أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 796

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1961

برياسة السيد محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: فرج يوسف، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد الحميد السكري المستشارين.

(134)
الطعن رقم 229 لسنة 26 القضائية

( أ ) ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية" تقادم الضريبة. قصور "ما لا يعد كذلك".
احتساب مدة التقادم المسقط لدين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية من اليوم التالي لانقضاء المهلة المحددة لتقديم الإقرار المنصوص عليها بالمادة 48 ق 14 سنة 1939. إضافة مدة وقف التقادم المقررة بالقانون رقم 189 سنة 1950 إلى مدة التقادم. لا مخالفة في ذلك للقانون ولا قصور في التسبيب.
(ب) تقادم. "قطع التقادم". "الإقرار بالدين". تفسير.
الإقرار بدين الضريبة - ولو كان ضمنياً - يقطع التقادم. نص المادة 375 مدني منقطع الصلة بدين الضريبة.
1- لما كانت المادة 97 من القانون رقم 14 سنة 1939 قد خلت من تحديد تاريخ بدء التقادم فيما يستحق للحكومة فإنه يتعين وفقاً للأحكام العامة للقانون ألا تبتدئ مدة سقوط الحق في المطالبة بدين الضريبة إلا من تاريخ تحقيق وجوبه في ذمة المدين من دين الضريبة فإذا كان وجوبه مؤجلاً أو معلقاً على شرط فميعاد سقوطه إنما يبدأ من يوم حلول الأجل أو تحقيق الشرط. ولما كانت مصلحة الضرائب وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 14 سنة 1939 (قبل تعديلها بالقانون 253 سنة 1953) لا تستطيع مطالبة الممول بالضريبة عن أرباحه إلا بعد مضي شهرين من تاريخ انتهاء السنة الملاية أو قبل أول مارس من كل سنة فإن التقادم المسقط لدين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لا يبدأ سريانه إلا من هذا التاريخ. وإذن فإذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر بدء التقادم من اليوم التالي لانقضاء المهلة المحددة لتقديم الإقرار وأضاف لمدة التقادم المحتسبة على هذا الأساس مدة وقف التقادم المقررة بالقانون رقم 189 سنة 1950 فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه قصور في التسبيب.
2- لمحكمة الموضوع حق تفسير الورقة المتنازع على دلالتها تفسيراً لا يخرج عن مدلول عباراتها، فإذا استخلصت المحكمة من عبارات الورقة أنها تنطوي على إقرار ضمني من الطاعن بدين الضريبة محل النزاع ثم أعملت أثر هذا الإقرار في قطع التقادم فإنها لا تكون قد خالفت القانون. ولا وجه للتحدي بما نصت عليها المادة 375 من القانون المدني من أنه يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين لأن هذه المادة منقطعة الصلة عن دين الضريبة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 475 سنة 1952 تجاري القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب طلب الحكم فيها أولاً- بسقوط حق المصلحة في المطالبة بالضرائب المطالب بها عن السنوات 1941/1954 لسقوطها بالتقادم - ثانياً - بطلان النماذج رقم 4 ضرائب عادية واستثنائية المسلم إليه أحدها في أول مايو سنة 1951 وباقيها في 7 نوفمبر سنة 1951 متضمنة التنبيه عليه بدفع مبالغ معينة كضرائب عن السنوات 1941 - 1945 وإلغاء كافة الآثار المترتبة عليها - وبتاريخ 22/ 4/ 1954 حكمت المحكمة في الموضوع بقبول الدفع المقدم من الممول بسقوط حق الحكومة في المطالبة بالضريبة على الأرباح الاستثنائية عن سنة 1941 وإلغاء التنبيه الخاص بهذه الضريبة وما ترتب عليه من آثار - ورفض الدفع المقدم من الممول بسقوط حق الحكومة بالنسبة لباقي سنوات النزاع - فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 485 سنة 72 ق استئناف القاهرة طالباً إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط حق الحكومة في السنوات من 1942 إلي 1945 - والقضاء بسقوط حق المصلحة في المطالبة بالضرائب العادية والاستثنائية في سني النزاع المذكورة وبطريق التبعية بطلان كافة النماذج رقم 4 ضرائب عادية واستثنائية المعلنة إليه في 1/5/1951، 7/11/1951 وإلغاء كافة الآثار المترتبة عليها - وبتاريخ 22/12/1955 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف - وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت مصلحة الضرائب رفض الطعن وصممت النيابة على طلب رفضه كذلك.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن نعى في السببين الأولين على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون وقصوره في التسبيب إذ اعتبر بدء التقادم في ضريبة الأرباح التجارية من اليوم التالي لانتهاء الأجل المحدد لتقديم الإقرار - وأنه على أساس هذا النظر أضيفت المادة 97 مكرر إلى القانون رقم 14 لسنة 1939 بموجب مرسوم القانون رقم 349 لسنة 1952 - وهو قول غير صائب لأن المادة 381 مدني تستثنى من حكمها ما ورد فيه نص خاص وقد ورد هذا النص الخاص في القانون رقم 2 لسنة 1940 وأكدته المادة 377 مدني التي تقرر بدء التقادم من نهاية السنة التي تستحق عنها الضريبة - ولأن المادة 97 مكرر لا تنطبق على تقادم تكامل قبل صدور مرسوم القانون المشار إليه - ورغم أن الطاعن تمسك في مذكرته بأن التقادم ينتهي في 28/ 4/ 1951 فإن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع فجاء قاصر التسبيب متعين النقض.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه بما أورده الحكم المطعون فيه من "أن الضريبة وإن (كان) الحق فها ينشأ بانتهاء السنة المالية للممول إلا أنها لا تعتبر مستحقة الأداء وبالتالي لا يحق للمصلحة أن تتخذ إجراءات ربطها واقتضائها إلا بانقضاء المهلة التي منحها الشارع إلى الممول ليقدم فيها إقراراً بأرباحه... ومن ثم يتعين اعتبار بدء مدة التقادم لهذه الضريبة من اليوم التالي لانتهاء الأجل المحدد لتقديم الإقرار" - وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لما كانت المادة 97 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قد خلت من تحديد تاريخ بدء التقادم فيما يستحق للحكومة فإنه يتعين وفقاً للأحكام العامة للقانون ألا تبتدئ مدة سقوط الحق في المطالبة بدين الضريبة إلا من تاريخ وجوبه في ذمة المدين فإذا كان وجوبه مؤجلاً أو معلقاً على شرط فميعاد سقوطه إنما يبدأ من يوم حلول الأجل أو تحقق الشرط، ولما كان طبقاً لنص المادة 48 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قبل تعديلها بالقانون رقم 253 لسنة 1953 يكلف الممول بأن يقدم إلى مصلحة الضرائب قبل أول مارس من كل سنة أو في بحر شهرين من انتهاء سنته المالية الإقرار المنصوص عليها في المادة 43 مع كل الوثائق والمستندات المؤيدة له - ومفهوم هذا النص أن مصلحة الضرائب لا تستطيع مطالبة الممول بالضريبة عن أرباحه إلا بعد مضي الفترة المشار إليها وبالتالي فإن التقادم المسقط لدين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لا يبدأ سريانه إلا من هذا التاريخ - ومردود في الشق الثاني منه بأن الحكم اعتبر بدء التقادم بعد انقضاء المهلة المحددة لتقديم الإقرار وأضاف لمدة التقادم المحتسبة على هذا الأساس مدة وقف التقادم المقررة بالقانون رقم 189 لسنة 1950 - وبذلك يكون التقادم قد امتد إلى ما بعد تاريخ 28/ 4/ 1951 الذي أشار إليه الطاعن في تقرير طعنه - وإذ التزم الحكم هذا النظر الصحيح فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن محصل النعي في السببين الثالث والرابع أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن خطاب 25/ 4/ 1951 لا يعتبر إقراراً قاطعاً للتقادم في معنى المادة 384 مدني لأنها تتطلب لقطع التقادم إقراراً "بحق الدائن" وأنه على فرض اعتبار ذلك الخطاب إقراراً بالدين فليس من شأنه قطع تقادم دين الضريبة وهو دوري متجدد كمفاد المادة 375 مدني - ورد الحكم على هذا الدفاع بما ورد بأسباب الحكم الابتدائي الذي أيده - وهذا خطأ في القانون وقصور في التسبيب يستوجبان نقض الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بما ورد في أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها الحكم المطعون فيه من "أن الممول قد أقر في 25 أبريل سنة 1951 أي قبل تكامل أجل التقادم بموافقته على تقدير أرباحه في المدة من سنة 1942 لغاية 1945 دون إبداء أي تحفظ بشأن سقوط حق الحكومة في المطالبة بالضريبة المستحقة على هذه الأرباح... فإن هذا الإقرار يعتبر اعترافاً ضمنياً والإقرار الضمني يستنتج من كل فعل أو عمل يتضمن اعترافاً بوجود الحق الخاضع للتقادم... ولا شك أن اعتراف الممول بتقديرات أرباحه عن السنوات من 1942 لغاية 1945 وهو يعلم أن هذه الأرباح تتولد عنها الضريبة ودون أن يبدي أي تحفظ بشأن عدم ملزوميته بالضريبة فضلاً عن عدم وجود أي داع لإعطاء هذا الإقرار اللهم إلا (التسليم) والموافقة على تقديرات الأرباح بقصد سداد الضريبة المستحقة عليه تأسيساً على هذه الأرباح - لا شك أن كل هذا يعتبر اعترافاً ضمنياً بوجود الحق الخاضع للتقادم ومن ثم يقطع سريان مدة التقادم قانوناً" وما أضافه الحكم المطعون فيه إلى ذلك من أن خطاب 25/ 4/ 1951 "بقبول الطاعن تقديرات المصلحة لأرباحه يعتبر اتفاقاً بين الطرفين على وعاء الضريبة على وجه صحيح وملزم للطرفين ومثله قطاع للتقادم" - وهذا الذي انتهى إليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن لمحكمة الموضوع حق تفسير الورقة المتنازع على دلالتها تفسيراً لا يخرج عن مدلول عباراتها - وقد استخلصت من عبارات خطاب 25/ 4/ 1951 أنها تنطوي على إقرار ضمني من الطاعن بدين الضريبة محل النزاع ثم أعملت أثر هذا الإقرار في قطع التقادم للاعتبارات التي أوردتها - ولا وجه للتحدي بما نصت عليها المادة 375 مدني من أنه يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين - ذلك لأنها منقطعة الصلة عن دين الضريبة - ومن ثم يتعين رفض الطعن.