أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 954

جلسة 9 إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه وفهمي الخياط.

(180)
الطعن رقم 1366 لسنة 53 قضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني". قانون "سريان القانون من حيث الزمان". نظام عام.
(1) المراكز القانونية التي نشأت في ظل القانون القديم. خضوعها له في آثارها وانقضائها. القواعد الآمرة في القانون الجديد. وجوب إعمالها بأثر فوري على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز من حيث آثارها وانقضائها.
(2) وفاة المستأجرة الأصلية قبل نفاذ القانون 136 لسنة 1981. أثره ثبوت حق الإقامة لابنتها المقيمة معها وقت الوفاة إعمالاً للمادة 29/ 1 ق 49 لسنة 1977. إعمال القانون رقم 136 لسنة 1981 والقضاء بإخلائها استناداً إلى انتهاء العقد لأن المستأجرة أجنبية انتهت إقامتها بالوفاة إعمالاً للمادة 17/ 2 ق 136 لسنة 1981 خطأ في القانون.
1 - الأصل أن القانون يسري بأثر فوري على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه سواءً في نشأتها أو في إنتاجها آثارها أو انقضائها وهو لا يسري على الماضي فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد كالميراث تخضع للقانون الذي حصلت في ظله، أما المراكز القانونية التي تنشأ وتكتمل خلال فترة تمتد في الزمان، فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التي تتحقق في ظله في حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التي تتم بعد نفاذه، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون الذي نشأت في ظله، باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوي الشأن في نشوئها أو في آثارها أو في انقضائها، إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة فحينئذ يطبق القانون الجديد فوراً على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة كما يحكم انقضائها.
2 - لما كان الثابت من الأوراق ومما قرره الحكم المطعون فيه أن وفاة المستأجرة الأصلية لعين النزاع حصلت في يوليه سنة 1980 أي قبل نفاذ القانون رقم 136 لسنة 1981 المعمول به اعتباراً من 31/ 7/ 1981 فإن القانون الساري وقت وفاتها وهو القانون رقم 49 لسنة 1977 هو الذي حكم أثر وفاتها على عقد الإيجار في حالة بقاء ابنتها الطاعنة في العين المؤجر وإذ نصت المادة 29/ 1 منه على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة 8 من هذا القانون لا ينتهي عقد الإيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها زوجة أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك..." بما مؤداه أن عقد إيجار عين النزاع المؤرخ 1/ 12/ 1972 الصادر للسيدة... لا ينتهي بوفاتها ويكون من حق ابنتها الطاعنة، إذا ثبت إقامتها في العين معها حتى الوفاة أن تستمر في شغل العين - وإن كان للمطعون ضده أن يطلب إخلاؤها بعد العمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 باعتبارها أجنبية إذا كانت إقامتها بجمهورية مصر العربية قد انتهت وذلك إعمالاً لنص المادة 17/ 2 منه - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأسس قضاءه بإخلاء الطاعنة - على قوله، "فإنه مع ثبوت إقامة الطاعنة بشقة النزاع لا يمتد عقد إيجار والدتها لصالحها لأنها أجنبية وليست مصرية ومن ثم ينتهي هذا الإيجار بانتهاء إقامة هذه المستأجرة الأجنبية بوفاتها طبقاً لنص المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981....." فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 959 لسنة 1981 مدني كلي الجيزة على الطاعنة بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1972 وطردها من الشقة المبينة بالصحيفة، وقال شرحاً لها أنه بموجب ذلك العقد استأجرت السيدة..... العدنية الجنسية تلك الشقة والكائنة بالعقار المملوك له بقصد استعمالها سكناً خاصاً، وقد توفيت في شهر يوليو سنة 1980، وإذ لم يكن أحد يشاركها الإقامة في الشقة فقد انتهى عقد الإيجار بوفاتها ولذلك أقام دعواه للحكم له بالطلبات سالفة الذكر، ثم أضاف سبباً جديداً لدعواه هو انتهاء عقد الإيجار بقوة القانون بانتهاء المدة المحددة لإقامة المستأجرة الأصلية بالبلاد وبوفاتها تطبيقاً لنص المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وبتاريخ 28/ 11/ 1982 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 271 لسنة 100 ق القاهرة وبتاريخ 18/ 5/ 1983 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1972 عن شقة النزاع وطرد الطاعنة منها طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قد أسس قضاءه على أن والدتها...... عدنية الجنسية وأن إقامتها بالبلاد بغرض وجودها قد انتهت قانوناً فينتهي بذلك عقد الإيجار الصادر لها والمؤرخ 1/ 12/ 1972 طبقاً للمادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ولا يستمر لصالح ابنتها الطاعنة في حين أن وفاة والدتها كانت خلال شهر يوليو سنة 1980 قبل بدء نفاذ ذلك القانون في 31/ 8/ 1981 وإذ نشأ مركزها القانوني وأنتج آثاره وانتهى بوفاتها في ظل أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 وقبل نفاذ القانون الجديد فإن نص المادة 17 من ذلك القانون الأخير لا يسري عليها لأنه وإن كان متعلقاً بالنظام العام كما سطر الحكم المطعون فيه إلا أنه ليس بذي أثر رجعي.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان الأصل أن القانون يسري بأثر فوري على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه، سواءً في نشأتها أو في إنتاجها آثارها أو في انقضائها وهو لا يسري على الماضي فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد كالميراث تخضع للقانون الذي حصلت في ظله أما المراكز القانونية التي تنشأ وتكتمل خلال فترة تمتد في الزمان فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التي تتحقق في ظله، في حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التي تتم بعد نفاذه ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون الذي نشأت في ظله باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوي الشأن في نشوئها أو في آثارها أو في انقضائها، إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالف البيان لقواعد آمرة فحينئذ يطبق القانون الجديد فوراً على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة كما يحكم انقضاءها. ولما كان الثابت من الأوراق ومما قرره الحكم المطعون فيه أن وفاة المستأجرة الأصلية لعين النزاع حصلت في يوليه سنة 1980 أي قبل نفاذ القانون رقم 136 لسنة 1981 المعمول به اعتباراً من 31/ 7/ 1981 فإن القانون الساري وقت وفاتها وهو القانون رقم 49 لسنة 1977 هو الذي يحكم أثر وفاتها على عقد الإيجار في حالة بقاء ابنتها الطاعن في العين المؤجر، وإذ نصت المادة 29/ 1 منه على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة 8 من هذا القانون لا ينتهي عقد الإيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه وأولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك...." بما مؤداه أن عقد إيجار عين النزاع المؤرخ 1/ 12/ 1972 الصادر للسيدة/ ..... لا ينتهي بوفاتها ويكون من حق ابنتها الطاعنة إذا ثبتت إقامتها في العين معها حتى الوفاة أن تستمر في شغل العين وإن كان للمطعون ضده أن يطلب إخلاءها بعد العمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 باعتبارها أجنبية إذا كانت إقامتها بجمهورية مصر العربية قد انتهت وذلك إعمالاً لنص المادة 17/ 2 منه - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأسس قضاءه بإخلاء الطاعنة على قوله... "فإنه مع ثبوت إقامة الطاعنة لشقة النزاع لا يمتد عقد إيجار والدتها لصالحها لأنها أجنبية وليست مصرية، ومن ثم ينتهي هذا الإيجار بإنهاء إقامة هذه المستأجرة الأجنبية بوفاتها طبقاً لنص المادة 17 من القانون رقم 136 لسنة 1981....". فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن بحث مدى حق الطاعنة في الاستمرار في شغل عين النزاع عند وفاة والدتها إعمالاً لنص المادة 29/ 1 من القانون 49 لسنة 1977، مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.