أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 943

جلسة 9 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد/ عبد الحميد المنفلوطي وعضوية السادة المستشارين/ فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه وفهمي الخياط.

(178)
الطعن رقم 2 لسنة 49 القضائية

(1) إيجار. دعوى "دعوى استرداد الحيازة".
دعوى استرداد الحيازة. شروط قبولها. أن يكون لرافعها حيازة مادية حالية ومتصلة بالعقار اتصالاً فعلياً حال وقوع الغصب. جواز رفعها من المستأجر مباشرة دون حاجة لاختصام المؤجر.
(2، 3، 4، 5) حيازة. محكمة الموضوع. إثبات "الوقائع المادية". حكم "ما لا يعد قصوراً".
(2) استيفاء الحيازة للشروط القانونية. التحقق منه من سلطة محكمة الموضوع لا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(3) كف الحائز عن استعمال حقه على العين بعض الوقت لتوقيع الحجز ووضع الأختام. عدم إخلاله بصفة الاستمرار.
(4) العبرة في الحيازة باعتبارها واقعة مادية بحقيقة الواقع وإن خالف الثابت بالأوراق.
5 - إقامة الحكم قضاءه على أسباب كافيه لحمله. سكوته عن الرد على مستند تمسك به الطاعن. لا قصور. علة ذلك.
1 - النص في المادة 958 من القانون المدني على أن "لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه، فإذا كان فقد الحيازة خفيه بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك ويجوز أيضاً أن يسترد الحيازة من كان حائزاً بالنيابة عن غيره "يدل على أن دعوى استرداد الحيازة إنما شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب ومن ثم كان قبولها رهناً بأن يكون لرافعها حيازة مادية خالية ومعنى كونها مادية أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الاتصال قائماً حال وقوع الغصب ولا يشترط أن تكون هذه الحيازة مقرونة بنية التملك فيكفي لقبولها أن تكون لرافعها حيازة فعلية ومن ثم يجوز رفعها من المستأجر مباشرة ودون حاجة لاختصام المؤجر.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في التحقق من استيفاء الحيازة للشروط التي يتطلبها القانون، ولا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
3 - كف الحائز عن استعمال حقه على العين بعض الوقت لتوقيع مصلحة الضرائب الحجز ووضع الأختام عليها لدين على الحائز لا يعتبر أن الحيازة منقطعة ولا يخل بصفة الاستمرار.
4 - العبرة في الحيازة باعتبارها واقعة مادية بحقيقة الواقع، فإذا كان الواقع يخالف ما ورد بالأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع واطراح ما عداه.
5 - متى أقام الحكم قضاءه على أسباب كافية لحمله فلا يعيبه سكوته عن الرد عن المستند الذي تمسك به الطاعن لتأييد ادعائه أن مورث المطعون ضدها الثانية تخلي عن حيازته لأن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها التعليل الضمني المسقط لدلالة هذا المستند.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى ومورث المطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها أقاما الدعوى رقم 4 لسنة 1976 بني سويف الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه برد حيازة الدكان المبين بالصحيفة وتسليمه إليهما. وقالا بياناً لها أنه بعقد مؤرخ 15/ 4/ 1979 استأجر مورث المطعون ضدها الثانية هذا الدكان من مالكه المطعون ضده الثالث ومارس فيه تجارته إلى أن باعه بعقد مؤرخ 20/ 10/ 1975 إلى المطعون ضدها الأولى التي قامت باستغلاله في تجارة المصوغات، إلا أن الطاعن تعرض لها في وضع يدها قولاً بأنه استأجر الدكان من..... بعقد ثابت التاريخ في 10/ 11/ 1975 وتقدم بشكوى رقم 2833 لسنة 1975 إداري بني سويف وأمرت النيابة في 20/ 11/ 1975 بتمكينه من الدكان وتنفيذ الأمر بالقوة الجبرية وإذ كانت حيازة مورث المطعون ضدها الثانية قد استمرت منذ عام 1959 مستندة إلى سند قانوني صحيح، ثم باع الدكان إلى المطعون ضدها الأولى التي حازته استمراراً لحيازة البائع لها إلى أن فقد منها بالقوة الجبرية تنفيذاً لقرار النيابة، لذلك أقاما الدعوى. حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بالمنطوق وطلب المطعون ضده الثالث قبول تدخله في الدعوى منضماً إلى المطعون ضدها الأولى ومورث المطعون ضدها الثانية في طلباتها. وبعد أن تنفذ حكم التحقيق بسماع الشهود، انقطع سير الخصومة بوفاة مورث المطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها فقامت باستئناف السير في الدعوى، وبتاريخ 6/ 2/ 1978 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون ضده الثاني منضماً للمدعيين في طلباتهما وبرد حيازة المطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها للدكان وتسليمه لها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 49 لسنة 16 ق بني سويف، وبتاريخ 5/ 11/ 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن المشرع أجاز للمستأجر رفع دعاوى اليد باعتباره نائباً عن المؤجر قانوناً بما يستتبع وجوب اختصاص الأخير في الدعوى، وإذ فصل الحكم المطعون فيه في الدعوى دون اختصام المؤجر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 958 من القانون المدني على أن "لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه، فإذا كان فقد الحيازة خفيه بدأ سريان السنة من وقت أن يتكشف ذلك. ويجوز أيضاً أن يسترد الحيازة من وقت أن يتكشف ذلك. ويجوز أيضاً أن يسترد الحيازة من كان حائزاً بالنيابة عن غيره "يدل على أن دعوى استرداد الحيازة إنما شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب، ومن ثم كان قبولها رهناً بأن يكون لرافعها حيازة مادية حالية ومعنى كونها مادية أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل تحت تصرفه المباشر ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الاتصال قائماً حال وقوع الغصب ولا يشترط أن تكون هذه الحيازة مقرونة بنية التملك فيكفي لقبولها أن يكون لرافعها حيازة فعلية ومن ثم يجوز رفعها من المستأجر مباشرة ودون حاجة لاختصام المؤجر، هذا فضلاً عن أن الثابت أن المؤجر لمورث المطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها طلب قبول تدخله في الدعوى وقضى بقبول تدخله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثاني والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن مورث المطعون ضدها الثانية الذي قضى الحكم المطعون فيه له باسترداد الحيازة قد أقر في صحيفة الدعوى بأنه باع المحل إلى المطعون ضدها الأولى وفي ذلك إقرار بتخليه عن الحيازة إليها وزوال صفته كمستأجر بينما تستلزم دعوى استرداد الحيازة استمرار الحيازة قائمة إلى وقت سلبها كما أن الثابت من مستندات الدعوى أن مصلحة الضرائب أغلقت المحل فترة من الوقت قبل التاريخ المدعى فيه بسلب الحيازة ومن شأن هذا الإغلاق نفي شرط استمرار الحيازة واتصالها، هذا إلى أن الحكم أغفل دلالة محضر التبديد المؤرخ 15/ 11/ 1975 الذي أثبت فيه المحضر خلو المحل من البضائع التي توقع عليها الحجز ضد مورث المطعون ضدها والثانية ووجود الطاعن به والذي قدمه الطاعن للتدليل على أن هذا المورث تخلى نهائياً عن حيازته للمحل وأن الطاعن تسلمه من المالك بعد ذلك بناءً على عقد إيجار، بما يشوب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في التحقق من استيفاء الحيازة للشروط التي يتطلبها القانون ولا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وإذ كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه، بعد أن بين شروط دعوى استرداد الحيازة واستعرض مستندات الخصوم وأقوال الشهود أقام قضاءه على ما أورده من أنه "لما كان الثابت من شهادة الشهود جميعاً سواءً كانوا شهود المدعية الثانية أو المدعى عليه وكذلك من تحقيقات الشكوى الإدارية المنضمة أن مورث المدعية الثانية عن نفسها وبصفتها كان يحوز المحل موضوع النزاع منذ أكثر من خمسة عشر عاماً سابقة على النزاع باعتباره مستأجراً له من مالك العقار في ذلك الوقت الخصم المتدخل في الدعوى بموجب عقد الإيجار المؤرخ 15/ 4/ 1959، ولما كان الثابت من المستندات المقدمة في الدعوى أن مصلحة الضرائب وقد أوقعت حجزاً على المحل وقامت بإغلاقه بالجمع الأحمر وذلك لمديونية مورث المدعية عن نفسها وبصفتها وأنه بتاريخ 18/ 11/ 1975 بناءً على تسوية المورث لمديونيته لدى المصلحة وبسداده جزءاً من الدين قامت مصلحة الضرائب بإعادة فتح المحل ورفع الأختام وتسليمه للمورث في ذات التاريخ وذلك بموجب محضر رفع الأختام المودع بحافظة مستندات المدعيين ومن ثم فإن الثابت أن حيازة المورث...... كانت حيازة مادية.... متصلة بالمحل اتصالاً فعلياً بعد تسلمه عقب إعادة فتحة مستمرة وهادئة وظاهرة ولمدة أكثر من سنة سابقة على سلبها وتكون حيازته قد استوفت شرائطها القانونية..... وأنه بالنسبة للمدعية.... فإن الثابت من شهادة شاهدي المدعى عليه الأول والثاني والتي تطمئن إلى شهادتهما أنها لم تضع يدها على المحل عقب إعادة فتحه بمعرفة مصلحة الضرائب ومن ثم فلم تثبت حيازتها للمحل...." وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من توافر الحيازة لمورث المطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها لمدة سنة سابقة على سلبها، لما كان ذلك وكان كف الحائز عن استعمال حقه على العين بعض الوقت لتوقيع مصلحة الضرائب الحجز ووضع الأختام عليها لدين على الحائز لا يفيد أن الحيازة منقطعة ولا يخل بصفة الاستمرار وكانت العبرة في الحيازة باعتبارها واقعة مادية بحقيقة الواقع، فإذا كان الواقع يخالف ما ورد بالأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع واطراح ما عداه، وكان المقرر أن الحكم متى أقام الحكم قضاءه على أسباب كافية لحمله فلا يعيبه سكوته عن الرد عن المستند الذي تمسك به الطاعن لتأييد إدعائه أن مورث المطعون ضدها الثانية تخلى عن حيازته، لأن قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها التعليل الضمني المسقط لدلالة هذا المستند، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وبالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.