أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 949

جلسة 9 إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه وفهمي الخياط.

(179)
الطعن رقم 2256 لسنة 51 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "مساكن شعبية". قانون. نظام عام. حكم. قصور".
1 - حظر إجراء تعديل أو إضافة بالمساكن الشعبية بغير ترخيص من الجهة المنشئة له أو المشرفة عليه تعلقه بالنظام العام. للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. عدم تيقن المحكمة من صدور موافقة الجهة المنشئة للمسكن الشعبي بإضافة غرفة إلى عين النزاع. قصور.
2 - حق المالك في زيادة الوحدات السكنية في العقار المؤجر بالإضافة أو التعلية. م 32/ 1 ق 49 لسنة 1977 المقابلة للمادة 24 ق 52 لسنة 1969 استثناءً من حكم المادة 751/ 1 مدني، م 28 ق 49 لسنة 1977 المقابلة للمادة 20 ق 52 لسنة 1969. قيام هذا الحق للمالك رغم حظره في العقد. شرطه. عدم إساءة استعماله وعدم مجاوزة القدر اللازم للبناء.
1 - مؤدى المواد 1، 2، 4 من القانون رقم 80 لسنة 1957 بشأن الإشراف على المساكن الشعبية أن الحظر الوارد في المادة الثانية آنفة البيان متعلقاً بالنظام العام، ولأي من الخصوم التمسك بأعماله كما تقضي المحكمة به من تلقاء نفسها، لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى طبقاً للثابت من الأوراق أن المطعون ضدها وهي مالكة المسكن الشعبي الموضح بصحيفة دعواها قد استصدرت الترخيص رقم 324 لسنة 1971 إمبابة من السلطة القائمة على شئون التنظيم ببناء غرفة بحديقة هذا المسكن وكان لازم النصوص المتقدمة أنه كان يتعين على المحكمة المطعون في حكمها أن تتيقن أن ثمة موافقة قد صدرت من الجهة المنشئة للسكن الشعبي بإضافة تلك الغرفة، وإذ جاء الحكم المطعون فيه غفلاً عن إيراد هذا البيان الجوهري الذي قد يؤثر على النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون مشوباً بالقصور المبطل.
2 - مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المنطبقة على واقعة الدعوى والمقابلة للمادة 24 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن المشرع استهدف علاج أزمة الإسكان بتشجيع الملاك على إقامة وحدات جديدة تخصص للسكنى أو لأي غرض آخر استثناءً من حكم المادة 571/ 1 من القانون المدني التي لا تجيز للمؤجر أن يحدث بالعين وملحقاتها أي تغيير يخل بانتفاع المستأجر ومن حكم المادة 28 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمقابلة للمادة 20 من القانون رقم 52 لسنة 1969 والتي لا تجيز حرمان المستأجر من أي حق من حقوقه أو منعه من أي ميزة كان يتمتع بها سواءً تم ذلك عن طريق التعلية بإقامة طابق أو أكثر فوق البناء القائم أو الإضافة بإنشاء مبان جديدة تزيد من رقعة البناء المؤجر حتى ولو كان عقد الإيجار يحظر ذلك طرحه، والحق المخول للمؤجر في إقامة وحدات جديدة تخصص للسكنى في العقار المؤجر بالإضافة أو التعلية ينبغي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يقدر بقدره فلا يجاوز ما تستلزمه الإضافة أو التعلية، ولا يحق استغلاله لإساءة استعمال الحق طبقاً للقواعد العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2223 سنة 1975 مدني كلي الجيزة على الطاعن طالبة الحكم بتمكينها من بناء غرفة بحديقة العقار المبين بالصحيفة، وقالت بياناً لها أن الطاعن يستأجر المسكن الشعبي المبين بالصحيفة بموجب عقد إيجار محول إليها من المالك السابق بعد شرائها للعقار، وقد استصدرت ترخيصاً برقم 324 سنة 1971 إمبابة ببناء غرفة بحديقة العقار من الداخل إلا أن الطاعن منعها من البناء دون سند من القانون برغم إنذارها له في 20/ 7/ 1975 بعدم التعرض إليها ومن ثم أقامت دعواها بطلباتها استناداً للمادة 24 من القانون رقم 52 سنة 1969، وبتاريخ 20/ 1/ 1979 حكمت المحكمة بتمكين المطعون ضدها من بناء الغرفة المبينة بترخيص البناء رقم 324 سنة 1971 إمبابة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1156 لسنة 96 ق القاهرة بغية إلغائه ورفض دعوى المطعون ضدها، وبتاريخ 27/ 4/ 1980 ندبت المحكمة خبيراً لأداء المأمورية الموضحة بمنطوق هذا الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 27/ 6/ 1981 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بسببي الطعن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بالنص الوارد بقانون المساكن الشعبية رقم 206 سنة 1951 المعدل بالقانون رقم 80 سنة 1957 وهو صريح في عدم جواز إجراء أي تعديل أو إضافات بالمساكن الشعبية من جانب المنتفع لأنها مقامة بنماذج معينة حددتها الدولة بما لا يجوز معه تغيير تلك النماذج بمعرفة المنتفع، غير أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه استناداً إلى نصوص مواد قانون إيجار الأماكن التي تعطي المؤجر الحق في البناء سواءً بالإضافة أو التعلية ولو كان عقد الإيجار يمنعه من ذلك دون أن يعمل النص المذكور المقيد لها ورغم أن الفائدة التي تعود على المطعون ضدها من بناء الحجرة لا تتناسب مع فداحة الإضرار التي تحيق بالمستأجر الطاعن بما يعتبر تعسفاً منها في استعمال حقها طبقاً لنص المادة الخامسة من القانون المدني.
وحيث إنه لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 80 سنة 1957 بشأن الإشراف على المساكن الشعبية قد جرى نصها على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون تعتبر مساكن شعبية المساكن التي تنشئ بقصد تمليكها أو تأجيرها لفئات المنتفعين...." كما تنص المادة الثانية من القانون على أنه "لا يجوز للمنتفع بالمسكن الشعبي أن يحدث فيه أي تعديل أو إضافة أو أن يقم أية منشئات داخلة إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة المنشئة للمسكن أو المشرفة عليه"، وقد أوردت المادة الرابعة من نفس القانون جزاءً جنائياً لكل مخالفة لهذا القانون أو القرارات المنفذة له فضلاً عن إزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة لنص المادة الثانية سالفة الذكر، ومن شأن أن يكون الحظر الوارد في المادة الثانية آنفة البيان متعلقاً بالنظام العام، ولأي من الخصوم التمسك بأعماله، كما تقضي المحكمة به من تلقاء نفسها لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى طبقاً للثابت من الأوراق أن المطعون ضدها وهي مالكة المسكن الشعبي الموضح بصحيفة دعواها قد استصدرت الترخيص رقم 324 لسنة 1971 إمبابة من السلطة القائمة على شئون التنظيم ببناء غرفة بحديقة هذا المسكن، وكان لازم النصوص المتقدمة أنه كان يتعين على المحكمة المطعون في حكمها أن تتيقن أن ثمة موافقة قد صدرت من الجهة المنشئة للسكن الشعبي بإضافة تلك الغرفة، وإذ جاء الحكم المطعون فيه غفلاً عن إيراد هذا البيان الجوهري الذي قد يؤثر على النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون مشوباً بالقصور المبطل ومن ناحية أخرى فإن مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 32 من القانون رقم 49 سنة 1977 المنطبقة على واقعة الدعوى والمقابلة للمادة 24 من القانون رقم 52 سنة 1969 أن المشرع استهدف علاج أزمة الإسكان بتشجيع الملاك على إقامة وحدات جديدة تخصص للسكنى أو لأي غرض آخر استثناءً من حكم المادة 571/ 1 من القانون المدني التي لا تجيز للمؤجر أن يحدث بالعين وملحقاتها أي تغيير يخل بانتفاع المستأجر ومن حكم المادة 28 من القانون رقم 49 سنة 1977 والمقابلة للمادة 20 من القانون رقم 52 لسنة 1969 والتي لا تجيز حرمان المستأجر من أي حق من حقوقه أو منعه من أي ميزة كان يتمتع بها سواءً تم ذلك عن طريق التعلية بإقامة طابق أو أكثر فوق البناء القائم أو الإضافة بإنشاء مبان جديدة تزيد من رقعة البناء المؤجر، حتى ولو كان عقد الإيجار يحظر ذلك صراحة، والحق المخول للمؤجر في إقامة وحدات جديدة تخصص للسكنى في العقار المؤجر بالإضافة أو التعلية ينبغي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يقدر بقدره فلا يجاوز ما تستلزمه الإضافة أو التعلية ولا يحق استغلاله لإساءة استعمال الحق طبقاً للقواعد العامة، لما كان ذلك وكانت المادة الخامسة من القانون المدني قد نصت على أن "يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية: أ - إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير. ب - إذا كانت المصالح التي يرعى إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها. جـ - إذا كانت المصالح التي يرعى تحقيقها غير مشروعة، فإن مفاد أعمال الصورة الثانية يكون عن طريق الموازنة بين المصالح المتعارضة فإذا اتضح من الموازنة رجحان الضرر كان الاستعمال تعسفياً، وإذ كان الثابت بتقرير الخبير المنتدب أن بناءً الغرفة في حديقة المسكن تعسفياً، وإذ كان الثابت بتقرير الخبير المنتدب أن بناء الغرفة في حديقة المسكن الشعبي لا يمكن إلا إذا كان الساكن نفسه هو مالك العقار إذ أن ذلك يترتب عليه ضرورة فتح باب المسكن الخارجي بصفة مستمرة ومرور الإغراب المستعملين للحجرة الداخلية أو التعدية على طرقات وغرف المستأجر الأصلي مما يسبب حرجاً له ولأسرته بصفة مستمرة وهو أمر يؤدي إلى ضرر بالساكن وأسرته إذ بنيت هذه المساكن أصلاً بتصميم يجعلها خاصة بكاملها بمن يشغلها وأن التوسع فيها رأسياً أو أفقياً أمر يقيد المالك إذا كان هو يشغلها فقط...." وكان الحكم المطعون فيه قد مكن المطعون ضدها من إقامة الغرفة محل الترخيص على سند من المادة 32/ 1 من القانون رقم 49 سنة 1977 مع إنقاص الأجرة بمقدار ما نقص من انتفاع الطاعن طبقاً للقواعد العامة، دون أن يفصح عن مدى الموازنة بين المنفعة التي تعود على المطعون ضدها من استعمال حقها في بناء الغرفة محل الترخيص وبين الضرر الذي يمكن أن يحدث للطاعن لو قامت بالبناء على نحو ما استظهره خبير الدعوى، فإن الحكم بهذه المثابة - وقد أعوزه الانضباط وافتقد حسم الخصومة بين الطرفين المتداعين على كلمة سواءً وقول محكم - يكون معيباً بالقصور بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة مدى سداد تطبيق القانون على واقعة الدعوى.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.