أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 878

جلسة 29 من مارس سنة 1984

برياسة السيد المستشار عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة، أحمد كمال سالم، محمد العفيفي وشمس ماهر.

(167)
الطعن رقم 825 لسنة 50 القضائية

(1) استئناف "نطاق الاستئناف".
الأثر الناقل للاستئناف. طلب المستأنف إلغاء حكم التعويض الصادر ضده عن المسئولية التقصيرية ورفض الدعوى. إلغاء الحكم المطعون فيه للتعويض عن الضرر المادي. النعي عليه بتعرضه لما لم يطلبه الخصوم. غير صحيح. علة ذلك.
(2) حكم "حجية الحكم الجنائي".
حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. نطاقها. تحديد نوع الضرر الواقع على الطاعنين في جريمة تعذيبهما ليس من الأمور اللازمة للحكم بالإدانة. أثره. لا حجية لهذا القضاء تحول بين القضاء المدني والتعرض لتحديده مثبتاً لأنواع الضرر جميعاً أو نافياً أياً منها.
(3) تعويض "عناصر التعويض".
تعويض عن الضرر المادي. شرطه. الإخلال بمصلحة مالية وأن يكون الضرر محققاً سواءً وقع بالفعل أو وقوعه في المستقبل حتمياً.
(4) تعويض. حكم "تسبيبه".
فصل الطاعنين من الخدمة العسكرية بعقوبة تبعية بالتطبيق للمادة 123 من قانون الأحكام العسكرية رقم 52/ 66. رفض الحكم المطعون فيه طلب التعويض عن فوات فرص التدرج في الرتب الوظيفية قبل صدور قرار بالعفو عن باقي العقوبة. صحيح.
(5) قانون. دستور.
العفو بقرار جمهوري عن العقوبة دون صدور قانون به. م 149 من الدستور. ليس بعفو شامل. أثره.
(6) اختصاص "اللجان القضائية للقوات المسلحة". تعويض. مسئولية تقصيرية.
اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة. ق 71 لسنة 1975. مناطه. طلب الضباط التعويض استناداً إلى أحكام المسئولية التقصيرية. انحسار اختصاص هذه اللجان عنه.
1 - إذا كان رفع الاستئناف من المحكوم عليه يترتب عليه طرح النزاع المحكوم فيه على محكمة الدرجة الثانية أي نقل موضوع الخصومة إلى محكمة الاستئناف في حدود ما رفع عنه الاستئناف وإعادة عرضه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية، وكان الثابت أن المطعون ضده قد استأنف بدوره الحكم الابتدائي طالباً إلغاءه ورفض دعوى الطاعنين وهو ما يتضمن وبطريق اللزوم إلغاء الحكم المستأنف في خصوص قضائه بالتعويض عن الضرر المادي فإن محكمة الاستئناف إذ رأت عدم توافر الضرر المادي وألغت الحكم الابتدائي فيما قضى به من تعويض عن هذا الضرر فلا تكون بذلك قد تعرضت للفصل في أمر غير معروض عليها أو خالفت المادة 218 من قانون المرافعات.
2 - حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه المؤدية إليها بالنسبة لما كان موضع المحاكمة ودون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية لهذه البراءة أو تلك الإدانة، وإذ كان تحديد نوع الضرر الواقع على الطاعنين ليس من الأمور الضرورية لإدانة تابعي المطعون ضده في جريمة تعذيبهما فإنه لا على الحكم المطعون فيه أن يعرض لتحديده مثبتاً لأنواع الضرر جميعاً أو نافياً أياً منها دون أن تكون للحكم الجنائي حجية ملزمة في هذا الخصوص.
3 - يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو أن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً.
4 - مؤدى نص المادة 123 من قانون الأحكام العسكرية الصادر برقم 25 لسنة 1966 والمادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 48 لسنة 67 بإنشاء محكمة الثورة أنه يترتب على الحكم الصادر على الطاعنين بالأشغال الشاقة من محكمة الثورة لمخالفة المادة 138/ 1 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 66 المشار إليه طردهما من الخدمة، وإذ رفض الحكم المطعون فيه القضاء للطاعنين بالتعويض عن فوات التدرج في الرتب الوظيفية في الفترة السابقة على قراري العفو باعتبار أن ذلك كان عقوبة تبعية لعقوبة الأشغال الشاقة المقضي بها عليهما من محكمة الثورة وهي محكمة ذات سيادة ولأحكامها حجية فإن النعي عليه بمخالفة القانون في ذلك يكون على غير أساس.
5 - إذ كان نص المادة 149 من الدستور قد جرى على أن "لرئيس الجمهورية حق العفو عن العقوبة أو تخفيفها، أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن العفو عن الطاعنين لم يصدر بقانون ومن ثم فهو ليس بعفو شامل بل هو عفو عن باقي العقوبة الأصلية والتبعية والآثار الجنائية المترتبة على حكم الإدانة.
6 - يبين من المراحل التشريعية للقانون رقم 71 لسنة 1975 وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة ومن تقرير اللجنة المشتركة من اللجنة التشريعية ومكتب لجنة الأمن القومي والتبعية القومية عنه أنه رؤى بإصداره أن تكون اللجان القضائية بمثابة القضاء الإداري العسكري بالمقابلة للقضاء الجنائي العسكري وذلك إعمالاً للمادة 183 من الدستور التي تنص على أن "تنظيم القانون العسكري ويبين اختصاصه في حدود المبادئ الواردة بالدستور"، لما كان ذلك وكانت دعوى الطاعنين لا تعد من قبيل المنازعات الإدارية فهي ليست بطلب إلغاء قرار إداري أو التعويض عنه بل هي مطالبة منهما بالتعويض استناداً إلى أحكام المسئولية التقطيرية المبين أحكامها في القانون المدني فإن مؤدى ذلك أن ينحسر عنه اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة المنصوص عليها في القانون رقم 71 لسنة 75 المشار إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 1403 سنة 78 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضده بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لكل منهما مبلغ 300 ألف جنيه عن الأضرار المادية التي لحقت به ومبلغ 100 ألف جنيه عن الأضرار الأدبية. وقالا شرحاً لها إنهما حوكما أمام محكمة الثورة ولقيا أثناء المحاكمة صنوفاً من التعذيب والأذى لحملهما على الاعتراف بارتكاب الجرائم التي نسبت إليهما أمامها مما سبب لكل منهما أضراراً أدبية ومادية تتمثل في الآلام التي نتجت عن الجروح والتشويهات التي أصابت بدنهما وفي الكسب الضائع عليهما من جراء فوات فرص الترقي لهما وفصلهما من الخدمة مما يعد إخلالاً بمصلحة مادية محققة، وقد ثبت تعذيبهما والأذى الذي حاق بهما بالحكم الصادر في الجناية رقم 331 سنة 76 عسكرية وذلك بإدانة مرتكبي وقائع التعذيب تابعي المطعون ضده بصفته. وبتاريخ 15/ 6/ 78 قضت لكل منهما بمبلغ (5000) جنيه تعويضاً عن الضرر المادي والأدبي. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد برقم 4942 س 95 ق كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 5163 س 95. وبتاريخ 5/ 2/ 80 قضت المحكمة في طلب التعويض عن الضرر الأدبي بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضده بأن يؤدي لكل منهما مبلغ (7000) جنيه وفي طلب التعويض عن الضرر المادي بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الاستئناف بالنسبة لطلب التعويض عن فوات فرص التدرج في الرتب الوظيفية والفروق المالية والمزايا الوظيفة وذلك عن الفترة السابقة على قراري العفو رقمي 1196 لسنة 72، 1196 مكرر سنة 72 المعمول بهما اعتباراً من تاريخ 19/ 10/ 72 وتأييد الحكم المستأنف في هذا الخصوص وبالنسبة للفترة اللاحقة على قراري العفو المشار إليهما بعدم اختصاص المحكمة بنظر طلب التعويض عن هذه الفترة الأخيرة وباختصاص اللجنة القضائية المختصة طبقاً للقانون رقم 71 لسنة 75 وبإحالته إليها. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن قد أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان أن المحكمة بعد أن رفضت استئناف المطعون ضده فإنه لم يعد مطروحاً أمامها سوى استئنافهما ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء طلب التعويض عن الضرر المادي قد قضى بما لم يطلبه الخصوم وأساء إليهما كمستأنفين الأمر المخالف لنص المادة 218 من قانون المرافعات بما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان رفع الاستئناف من المحكوم عليه يترتب عليه طرح النزاع المحكوم فيه على محكمة الدرجة الثانية أي نقل موضوع الخصومة إلى محكمة الاستئناف في حدود ما رفع عنه الاستئناف وإعادة عرضه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية وكان الثابت أن المطعون ضده. قد استأنف بدوره الحكم الابتدائي طالباً إلغاءه ورفض دعوى الطاعنين وهو ما يتضمن وبطريق اللزوم إلغاء الحكم المستأنف في خصوص قضائه بالتعويض عن الضرر المادي فإن محكمة الاستئناف إذ رأت عدم توافر الضرر المادي وألغت الحكم الابتدائي فيما قضى به من تعويض عن هذا الضرر فلا تكون بذلك قد تعرضت للفصل في أمر غير معروض عليها إذ خالفت المادة 218 من قانون المرافعات ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أن اشتراط الحكم المطعون فيه لاستحقاق التعويض عن الضرر المادي أن يثبت أن إحداث الجرح أو الإصابة من شأنها الإخلال بالقدرة على الكسب أو تكبد نفقات في العلاج اشرطاً لا أصل له في القانون ومخالف للحكم الجنائي البات الذي له حجية أمام المحاكم المدنية والذي أثبت حدوث الضرر المادي فضلاً عن إثباته قيام العناصر الأخرى للمسئولية بما يرتب قيام الحق في التعويض المادي باعتباره الأصل ثم التعويض الأدبي باعتباره نتيجة طبيعية لتوافر الضرر المادي واستحقاق التعويض عنه - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى لهما بالتعويض عن الضرر الأدبي ورفض القضاء لهما بالتعويض عن الضرر المادي فإنه يكون مشوباً بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر أن حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة وبالبراءة وعلى أسبابه المؤدية إليها بالنسبة لما كان موضع المحاكمة ودون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية لهذه البراءة أو تلك الإدانة، وإذ كان تحديد نوع الضرر الواقع على الطاعنين ليس من الأمور الضرورية لإدانة تابعي المطعون ضده في جريمة تعذيبهما فإنه لا على الحكم المطعون فيه أن يعرض لتحديده مثبتاً لأنواع الضرر جميعاً أو نافياً أياً منها دون أن تكون للحكم الجنائي حجية ملزمة في هذا الخصوص ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس، وإذ كان يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو أن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً وكان الحكم المطعون فيه قد نفى وقوع ضرر مادي على الطاعنين بالمعنى المشار إليه بما خلص إليه من أنه لم يثبت لديه أن الإصابات التي لحقت بهما من شأنها الإخلال بقدرة أي منهما على الكسب أو تكبد النفقات في علاجها فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن الطاعنان ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وتطبيقه من وجهين وفي بيان أولهما يقولان أن الحكم انتهى إلى رفض القضاء لهما بالتعويض عن فوات فرصة التدرج في الرتب الوظيفية والفروق المالية والمزايا الوظيفية وذلك عن الفترة السابقة على قراري العفو رقمي 1196 سنة 72، 1196 مكرر سنة 72 المعمول بهما اعتباراً من 19/ 10/ 72 تأسيساً على أن إنهاء خدمتهما كان بمثابة عقوبة تبعية منصوص عليها في المادة 123 من قانون الأحكام العسكرية الصادر برقم 25 سنة 66 أوقعت عليهما بقوة القانون لصدور حكم عليهما بالأشغال الشاقة من محكمة الثورة في القضية رقم 1 لسنة 67 عن أحد الأفعال المبينة بالمادة السادسة من القانون المشار إليه في حين أن محاكمتهما لم تجر أمام القضاء العسكري وإنما أمام محكمة الثورة التي أنشئت خصيصاً بمقتضى القانون رقم 48 سنة 67 ثم شكلت بقرار رئيس الجمهورية رقم 2209 سنة 67 بتشكيل محكمة الثورة ونص قانون إنشائها وقرار تشكيلها على اختصاصات وسلطات قضائية لا علاقة لها بقانون الأحكام العسكرية ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فيما خلص إليه في هذا الخصوص قد خالف القانون وفي بيان الوجه الثاني يقولان أن الحكم المطعون فيه قد أجرى تفرقة لا محل لها بالنسبة لطلب التعويض عن الفترة السابقة لقراري العفو واللاحقة عليهما منتهياً إلى رفضه بالنسبة للفترة السابقة استناداً إلى قيام الحكم الصادر بإدانتهما من محكمة الثورة خلال الفترة الأولى مستوفياً لكل مقوماته وحجيته حالة أن أساس دعواهما هو المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية ثابتة بالحكم الجنائي البات الصادر في القضية 331 سنة 76 جنايات عسكرية شرق القاهرة بإدانة تابعي المطعون ضده عن تعذيبهما خلال التحقيق معهما لحملهما على الاعتراف بارتكاب الاتهام المسند إليهما أمام محكمة الثورة مما تدخل معه محاكمتهما أمامها وأثرها في عناصر الضرر المباشر ويتعين أن يشمل ما لحقهما من خسارة وما فاتهما من كسب (أي التعويض عن فوات الفرص) وهو أمر لا علاقة له بحجية حكم محكمة الثورة أو نسبة خطأ إليه وإنما هو أمر منبت الصلة تماماً بهذا الحكم ويكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه مردود ذلك أن المادة 123 من قانون الأحكام العسكرية الصادر رقم 52 لسنة 66 نصت على أن "كل حكم صادر بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو السجن في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، يستتبع بقوة القانون 1 - الطرد من الخدمة في القوات المسلحة بالنسبة للضباط 2 - ..... 3 - ......" لما كان ذلك وكان الثابت بقرار الاتهام في القضية رقم 1 سنة 67 محكمة الثورة والمقدم صورته الرسمية من الطاعنين أن من بين الاتهامات التي كانت مسندة إلى الطاعنين ارتكابهما وآخرين الجناية المنصوص عليها في المادة 138/ 1 من قانون الأحكام العسكرية الصادر برقم 25 سنة 66 المشار إليه وهي تقضي بالإعدام أو بجزاء أقل منه منصوص عليه في هذا القانون على كل شخص خاضع لأحكامه يرتكب إحدى الجرائم المبينة بها وكانت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 48 لسنة 67 بإنشاء محكمة الثورة قد نصت في فقرتها الثانية على أنه "تختص هذه المحكمة (محكمة الثورة) بالفصل فيما يحيله إليها رئيس الجمهورية من الدعاوى المتعلقة بارتكاب الجرائم المنصوص عليها في الكتاب الثاني من قانون العقوبات أو في قانون الأحكام العسكرية أو أية جريمة تمس سلامة الدولة داخلياً أو خارجياً أياً كان القانون الذي ينص عليها وكذلك الأفعال التي تعتبر ضد المبادئ التي قامت عليها الثورة "فإن مؤدى ذلك أنه يترتب على الحكم الصادر على الطاعنين بالأشغال الشاقة من محكمة الثورة لمخالفة المادة 138/ 1 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 سنة 66 المشار إليه طردهما من الخدمة، وإذ رفض الحكم المطعون فيه القضاء للطاعنين بالتعويض عن فوات فرض التدرج في الرتب الوظيفية في الفترة السابقة على قراري العفو باعتبار أن ذلك كان عقوبة تبعية لعقوبة الأشغال الشاقة المقضي بها عليهما من محكمة الثورة وهي محكمة ذات سيادة ولأحكامها حجية فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من ثلاث وجوه وفي بيان أولها يقول الطاعنان أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن العفو الصادر لهما ليس عفواً شاملاً إنما هو عفو عن باقي العقوبة الأصلية وكذلك عن العقوبة التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم في حين أنه على ما يبين من قراري العفو رقمي 1196 سنة 72، 1196 مكرر سنة 72 أنهما شملا كافة الآثار المترتبة على الحكم ومن ثم فهو عفو شامل ويكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يتعين معه نقضه ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم المطعون فيه - اعتبر الآثار الوظيفية المترتبة على قراري العفو - بالمعنى الذي خلص إليه - مردها إلى القانون رقم 26 سنة 72 بجواز إعادة بعض ضباط القوات المسلحة السابقين إلى الخدمة العاملة بها في حين أن حقهما في التعويض عن فوات فرص التدرج الوظيفي باعتباره عنصراً من عناصر الضرر الناجم عن وقائع التعذيب يستند إلى أحكام المسئولية التقصيرية، إذ جانب الحكم هذا النظر واعتبر حقهما ناشئاً عن قراري العفو ويتطلب القضاء لهما التعرض لأحكام القانون رقم 26 سنة 72 المشار إليه ورتب على ذلك اختصاص اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة المنصوص عليها في القانون رقم 31 سنة 75 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بنظر ذلك العنصر من التعويض في حين أن اختصاصها هو عن المنازعات الإدارية المتعلقة بالقرارات الإدارية ولا اختصاص لها فيما يتعلق بموضوع دعواهما بالتعويض المؤسس على المسئولية التقصيرية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ثالثها يقول الطاعنان أن الحكم المطعون فيه بعد أن قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر طلب التعويض عن الفترة اللاحقة على قراري العفو وباختصاص اللجنة القضائية المختصة طبقاً للقانون رقم 71 سنة 75 المشار إليه قضى بإحالته إليها بحالته مخالفاً بذلك صريح أحكام المادة 110 من قانون المرافعات التي تقضي بأن الإحالة لا تكون إلا إلى محكمة مختصة تلتزم بنظر الدعوى أو الطلب المحال إليها واللجنة سالفة الذكر ليست محكمة بما يمتنع معه الإحالة إليها ويكون الحكم المطعون فيه بذلك قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في وجهة الأول غير صحيح ذلك أن نص المادة 149 من الدستور قد جرى على أن "لرئيس الجمهورية حق العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون "لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن العفو عن الطاعنين لم يصدر بقانون ومن ثم فهو ليس بعفو شامل بل هو عفو عن باقي العقوبة الأصلية والتبعية والآثار الجنائية المترتبة على حكم الإدانة وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن النعي في وجهيه الثاني والثالث في محله ذلك أن القانون رقم 71 لسنة 75 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بعد أن أورد في مادته الأولى حكمه بإنشاء لجان قضائية لضباط القوات المسلحة وبين في مادته الثانية تشكيل هذه اللجان نص في مادته الثالثة على أن "تختص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوه عدا العقوبات الانضباطية وما تختص بنظره لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية رفضاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 71 في شأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة" وأوردت المادة الرابعة منه بيان الأسباب التي يجب أن يبنى الطعن على واحد منها أو أكثر بالنسبة لطلب إلغاء القرارات الإدارية النهائية وتناولت المواد التالية الأحكام المتعلقة بتقديم الطعون وتهيئتها للعرض على اللجنة القضائية المختصة ونظرها أمامها والفصل فيها وجهة التصديق على قرارات اللجان القضائية المشار إليها وسلطاتها ويبين من المراحل التشريعية بهذا القانون ومن تقرير اللجنة المشتركة من اللجنة التشريعية ومكتب لجنة الأمن القومي والتبعية القومية عنه أنه رؤى بإصداره أن تكون اللجان القضائية بمثابة القضاء الإداري العسكري بالمقابلة للقضاء الجنائي العسكري وذلك إعمالاً للمادة 183 من الدستور التي تنص على أن "ينظم القانون القضاء العسكري ويبين اختصاصاته في حدود المبادئ الواردة في الدستور". لما كان ذلك وكانت دعوى الطاعنين لا تعدو من قبيل المنازعات الإدارية فهي ليست بطلب إلغاء قرار إداري أو التعويض عنه بل هي مطالبة منهما بالتعويض استناداً إلى أحكام المسئولية التقصيرية المبين أحكامها في القانون المدني فإن مؤدى ذلك أن تنحسر عنه اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة المنصوص عليها في القانون رقم 71 لسنة 75 المشار إليه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر قاضياً باختصاص هذه اللجان يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذين الوجهين على أن يكون مع النقض الإحالة.