط أن يرسل أمر تحديد السعر إلى المشتري في موعد يسمح له عند الاقتضاء بإجراء علمية التغطية في الساعة المبينة في الأمر المذكور" ونصت المادة الثانية من هذا المرسوم على أن "كل شرط وارد في العقود يخالف أحكام هذا المرسوم بقانون يعتبر لاغياً لا يعمل به" كما نصت المادة 85 من اللائحة الداخلية لقسم الأقطان في بورصة البضاعة الحاضرة على أنه "في حالة التعاقد في البضاعة الحضارة بسعر يزيد أو ينقص عن سعر العقود أو بسعر العقود مع احتفاظ البائع بالحق في أن يطلب تحديد أسعار العقود الخاصة بها في تاريخ لاحق لا يجوز أن يجاوز ميعاد التحديد ثلاثة من أيام لا يدخل في حسابها يوم البيع - وإذا كان التاريخ المتفق عليه كآخر ميعاد لتحديد السعر يوم عطلة أو جزءاً من أيام عطلة مقررة من بورصة البضائع في الإسكندرية يكون التحديد في اليوم الأول من أيام استئناف العمل في البورصة المذكورة إلا إذا قرر الطرفان غير ذلك" ومؤدى هذه النصوص أن عقود بيع القطن تحت القطع تعد من قبيل البيوع التي يكون تحديد الثمن فيها قاصراً على بيان الأسس التي تنظمه في وقت لاحق للتعاقد. وهي محكومة بالنصوص المتقدمة تخضع لقيودها وشروطها، فتحديد الثمن يتراخى ويبقى معلقاً على ممارسة كل من الطرفين لحقوقه ووفائه بالتزاماته - وللبائع أن يحدد الثمن على أساس الأسعار التي يتم بها التعامل فعلاً في بورصة العقود في أي يوم يختاره من أيام العمل في البورصة أو بتلك الأسعار مضافاً إليها العلاوة أو مستنزلاً منها الخصم حسب الاتفاق بشرط ألا يستنفد المهلة المقررة في العقد لممارسة حق القطع وإن استنفدها كان معيار السعر هو سعر البورصة في اليوم الأخير من هذه المهلة - وحق البائع في القطع يقابله خيار المشتري في التغطية. والبائع ملزم بأن يوفر للمشتري الوقت الذي يتسع للتغطية التي يكون إجراؤها بعملية بيع عكسية يجريها المشتري في بورصة العقود في وقت القطع وبسعره وعن مقداره معادل للقدر الذي تم قطعه كي يأمن تقلبات الأسعار فإن هبط السعر خسر فيما اشتراه بضاعة حاضرة ما يعادل كسبه فيما باع من عقود البوصة والعكس صحيح. ومتى تمت التغطية تحقق للمشتري مركز قائم بالبورصة قوامه العملية العكسية التي يكون قد أجراها ببورصة العقود ولما كان القطع على سعر التعامل في بورصة العقود - على ما جرى به العرف - مقيداً بشرط هو أن يكون السعر نتيجة تعامل فعلي وليس سعراً اسمياً ناجماً عن عدم إقبال المشترين على الشراء أو عدم عرض البائعين أقطانهم للبيع فإن المشرع قد أقر هذا العرف وقننه بما أورده بالمادة الأولى من القانون 184 لسنة 1959 المعدل للمرسوم بقانون 131 سنة 1939 التي تنص على أنه "يكون للبائع الحق في قطع السعر في أي يوم من أيام العمل ببورصة العقود بالإسكندرية حتى اليوم السابق لأول الشهر الذي تم البيع على أساس عقده فإذا كان نهاية الأجل الذي يحق فيه للبائع قطع السعر يوم عطلة ببورصة العقود بالإسكندرية أو كان التعامل في هذا اليوم محدداً بأسعار اسمية أو أسعار لا تعامل بها لأي سبب كان فإن الأجل يمتد إلى اليوم التالي له" ولما كانت عقود بيع القطن تحت القطع محكومة بالقواعد السابق بيانها وكان الثابت أن تعاملاً فعلياً لم يجر في بورصة العقود نتيجة لقرار وزير المالية الصادر في 16 يناير سنة 1952 بوضع حد أدنى للأسعار في تلك البورصة وأن الوضع ظل كذلك حتى 17 فبراير سنة 1952 حيث صدر القرار الوزاري رقم 17 الذي حظر إجراء أي علمية من علميات البيع على استحقاق شهر فبراير ومارس وأبريل سنة 1952 إلا إذا كان مقصوداً بها تصفية مراكز قائمة ثم صدر قرراً لجنة البورصة في 5 مارس سنة 1952 بمد كافة علميات القطع من فبراير إلى يونيه بدون غرامة أو خصم - ولم تكن الطاعنة عند صدور هذا القرار ذات مركز قائم بالنسبة للعملية موضوع الدعوى لعدم إخطار المطعون عليه إياها بالقطع قبل 10/ 2/ 1952 ولعدم إجرائها لعملية التغطية بسبب تعطيل البورصة في يومي 10 و11 فبراير سنة 1952 ولأن السعر في الأيام التالية حتى 17/ 2/ 1952 كان حد أدنى بائع وهو سعر اسمي لم يجر به تعامل فإن الحكم المطعون فهي إذ انتهى في قضائه إلى اعتبار السعر الذي أعلن في بورصة العقود يوم 12/ 2/ 1952 هو الواجب إجراء المحاسبة على أساسه باعتبار أنه السعر الذي قصده العاقد أن يكون قد خالف القانون. أما استدلاله على حصول تعامل فعلي في ذلك اليوم بالمبيعات التي أشار إليها فهو استدلال فاسد لأن هذه المبيعات تمت في بورصة منيا البصل - كما جاء بالحكم - وهي مبيعات متعلقة ببضاعة حاضرة ولا شأن لها بالكنتراتات التي يتم التعامل عليها في بورصة العقود والتي اتفق الطرفان على اتخاذها أساساً لتحديد السعر.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه وترى المحكمة الحكم في الدعوى عملاً بالمادة 24/ 1 من القانون 57 لسنة 1959.
وحيث إنه لما كان الثابت من وقائع الدعوى أن الطاعنة قد حاسبت المطعون عليه على أساس السعر الذي حددته لجنة البورصة بقرارها الصادر في 14 مايو سنة 1952 وهو سبعون ريالاً للقنطار وكان هذا الأساس هو الصحيح فإن دعوى المطعون عليها بالمطالبة بأكثر منه يكون على غير أساس متعينة الرفض.


[(1)] المبدأ مقرر في الطعن رقم 412 سنة 25 ق جلسة 26/ 1/ 1960.