أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 959

جلسة 10 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جلال الدين أنسى، هاشم قراعة، مرزوق فكري وواصل علاء الدين.

(181)
الطعن رقم 31 لسنة 53 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. حكم "الطعن في الحكم".
قاعدة عدم جواز الطعن في الحكم ممن قبله صراحة أو ضمناً. لا مجال لإعمالها في استئناف الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية. علة ذلك.
(2) أحوال شخصية "مصريين غير مسلمين". دفع "الدفع بعدم القبول".
الدفع بعدم سماع دعوى الطلاق من أحد الزوجين اللذين لا يدينان بوقوع الطلاق. دفع موضوعي بعدم القبول متعلق بالنظام العام.
(3، 4) أحوال شخصية "مصريين غير مسلمين". طلاق. دفع.
(3) دعوى الطلاق. ماهيتها. جواز رفعها بطلب إيقاع الطلاق أو إثبات وقوعه. الدفع بعدم سماع الدعوى سريانه في الحالتين. علة ذلك.
(4) انتماء أحد الزوجين إلى طائفة لا تدين بالطلاق، كفايته للقضاء بعدم سماع دعوى الطلاق.
(5) أحوال شخصية "مصريين غير مسلمين". دفاع.
القول بالانتماء إلى إحدى الملل التي تدين بوقوع الطلاق. دفاع يقوم على واقع. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - أنه وإن كانت القاعدة العامة في الطعن في الأحكام طبقاً لنص المادة 211 من قانون المرافعات مؤداها عدم جواز الطعن في الحكم ممن قبله صريحاً كان هذا القبول أو ضمنياً سابقاً على الحكم أو لاحقاً له، إلا أنه لا محل لإعمال هذه القاعدة في استئناف الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن مفاد المادتين 5، 13 من القانون رقم 462 لسنة 1955 أن المشرع استبقى استئناف الأحكام الصادرة في تلك المسائل التي من اختصاص المحاكم الشرعية أو المحاكم الملية محكوماً بذات القواعد التي كانت تحكمه قبل إلغاء هذه المحاكم والواردة في لائحة ترتيب المحاكم الصادر بها المرسوم بقانون 78 لسنة 1931 لا بقواعد أخرى من قانون المرافعات، وإذ خلت اللائحة في خصوص الاستئناف في نص مماثل لنص المادة 211 من قانون المرافعات وكان النص في المادة 304 منها على أنه "....." وفي الفقرة الأولى من المادة 308 على أن "....." يدل على أن المشرع قد أطلق حق المحكوم عليه في استئناف كل حكم أو إقرار إلا ما استثناه من ذلك بنص صريح في اللائحة - مما لا ينطبق في شأن الحكم المستأنف - ولم يجعل قبول الخصم للحكم قبل صدوره، كما لو سلم بطلبات أو أقر بالحق المرفوعة به الدعوى مانعاً له من الطعن عليه بالاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بجواز الاستئناف - وأياً كان موقف المطعون عليها من قبول الحكم المستأنف قبل صدوره - لا يكون قد خالف القانون.
2 - الدفع بعدم سماع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر لأنهما لا يدينان بوقوع الطلاق طبقاً لنص الفقرة السادسة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يرمي إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى ومن ثم فهو بحسب مرماه دفع موضوعي بعدم قبول الدعوى ويجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 115 من قانون المرافعات، كما أن الباعث على تقرير ذلك الدفع وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لنص اللائحة المذكورة هو دفع الحرج والمشقة بالنسبة للطوائف التي لا تدين بالطلاق أي أنه مقرر لصالح هذه الطوائف حماية لعقيدتهم الدينية وليس لصالح الخصم المدعى عليه مما مؤداه تعلق هذا الدفع بالنظام العام.
3 - المقصود بدعوى الطلاق التي يراد بها إنهاء علاقة الزوجية إنهاء منتجاً لإثارة المقررة في القانون سواءً رفعت بطلب إيقاع الطلاق أو إثبات وقوعه، وعلى ذلك فإن النص في الفقرة السادسة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أنه"...." يسري على الدعوى بإثبات الطلاق، وهذا يتفق والغرض من النص وهو - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - تجنيب الطوائف التي لا تدين بوقوع الطلاق المشقة والحرج نزولاً على احترام مختلف الشرائع، وفي القول بقصر النهي عن سماع الدعوى الوارد بالنص على الدعوى بطلب إيقاع الطلاق تفويت لذلك الغرض لما فيه من إجازة الطلاق عند تلك الطوائف بطريق الحكم بإثبات وقوعه بينها.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يكفي في القضاء بعدم سماع الدعوى طبقاً لنص اللائحة المذكورة انتماء أحد الزوجين على طائفة لا تدين بوقوع الطلاق.
5 - قول الطاعن بانتمائه إلى إحدى ملل الكاثوليك التي لا تدين بوقوع الطلاق وهي الأقباط الكاثوليك، دفاع يقوم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع ولا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 627 لسنة 1981 كلي أحوال شخصية شبين الكوم ضد المطعون عليها للحكم بإثبات طلاقه لها. وقال شرحاً لدعواه أنه من طائفة الأقباط الكاثوليك وتزوج المطعون عليها المنتمية إلى طائفة الأقباط الأرثوذكس. وإذ أوقع عليها الطلاق بإرادته المنفردة طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الواجبة التطبيق لاختلافهما في الملة مما يقتضي الحكم بإثباته لكي ينتج آثاره القانونية، فقد أقام دعواه. وفي 3/ 4/ 1982 حكمت المحكمة أول درجة بإثبات طلاق الطاعن للمطعون عليها. استأنف المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 20 لسنة 15 ق طنطا "مأمورية شبين الكوم". وفي 15/ 2/ 1983 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم سماع دعوى الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول أن المطعون عليها مثلت بوكيل منها أمام محكمة أول درجة بجلسة 27/ 3/ 1982 وصادق الحاضر عنها على دعواه ولم يمانع في إثبات الطلاق مما يعتبر تسليماً من جانبها بطلباته وقبولاً منها للحكم المستأنف يسقط به حقها في الطعن عليه بالاستئناف، وكان على محكمة الاستئناف أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم جواز الاستئناف وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول الاستئناف شكلاً وفصل في موضوعه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كانت القاعدة العامة في الطعن في الأحكام طبقاً لنص المادة 211 من قانون المرافعات مؤداها عدم جواز الطعن في الحكم ممن قبله صريحاً كان هذا القبول أو ضمنياً سابقاً على الحكم أو لاحقاً له إلا أنه لا محل لإعمال هذه القاعدة في استئناف الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن مفاد المادتين 5 و13 من القانون رقم 462 لسنة 1955 أن المشرع استبقى استئناف الأحكام الصادرة في تلك المسائل التي من اختصاص المحاكم الشرعية أو المحاكم الملية محكوماً بذات القواعد التي كانت تحكمه قبل إلغاء هذه المحاكم والواردة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون 78 لسنة 1931 لا بقواعد أخرى من قانون المرافعات وإذ خلت اللائحة في خصوص الاستئناف في نص مماثل لنص المادة 211 من قانون المرافعات وكان النص في المادة 304 منها على أنه "يجوز للخصم في غير الأحوال المستثناة بنص صريح في هذه اللائحة أن يستأنفوا الأحكام والقرارات الصادرة من المحاكم الجزئية أو المحاكم الكلية بصفة ابتدائية وفي الفقرة الأولى من المادة 308 على أن "يبتدئ ميعاد استئناف الأحكام الصادرة في مواجهة الخصوم وكذلك الحكم المبني على الإقرار من يوم صدورها"، يدل على أن المشرع قد أطلق حق المحكوم عليه في استئناف كل حكم أو إقرار إلا ما استثناه من ذلك بنص صريح في اللائحة - مما لا ينطبق في شأن الحكم المستأنف - ولم يجعل قبول الخصم للحكم قبل صدوره كما لو سلم بطلبات خصمه أو أقر بالحق المرفوعة به الدعوى مانعاً له من الطعن عليه بالاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بجواز الاستئناف قبل صدوره - لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون لقضائه بما لم يطلبه الخصوم، ذلك أنه قضى بعدم سماع الدعوى رغم أن المطعون عليها لم تدفع بعدم سماعها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الدفع بعدم سماع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر لأنهما لا يدينان بوقوع الطلاق طبقاً لنص الفقرة السادسة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يرمى إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى ومن ثم فهو بحسب مرماه دفع موضوعي بعدم قبول الدعوى ويجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 115 من قانون المرافعات كما أن الباعث على تقرير ذلك الدفع وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لنص اللائحة المذكورة هو دفع الحرج والمشقة بالنسبة للطوائف التي لا تدين بالطلاق أي أنه مقرر لصالح هذه الطوائف حماية لعقيدتهم الدينية وليس لصالح الخصم عليه مما مؤداها تعلق هذا الدفع بالنظام العام وبالتالي فإنه لا على المحكمة إن هي قضت به من تلقاء نفسها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله..
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله. وفي بيان ذلك يقول أن نص الفقرة السادسة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بأن "لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق". إنما ينطبق على الدعوى التي ترفع بطلب إيقاع الطلاق دون الدعوى بطلب إثباته، وأن مفهوم اشتراط النص لعدم سماع الدعوى أن يكون الزوجان لا يدينان بالطلاق أنه لو كان أحدهما يدين بالطلاق والآخر لا يدين به امتنع تطبيق النص وسمعت الدعوى. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم سماع دعوا طبقاً لنص اللائحة المذكورة رغم أنه أقامها بطلب إثبات الطلاق ودون توافر شرط عدم السماع فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقصود بدعوى الطلاق هي التي يراد بها إنهاء علاقة الزوجية إنهاء منتجاً لآثاره المقررة في القانون سواءً رفعت بطلب إيقاع الطلاق أو إثبات وقوعه وعلى ذلك فإن النص في الفقرة السادسة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أنه "لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق", يسري على الدعوى بإثبات الطلاق، وهذا يتفق والغرض من النص وهو - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - تجنيب الطوائف التي لا تدين بوقوع الطلاق المشقة والحرج نزولاً على احترام مختلف الشرائع، وفي القول بقصر النهي عن سماع الدعوى الوارد بالنص على الدعوى بطلب إيقاع الطلاق تفويت لذلك الغرض لما فيه من إجازة الطلاق عن تلك الطوائف بطريق الحكم بإثبات وقوعه بينها. هذا إلى أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يكفي في القضاء بعدم سماع الدعوى طبقاً لنص اللائحة المذكورة انتماء أحد الزوجين على طائفة لا تدين بوقوع الطلاق. لما كان ذلك الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بعدم سماع دعوى الطاعن بطلب إثبات طلاقه للمطعون عليها على أنه ينتمي إلى طائفة لا تدين بوقوع الطلاق فإنه يكون قد طبق نص اللائحة المشار إليه تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم استند في قضائه بعدم سماع دعواه إلى أنه ينتمي إلى طائفة الكاثوليك التي تدين بالطلاق، وأطلق عدم الدينونه بوقوع الطلاق على جميع ملل الكاثوليك في حين أن منها ما يدين به وهي الأقباط الكاثوليك التي ينتمي إليها الطاعن.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن قول الطاعن بانتمائه إلى إحدى ملل الكاثوليك التي لا تدين بوقوع الطلاق وهي الأقباط الكاثوليك دفاع يقوم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع ولا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.